| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صباح كنجي

 

 

 

                                                                                    الجمعة 25/3/ 2011



كتاب عن الفرمانات الإسلامية ضد الأيزيديين ..!

صباح كنجي

قرأتُ قبل أيام كتاب جديد بعنوان (مأساة الإيزيديين) وآخر فرعي تكميلي (الفرمانات وحملات الإبادة ضد الكورد الإيزيديين عبر التاريخ) الصادر عن مطبعة خاني في دهوك في سلسلة كتبها عام 2009. التأليف مشترك بين الدكتور عدنان زيان فرحان وقادر سليم شمو.. يحتوي الكتاب على إهداء ومقدمة وتمهيد بالإضافة إلى ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول.. بعنوان الفرمانات والحملات التي تعرض لها الإيزيديون منذ بداية العهد العثماني وحتى نهاية القرن الثامن عشر.. تبدأ بأسباب الحملات العسكرية على الأيزيدية كمقدمة للدخول إلى حملات القرنين السادس والسابع عشر ومن ثم حملات ولاة بغداد التي سلسلها بحملة حسن باشا 1715 ميلادية وحملة احمد باشا 1733 م وحملة سليمان باشا 1752 ومن ثم حملة نادر شاه التي تواصلت للفترة من 1732-1743 ومن ثم حملات الجليلين والحملة على إمارة الشيخان والحملات على ايزيدية جبل سنجار...

الفصل الثاني.. الفرمانات والحملات خلال القرن التاسع عشر أولها حملات العثمانيين على الأيزيدية.. حملة علي باشا عام1802 م وحملة سليمان باشا الصغير 1809 م وحملة اينجه بيرقدار 1835 م وحملة رشيد باشا علم 1836 وحملة حافظ باشا 1837م وحملة محمد شريف باشا 1844-1845 م وحملة محمد باشا كريدلي اوغلو 1845- 1846م وحملة طيار باشا 1846-1847 وحملة أيوب بك 1891 وحملة الفريق عمر وهبي باشا 1892 م ومن ثم حملة بكر باشا 1894م.. وثانيها حملات أمراء الكورد على الكورد الأيزيدية.. حملة محمد باشا السوراني (ميري كوره) 1832-1834م وحملة بدرخان بك 1844م..

الفصل الثالث... يتناول الفرمانات والحملات خلال القرن العشرين وحتى اليوم الذي يحتوي على فقرات تتناول تشريد الإيزيديين إبان مذابح الأرمن ومن ثم حملة إبراهيم بك1981م وحملة سنة 1935 ومن ثم حملات الأنفال خلال الفترة1963-2007م وفتاوى المتطرفين وإحلال هدر دم الإيزيديين ونكبة سنجار آب 2007 ومن ثم الخاتمة والملاحق وقائمة بأسماء المصادر والمراجع...

الكتاب حقيقة يعكس جهداً كبيراً نجح المؤلفان في تأطيره ضمن 250 صفحة احتوت على ابرز الحملات التي تعرض لها الإيزيديون، هو في ذات الوقت أول كتاب مختص تحت هذا العنوان يؤشر لمرحلة مهمة في التوثيق والتدوين لتاريخ مؤلم يحكي تفاصيل الإرهاب المتواصل والمنظم ويشخص الأطراف والمجموعات الإرهابية التي مارست وارتكبت الجرائم الشنيعة باسم الدين والدولة والقومية ضد مجاميع مسالمة كالإيزيديين والأرمن والآشوريين من معتنقي المسيحية الذين كفرهم وأباح قتلهم من يصنفون أنفسهم بالمؤمنين بالله والدين الحنيف!! ...

سأشير إلى بعض الأخطاء والنواقص التي كان بالإمكان تلافيها ليصبح الكتاب أكثر غنىً وفائدة كمصدر من المصادر التي يعتمد عليها الباحثون اللاحقون. أولها كثرة الأخطاء اللغوية والنحوية خاصة في موضوع التذكير والتأنيث التي يقع فيها غالبية الكتاب الكرد في العربية والتكرار في عرض الحوادث في بعض الصفحات، وعدم الإشارة إلى المقتبسات والمصادر بشكل دقيق، حيث لم تستخدم الأقواس بشكل صحيح ولم يجري ذكر لدار النشر أو المطبعة والصفحة في غالبية المقتبسات التي اعتمدها المؤلفان في التوثيق..
كذلك جرى استخدام أسلوب مبهم في التعبير والوصف عند الحديث عن المعاصرين والشهود من قبيل.. قال احدهم.. ذكر احدهم.. نقل احدهم.. بينما الحاشية تذكر الاسم واللقب... هذا عن الجانب اللغوي والفني..

أما محتوى الكتاب، فكان بالإمكان تطويره واغناءه، عبر التطرق إلى مقدمة فكرية تتناول موضوع الإسلام ومحتواه الفلسفي، كدين لا تخلو نصوصه الدينية بما فيها القرآن والأحاديث التي تنسب لمحمد، من العنف وتمجيد القمع وتبيح قتل الآخر، التي هي جوهر الفكر التكفيري الذي أستند عليه من نفذ تلك الحملات التي ذهب ضحيتها الإيزيديون والأرمن والآشوريين واليهود وغيرهم على يد البدو العرب الذين سخروا الدين لصالح فتوحاتهم وغزواتهم التي أطلقوا عليها الفتوحات الإسلامية.. فبين العلم والسياسة ثمة خيط واهي لا يجوز لرجل العلم المساومة عليه وان كان السياسيون لا يجرؤن قول كلمتهم الصريحة والواضحة بخصوص الانفالات وحملات الإبادة المتواصلة التي سميت بالفرمانات، فإن رجل العلم الموثق للتاريخ، مطالب بقول كلمته دون تزويق أو مجاملة، فما جرى من فضائع وشنائع وحملات إبادة مورست خلالها قطع الرقاب والسبي والاغتصاب والحرق والتدمير والاختطاف، بما فيها اختطاف الأطفال والفتيات، عبر عهود إسلامية مختلفة، شارك فيها الترك العثمانيون والعرب والكرد والفرس الصفويين من المعتنقين للإسلام، يعكس جوهر هذا الدين، وجزء يسيراً من التاريخ المغيب، الذي لا يجوز السكوت عنه.

إنّ إماطة اللثام عن هذا التاريخ الدامي والمخجل، تتطلب جرأة في اختيار التعابير غير المجاملة، والغوص في أعماق الأحداث المأساوية، لمعرفة وتشخيص الدوافع والمبررات الفكرية، التي اعتمدها المجرمون، الذين خططوا ونفذوا تلك الحملات، بعد أن أفتى العديد من شيوخ وأئمة الإسلام بفتاوى تبيح قتلهم وسبي نسائهم وحرق زرعهم وتدمير قراهم..
وكان من الأفضل لو وضعت في متن الكتاب نصوص تلك الفتاوى وتواريخها لتكون داعماً للجهد التوثيقي، وهو ما يمكن تلافيه في الطبعة اللاحقة القادمة..

إن تحليل الدور الفكري للإسلام في التمهيد للقمع عبر هذه الحملات أمر لا مفر منه للباحث والمؤرخ، وهو أمر حاول تخطيه الكاتبان، بالمرور على مسائل اقل أهمية منها، لا ترتقي إلى مستوى الإقناع من قبيل التركيز على الجانب الاقتصادي كدافع لشن هذه الحملات الإجرامية، وشكل نقصاً ينبغي استكمال فيه لاحقاً.
كذلك كان من الأجدر لو جرى تثبيت الخارطة الجغرافية لتواجد الأيزيدية قبل الإسلام وما حلّ بهم بعده، خاصة في مناطق الأناضول وكردستان وسوريا وإيران، وإلا كيف يمكن الحديث عن الانفالات دون التعرض لموضوع وحادثة حسين قنجو مثلاً..

أما الأنفال وما حل بالإيزيديين فقد اغفل المؤلفان ما حل بأكثر من 200 إيزيدي وإيزيدية جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ من قرى بعشيقة وبحزاني وسنجار ودوغات وختارة وبوزان وداكا وملاجبرا وباعذرة ومجمع خانك وايسيان، الذين غيبوا في حملات الأنفال السيئة الصيت عام1988، التي أهملها أو تلافاها المؤلفان لأسباب غير مفهومة، علما أن تغييب تلك المجاميع جاء لسببين:.. الأول أنهم اعتبروا ايزيدية وحسب تصنيف النظام البعثي المقبور أن "اليزيدية" هم عرب وليسوا أكراد، والعفو قد صدر للكرد فقط.. والثاني أن العفو كان موجها للأحزاب الكردية ومنتسبيها، بما أنهم من أتباع الحزب الشيوعي العراقي فلن يشملهم العفو.. هكذا غيب أكثر من 200 إيزيدي في تلك الحملة التي قفز من فوقها الكاتبان دون سبب أو تنويه معذور...

إن الكتاب رغم نواقصه المذكورة أعلاه يعتبر مرجعاً مهماً يرتقي بكل المقاييس إلى مستوى الوثائق، يمكن إدراجه وتصنيفه في قوام قواميس السياسة والتاريخ، لما احتواه من معلومات مهمة وقيمة، عن أنباء وتفاصيل حملات الإبادة، التي حدثت عبر التاريخ المؤلم للايزيدية، منذ نشوء الإسلام وامتداده وانتشاره في أرجاء كردستان ومناطق تواجد الإيزيديين، التي اسماها الباحث الكردي محمد شمس الدين البريفكاني بحق الأنفال الأولى.. بذل المؤلفان جهداً لا يستهان في جمع وتوثيق وتتبع تواريخ بقية فصولها عبر محطات فرماناتها اللاحقة..

من المفيد أن ينسق المؤلفان جهودهم مع جهة مختصة بطبع الكتاب وترجمته إلى اللغات العالمية، بعد اغناءه وتجاوز نواقصه، التي اشرنا إليها ليكون مرجعاً معتمداً لدى المؤسسات الثقافية والعلمية في الجامعات والمعاهد الدولية التي تهتم بشؤون ضحايا التاريخ الإسلامي..
 

منتصف آذار2011
 

 

free web counter