صباح كنجي

 

عن الكتابة بلغةٍ من نار

صباح كنجي

تصلني بين الحين والآخر انطباعات وردود فيها تعليقات من أصدقاء حول بعض ما يرد في كتاباتي التي اتناول فيها الشأن السياسي بعضها يؤكد على ضرورة الأستمرار في استخدام المزيد من ( القسوة ) والسخرية عند الكتابة عن احداث العراق وتداعياتها المريرة والأخر يطلب مني تخفيف العيار ويحاول شطب عبارة أو تغيير كلمة وأحيانا حجب المقال وعدم نشره خاصة المواقع التي يديرها من مازال يمارس عمله الحزبي في تقييم الفكر وتحديد اطره ، وهي عادة يصعب تجاوزها وتلك هي مشكلتهم ، فهم احرار في ممارسة تحديد الزاوية التي ينظرون بها للكون ، وثمة من يرسل شتائمه وتهديداته وهذا شيء يفرحني ويضحكني في زمن بات فيه الحزن طاغيا ً وشاملا ً لكل شيء.

حسنا ً سأحاول أن أُسطرشيئا ً مما يردني من معلومات وادع القراء يحتكمون وسأقبل بالنتائج كما هي في القانون الدي ..مو..قراطي الذي يظمن فوز الأغلبية مع حق الأقلية في التعبير عن رأيها..

(1)

قبل أيام إستقبلت في مطار هامبورك ، الذي لا يبعد عن مسكني كثيرا ً الصديق ( سعيد دوغاتي ) اثناء عودته من العراق ، وتربطني به علاقة صداقه تمتد إلى ما يقرب الثلاثين عاما ً حيث تعرفت عليه في صفوف حركة الأنصار منذ عام 1978 وعرفته مقاتلا ً باسلا ً لا يهاب الموت في وجه اعتى جيش انكشاري صدامي مارس القمع وقتل الأبرياء في كافة أرجاء العراق وذهب فيها بين من ذهب ،عائلة سعيد دوغات وزوجته وابيه وامه واعمامه وعدد من اقربائه يربو عددهم على الخمسين فردا ً ،أجل خمسون فردا من عائلته واقربائه وحدهم، جلهم اطفال ونساء ولا أود الخوض في المزيد من التفاصيل المزعجة والمؤلمة في هذا الشأن الموجع.

قال لي سعيد والألم يعتصر قلبه الجريح :-
لقد تم صرف رواتب لمنتسبي تشكيلات الجحوش من الكرد المتعاونين مع قوات صدام وجيشه الفاشي وقد استلم قادة الجحوش رواتبهم بالكامل في خطوة جديدة ضمن قرارات الدولة في اعادة صرف الرواتب لمنتسبي وزارة الدفاع المنحلة.... وقبل أن يكمل سعيد حديثه بتفاصيله الدامغة والمؤكدة لصحة تنفيذ القرار شعرت بالغثيان واصبتُ بالدوار كادَ أن يتحول إلى وخزة في القلب.
تذكرت أيام الأنصار ... ومرّ شريط الذكريات بالعشرات والمئات من الصور المتلاحقة لأناس من مختلف الأحزاب الكرديه والعراقيه ، صور لشهداء اعزاء لا يبرحون الذاكرة ( أبو ايار، أبو رستم ،أمين، اسماعيل بابا شيخ ، أبو حازم، أبو فؤاد ، أبو ماجد، توفيق الحريري، صالح بيري، عزيز راوندوزي،فؤاد، ياسين، جاسم، ابوهلال، جيا ،عادل مزوري، انسام، أبو نصير،سلام بعشيقة،سلام تحياتي، ابو سلام نفط،أبو فارس، أبو سلام بعشيقه، طلال القوش، سنحاريب، خيري ، سعد، كواش خدر(ابو سمرة )، خليل سمو (ابوفالنتينا)، أبو اسمر، حكمت ، عائد ،فكرت، أبو زكي، أبو سحر، عادل ليبرالي ، دكتور عادل ، ملازم حامد ، ملازم كارزان ، دلير، دلبرين ، تحسين عيسى ، حسين خلف ، منيف ، حسين علي ، أبو سامان ، مام الياس، مام عبدال، خلات بوزاني، درمان خدر، عيدو ، جاسم ، هاشم جراحي، نبيل، سلمان، وقائمة الأسماء طويلة).

وصورلأبطال حقيقيين مازالوا احياء من نمط ( أبو طالب وابوحاتم ،أبو باز،عماد القوش، وسام البصراوي، احمد بامرني، حميد دوسكي، أبو آمال، أبو جاسم، عشتار،سلوى،أم زينه، أم عصام، رجاء، خولة ، علي حاول ، دكاترين، أبو ليلى دوغات، كيندل أبو وحيد، أبو عبود ، وميض، أبو وسن، أبو مشتاق، أبو سوسن ، فرهاد ، كاوار، توفيق، كفاح كنجي، أبو سربت ، أبو عمشه، ناظم، أبوأمل ، شفان، أبو حازم، أبو واثق،كوفان، دلزار،....).
وصورلعوائل أصدقاء ورفاق وقرويين اطفال بعمر الورد( سندس ولينا وروزا وعاصف وسربست ومناضل وبسيم وديمتروف وسورياس وفيدل....).
وصورلأشقاء افتقدتهم إلى الأبد كانوا جزءً من الروح، لا بل الجزء الحي منها ، بعد أن افتقدت روحي واحتفظت بذلك الجزء العائد لهم فتبادلت الموقع معهم واصبحت أنا في عداد الأموات وهم الأحياء مع الأم وبقية أفراد العائلة اسماؤهم وذكراهم لا تفارقني (خيري و شامل واميل).
وسلسلة القرى الجميلة في مختلف مناطق كردستان التي تم تفجيرها وهدمها وحرقها من قبل قوات الجيش الصدامي وبالتعاون والتنسيق مع تشكيلات الجحوش الكردية التي بلغ عددها ( 500 ) فوج بقيادة رؤساء العشائروكانت تظمُ في صفوفها ( 480) ألف مرتزق ( جحش) كانت تتقدم مع الجيش العراقي من الفيلقين الأول والخامس في مختلف المحاور، لمواجهة ما يقارب العشرين ألف بيشمركة فقط من منتسبي كافة الأحزاب المناهضة للدكتاتورية كانوا يشكلون قوام حركة الأنصار في حينها .
عادت بي الذكرى المؤلمة للمقارنة بين طرفي المعادلة اللاانسانية...
الجحوش يكرمون والأنصار وعوائل الشهداء يطالبون بحقوقهم منذ أكثر من 16 عاما ً ولا من مجيب...
بأية لغةٍ نتحدثُ عن هذه المعادلة...
هل نقول عاش الجحوش
والخزي والعار للبيشمركة...
أم نقول الخزي والعار كل العار لمن يحكم العراق وكردستان في العهد الجديد ممن يتسابق لأعطاء الجحوش هذه الأمتيازات ويرفض في ذات الوقت منح البيشمركة وعوائل الشهداء حقوقهم ويضع العراقيل امامها.
وللمزيد من المعلومات عن وضع الجحوش في العراق الجديد ،وصل إلى المانيا احد قادة الجحوش السابقين للعلاج على نفقة رئيس الجمهورية مع هدية بلغت ثلاثون ألف دولار فقط!.
وتوصية للأهتمام بهذا الجحش الكبير وتقديم التسهيلات والمساعدات له من قبل السفارات العراقية وتنظيمات الأحزاب الكردية في أوربا...

( 2)

وإستكمالا للصورة انقل للقراء جزء ً من الحديث المطول لصديق قديم فارقته منذ (30) عاما ً وكنا نعمل حينها في صفوف اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وقد زار مدينته تلعفر وعاد منها توا ً وقد نقل لي الصورة المختصرة التالية عبر الهاتف..
تلعفر تظررت كثيرا في عهد صدام والعديد من الأصدقاء ممن كانوا في صفوف الأحزاب اليسارية والحزب الشيوعي كانوا معتقلين لفترات طويلة وآخرون فصلوا من العمل في مختلف الدوائر أما عائلته بالذات فقد ذاقت الويلات وجرى ملاحقة كافة افرادها.. لكن ...
الوضع الآن ليس أفضل من السابق فقد دمرت تلعفر ويتم اعتقال ذات الناس الذين كانوا معتقلين في عهد صدام من قبل جيش المهدي والتشكيلات التي تدير تلعفر وحدد لي أسماء المعتقلين ممن اعرفهم في عهد صدام كونهم من كوادرالحزب الشيوعي وهم معروفين .
وبسخرية مشوبة بالمرارة قال أبوعدنان( الأستاذ شعيب) اعتقل في العهد الجديد لأكثر من سنة ونصف ولم يطلق سراحه إلا مؤخرا علما انه كان مرشحا ً من قبل المواطنين كقائمقام لتلعفر بعد سقوط النظام .
وفي التفاصيل المزيد من الحالات المؤلمة عن عناصركانت معادية لنظام صدام يقبع ابناؤها في السجون الجديده ، وفي ذات الوقت بقي الصداميون والبعثيون طلقاء وقد ترفع بعظهم في العهد الجديد وشغل منصب اهم من مرحلة صدام وارفع شئنا ً ، لكن ممارساته في قمع الشرفاء متواصلة ، ويتم اختيارهم من ذات العوائل المكافحة والمناظلة ضد الدكتاتورية البعثية..

كيف يمكن تبرير هذه المعادلة السياسية الأقرب إلى الشواذ وبأية طريقة نعلق عليها؟!
قلنا أنها صورة شاذة وسنختتم مقالنا بها كي لا يطول أكثر ونقول: ذهب صدام وجاءنا الشواذ ...... المتحالفين( اقرا المتصاهرين) مع الجحوش .
والآتي اعظم.
اللهم ارحمنا من حكم الشواذ...
وأرجو أن لا يأتي ذلك اليوم الذي نسمع فيه بمقترحات لأضافة اسم الجحوش إلى الدستور العراقي الجديد او هتاف بالروح بالدم نفديك يا كبير الجحوش .
ويا أسفي لحدوث هذا في ظل عراق يرأسه زعيم كردي من وزن الطالباني.... مع وجود كيان كردي بصيغة فيدرالية برئاسة مسعود البارزاني..
وبلا شك هذه اكبر إهانة توجه للشعب الكردي في العهد الجديد، لذلك سنواصل الكفاح وسنكتبُ ( مظطرين و مجبرين بلا مؤاخذة ) بلغةٍ من نار وسنزيد العيار يوما ً بعدآخر كلما سمعنا نهيقا ً لحمار..
وكان على حق من قال عن هذا النهيق ووصفه بأنكى الأصوات..
ونأمل أن يأتي ذلك اليوم الذي يجري فيه تنظيف و تعقيم كردستان من آثار الجحوش ومخلفاتهم بدلا ً من منحهم المزيد من الأمتيازات على حساب حقوق أبناء كردستان البرره وتضحياتهم الغالية.
ومن حقنا أن نحلم بكردستان ووطن بلا جحوش!

آب2006