| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الخميس 21/3/ 2013

 

الحسابات السياسية  بين الحاضر والمستقبل

صبحي مبارك مال الله

بعد أن ادت سياسة المنهج الطائفي المحاصصي الى طريق مسدود واستمرارها في تفاقم الأزمات التي بدأت منذ تأليف الحكومة في الدورات السابقة واللاحقة  من عام 2005 - 2010 ، ثمَ تطورت هذه الأزمات الى صراع سياسي  بين الكتل السياسية الذي تجلى في أوجه عديدة ومنها التشجيع على الفرز الطائفي والمذهبي ، الأبتعاد عن نهج الوحدة الوطنية ومشاريعها المستقبلية ،التحول الى تصعيد الأزمات والصراع ، التوجه نحو التقسيم والعزل المجتمعي ، العمل على مخالفة المواد الدستورية وأعاقة تحرير العملية السياسية من السيطرة الشمولية .

ولهذا أخذت الكتل السياسية بمختلف أحزابها ومجاميعها تعيد حساباتها وتضع أمام ناظرها صورة متشائمة ، والتفكير بالتنصل عن العملية السياسية ، هذه الحسابات التي تتداخل مع الحسابات الأجنبية (الدولية والأقليمية ) وما ترسمه للعراق من خارطة سياسية وجغرافية جديدة ثم التوجه الىى أيقاظ المشاريع النائمة الهادفة الى تقسيم العراق الى مناطق متنازعة وعلى نطاق واسع وما يجلبه التقسيم من ويلات وحروب .

أن خلط الأوراق وخلط الألوان يجعل الرؤيا غير واضحة وضبابية ، وهذا الخلط والمزج بين الطموحات الوطنية والقومية والطائفية يجعل مستقبل العراق الجديد أمر صعب المنال .

أن الكتل السياسية المتنفذة تضع في حساباتها أهدافها وبرامجها السياسية الخاصة بها في الدرجة الأولى ، هذه الحسابات التي تكون من وجهة نظرها عابرة للوحدة الوطنية وانحراف نحو الحزبية الضيقة وتوجهات معلنة تبصم بها تحركها السياسي ،وبدلاً من أن تكون قائدة في عملها وخططها ضمن الوحدة الوطنية ، نجدها تخضع عملها للأفكار والرؤى التي وضعتها في برامجها وكذلك ضعف الوعي السياسي في الشارع مستفيدة من التوجهات العاطفية سواء القومية أو الدينية المذهبية .

هناك ثلاث تحالفات سياسية كبيرة تعمل علىى آلية خاصة بها هذه التحالفات هي :-

التحالف الوطني ، التحالف الكردستاني ، تحالف العراقية وعلى هامش هذه التحالفات الجماعات الأسلامية الأصولية والسلفية والأحزاب الصغيرة والمستقلين .

ولكن ماهو المشترك بين هذه التحالفات وماهو غير المشترك

كان الأتفاق مسبقاً على عملية سياسية مشتركة وعلى تأليف حكومة وحدة وطنية ومن ثم تبدل الهدف الىى حكومة شراكة وطنية ثمَ تبدلت الصورة الى حكومة عائمة تقودها كتلة التحالف الوطني أساساً فهذا التدرج السياسي التنازلي أدى الى أشتداد الصراع وظهور الأزمات .

أصبح التوجه الى أبتلاع الدولة من قبل الكتل السياسية المتنفذة والفائزة في الأنتخابات وتقسيم حصص المناصب السيادية والعامة بينها وكان التوزيع يتبع التخطيط الحزبي الضيق ومن ثمَ التقسيم القومي والطائفي وضياع مفردات الوحدة الوطنية والعمل الوطني العام والمشترك بين هذه الكتل  فأصبحت ملامح الدولة تُقرأ من خلال هوية الكتلة الحاكمة مما أدى ذلك الى نزاع بين منهج الفكر الديني السياسي وتطلعاته المتعددة (الليبرالية الدينية السياسية والسلفية والأصولية ) وبين الفكر القومي الذي يتدرج بين الفكر الشوفيني والفكر القومي الليبرالي ، ولهذا بدأت قوة الحوار بين الأطراف السياسية تضعف وتتراجع من خلال التمسك بمعايير قومية ودينية ومذهبية دون التمسك بالمعايير الوطنية ، وعلى ضفاف هذه الرؤية تتراجع الديمقراطية وممارستها وتصبح بعد حين لغة الأصطدام المسلح بديلاً عن لغة الحوار كحل سريع وعليه تبقى جميع المشاريع والقوانين التي تهم الشعب العراقي عموماً بعيدة عن التشريع بل يستمر الشلل في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها الدستورية .

فهناك صراع ظهر للعيان بين السلطات الثلاث وبشكل واضح ، والبداية كانت حول الصراع داخل السلطة التنفيذية بشقيها (الرئاسي والوزاري ) ولم يهدأ هذا الصراع بسبب أنعكاسه داخل السلطة التشريعية (البرلمان) الذي دبَ في جميع لجان مجلس النواب ومن ثمَ ظهر أخيراً داخل السلطة القضائية وتأثيرات التدخل في شؤونه من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية مما أدى ذلك الى تعطيل فعاليته وأستمراره .

ولهذا نجد مساحة المشتركات ضيقة مقابل غير المشترك والذي أخذت دائرته تتوسع ، حيث حصلت تداعيات كثيرة وسباق غير شرعي نحو الأستحواذ كما حصل مع الهيئات المستقلة وكما حصل في تعطيل تشريع قوانين الأحزاب والتعداد السكاني وتعديل قانون الأنتخابات النيابية  ومشاريع قوانين كثيرة .

وعل مستوى الحريات والحقوق التي كفلها الدستور الدائم فهناك تراجع واضح وأصبحت مفردة (ديمقراطية ) تثير حفيظة من يخطط للأستمرار في حكم البلاد وحسب طريقته ، مستلهماً التجارب الدكتاتورية التي يعاني منها شعبنا . فأصبح التخوف من ممارسة الحق الشرعي في التظاهر والتعبير عن الرأي سائداً في الوقت الحاضر، كما أعيدت انشطة بعض الدوائر الأمنية المتخصصة في محاربة وجود الأحزاب والحياة الحزبية وكذلك محاربة فكرة النشاط السياسي ، أو وجود منظمات مجتمع مدني فاعلة ، ويلاحظ نمو مقولة (أن لم تكن معي فأنت ضدي ) تنمو في الوسط السياسي الحاكم .

أن عدم أيجاد حلول للأزمات السياسية والأقتصادية وأنتشار الفساد والنهب المالي وعرقلة البناء واللجوء الى لغة الأرقام الكبيرة كما حصل في الموازنة الأخيرة الواعدة ، والتي خضعت هي الأخرى الى مستوى الصراع السياسي بين الكتل . وبدلاً من زرع الأمل لدى الشعب حصلت حالة التشاؤم لأن مصير هذه الموازنة ستكون كسابقتها من حيث التنفيذ والرقابة وزيادة الفساد .وبالرغم من الخلافات والتداعيات جرى التصويت على الموازنة بعد مرور عدة أشهر من تقديمها وبحضور 168 نائب من أصل 325 نائباً من قبل مجلس النواب في 7/3/2013 ومُررت الموازنة بغياب كتلة التحالف الكردستاني بالرغم من وجود نقاط ضعف كثيرة فيها وخصوصاً مستوى العجز الخاص بتمويل الموازنة ومايترتب على ذلك من أشكالات سياسية وأقتصادية .

ان الحسابات السياسية تضع الجميع أمام الأستعداد والتأهب لمواجهة ما يحصل من تدهور سريع وسيئ في كافة الأوضاع والتي بدأت في محافظات ( كركوك ، الموصل ، ديالى ، الأنبار ، صلاح الدين )  على أثر خروج التظاهرات وقد تجلى ذلك في العودة الى قوة المليشيات وشحذ همتها وتحفيزها نحو نشاط طائفي معروف ، كذلك شحذ همة الجيش العراقي والذي مازال في دور التأهيل والتدريب والأستعداد ، وفي أثناء ذلك تتحرك زمر من القاعدة الأرهابية مع التنسيق مع ما يحصل في سوريا نحو الداخل وأعادة سيناريو التفجيرات والأغتيالات مستفيدة من التدخلات الأجنبية والأقليمية ، وسط مناخ من الفرقة وعدم الثقة وتغليب الخاص على العام .

ومثال على ذلك دعوة وزراء القائمة العراقية الى الأستقالة وتصعيد الموقف بهذا الأتجاه مع أن العراقية تلجأ دائماً الى هذا الأسلوب لغرض الضغط باتجاه الحصول على فوائد ، ثمَ العودة من جديد أن توقف الكتل السياسية المتنفذة عند حدود الصراع والأزمات السياسية والمشاكل المستمرة قد عمقت أزمة الثقة بين الحكومة والشعب وبدأ الشعب بكافة مكوناته يفقد الأمل في التغيير مع أن التصريحات الكثيرة والمثيرة للجدل مستمرة والتي يطلقها أعضاء في الحكومة ومجلس النواب والأحزاب المتحالفة كما أن دائرة النقد تتوسع يوم بعد يوم مما أنعش الأتجاهات التالية :-

1-    أتجاه نحو أعادة بقايا النظام السابق مع ترميمه وتصليحه بعد أن تمَ تدميره وتحطيمه

2-    أتجاه نحو حكم شمولي تحت قيادة حزب معين أو كتلة واحدة وغلق الأبواب أمام المشاركة أو حكومة للوحدة الوطنية ودفع الكتل والأحزاب الأخرى نحو المعارضة وهذا ظهر في تصريحات متعددة لكتلة التحالف الوطني .

3-    أتجاه نحو التقسيم وخلط الفدرالية مع الأنفصال عن الحكومة الأتحادية وهذا ما يصرح به بعض نواب قائمة التحالف الكردستاني .

4-    أتجاه نحو التضييق على الحريات والحقوق  ومصادرة الديمقراطية وعدم السماح بالعمل الحزبي السياسي المعارض ومصادرة حرية الصحافة والأعلام .

والذي ساعد على ذلك هوعدم أجراء التعديلات الضرورية على الدستور الدائم لوجود خلافات بين الكتل السياسية ، مع أن اللجنة المتخصصة للتعديل لم تصل الى نتيجة مع أنها قدمت الخطوط العريضة للتعديل في 22/5/ 2007 . وهناك مشكلة عوائد النفط التي يتم توزيعها بين الأقليم والمحافظات على أساس الكثافة السكانية .

- مشكلة المجلس الأتحادي

- المحكمة الدستورية العليا

- مشكلة الهيئات المستقلة

- مشكلة كركوك

- الرئاسات الثلاث وصلاحياتها .

وغيرها من المشاكل الكثيرة والمختلف حولها .

ولكن ماذا عن حسابات القوى  الديمقراطية المبعدة عن المشاركة في نظام الحكم أو بكلمة أخرى القوى غير المتنفذة ، أن هذه القوى التي تضم الديمقراطيين والشيوعيين والعلمانيين والمتنورين والعديد من منظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة ، تضع في حساباتها الأحتمالات المفتوحة ومنها مواجهة قوى شرسة تعمل على أستهدافها وتصفيتها ، من خلال مصادرة الحريات والحقوق الديمقراطية أو في حالة التوجه الى نظام دكتاتوري فاشي وكما كانت تواجهه في سنين الأنظمة الدكتاتورية ، كما أن قياس أي حكومة يجب أن يكون على أساس موقفها من الديمقراطية وقواها ومن حرية الرأي .

والسؤال المطروح على جميع القوى السياسية بأختلاف نظرياتها وبرامجها ماهو الموقف من مشاريع تقسيم العراق ؟

ماهو الموقف من الحرب الطائفية في حالة أندلاعها ؟

ماهو الموقف من أستمرار الأزمات السياسية ؟

أن مراجعة علمية وحريصة بعيداً عن أجواء الشحن الطائفي وقريباً من الفكر الديمقراطي من قبل كافة القوى السياسية سوف يكون بداية الطريق نحو حل أشكالية النظام السياسي الأجتماعي والأقتصادي،مع تشخيص كافة المعوقات نحو بناء عراق ديمقراطي دستوري مدني تسوده العدالة والحرية .

 

 

 

 

 

free web counter