| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

 

السبت 17/7/ 2010



الجلسة المفتوحة !!

صبحي مبارك مال الله

لقد كان من المؤمل أن تترسخ العملية الديمقراطية في العراق بعد مرور سبعة سنوات حافلة بالأحداث الساخنة والتجارب المريرة التي دفع ثمنها الشعب العراقي، ، وكان أيضاَ التفاؤل نحو المستقبل بعد الأستفتاء الشعبي الكبير على مشروع الدستور العراقي الدائم وبالأيجاب رغم نواقصه ، وأنطلاقة المؤسسات الدستورية وفق الدستور والتي جاءت معبره عن أرادة الشعب في بناء جمهورية ديمقراطية أتحادية أمنة ومستقرة ، تتعايش فيها جميع مكونات الشعب ،وكان أبرز هذه المؤسسات هو البرلمان الذي أفتقده العراقيين منذ فترات طويلة جداً، حيث يعتبر المنبر الحقيقي للتعبير عن أتجاهات العملية السياسية الديمقراطية والتي بدأت بعد سقوط النظام وأنهاء الحكم الدكتاتوري والتصدي لتلك التركة الثقيلة . ولكن المؤسف أن التوجه نحو البناء الديمقراطي المنشود جاء متسارعاً من خلال حرق المراحل دون أن يمر بالنضج الكافي ، وهذا الأسلوب ظهر من خلال تشكيل الحكومة المؤقتة والمجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية ومن ثم مجلس النواب الدورة الأولى، فكانت التأثيرات السياسية والمصالح الضيقة والتدخل الأجنبي واضحة المعالم في هذا التسارع والدفع غير المبرر فضلاً عن أستخدام هذا الأسلوب عند كتابة الدستور مما نتج عن ذلك ظهور مراكز أستقواء بل أستعصاء في مواجهة العملية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية، والتي كان يرتقبها الشعب مما أدى ذلك الى زيادة المشاكل السياسية والأقتصادية والأجتماعية والثقافية وتفاقم الفساد المالي والأداري بل وحتى الفساد السياسي ،من خلال المحاصصة والطائفية وضياع المسؤولية وبروز فكرة الحزب الواحد من جديد ولكن بثوب أخر وبدلاً من ظهور حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية وأستمرارها ظهرت مراكز قوى لتوزيع الوزارات والأدارات الحكومية وفق منهج التوزيع المحاصصي والتوافقي والتراضي على حساب مصلحة الشعب والوطن العليا وعلى حساب الكفاءة والنزاهة والأخلاص.
والآن وبعد أجراء الأنتخابات الأخيرة في 7/3/2010 وفق قانون الأنتخابات المعدل وبالرغم من الأعتراضات على نواقصه، وخصوصاً فقرة أحتساب أصوات القوائم الخاسرة الى القوائم الفائزة وبدون مبرر منطقي .. وهذا ما أقرته المحكمة الأتحادية مؤخراً ، أن الذي نتج عن هذه الأنتخابات يشير الى التحكم السياسي الديني والقومي (ودعماً من القوى السياسية الدولية والأقليمية) هو المسيطر في هذه النتائج أضافة الى عدم نضوج الوعي السياسي والأنتخابي لدى عامة الناس ،الأمر الذي يحتاج الى فترة طويلة من التجربة الديمقراطية ...ومن خلال ذلك جرى أنتخاب شخصيات بدلاً من أنتخاب برامج أو تيار وطني سياسي تبعاً لمواقع هذه الشخصيات وتأثيرها السياسي. وعند التمعن في هذه النتائج نجد أن هناك تقارب شديد وواضح بين قائمة أتلاف دولة القانون وأتلاف العراقية وبفارق مقعدين بعد أحتساب المقاعد التعويضية وبغض النظر عما جرى وما شاب عملية العد والفرز والنتائج الألكترونية التي أصبحت أمراً واقعاً بعد المصادقة عليها من قبل المحكمة الأتحادية ،والمراقب السياسي يجد أن التيار السياسي القومي العروبي بقيادة السيد أياد علاوي والتيار السياسي الأسلامي بقيادة السيد نوري المالكي أصبحا هما المحورين القائمين والجاهزيَن لأستلام أمور البلاد ،ولكن الصراع بدأ يتصاعد ويتفاقم كما هو متوقع وبدلاً من التوجهات الوطنية الصادقة ظهرت حالة التسابق نحو أستلام دفة الحكم وبأساليب مختلفة مُعطلة بذلك الأجراءات الدستورية اللازمة لهذا الغرض، وأعُيد منهج الحوارات وراء الكواليس وفي المطابخ السياسية بين نُخب معينة من القوائم بعيداً عن غالبية أعضائها وكما جرى في السابق .
لقد كان من الأولى تسليم الأمور الى البرلمان لمعالجة الأزمة السياسية المستعصية والتوصل الى نتائج أيجابية وفق الدستور دون الألتفاف أو تفسيره حسب الأهواء الذاتية .
أن المادة الدستورية رقم (6) حول التداول السلمي للسلطة واضحة ومن الضروري التأكيد عليها ،أما موضوع الكتلة النيابية الكبرى فلا زالت موضع نقاش وجدل، ومع الأعلان عن التحالف بين قائمة دولة القانون والأئتلاف الوطني بالرغم من الخلافات الموجودة ألا أن هذا التحالف وكما يراه المراقب السياسي ((هش)) وقد لا يحقق أرادة واحدة فيما يخص (منصب رئيس الوزراء) .
لقد تم عقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد في يوم 15/6/2010 أي بعد مرور ثلاثة أشهر على أجراء الأنتخابات ، ولكن هذه الجلسة البروتوكلية جاءت مخيبة للأمال ولم يجر لها تحضير جيد ولم يُتفق على جدول أعمالها ، وحتى أداء القسم لم يشمل جميع النواب .. وتم الأعلان عن أن الجلسة تبقى مفتوحة ، وذلك بسبب عدم حسم مسألة الرئاسات الثلاث (البرلمان، الوزراء ،الجمهورية). أن أعتبار الجلسة مفتوحة تُعتبر مخالفة دستورية (المادة 55) وبعدها المادة (72) فقرة (ب)، حيث لايوجد نص دستوري على جعل الجلسة مفتوحة الى حين يتم التوافق وبذلك أستمرت حالة الفراغ السياسي ،وأستمرار الحكومة المنتهية ولايتها وكأنها جددت بقائها لأشهر عديدة وهذه أيضاً مخالفة .. أن حسم الأمور من خلال البرلمان الجديد وبالأسلوب الديمقراطي هو الطريق الواضح وبدايةً ..
1. قبول الكتلة المشكلة الجديدة بعد الانتخابات أو عدم قبولها فيما أذا أستمرت .
2. التصويت على كلا الكتلتين الفائزتين .
3. تكليف الكتلة التي تحصل على أعلى الأصوات البرلمانية بتشكيل الوزارة .
4. في حالة تعذر الكتلة المكلفة بتشكيل الوزارة تكليف الكتلة الأخرى والتي تأتي بعدها .
5. أنتخاب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان من قبل البرلمان مباشرة .

والمرجح كما جرى في السابق هو الأتفاق على تقديم سلة واحدة تشمل الرئاسات الثلاث ولكن هذا العمل يحتاج الى وقت (وهو يجري عادة وراء الكواليس وليس أمام أنظار الشعب) ، وخلاف ذلك فأن الفراغ السياسي سوف يستمر وتتصاعد المشكلة الى أن تصل الى حالة التصادم ، وتفتح الباب واسعاً أمام تفاقم الأزمة السياسية ، مما يجعل الجانب الأمريكي يُعيد حساباته فيما يخص الأنسحاب من العراق ،و كذلك فأن الحكومة المنتهية ولايتها سوف تستمر بعملها وتتخذ قرارات دون رقابة البرلمان (المجلس التشريعي)، حيث سيحصل تجاوز على الدستور ويكون المناخ ملائماً لمزيد من الفساد المالي والأقتصادي والأداري وكما توضح لنا فأن البرلمان الجديد ((الدورة الثانية)) أفتقد أهم ركن من أركان العملية السياسية ألا وهو التيار الديمقراطي العلماني والمؤمن حقاً بالتغيير وعلى كافة الأصعدة، حيث لم يستطع أيصال ممثليه ولأسباب مختلفة فأن ذلك سوف ينعكس على عمل البرلمان المقبل .
أن الملاحظ في الأونة الأخيرة هو أن الكتل الكبيرة الفائزة تتسابق مع بعضها لغرض توزيع المناصب السيادية والعامة وأبداء العديد من المحاولات والتنازلات لهذا الغرض، والصراع الأكثر بروزاً هو بين دولة القانون ومعها الأتلاف الوطني وبين العراقية حول مفهوم الكتلة الأكبر وَمَنْ الذي له الحق في تشكيل الحكومة .
أن الشعب وهو يعاني الأمرين سوف يعاقب الجميع على عدم تبرير الثقة التي فازوا بها وذلك من خلال عدم منح صوته في أنتخابات قادمة .
ويمكن القول أيضاً بأن بداية الدورة الثانية للبرلمان أعُتبرت من تأريخ أنعقاد الجلسة في 15/6/2010 وأن هذا الوقت الضائع سوف يُحتسب من عمر هذه الدورة الجديدة .
فضرورة الأسراع في حسم الأمور نحو تثبيت الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة وفق منهج الوحدة الوطنية العراقية وبعيداً عن المصالح الذاتية الضيقة وتفعيل البرلمان نحو تشريع القوانين والذي يعتبرمطلب جماهيري مُلح .والسؤال الأخير هو الى متى تبقى الجلسة الأولى مفتوحة وبدون حضور أعضاء مجلس النواب !!؟؟


 

free web counter