| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الخميس 10/1/ 2013

 

عام 2013 والفرح المؤجل !

صبحي مبارك مال الله

ودعنا بالأمس عام 2012 ، وأستقبلنا عام 2013 وبين التوديع والأستقبال فسحة من التفكير وسط هموم الوطن التي نحملها في أعماقنا وما آلت أليه الأوضاع في العراق ، يقودنا التفكير الى ما أنجزته الحكومة وما لم تنجزه ، ونقول هل تمت حل المشاكل المستعصية والأزمات المتراكمة ؟ هل أستطعنا الفرح بقدوم العام الجديد ؟هل يحق لنا ذلك ؟ وشعبنا العراقي لازال يعيش ظروف صعبة من ناحية الخدمات والأوضاع الأمنية ، هل نستطيع أن نقول بأن الحكومة والبرلمان والأحزاب الماسكة بالحكم  سائرون جميعاً في طريق بناء الدولة المدنية الديمقراطية ؟ هل تحققت الشراكة والوحدة الوطنية ، هل شُرَعت جميع القوانين التي تؤهل الشعب والوطن للحياة الحرة الكريمة وصيانتها ؟ وكذ لك قوانين حماية الحقوق والحريات ، وماذا عن البناء الأقتصادي والأجتماعي والثقافي المعاصر ، هل قضينا على الفساد البشع ؟ كثير من الأسئلة تتسارع أمامها الأجابات بكلمة (لا) تجر بذيلها خيبة المسعى والأحباط  .

لقد لاقى شعبنا العراقي القهر والأستبداد وويلات الحكم الشمولي الدكتاتوري فضلاً عن ويلات    الحروب العبثية وآثار الأحتلال ، سنين طويلة من الخوف والظلم ، والتدمير المستمر لمقاومة الأنسان العراقي وتحطيم معنوياته وأرادته وجعله يدور في دائرة التقوقع والتخلف .

ولكن بعد التغيير ، كان يأمل الجميع بأن آفاق جديدة سوف تُفتح           وأن المستقبل الوضاء بدأت تباشيره بعد ظلام دامس وأن العمل من أجل بناء العراق الجديد قد بدأ، وأن دماء الشهداء لم تذهب هدر ، ولكن حسب تحليل الواقع نستنتج من أنَ بناء العراق الديمقراطي ذو الحياة الحضارية المعاصرة بعيد المنال ، وأن ذلك لايعفِ قوى شعبنا أحزاب ومنظمات مجتمع مدني من المسؤولية ، وأذا فهم الجميع بأن أساس البلاء وما يحصل هو تأسيس نظام محاصصي طائفي ، فعليه يجب ألغاء هذا النظام والأعتماد على الأندفاع الوطني والمواطنة ، ووضع مصلحة الشعب والوطن فوق مصلحة المحاصصة والطائفية والمذهبية .

أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تستطيع حكومة أن تعمل وتنتج وتحقق برامجها وسط أجواء الأزمات المستمرة والصراع السياسي بين المشاركين فيها ؟  أن الأزمة أصبحت أزمة نظام وفقدان الثقة بين أطراف العملية السياسية ، وأن تسعة سنوات مضت لم تؤشر أي تقدم على الصعيد السياسي والأقتصادي والأجتماعي والخدمي وبدلاً من ذلك أستمرت الأساليب القديمة في أدارة الدولة ، ساعد على ذلك أنتشار الفساد الأداري والمالي ، و التحول نحو الأدارة الحزبية الضيقة وكأن الحكم أصبح تحت أدارة كتل سياسية كبيرة همها الوحيد تحقيق مكاسب ومنافع سياسية كبيرة لكل منها ،والتنافس أصبح على المنصب والوجاهة  مما أدى ذلك الى التمحور حول حزب حاكم أو كتلة أومذهب أوتوجه قومي ، كما لاحظنا هناك صراع داخل الكتلة الواحدة وتشضي في  تماسكها .

كما نلاحظ أن الأعلام الرسمي أخذ بالتوجه نحو الأعلام الديني وفي أتجاه واحد ، وظهور حالة الشمولية في الثقافة العامة وفي التعليم .

أن بناء دولة مؤسسات يتطلب القناعة الكافية بأهمية وجود الدستور  الذي أكد في كثير من مواده المقبولة على الديمقراطية في أدارة الحكم وعلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية  الدولة الأتحادية بجانب ذلك توجد مواد تتناقض مع المواد الأخرى ، تؤكد على زج الدين في السياسة وهذا ظهر من خلال الأحزاب الأسلامية السياسية الموجودة في أدارة الدولة .

أن وجود دستور عراقي دائم وبالرغم من نواقصه وتناقضاته يعتبر مكسب كبير ، ولكن سياسة الألتفاف على الدستور وعدم تطبيق مواده يعتبر أرتداد عن النهج الديمقراطي ، كما أن الأعتراف بالسلطات الثلاث وحسب الدستور يعتبر دعم لمؤسسات الدولة ، فالسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية عندما تعمل وحسب ما ثبته الدستور تكون حالة أساسية في بناء الدولة الجديدة ، ولكن تعطيل القوانين التشريعية مع ضعف في أداء البرلمان وكذلك السلطة التنفيذية عندما تتدخل في أستقلالية الهيئات المستقلة وكما ثبتها الدستور مع أستمرار الفساد ونهب المال العام وتوقف تنفيذ المشاريع كذلك السلطة القضائية عندما تسمح بالتدخل في شؤونها من أي جهة كانت ، فأن  كل ماذكر سوف ينعكس على الشعب وخصوصاً الحقوق والحريات والأوضاع المعاشية وبناء الأقتصاد المتين والتقدم الزراعي والصناعي والتعليمي والثقافي ، كذلك سيادة القانون والعدالة التي تحمي المواطن والمجتمع من التجاوز على حريته في الأعتقاد والرأي ورفع صوته في الأحتجاج والتظاهر ،أن أي أنحراف عن الدستور سوف يكون الأساس في أثارة الأزمات وأستمرارها .

وبعد هذا الأستعراض السريع لما حصل ، نرى أن أساس الأزمات هوعدم الألتزام بأسس العملية السياسية و بالدستور وأن التوافق الذي حصل بين الكتل الفائزة كان هشاً منذ البدأ بتشكيل الحكومة والرئاسات الثلاث وأن الخلافات أستمرت من تحت الطاولة كما  لاتوجد معارضة واضحة في البرلمان .

أن الأزمات التي نشأت صغيرة وتراكمت ككرة الثلج أصبح حلها صعب فيما أذا بقيت أدارة الأزمات على نفس الطريقة السابقة بل سوف تتفاقم ويصبح كل شيئ في خطر ، كما لاحظنا أستمرارالتسارع في خلق أزمات جديدة ،أن أبرز هذه الأزمات هي الأزمة الخطيرة التي حدثت بين المركز والأقليم ، وكاد الأمر يصل الى التصادم المسلح بين الطرفين ، بسبب عدم حل الأزمات الصغيرة والخلافات التي حصلت سابقاً وعدم الأمتثال للدستور وعدم الثقة بين الطرفين أدى الى أستحداث قوات دجلة وبعد التدخلات الكثيرة من قبل الأوساط السياسية ومبادرة رئيس الجمهورية ، هدئت الأوضاع ولكن الى حين ثم  حصلت الأزمة الأخيرة التي تعتبر من أخطر الأزمات على خلفية أعتقال بعض من حماية وزير المالية وأحد قادة القائمة العراقية ، حيث حصل عصيان وتظاهرات كبيرة في  محافظة الرمادي وتبعتها محافظات أخرى مع وضع مطاليب تخص قوانين شرعها البرلمان وتخص السلطة القضائية ولكن أدارة الأزمة أيضاً كان  سيئ ، لقد تبين  من الأزمة الأخيرة بأن هناك من يريد أشعال حرب طائفية أهلية ، وقد آن الأوان للتدخل الأجنبي بشكل سافر  ، وهذا ما هدد به البعض ، أضافة الى ظهور نوازع نحو رموز النظام السابق ، ولهذا تعتبر هذه الأزمة خطيرة وتداعياتها كثيرة سوف تنسحب على الشعب بكافة مكوناته .

ولهذا نعود الى الحلول الأساسية المطلوبة ، واولها عقد مؤتمر وطني يضم كافة الأطراف السياسية للنظر في مجمل العملية السياسية وتقييمها من خلال المكاشفة والمصارحة والعودة الى أصل المشاكل وهونظام المحاصصة والطائفية وألغائه والأبتعاد عن لبننة العراق طائفياً . أن حل جميع الأزمات يأتي من خلال هذا المؤتمر وفق خطط عملية وأوراق عمل تأخذبكافة الأفكار والمقترحات البناءة وأن يكون الطرح على قدم المساواة للجميع .

أستخدام لغة الحوار بمشاركة كل القوى السياسية المؤمنة بالعملية السياسية ،التأكيد على الدستور ومواده مع أحترام الحقوق والحريات ، التأكيد على أستقلال القضاء ، وأن يكون للبرلمان دور الأسراع في أيقاف التصعيد وفتح حوار  مع قادة المظاهرات والعصيان لتهدئة الأوضاع وقطع الطريق أمام أستغلالها من قبل أطراف تريد الشر بالعراق وشعبه .

أن بناء الدولة الحديثة يتطلب تفهم معاناة الشعب ومشاكله والأبتعاد عن التعامل البيروقراطي، وأنجاز مشاريع التنمية ووضع أسس البنى التحتية التي دُمرت والتي لم تصمد تجاه المتغيرات البيئية ، وكان آخرها هطول الأمطار وماتسببته من أضرار ، وهدم للكثير من المساكن ، كما أن تحسين خدمات الماء والكهرباء ، لازالت في أول الطريق  أن حل الأزمات وملحقاتها سوف يؤدي الى حل جميع المشاكل التنموية والخدمية .

ولكن ذلك يعتمد على تفهم الكتل السياسية الحاكمة والتي  تتضارب التصريحات الصادرة منها حول  مشاريع أعدتها حول حل الأزمات ومنها مبادرة التحالف الوطني ولكن لم تنفذ عملياً  أن أساس التعامل هو الحوار الديمقراطي وأحترام الرأي والرأي الآخر وأن أنتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي القادمة  في 20 نيسان 2013  ستكون معيار لمصداقية الحكومة حول الديمقراطية ، وبرهان على نزاهة الأنتخابات دون تزوير أو مخالفات .ولكن أذا تفاقمت الأوضاع السياسية فأن أحتمال أبواب المجهول تُفتح  تحمل معها عدة وجوه سلبية ، منها حل البرلمان وأجراء أنتخابات مبكرة كما طرح ذلك رئيس الوزراء ويتوقف كل شيئ ، ويتم العودة ألى المربع الأول  بجانب ذلك أحتمال نشوب حرب أهلية مدمرة .

أن الحكمة والحذر من السقوط في الخطأ ، لابد أن تتحمله السلطة التنفيذية والقوى السياسية المشاركة فيها .

لكل ما تقدم لايرى الوطني الحريص على بلده مجال للفرح في الوقت الحاضر وهو أمر مطلوب لمرور ذكرى الجلاء وأنسحاب القوات الأمريكية المحتلة  وهي ليست نظرة تشائمية بقدر الأحساس بالخطر القادم .

أن التوقعات تشير الى أحتمال أستمرار الأزمات وتطورها فيما أذا بقيت حالة التعنت والأصرارعلى تصليب المواقف وعدم الموافقة على عقد المؤتمر الوطني الشامل ، وأن أستقطابات طائفية سوف تبرز على الساحة يغذيها من يريد الشر بالعراق ، كذلك فيما يخص حل جميع المشاكل أو الأشكاليات بين الحكومة الأتحادية والأقليم ، وأن هناك من يتربص بالأحداث السياسية والخلافات لغرض تصعيدها ومحاولة حرفها عن أهدافها المطلبية ، كذلك المتوقع أستمرار حالات الفساد ، والبطأ في تنفيذ مشاريع الخدمات ، وأن الحكومة قد تواجه متغيرات حتمية لأجل النهوض بالعملية السياسية من جديد مع أستمرار ضغط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل سحب أي دعم لقوت الشعب من خلال البطاقة التموينية ، كذلك عرقلة التوجه نحوبناء الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية كذلك محاربة أي توجه نحو الدفاع عن الحقوق والحريات ومحاولة أنعاش أفكار التوجه الشمولي والبيروقراطي .

أن أهمية تعزيز الوعي السياسي والفكري والثقافي بعيداً عن التعصب الطائفي والديني سوف يجعل الشعب واعياً لحقوقه وحرياته، ومساهماً فعالاً في بناء دولته الجديدة المرتقبة .

 

 

 

 

 

                                                                                                              

 

free web counter