موقع الناس     http://al-nnas.com/

سكرتير خيرا لله طلفاح


صباح كنجي

الثلاثاء 6 / 6 / 2006

في الأمن العامة أيضا ً كان بين المعتقلين ، شخص يدعى ( عبد نور الأعرجي ) .. كان متهما بقتل صائغ الذهب المعروف ( بالنقاش ) الذي كان محله في ساحة ميسلون في بغداد . إرتبط ( عبد نور الاعرجي ) بصديق يدعى (علي السا مرائي ) ، الذي شغل منصب سكرتير( خيرا لله طلفاح ) خال (صدام حسين ) ومربيه على الإجرام ، وكان في نفس الوقت مسؤولا ً عن الحماية والمرافقين له ..
هيأ علي السامرائي لعبد نور .. قبل تنفيذ العملية .. هوية ضابط بدرجة نقيب في الشرطة ، وأعطاه مسد س نيكل مع عدد من الأطلا قات وهو الذي خطط لاغتيال النقاش ..
قال عبد نور :
استقلينا سيارة طلفاح الخاصة .. وعلقنا على صدورنا هوياتنا .. وذهبنا إلى محل ِ النقاش ِ في ساحة ميسلون وقلنا له بلهجةآمرة ٍ:
مدير ُ الأمن الأ قتصادي يريدك .. لأن سمعتك جيدة بين الصاغة .. ولكن للأسف توجد معلومات خاطئه عنك تتهمك بالتعامل بالذهب في السوق السوداء .. السيد العامْ .. ( وهي تسمية لمدير الأمن العام ) يحتاج إلى السجلات الخاصة بك .. وعليك أن تأتي معنا لبعض الوقت ..
قال:
حسنا ً.. وأغلق َ الباب مصطحبا ً السجلات ، وخرج معنا بسيارته الخاصة المارسيد س .. أخذناه إلى ( السيديه )، وقبل إدخاله إحدى الدور الخاصة بنا .. طلبنا منه أن يخفض رأسه واعصبنا عينيه وأوثقنا يديه .. وقلنا له :
أنت موقوف .. وأدخلناه مع سيارته إلى الكراج ، وقمنا بخلق ضجة وحركة داخل الدار .. لإيهامه بأنه في إحدى دور مديرية الامن العامة .. وأخذنا نمثل أدوارا ً مختلفة ..
قلتُ : بصوت ٍ مغاير السيد العام يقول :
أدخلوه..
وأدى علي السامرائي دور المدير العام قائلا للنقاش :
نحن نحترمك .. فكيف تعمل في السوق السوداء ؟ سوف نعدمك بقرار من السيد الرئيس ..
صاح النقاش متوسلا ً:
سيدي ( دخيلكم) .. خذو الذهب وكل ما عندي فقط أطلقوا سراحي ودعوني اعِشْ ..
وسلـّم مفتاح المحل إلى علي السامرائي ، معتقدا ً إنه يسلمه إلى مدير الأمن العام .
أخذنا المفتاح منه .. وقلتُ زيادة في إيهامه .. سيدي هل يمكن أن يلتقي النقاش بأبنه ؟
قال : نعم .. اجلبوه ليراه وليعلم إنه معتقل في المديرية .. لكن اجلبوا معه الذهب .. كان يعمل في محل النقاش عامل وعاملة بالإضافة إلى ابنه .. وكانت لنا صلة خاصة مع العاملة التي تعمل في المحل بتخطيط منا .
ذهبنا لجلب ابنه مع الذهب ( ليتأكد ) من اعتقال أبيه بأم عينيه .
بعدها تم اقتياد النقاش بسيارته الخاصة إلى ( الكاظمية ) .. وربطنا يديه بمقود السيارة و دفعناها لتنزل في أعماق نهر دجلة وتستقر فيه ..
لم تنته القصة عند هذا الحد ! .

بعد سنة من الحادث .. تم ّ اعتقال عبد نور الاعرجي عن طريق الخطأ حينما كان يحاول بيع بقايا قطع الذهب مع امرأة ( عاهر ) إلى أحد الصاغة في شارع النهر ، ومن المصادفات كان لهذا الصائغ الصابئي .. أخ ٍ شيوعي متواجدا ً في صفوف الأنصار في كردستان ، وقد وردت معلومات إلى الجهات الأمنية ، باحتمال نزول شقيقه من كردستان إلى الداخل . . وعليه توقع جهاز الأمن أن يزور أخاه الصائغ ...
لذا وضعوا مراقبة شديدة على المحل .. وبالصدفة كانت مواصفات عبد النور الأعرجي شبيهة ومطابقة لمواصفات شقيق الصائغ .. وهكذا أحاط به رجال الأمن ، حال دخوله المحل واعتقلوه .. فاخرج عبد نور لهم هوية نقيب شرطة مع ترخيص المسدس الذي يحمله ..
فحدث تناقض بين معلومات الأمن في المديرية ، وحالة الشخص الذي وقع بين أيديهم وهو يحمل هوية ومسد سا ً.
أضطر مسؤول المفرزة الأمنية للاتصال بالمديرية من داخل المحل يبلغ عن الحادث .. وسط ذهول وحيرة الصائغ الذي لم يكن يفقه شيئا ً مما يدور حوله .. وبعد الإبلاغ و إعطاء المعلومات والمواصفات.. طلبت ألمديريه ، للتأكد من الموضوع وفك الالتباس ، الإتيان بالضابط لعـشر دقائق .
سيدي تفضّل معنا إلى المديرية لبضعة دقائق ... والكلام لعبد نور .. واقتادوني باتجاه ساحة التحرير .. وأثناء وصولنا إلى نفق ساحة التحرير .. حاولت ُ الهرب منهم باتجاه الشارع الذي يقع فوق النفق .. لكني اصطدمت ُ بسيارة فوكس فاكن .. فأطلقوا علي النار وأصابوني ، ولم اشعر إلا وأنا في مشفى الرشيد العسكري ..
وكانوا قد جلبوا زوجتي .. واستفسروا منها بمن ألتقي ؟.
قالت لهم بعلي السامرائي مؤكدة إني نقيب شرطة ولدي مهمات خاصة واسمي في الهوية ( نبيل احمد ) ..
وتم ّ استدعاء علي السامر ائي إلى الشعبة السياسية فورا ً، رغم مركزهُ كسكرتير لخير الله طلفاح ..
وبعدها جلبوا علي السامرائي إلى المستشفى فشاهدني مربوطا ً بالسرير و مصابا ً بطلق ناري ، فصعقته المفاجأة
قال له المحقق :
علاوي .. أنت منـّا وبينا .. فأعترف بكل شيء لكي أنقذك وأدع الجرائم برأس هذا .. وأشار إليَّ باستخفاف ..
قال علي على الفور . . تحت تأثير الصدمّة :
هذا الشخص ( عبد نور ) جندي هارب من الجيش وهو أبن عمة الممثله أفراح عباس ، ومعنا في العصابة وآخر جريمة اقترفناها هي قتل الصائغ النقاش وقادهم إلى نهر دجله .. فعثروا على سيارة النقاش وجثته ، وكانت باقية كما هي إلا من بعض خدوش ٍ بسيطة ٍ في الوجه والعينين .
سألوه ( علي السامرائي) :

عن علا قتي بالشيوعيين .. فاستغرب موضحا ً لا علاقة لي بهم إطلاقا ً .. هو فقط جندي هارب من عائلة سيئة ، وزوجته عاهرة ، وكانت عشيقتي قبل أن يتزوجها عبد نور . هذا كل ما اعرفه .. وعدّ د الجرائم التي نفذناها معا ً.. منها الجريمة التي ارتكبناها بحق خالي ( نصيف جاسم ) .
الذي كان تاجرا ً ، من المصدرين للمصارين ويسكن باب الشيخ في بيت ٍ قديم .. كان قد أودع عنده أحد المبعدين ممن وصفوا من قبل النظام ، بالتبعية ألإيرانية ، ثلاث ملايين دينار عراقي .. وعرفنا بذلك فوضعنا خطه للحصول عليها .. من خلال تعريف الخال على مومس جميلة ، على أساس إنها مطلقة وتودُ الزواج ، واصطحبناه أكثر من مرة ٍ إلى البارات بوجود هذه المومس ، التي نجحت في نسج ِ علاقة ٍ معه وتزوجته .
وكانت تطالب ُ زوجها بالذهب والمال ِ ، وكان لنا حصّة مما تحصل عليه . . ومن خلال علي السامرائي اشترت
لها دارا ً في منطقة الدورة .. وفي إحدى جلساتها مع زوجها سجلت له كاسيت كان يتحد ث عن صدام حسين وأعطت الكاسيت لعلي وعبد النور فاخذوا يبتزونه من أجل الحصول على المال وفي كل مرة يأخذون منه مبلغ ربع مليون دينار عراقي .
وكان لعبد نور ( مشكلة ) هي كيف يصرف الأموال بأسرع ما يمكن .. وكان يبحثُ عن أصدقاء يد لـّونه على انجح وأسرع السبل في تصريف الأموال .. وعلى سبيل المثال .. سأل زوجته :
هل أكلت ِ لحم الغزال ؟
قالت لا..
فذهب إلى السوق وأقتنى غزالين ..
حاول عبد نور التقرّب منيّ داخل السجن ، ليتعرف على تفاصيل قضيتي ، وكان يلح ُّ على ذلك .. لكنه فشل .. وقبل تنفيذ حكم الإعدام به بيوم واحدٍ فقط جاءني وأخذ يقـّص علي ّ بعض الحوادث ، مؤكدا ً أن ضابط التحقيق قد ساومه في حال نجاحه في الحصول على معلومات مني ، بتخفيض حكم الإعدام إلى المؤبد .. وكانت آخر مهمة يُكلـّف بها من قبل الأمن .
وقد نفذ حكم الإعدام به في ساحة ميسلون في أول يوم من عيد الفطر ، بينما حكم على علي السامرائي بالمؤبد، وكانت زوجة علي برتبة ضابط في جهاز الامن ووالدتها قابلة مجازة بالإسقاط غير الشرعي وتشرف على بيوت الدعارة ِ.


مقتطف من كتاب اعده الكاتب عام 1995 بعنوان( دهاليز الموت ..جولة في أروقة المعتقلات العراقية ) الذي تمت مصادرته من قبل مخابرات دولة عربيه إثناء مداهمتها للمطبعة .