| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الأحد 9/5/ 2010

 

الانتصار على الفاشية عام 1945 وثورة اكتوبر الاشتراكية وجهان لعملة واحدة!
 

سلام كبة

كان التاسع من ايار 1945 والانتصار على الفاشية من احداث القرن العشرين الكبرى التي تركت بصماتها على الاتجاهات الاساسية لتطور عالمنا المعاصر،والذي انقضى معظمه في ظل القطبية الثنائية للاشتراكية والرأسمالية.في التاسع من ايار 1945 الحقت هزيمة تاريخية مذلة بالنازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية،ليجر صيانة السلم العالمي ومنع الامبريالية من تنفيذ الكثير من مشاريعها العدوانية،كما خلقت تناسب قوى عالمي جديد وظروفا مؤاتية ايضا لشعوب البلدان الرأسمالية المتطورة ونضالات شغيلتها كي تحقق المزيد من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية!ومثلما مهدت اكتوبر لبناء اكبر دولة اشتراكية في التاريخ- الاتحاد السوفيتي- فقد اقام الانتصار الباهر على الفاشية المعسكر الاشتراكي وساعد على نشر الافكار الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان في شتى انحاء المعمورة.

    لقد اثبتت الحرب العالمية الثانية بما لا يقبل الجدل ان الحروب لا تشكل نقيضا لأسس الملكية الخاصة،بل هي النتيجة المباشرة الحتمية لتطور تلك الأسس.فالحروب تمد جذورها في الملكية الخاصة لوسائل الانتاج،وهي ظاهرة طبيعية وحتمية في جميع المجتمعات المنطوية على التناقضات الاجتماعية والطبقية والقائمة على نظام الملكية الخاصة!انها ظاهرة طبيعية وحتمية لجميع الاشكال الاجتماعية للمجتمع الطبقي،واستمرار للسياسة بوسائل عنفية!

  كانت الحرب العالمية الثانية امبريالية المنشأ والاهداف والجوهر،والحروب الامبريالية هي  حروب غير عادلة!الحربان العالميتان البربريتان،الهلوسة النازية،سباق التسلح النووي،الدكتاتوريات الفاشية والشمولية والثيوقراطية،جنون حربي الخليج والاحتلال الاميركي للعراق،حروب اسرائيل العدوانية الدورية والمتكررة،هيروشيما والرعب النووي،الانفاليات الصدامية،استخدامات اسلحة الدمار الشامل غير النووية كاليورانيوم المنضب DU والكيمتريل،الخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم،الحروب الأهلية في اوربا والقرن الافريقي،حروب الابادة الاميركية ضد شعوب فييتنام وكمبوديا ولاوس،الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة كالحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة في المحطات النووية والسدود العملاقة،الارهاب الدولي للاصوليات الدينية...الخ...جميعها حروب غير عادلة ضد البشرية والانسانية والسلام العالمي!

    تبرر السفسطة(السوفستيك)الحروب غير العادلة وتزوير الحروب الى حروب عادلة!وانكار الطابع الامبريالي الكوسموبوليتي والرجعي اللاهوتي لها!وزج الشعوب في الحروب والحراكات المسلحة بالعبارات الرخيصة الجوفاء المستعلية!وتحويل الاسود الى ابيض والعدوان الى دفاع!وهي تستند على المبالغة والاطلاق والنظرة الميتافيزيقية المقلوبة اي تقديس الحركة والتغير الدائمين واختلاقهما،بدل السكون المطلق،للتمويه والتضليل،والغاء جميع الحدود في الظواهر الموضوعية وبين المفاهيم،وافساح المجال لكل انواع البهلوانية في تحديد المفاهيم،لتخلط بلا معقولية العلائق الجوهرية بغير الجوهرية،وليجر الخلط الذاتي اللا منطقي لجميع  المفاهيم.وتختار السفسطة اللحظات والجوانب والمراحل المنعزلة من الحروب لفصلها عن السياق التاريخي الحسي،وتأتي بالبراهين التي اساسها الفصل الكيفي للجوانب المنعزلة من الحرب عن السياق المركب،ثم تتحفنا بالمقارنات الشكلية بين النماذج باسلوب تعسفي!وتقوم بالخلط بين المفاهيم ومسخها الى اضدادها او مجرد اللعب الكيفي بالمفاهيم الفارغة وتطبيق القياسات الشكلية على قضايا غير قابلة للمقايسة!وتبرر السفسطة المفاهيمية الحروب الامبريالية وجدوى الدكتاتوريات الفاشية والشمولية والارهاب وانتهاكات حقوق الانسان،بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب والدعوة للتحضير للحروب الجديدة!

  ينبه مرور 65 عاما على وضع الحرب العالمية الثانية اوزارها ان ثقافة وقيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الانسانية.وشرط بناء ثقافة السلم وجوب الانفراج الدولي والتعايش السلمي والتعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني،وهذا يتطلب ارساء المؤسساتية المدنية والاعتراف بالآخر هوية وطنية مستقلة وكيانا ثقافيا متميزا ووجودا كاملا،لا تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية قسرا والغاء الأخر الخالق للابداع.والسلام لا يتحقق في ظل اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والامية والتشرد وتزايد الثراء،بينما تسرع العولمة الرأسمالية هذه الاستقطابات لانفجارات لا محالة لأنها تعرقل التطور الاقتصادي المستقل والتنمية المستدامة وتعمق التبعية.لا سلام للبشرية في مستقبل تتحكم به الاحتكارات والكارتلات والشركات الرأسمالية الكبرى.

  كما ينبه مرور 65 عاما على التاسع من ايار 1945 ان الرأسمالية ليست الافق النهائي للبشرية،ولا يعني سقوط مشروع بناء الاشتراكية في عدد من الدول موت المشروع الاشتراكي ذاته.ويتسع نطاق النضالات الاجتماعية وحركات السلام والتحركات المناهضة للعولمة الرأسمالية بعد افتضاح النتائج السلبية والآثار المدمرة لسياسات"الليبرالية الجديدة"واقتصاد السوق المنفلت،ويقترن ذلك بالبحث عن البديل والخيار الانساني الذي يلبي الطموح الى الديمقراطية الحقيقية والحرية والعدالة والمساواة والتقدم،وهي القيم الاساسية للاشتراكية.

  ان هدف السياسة الاجتماعية لرأسمالية الدولة الاحتكارية،كان ولا يزال،تزييف الجوهر الطبقي للعمليات السياسية الاجتمااقتصادية التي تأخذ مجراها في العالم،وبذر مشاعر اليأس والعبثية ازاء الجهد الاجتماعي النشيط المقاوم للاحتكار والعولمة الرأسمالية!وتهدئة المستائين وحدة التناقضات الاجتماعية والتستر على المغزى الطبقي الحقيقي لها في المحافظة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وعلاقات استغلال الانسان للانسان،وبالتالي تخدير اليقظة السياسية عند الشعوب!وتكريس الفقر والعوز والمرض،وتوسيع جيل المنسيين المنبوذين،بينما تعيش نخب الله المختارة ورجال الاعمال على حساب صحة وحياة المواطنين!

    ان النضال ضد الامبرياليـة عبارة زائفـة جوفاء اذا لم ترتبط مع النضال ضد الانتهازيـة والتحريفيـة(من يمتلك القدرة على رفع شأنك يقدر على الهبوط به)،والنظم الشمولية والفكر التعصبي القوماني والطائفي واللاهوتي،وسياسات الهراوة الكبيرة،والشانتاج النووي،والارهاب الوقائي،ودبلوماسية العنف،والشراكة الارهابية الرسمية،ومبدأ الأخذ بالثأر مهما كلف الثمن،واشاعة قوانين الغاب،وخلق الاممية الارهابية،والتدخل في الشؤون الداخلية.

  الذكرى الخامسة والستون للتاسع من ايار في العراق تعني الاجواء السياسية التي ساعدت على تعزيز الحركة الاجتماعية وانبثاق المنظمات الديمقراطية العراقية،وفي مقدمتها اتحاد الطلبة العام،واتحاد الشبيبة الديمقراطي،ورابطة المرأة،وحركة انصار السلم،والتمهيد لثورة 14 تموز 1958 المجيدة التي دكت الاداة القمعية السياسية آنذاك المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي!بعد ان نزل شعبنا العراقي،وليست حفنة من الضباط،في غضون ساعة واحدة فقط الى ساحة الثورة التي امتدت رقعتها لتشمل مساحة العراق من زاخو الى الفاو!والذكرى بحد ذاتها تنبهنا الى اهمية النموذج الوطني للديمقراطية والتعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية!والى اهمية المؤسساتية المدنية والمنظمات غير الحكومية،والحذر من السقوط في شرك الكلانية وثقافات الخوف والشك بالمواطن!فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء،وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات!

   الذكرى الخامسة والستون للتاسع من ايار في العراق تعني اهمية وضرورة وحتمية فصل الدين عن الدولة،والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية،وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي،والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.وعلينا تجاوز السخف الذي يشوه التاريخ الوطني البطولي لشعوب المعمورة!

 

بغداد

9/5/2010
 

 

free web counter