صبحي مبارك مال الله
الخميس 12/7/ 2012
ورقة الأصلاح السياسي في الميزان
صبحي مبارك مال الله
تشهد الساحة السياسية العراقية حراك سياسي واسع بين الكتل السياسية وذلك بعد أن تبني التحالف الوطني حل الأزمة السياسية من خلال وضع ورقة الأصلاح السياسي وتشكيل لجنة برئاسة أبراهيم الجعفري رئيس التحالف . ولقد سميت بلجنة الأصلاح السياسي والتي تضم ممثلين عن الكيانات السياسية المنضوية الى التحالف ، وجرى هذا التوجه بعد عقد أجتماعات مكثفة بحثت في تصاعد الأزمة السياسية وتداعياتها وبعد أن طُرحت مسألة سحب الثقة من رئيس الوزراء بشدة ، من قبل الكتل السياسية الأخرى (العراقية ، التحالف الكردستاني ،الأحرار) وسط أجواء أنعدام الثقة وفقدان الأمن ونتيجة لهذا التأزم وفقدان الأمل نحو حلحلة الأزمة المستعصية ، وأزدياد الأتهامات من خلال الأفعال وردود الأفعال بين الكتل السياسية المتنفذة ، فقد أكدَ السيد رئيس الوزراء في بيان صدر من مكتبه على أجراء الأنتخابات المبكرة في حالة عدم أنعقاد الأجتماع الوطني أ والأصرار على الأستجواب وسحب الثقة منه ، ولهذا سارع التحالف الوطني الى تشكيل لجنة الأصلاح تعمل على تهيئة (ورقة الأصلاح السياسي) وقد وضُعت آليات لتنفيذ هذه المهمة لغرض الأصلاح الذي يشمل الوضع السياسي ،التشريعي ،الحكومي بالأضافة الى أصلاح العلاقات بين الكتل السياسية كما جاء في تصريحات ممثلي التحالف الوطني والتأكيد على أن اللجنة المشكلة ستكون مسؤولة عن الحوار مع جميع الكتل السياسية للوصول الى الحلول الجذرية كما تحدث بذلك النائب حبيب الطرفي من التحالف الوطني .
أما آلية تقديم ورقة الأصلاح السياسي ،ستكون تبعاً للخطوات التالية :
- تنجز اللجنة المشكلة الورقة بعد مناقشتها داخل اللجنة التي ستكون حول نقاط الأتفاق مع الكتل السياسية ، كما وضع الحلول اللازمة لأنهاء الأزمة السياسية .
- عرض الورقة على الهيئة السياسية للتحالف الوطني لغرض المصادقة عليها .
- بعد المصادقة على الورقة تعرض على رئيس الجمهورية وأستحصال موافقته .
- تعرض الورقة بعد ذلك على الكتل السياسية والتي ستكون مدخلآً لعقد الأجتماع الوطني
هذا هو مجمل الخطة الموضوعة من قبل التحالف الوطني .
يعتمد تنفيذ الخطة على جدية التحالف الوطني وتوجهاته ، ولكن ذلك يفترض معالجة .المشاكل داخل التحالف وأنهاء الخلافات خصوصاً مع كتلة الأحرار حول موقفها من الورقة المطروحة ومن سياسة رئيس الوزراء.
والتحالف يصرَ من خلال عقد أجتماعات اللجنة على الخروج برؤية موحدة حول (ورقة الأصلاح السياسي) وأستحصال أجماع الكيانات السياسية الداخلة في التحالف عليها .وفيما يخص الحوار مع الأطراف السياسية العراقية فأن اللجنة ترى تبويب النقاط المختلف عليها وحسب أولوياتها مع عقد الأجتماعات المتواصلة لغرض أيجاد حلول للأزمة الراهنة أضافة الى تناولها آخر المستجدات السياسية والأمنية .
وورقة الأصلاح السياسي تشمل بين 8-14 فقرة كما ذكر المركز الخبري لشبكة الأعلام العراقي وأن الورقة ستأخذ بنظر الأعتبار ما يلي :
1- أتفاقية أربيل لعام 2010
2- مبادرة رئيس الجمهورية
3- ورقتي أجتماعي أربيل والنجف
وقد شملت الورقة أربعة أقسام مهمة وهي :
القسم الأول: ما يخص ملء الشواغر الوزارية (الدفاع ، الداخلية )
القسم الثاني: المحكمة الأتحادية وطريقة التعامل
القسم الثالث: تنسيق العلاقة البناءة بين السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان والسلطة التنفيذية .
القسم الرابع: مسألة الحفاظ على التوازن الدستوري والتوازن في المسؤوليات .
وعند تحليلنا ورقة الأصلاح حسب ما نشر منها ، فأن الورقة تمثل الآن وجهة نظر التحالف الوطني وأن التحليل يقودنا الى أن الكتل السياسية الأخرى أذا أتفقت عليها تصبح تعبير عن وجهة نظر الجميع حيث يتم أنعقاد الأجتماع أو المؤتمر عليها وبأسم الجميع أذا ما أريد النجاح له.
وهذه المبادرة ليست المبادرة الأولى فقد سبقتها مبادرات أخرى ومنها ورقة الأصلاح التي أقترحها رئيس الوزراء. أن نجاح مبادرة ورقة الأصلاح السياسي تعتمد على مدى الموافقة من قبل الأطراف السياسية الأخرى عليها ، فهناك ترحيب وهناك شكوك وعدم ثقة بجدية ما جاء في الورقة ، والملاحظ أن الورقة تتناول موضوعين في نفس الوقت ، العملية السياسية والوضع السياسي المتأزم .فالعملية السياسية تحتاج الى تقييم ومراجعة وبحث أسس أنطلاقها التي أعتمدت المحاصصة والطائفية وقد جاء في القسم الرابع من الورقة (الحفاظ على التوازن الدستوري والتوازن السياسي) المقصود به التوازن المحاصصي فأذا كان كذلك فأن العلَة مستمرة .
يقول رئيس لجنة الأصلاح السياسي السيد إبراهيم الجعفري بأن التحالف الوطني لم يتفاعل مع ما طرحه الأخوة في أربيل حول سحب الثقة أو الأستجواب ، ولكنه يقر بأن هناك ملاحظات على الحكومة مؤكداً بنفس الوقت على عقد الأجتماع الوطني .
أن الخلاف الأساسي هو التخوف من شمولية التحالف الوطني والسيطرة على كل مرافق الدولة ، وأن الخلافات مستمرة حول العديد من المسائل السياسية الأخرى منها :
· علاقات الكتل السياسية بعضها مع البعض الآخر وبينها وبين السلطة التنفيذية .
· تعطل أدارة الدولة في كثير من المرافق وأنتشار الفساد المالي والأداري .
· ورقتي عمل أجتماعي أربيل والنجف .
· حول تهميش دور البرلمان والعلاقة المتشنجة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
· أهمية التحكيم للدستور.
أن التحالف يريد أن ينهي الأزمة السياسية كما أكدَ على ذلك النائب عن أئتلاف دولة القانون السيد عباس البياتي، وأن التحالف عازم على تقديم ورقة الأصلاح للكتل السياسية .
كذلك أكدَ النائب عن كتلة الأحرار السيد بهاء الأعرجي عضو لجنة الأصلاح السياسي بأن هناك ثلاث نقاط رئيسة تتضمنها الورقة :
1- قرارات لجنة الأصلاح ملزمة لكل مكونات التحالف ولرئيس الحكومة العراقية وهي ليست أختيارية .
2- وجود سقوف زمنية للأصلاحات ولن تكون مفتوحة .
3- فيها ضمانات للتنفيذ وهذا يعطي أطمئنان للكتل السياسية بشأن جدية الورقة .
كما نرى ان للتيار الديمقراطي العراقي رأي في ورقة الأصلاح حيث صرح المنسق العام المناوب أحمد علي أبراهيم : "أن ورقة التحالف الوطني مازالت مبهمة لدى المواطنين وكذلك لدى القوى السياسية الأخرى" ، وتساءل "هل أن ورقة الأصلاح بمثابة أصلاح ذات البين بين الفرقاء ؟ أم أصلاح التحالف نفسه بعد التصدعات التي أصابته" .
القاضي وائل عبد اللطيف يعتقد بأن أتفاقية أربيل عبارة عن ورقة أصلاح ولم تنفذ منذُ 2010 وأن التحالف يستطيع أن يجري معالجات جذرية وجدية للعملية السياسية وأن يتمسك بالمطالبة بتصحيح مسار العملية السياسية .
محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي أكدَ على ضرورة توفر الأرادة السياسية والرغبة الجدية في بدء عملية أصلاح جذري وأن عملية الأصلاح تستدعي عدم حصرها بين الكتل المتنفذة وأن تأخذ عملية التحضير مناقشة أوراق العمل بعداً تشارك فيه كافة القوى والأحزاب الحريصة على تقدم البلد وبناء الدولة الجديدة القائمة على مبدأ المواطنة وحقوق الأنسان والديمقراطية والعدالة الأجتماعية.
والآن عندما نريد أن نضع ورقة الأصلاح السياسي التي بادر بها التحالف الوطني ، في الميزان ، فألى أى كفة سوف يتأرجح الميزان هل الى صالح ورقة الأصلاح والحوار والأجتماع الوطني ؟ أم الى كفة الأنتخابات المبكرة؟!
فأذا كان العمل جاد وحقيقي من خلال تهيئة الورقة مع معالجة تصحيح العملية السياسية بعيداً عن الطائفية والمحاصصة والقومية وأتباع أسلوب الحوار بين القوى المتنفذة مع أشراك الأحزاب والقوى الأخرى ، فأن الكفة سوف تميل الى هذا الحل ، أما أذا كان العكس بعدم الألتزام بالضوابط والسقف الزمني والتعنت لأجل المصالح الذاتية والحزبية الضيقة ، فأن الكفة سوف تميل الى الأنتخابات المبكرة .
ونستنتج من ذلك بأن التحالف الوطني بأعتباره أكبر قوة برلمانية يتحمل المسؤولية في حل الأزمة السياسية وكافة المشاكل المستعصية ولكن ذلك لا يعفي الكتل المتنفذة الأخرى من المسؤولية والمساهمة بأيجابية في المشاركة في الحل وأذا كان الجميع حريصين على مصلحة الوطن والشعب فلابدَ من دعوة كافة القوى الوطنية والشخصيات المستقلة غير المشاركين في الحكم من المساهمة والأخذ بمقترحاتهم .