| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الأربعاء 19/1/ 2011

 

المنهاج الوزاري ....... متطلبات تنفيذه

صبحي مبارك مال الله

قدم السيد المالكي رئيس مجلس الوزراء المنهاج الوزاري لحكومته امام البرلمان في الجلسة المرقمة 14 والمنعقدة بتاريخ 21/12/2010، وكان المنهاج تحت أسم (( مباديء وأسس المنهاج الوزاري لحكومة الشراكة الوطنية ))كما وضٌمنت تقديم اسماء الوزراء الذين تم الأتفاق عليهم من قبل الكتل السياسية مع تأجيل تقديم اسماء المرشحين للوزارات الأمنية ووزارات أُخرى بسبب عدم الأتفاق على من يتولى مسؤوليتها ، وقد نالوا الوزراء المرشحين ثقة البرلمان كذلك الموافقة على المنهاج .لقد بين السيد المالكي الأُسس التي استند عليها المنهاج الوزاري وهي:-

بناء عراق مستقل ديمقراطي أتحادي تعددي يتمتع بسيادة كاملة .

سيادة قيم العدالة والمساواة وحكم القانون .

أعتماد التنوع الديني والفكري والقومي والمذهبي.

أعتماد طاقات وكفاءات رجال العراق ونسائه

تحقيق طموحات الشعب العراقي في الجوانب السياسية والأقتصادية والأجتماعية والثقافية.

وكان المنهاج يتكون من (43) فقرة انعكاساً لما تتطلبه استمرار العملية السياسية الديقراطية، وهذا المنهاج بفقراته موضوع في شكله النظري والمكتوب ، ولغرض تنفيذه نحتاج الى خطوات عملية،منها الأيمان وألالتزام بتفيذه،حيث نجد ان المشاركة من قبل الكتل السياسية جاءت وفق توافقات ومحاصصة ،ربما البعض غير مؤمن بها نظرياً،وهذا سوف ينعكس على الكثير من الفقرات الواردة في المنهاج والتي شملت مجموعة من التوجهات والأفكار المطلوب تنفيذها من خلال مجلس الوزراء وحسب اختصاص كل وزارة ،حيث يتطلب من كل وزير تقديم خططه وبرامجه الخاصة بوزارته ضمن البرنامج العام للحكومة ،كما يجب وضع ضوابط بعدم الخروج عن أطار المنهاج .

لقد شملت الفقرات ال (43) على: 1- توجهات سياسية (داخلية وخارجية) 2- توجهات أقتصادية 3- تطوير الخدمات الصحية،الكهرباء،المياه.....4- تفعيل الأستثمار 5- تطوير القطاعين الصناعي والتجاري 6- معالجة البطالة 7- تطوير قطاع الزراعة والري 8- الأسكان 9- التكافل الأجتماعي 10- أنهاء ملف المهجرين 11- الأهتمام بالمرأة والطفولة 12- معالجة الفساد الأداري والمالي 13- اعادة النظر في قانون الأنتخابات 14- العملية التربوية والتعليم 15- رعاية الجامعات العلمية 16- تشجيع دور منظمات المجتمع المدني 17- دعم الأعلام واحترام التعددية الأعلامية 18- تقديم الدعم للأدباء والمثقفين والفنانين والشعراء 19- الأهتمام بالمؤسسات الثقافية وتوسيعها الى عموم البلاد 20- علاقة الحكومة الأتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات .

نلاحظ من رؤوس النقاط اعلاه ان برنامج الحكومة المطروح هو برنامج طموح ويحتاج الى عمل ومثابرة ومتابعة وتخصيصات مالية مع وجود أجهزة نزيهة وصادقة تتمتع بالشعور الوطني العالي ،وأن يكن مجلس الوزراء متفهم ومستوعب للتوجهات المطروحة وفي كافة المجالات ،ولكن اهم ما يُلاحظ على البرنامج :

خلوه من وضع فقرة تخص قانون الأحزاب وتثبيت التعددية الحزبية بشكل واضح ،والعمل على التنمية السياسية التي تُعتبر الشريان الرئيسي في العملية السياسية الديمقراطية،وضرورة وضع تفاهمات سياسية واضحة حول استمرار العملية السياسية من قبل كافة الأطراف المشاركة في الحكومة ،والتأكيد على ان العملية السياسية هي عملية ديمقراطية بكفالة المؤسسات الدستورية .

كذلك لم نجد في البرنامج فقرة واضحة تخص ذكر (النقابات العمالية والمهنية ولكافة الأختصاصات وكيفية دعمها ) لا سيما وان العراق يتميز بالعمل النقابي تاريخيا وسياسيا.

عدم التأكيد على حرية التظاهر والأضرابات والأعتصام ،وهي من اهم أولويات العمل الديمقراطي للتعبير عن رأي الشعب وأحزابه الوطنية وكما ورد في المادة (38) ثالثاً من الدستور وبالرغم من عدم صدور قانون يخص هذا الموضوع كما يؤكد الدستور ،ألا ان الملاحظ هناك عرقلة لتطبيق هذه المادة وبحجة أستحصال الأجازة . وكما لاحظنا أيضا بأن الوزارة المُشكلة هي وزارة ذكورية دون الأهتمام بترشيح المرأة لها وهذا الأمر تتحمله كافة الكتل السياسية وكما ذكر ذلك رئيس الوزراء . لقد كانت المرأة ممثلة في الوزارات السابقة من 2003--2010 بأعداد قليلة ولكن بأتجاه متناقص الى جعل الوزارة تشمل فقط الرجال .وهذا يُعتبر تراجع عن اشراك المرأة التي تُعتبر نسبتها 60% من المجتمع .

نعود ونقول بأن البرنامج الحكومي ومتطلباته يُعتبر طموح وجيد خصوصاً الفقرات (1،2،3،4) والتي تؤكد على الألتزام بالدستور والديمقراطية والمؤسسات الدستورية وحقوق الأنسان ،وهذا بأعتقادنا سيولد صراع بين التوجهات السياسية الدينية والتوجهات الديمقراطية الحقيقية مما سينعكس على أداء الوزارات والمؤسسات، خصوصا الأيمان بحرية التعبير وحقوق الأنسان .فهناك الفقرة (34 )من البرنامج تقول (حماية المجتمع العراقي من الممارسات التي تتعارض مع الدستور وقيمه الدينية والأداب العامة ،وتفعيل القوانين النافذة لمواجهة أي خرق) . هذه الفقرة اذا لم توضع لها ضوابط فستكون محط الأجتهاد وحسب الرأي الشخصي والسياسي للمسؤول سواء ضمن الوزارة أو ضمن مجالس المحافظات فهناك (قوانين صدامّية) لازالت سارية المفعول وقسم منها أُهملت ولم يُعمل بها ..ولكن هناك من يريد تفعيلها وخصوصاً قوانين ((الحملة الأيمانية الصدامية)) حيث يجدها فرصة للضغط او لمنع النشاطات الثقافية والأجتماعية والأنفتاح على الأجواء الديمقراطية، وكما لاحظنا مؤخراً في منع النشاطات الفنية (مسرح وموسيقى) أو أي نشاط تقدمي يعكس صورة حضارية متطورة ومنفتحة على العالم .

صحيح هناك في البرنامج فقرات تؤكد على الثقافة وتطويرها ودعم الأدباء والمثقفين والفنانين والشعراء كما في الفقرة (41،42) لكن كيف يتم ذلك بوجود حاجز فكري وسياسي يعرقل هذا التطور والنمو.

كذلك فيما يخص العملية التربوية والتعليمية (الفقرات 35،36،37) فهي تحتاج الى خطوات جريئة فيما يخص وضع (فلسفة) تستند اليها العملية التربوية والتعليمية ولغرض أنطلاق هذه المهمة لابدّ أن تكون ذات توجهات تقدمية مرتبطة بالتطور الديمقراطي، وليس حصرها ضمن مفاهيم متخلفة لا تساير التقدم الأجتماعي بحجج غير مبررة، ويأتي في مقدمة هذه التوجهات وضع المناهج الدراسية والعلمية التي تؤمن بالبحث العلمي وحرية التفكير وتنمية الأبداع في كافة المجالات والنظر الى المجتمع التعليمي (الأبتدائي-الثانوي-الجامعي-والدراسات العليا) مجتمع واحد فيه الطالبات والطلاب على صعيد واحد غير قابل للفصل بين الجنسين، مما يساعد ذلك على خلق أجيال مثقفة تقدمية في نضرتها للحياة بعيداً عن خلق الحواجز المصطنعة،والدولة العراقية ومنذ فترات سابقة كانت مهتمة بهذا التوجه الذي أثمر بروز شخصيات سليمة نفسياً وثقافياً ويعزز روح التعاون في هذا المجال ،لأن الطروحات الموجودة حالياً سوف تؤثر على العملية التربوية والتي تجعل الجميع يشككون بأنفسهم قبل غيرهم، وهذا يتطلب الأبتعاد عن التفكير المتزمت وغير الواقعي .

كان لابدَّ أن يؤكد البرنامج على مكافحة الأمية التي عادت كأفة أجتماعية خطيرة والتقيد بالمادة الدستورية (34) التي تشير الى تكفل الدولة بمكافحة الأمية .

والى حين أستكمال تشكيل الوزارة والأطلاع على الخطط التفصيلية للوزارات المعنية سوف نرى الى أي مدى سيكون أنسجام الخطط التفصيلية مع البرنامج العام للوزاره ،آخذين بنظر الأعتبار ضرورة أنجاز مشاريع القوانين المتوقفة والنظر فيها من قبل البرلمان والتي بالتأكيد ستساهم في تسهيل عمل الوزارة بالرغم من ترهلها وأتساعها.

لقد أعتمدت هذه الوزارة صيغة الشراكة الوطنية بدلاً من صيغة (الوحدة الوطنية ) وهذه الشراكة سوف تخضع للتجربة وضغط المهمات الكثيرة والمتعددة مع ضرورة التوجه الى معالجة الروتين الحكومي الموروث منذ تأسيس الدولة العراقية ،كذلك معالجة الفساد الأداري والمالي الذي يُعتبر العامل الخطير في عرقلة برنامج الحكومة فضلاً عن عدم التطور الأداري المطلوب في هذه المرحلة .

 

 

free web counter