| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صباح كنجي

 

 

 

الثلاثاء 15/9/ 2009



صومُ رمضان يكشفُ زيفَ ونفاق "المؤمنين"

صباح كنجي

الصوم في التعبير الميثولوجي لدى مختلف الأديان يعكسُ نزعة للتصوف والتقشف، تفرض على المؤمنين تجنب وجبات وتقليل أنواع أو أصناف الطعام والشراب ناهيك عن الخمور وبقية الملذات...
والصوم لدى المؤمنين لا يقتصر محتواه في الحد من الطعام والزاد بل يتعداه إلى بقية الفواحش والنميمة، إذ تفترض أصول الصيام الابتعاد عن الشتائم والإساءة لبقية البشر، والاهتمام بالجيران والغرباء والفقراء والمساكين.. لا بل هناك نصوص تمنع فيها المسلمين/ المؤمنين من الاقتتال في هذا الشهر الحرام..
هكذا عَرَفتْ وعَرّفت أديان ما قبل الإسلام بما فيها المسيحية الصيام وجعلته فترة انقطاع عن الشهوات الجسدية (الطعام) والشهوات الروحية (الأعمال السيئة)، ويتم التركيز على الجزء الثاني بشكل أوضح ويعطى له قيمة وأهمية اكبر من الجزء الأول لدى المتصوفة والرهبان.
ومعناه في اصطلاح الشرع الإسلامي الإمساك عن المفطرات يوماً كاملاً، من طلوع الفجر، إلى غروب الشمس.. فرض الله الصوم على المسلمين في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم، لعلكم تتقون).
و ثبت في السنّة النبوية استنادا ً لقول نبي المسلمين "إن الإسلام بني على خمس فرائض هي:الشهادة، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت.
ونقل عن عائشة قولها "كنا نحيض على عهد الرسول فنؤمر بقضاء الصوم ولا بقضاء الصلاة.. وللصوم شروط مادية تفاصيلها الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمداً.. والبعض لا يكتفي بها فقط وأضاف إليها شروط ذات أبعاد قيميه وأخلاقية توصي بضرورة الالتزام وغض البصر عن المحرمات الإلهية وحفظ اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب بما فيه أل" سماعون للكذب" ...
وذلك لأن الحكمة والهدف من الصيام، حسب مفاهيم الدين، تتجلى في التخلص من العادات التي تتحكم بالمؤمنين، ومنحهم الفرصة والمرونة للتخلص من الماديات وملذات الدنيا، فالصوم يخلص الجسم من أعباء الطعام وآثار الأطعمة الزائدة بما فيها الشحوم والدهون، التي انفردت المسيحية بتحريمها أثناء الصوم، وبالتالي يجني المؤمنون الفوائد الطبية للصوم، بما فيها تنمية الأحاسيس الإنسانية لدى الأغنياء من البشر ليحسوا بالجوع، كي يحسنون للفقراء، وبهذا الإدراك والإحساس بعمق معاناة الآخرين يُفتح بابا للعطف والمودة والتضامن الاجتماعي بين الناس من مختلف طبقاتهم في المجتمع.. و يشكل أساساً لتقوية العزيمة وتهذيب النفس وتعويدها على الصبر....
ليس هذا كل شيء بل هناك من يؤكد استناداً إلى النبي أيضا ً وجود امتيازات للمؤمن الصائم تنص" إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم. يقال أين الصائمون فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم، أغلق فلا يدخل منه أحد" ..
ويؤكد أبو هريرة في سَماعاته: قال الرسول " ثلاثة حق على الله ألا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، و المظلوم حتى ينتصر ، والمسافر حتى يرجع".
ويروي النسائى، أن الرسول قال: "إن الله فرض صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"..
لا بل هناك من بالغ في نقله كأبي أيوب الأنصاري في تأكيده" أن النبي قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر"..
أو أبو قتادة في ما ذهب إليه: قال الرسول "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية".. ولا أريد أن أطيل في المزيد من التفاصيل عن الصوم كونه من الواجبات الإلهية إذ تورد النصوص الدينية (الصوم لي وأنا اجزي عليه) لذا نزل القرآن في شهر رمضان..
حسناً هل حقاً يوفر الصوم في شهر رمضان هذه المعطيات للمؤمنين المسلمين؟...
هل حقاً يتمسك المؤمنون المسلمون بهذه الشروط ويتصرفون وفق ما جاب بها من وصايا وفروض وشروط ومتطلبات؟..
هل يلتزم المؤمنون من المسلمين بفضائل وقيم الصوم عند حلول رمضان ويتمسكون بها كما تفرضها عقائدهم؟
دعونا نتقصى شيئا ًعن مدى هذه الحقائق ومصداقيتها وتطابق سلوكهم وادعائهم معها من الوقائع اليومية بأحداثها المهمة في أصقاع وبلدان المسلمين..
لن أحدثكم عن الحرب والقتل والجوع في أفغانستان و الباكستان والشيشان ولبنان والسودان وبقية البلدان.. لن أسألكم عن التفجيرات في العراق وما حل بها من خراب، وتدخل بلدان الجوار المسلمة بشؤونه الداخلية، في المقدمة منهم عربان وبدو السعودية على رأسهم خادم الحرمين الشريفين ناهيكم عن إيران.. ولا بدّ إنكم قد سمعتم ما نقلته الأنباء عبر الفضائيات الإسلامية قبل غيرها عن مؤسسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأمنية وممارسات الاغتصاب الجنسي في كويهرز وبقية السجون والمعتقلات بسب الخلافات على نتائج الانتخابات بتوصية من كبار الآيات .. وفي غزة من فلسطين ومذابح أرقى المؤمنين بين حماس ومقاتلي دولة المسلمين.
لن أحدثكم عن فظاظة المؤمنين وشتائمهم وتكفيرهم للآخرين في البرامج والحوارات وسوء أخلاقهم وسرقاتهم للبنوك وصفقاتهم المشبوهة في مختلف الوزارات ابتداء من التجارة والنفط وبقية وزارات اللفط...
أو عن الشرائط والتسجيلات التي تكشف جانبا ً من لهوهم وسقوطهم وهم يشتمون بعضهم البعض في جلسات السمر والليالي الحمراء ... لن.... لن ... لن..أزعجكم بالمزيد من التفاصيل المناقضة والمتعارضة مع قيم الدين التي يتشدقون بها... وسأحيلكم إلى ما يقوله التجار وأصحاب المطاعم عن صوم المؤمنين في شهر رمضان بلغة الاقتصاد والأرقام...
في رمضان.. شهر الصوم... يستهلك المؤمنون اكبر كمية من اللحوم والدهون والشحوم...
في شهر رمضان لا يكتفي المؤمنون الصائمون بصنف واحد أو صنفين من الطعام ويلجأون لالتهام عدة أصناف من المأكولات والمشروبات دفعة واحدة، كأنهم في ساحة حرب حقيقية، حددت مهمة الصائمين بالهجوم على العدو المتواجد في الأطباق وصُحن الزاد وانتزاع محتوياتها في ساعة الصفر مع أطلاق مدفع الإفطار..
في شهر رمضان يتناول المؤمنون ويستهلكون اكبر كمية من الفواكه والخضراوات قياسا لبقية أيام السنة الخالية من الصوم.
في شهر رمضان وأثناء الصوم يستهلك المؤمنون اكبر كمية من السكريات والبقلاوة وبقية الأشكال من المعجنات والشكولاته وأصناف أخرى من الزلابية والشاكرية..
في رمضان يجري استهلاك اكبر كمية من الطحين بسبب كثرة تناول الخبز والصمون و الشطائر والفطائر.
في رمضان يصرف المؤمنون اكبر كمية من مدخراتهم المالية على ما يدخل في بطونهم من أطعمة ومطيبات بما فيها المسكرات..
في رمضان.. يتسابق المؤمنون ويتدافعون ويتشاتمون ويتعاركون من أجل الحصول على مقعدٍ في وسائط النقل قبيل ساعات الفطور من اجل أن لا يفوتهم مشهد من مسلسل يتابعونه ليس إلا...
في شهر رمضان تسجل في العديد من البلدان الإسلامية اكبر النسب وأعلى الأرقام في حوادث الدهس التي يذهب ضحيتها الآلاف من البشر وفي مقدمتهم الأطفال والشيوخ..
في شهر رمضان يتعكر مزاج المؤمن فيصبح صلفا ً جلفا ً غليظا ً متجهما ً عبوسا ًنزقا ً شرسا ً ظالما ًوقاتلا ً.. لا بسبب الجوع بل للإسراف في تناول الطعام والملذات التي تصيب الإنسان بالبطر وتؤدي إلى عجزه في التحكم بغرائزه وأعصابه فتتغير طباعه ويندفع لممارسة العنف ويستسهل ارتكاب الجريمة فيصنف في عداد المؤمنين/ المجرمين..
وفي رمضان وبسبب تكاليف هذا الشهر غير العادية واحتياجات العيد نشهد المزيد من الميل لأخذ الرشوة والابتزاز في الدوائر والمؤسسات التي يديرها المؤمنون..
وفي توديع رمضان يزادُ وزن المؤمنُ ولا ينتقصُ حسب قراءة الميزان!!
هذا ما بقي من صوم رمضان الذي أصبح شهرا ً يؤرق المؤمنين..إذ تحول من شهر للعبادة والتقوى إلى شهر يكشفُ زيف ونفاق المستهترين في زمن دجل الدين .. وصوموا.. تصحوا..
واستعير من أبي سفيان الثوري مقولته الخالدة عن الشرطة والعسس :
إن رأى منكم مؤمنا ً يشخر في أوقات السحور.. لا يوقظه من نومه لأن في صيامه أذية للناس والعباد..
 

 

free web counter