| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

 

الثلاثاء 15/12/ 2009



أداء البرلمان العراقي
(
الدورة التشريعية الحالية)

صبحي مبارك مال الله

لقد جاء مجلس النواب الحالي بعد أنتخابات 15/12/2005 والتي أشترك فيها الشعب دون أي مقاطعة من أي طرف ،لقد وضع الأساس للسلطة التشريعية منذ أيلول 2004 بدءاً بالمجلس الوطني المؤقت ،الجمعية الوطنية العراقية الأنتقالية الى مجلس النواب الحالي والذي يضم 275 عضو ..ومدة عمله التشريعي أربع سنوات تنتهي في نهاية عام 2009 ، لقد كانت مدة عمل المجلس الوطني المؤقت والجمعية الوطنية أقل من سنة لكل منهما (والتي وضع فيها أسس عمل البرلمان الحالي المنتخب وأعني به مجلس النواب) ومن هنا علينا تقييم عمل وأداء المجلس لأنه أمرمهم ،مما يجدر الأشارة اليه هو توطيد الممارسة الديمقراطية وتثبيت المؤسسات الدستورية وأن أدارة الحكم لدولة حديثة يكون عبر هذه المؤسسات ورغم السلبيات ،ألا أن وجود برلمان يمثل ولأول مرة قوى الشعب العراقي ،يعمل على مراقبة ومتابعة السلطة التنفيذية وتشريع القوانين وفقاً للدستور..تعتبر حالة أيجابية ،بعد أن مرت التجربة العراقية أثر سقوط النظام بسلسة من التجارب المريرة والتي كان يقودها الجانب الأمريكي ،والتي أثارت في حينها الفوضى وأنهيار البنى التحتية وتفاقم الأزمة الأقتصادية ،وتدمير مؤسسات الدولة السابقة وظهور التوجه الطائفي والمحاصصة بشكل محموم . لقد تطلبت العملية السياسية الديمقراطية ، أنجاز الدستور وكتابته وأطلاق المؤسسات الدستورية (السلطة التنفيذية ،التشريعية،القضائية الأتحادية ) والتي يتم من خلالها عمل الدولة العراقية الجديدة ،والسؤال المطروح الأن ، هل قام مجلس النواب بدوره الفاعل في فترة الأربع سنوات ؟
هل أنعكس دوره في الشارع العراقي ؟ هل كان أدائه بالمستوى المطلوب وبكامل المسؤولية ؟!

ولكن الأجابات مع الأسف تأتي بالسالب من خلال ما قدمه المجلس ..لقد كان أمام المجلس ولا زال الكثير من العمل وأبرزها :-
- توطيد الوحدة الوطنية العراقية .
- أستقرار الأمن ومحاربة الأرهاب .
- ألغاء القوانين المجحفة بحق الشعب العراقي والتي صدرت عن سلطة النظام الدكتاتوري السابق والتي عملت على تكبيل الشعب وقواه الوطنية ومصادرة الحريات وتكريس نظام شمولي بوليسي يسود البلاد .
- العمل على تشريع القوانين التي تعمل على الأسراع في أعادة البناء في كافة المجالات –الزراعية ،النفطية ،التعليمية ،الثقافية ، والخدمية ،فضلاً على توطيد الحياة الديمقراطية وحرية التعبير ودعم منظمات المجتمع المدني ومحاربة الفساد الرهيب .

ولكن الذي حصل خلال السنوات الأربع هو بطئ عمل البرلمان وسوء أدائه من خلال عمل أعضائه ومن أبرز نقاط الضعف :-
عدم الجدية في العمل ،الغياب المستمر،عدم تفعيل لجان البرلمان والتي هي 24 لجنة دائمية + 2 لجنة مؤقتة (مراجعة الدستور، لجنة المصالحة) وظهر ذلك من خلال قلة أجتماعاتها أو أنجاز ما مطلوب منها من تشريع قوانين تعالج مشاكل وهموم الشعب وبدلاً من ذلك جرى التعمد الى وضع الكثير من مشاريع القوانين على الرف . لقد كان تأجيل الجلسات بسبب عدم أكتمال النصاب القانوني وأضاعة الوقت في مواضيع خارج جدول الأعمال ،ومناقشة المواضيع بروح سلبية خصوصاً عند تدهور الأوضاع الأمنية، لقد ساعد ذلك في عرقلة أداء واجبات مجلس النواب أضافة الى ضعف أداء هيئة الرئاسة والذي تطلب تغيير رئيس المجلس حيث أستغرق ذلك الكثير من المناقشات .

والأن وبعد أقرار قانون تعديل قانون الأنتخابات المرقم 16 لسنة 2005 والذي كان مثيراً للجدل ، أجاز القانون الجديد نظام الدائرة المفتوحة ،وجعل عدد أعضاء مجلس النواب 325 أي بزيادة (50) عضو دون الألتفات الى العديد من الملاحظات والأعتراضات خصوصاً فقرة أحتساب مجموع أصوات القوائم الخاسرة لصالح القوائم الفائزة ، كذلك الخلافات حول (الكوتا) والمحسوبة للمكونات الصغيرة ...الخ وأن أهم سبب الذي جعل أداء المجلس دون المستوى المطلوب ،هو أن العملية السياسية الجارية بين الأطراف والكتل السياسية ،حصلت لها آلية التوافق السياسي والتي بدأت مع مجلس الحكم ومن خلال هذه الألية تم أقرار نظام ضمني هو نظام المحاصصة المستند الى الطائفية والمذهبية بالدرجة الأولى وأصبح ذلك واضحاً في كل المؤسسات – التشريعية والتنفيذية والقضائية وفي أدق تفاصيل عملها .

أن التوزيع المحاصصي وعدم الألتئام حول الأنتماء الوطني والهوية الوطنية قد أثر في أداء الجميع مما جعلهم في صراع مستمر وحسب الأنتماء الضيق ، بل ساهمت هذه الظاهرة في عملية أختراق الأجهزة الأمنية من قبل أعداء العملية السياسية وأعداء الشعب العراقي ،أن عمل أعضاء مجلس النواب جاء أنعكاساً لتداعيات هذه الآلية والتي أشرنا أليها . ولكن التوافق كان دائماً سلبياً وعلى حساب المصلحة العامة .

أن الأنتخابات القادمة والتي ستجري في 7/3/2010 وكما أقرها مجلس رئاسة الجمهورية وبالأتفاق مع المفوضية لوجود العشرات من الكيانات السياسية والقوائم الأئتلافية ، أن أنتخاب ممثلي الشعب من ذوي الكفاءة والثقافة السياسية والديمقراطية الواعية ،والقادرة فعلاً على أدائهم للواجب البرلماني دون التقيد بالأطارات الضيقة بل والتمسك بالهوية ،تعتبر من أهم مستلزمات توجهات شعبنا للمشاركة الفعالة في الأنتخابات ، لأنه ينتظر مجلس نواب جديد وخصوصاً تشريع القوانين التي أجلت مشاريعها الى المجلس الجديد بسبب عجز المجلس الحالي في تشريعها ، أما أذا جاء البرلمان الجديد طبقاً لما عليه الآن من أستقطاب طائفي محاصصي فسوف يستمر الأحتراب ويعطل طموحات وتطلعات الشعب الى بناء دولة ديمقراطية فدرالية موحدة ، وسوف يفتح الأبواب أمام أستمرار الفساد وأستقواء الذين كانوا محسوبين على النظام السابق وأستمرار الحالة الأمنية المربكة وغير المستقرة ..أن بناء العراق الجديد مستنداً الى تحالف كل الشرفاء أمر ضروري وواجب وطني .



 

free web counter