نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

 

الأربعاء 8 /2/ 2006

 

 

 

الهندسة الوراثية و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية العراقية

 

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

في تاريخ البشرية محطات يتوقف عندها الزمن ليحييها بفخر واعتزاز وتقدير لأنها محطات غيرت فيها وجه الطبيعة على كوكب الأرض عموما . وكانت اختراعات وابتكارات القرن العشرين منجزات أسلحة ذات حدين ... أسلحة للتدمير الشامل وأسلحة للبناء والتطوير الشاملين الرائعين . لكن العلوم والتكنولوجيا لها باب خاص ومدخل بحثي خاص بينما الجوانب الأخلاقية والنفسية والاجتماعية التي تقرر أحيانا مصير البشرية لها باب آخر ... .. واذا بقيت الابحاث العلمية في ايدي امينة ووضع لها الاطار القانوني والاخلاقي فان البشرية ستصل الى درجة تطور تتحكم فيها بالكثير من مشاكلها الصحية والغذائية ! بعد ان لاحت بالافق امكانية السيطرة على ظاهرتي الحياة والموت التي شغلت البشرية و ما تزال باسرارها عداك عن تحديد نوع جنس الجنين وانتاج الاولاد حسب الطلب ! .. وعموما اثبت التاريخ زوال أي عائق أمام التقدم العلمي التقني .
الهندسة الوراثية هي إعادة برمجة المعلومات التي يحملها الكائن الحي سواء كان خلية واحدة ام كائن متكامل ،حتى لو كان خلية جرثومية - ميكروبية لا ترى بالعين المجردة . فيتم إدخال صفة وراثية جديدة او تقويتها او إلغاء صفة وراثية معينة عن طريق إعادة هندسة المعلومات الوراثية عبر الهندسة الجينية في المورثات. وتسهم تقنيات الهندسة الوراثية نظريا في القدرة على إنتاج أنواع بيولوجية تمتلك خليطا من أي صفات مرغوب فيها ، ويشمل ذلك النباتات الغذائية ... وتطوير السلالات المهندسة وراثيا لا يعتمد على العمليات الجنسية ولكن على غرس الجين او العامل الوراثي الخاص المشتق من المصادر الواهبة ، ومن ثم الإنماء والتطوير البايولوجي التالي من الخلايا المطورة الجديدة غير المتخصصة ! .وبالنسبة للنباتات الغذائية فالتوصل الى محصول جديد وفريد يشكل مذاقا شهيا لم يكن الفرد معتادا عليه ! هو هدف أساسي لعلماء التغذية وجوهر الصناعات البايوتكنولوجية الحديثة تسهم فيها بالدرجة الرئيسية تقنيات التهجين المعاصرة ! .
الهندسة الوراثية ارادوية الطابع ،وهذا ما يميزها عن الوراثة التقليدية - فهي تغيير مختبري او معملي غير عشوائي .. واختزال هائل للزمن واختراق لحاجز النوع ليجري نقل الصفات من أنواع معينة الى نفس الأنواع او أنواع أخرى في الطبيعة . وعليه تعتبر علوم الهندسة الوراثية أساس طب الألفية الثالثة لأنها تحمل في طياتها تذليل معضلات طبية ابتداءاً من الأمراض الوراثية " مثل : السكر وضغط الدم وتصلب الشرايين والسرطان" وامراض القلب وامراض المناعة الذاتية مثل : "الروماتويد والذئبة الحمراء " وغيرها والأمراض العصبية التي تصيب المخ والأعصاب … وتذلل هذه العلوم تصنيع الهرمونات والبروتينات التي لا يمكن الحصول عليها من الطبيعة " مثل : هرمون النمو والأنسولين الآدمي وعوامل تجلط الدم …" وغير ذلك من الأدوية والمواد اللازمة لعلاج الأمراض فتولد لنا الصيدليات البيولوجية المتنقلة . وتسهم العلوم الجينية والوراثية المعاصرة في إمكانية زرع الأعضاء البشرية ونقل الدم دون لفظها من قبل الأجهزة المناعية او طردها من الجسم … الا ان اكبر المنجزات هو في تصنيع الأعضاء البشرية خارج الجسم او استنساخها من خلايا سليمة لها .
الهندسة الوراثية والاستنساخ موضوع إنسان القرن القادم . وقد يخضع للتأثيرات السياسية الدولية غير المعلنة والمؤثرات الغائية البحثية غير المتطورة . فالعلم يتقدم ويبتعد كثيراً عن خيالنا لانه مارد كبير . وقد فتح الاستنساخ الجيني البشري الباب على مصراعيه للجدل حول مصير البشرية . ومع الخيال الخصب للأدب العالمي في هذا المضمار .. الا ان تجارب الاستنساخ الجيني تحولت الى حقيقة تتطلب مناقشة ودراسة عقلانية وهادئة بعيدا عن التزمت والتعصب والتحجر رغم المشاكل الاجتماعية والأخلاقية العرضية . فما من منجز علمي إلا وقد أثار زوبعة من الغبار ليترسخ في الحياة وينفض غباره الى الوراء .
يزعم البعض ان الاستنساخ البشري يؤدي الى تثبيت العبقريات الانسانية ، والواقع ان الاستنساخ يضمن فقط التمثيل المادي شكلا .. اما المواهب النفسية والمهارات الفنية والجوانب المعنوية بوجه عام التي تشكل مع السمات شخصية الانسان فاكثرها يرجع الى التربية والتنشئة الاجتماعية ! وفي العراق لقيت تجارب الهندسة الوراثية و الاستنساخ البشري القصور في الفهم ،والمعارضة .. ومركزها القوى المحافظة الدينية ! وبين بعض ممثلي الطب العراقي ابان العهد الصدامي الاغبر و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ... والجميع ركز على مخاطر الاستنساخ البشري وتسببه التشوهات السرطانية والشيخوخة المبكرة " انظر لا على سبيل الحصر : سعدي أحمد زيدان ، عبد اللطيف العاني ، الشيخ ابو بكر البغدادي ... وآخرين ". ..

شكل (1) - جدول يبين تاريخ تجارب الاستنساخ الجيني

السنة التجربة
1944 نجاح أول تجربة إخصاب خارج الرحم
1951 نجاح تجربة حمل بقرة ونقل النطفة الى بقرة أخرى
1952 ولادة أول عجل بالحيامن المجمدة
1959 ولادة أول أرنب بطريقة أطفال الأنابيب
1970 استنساخ الفئران من الأجنة المخصبة
1972 ولادة عجل من الأجنة المخصبة المجمدة
1978 ولادة أول طفلة أنابيب في بريطانيا
1983 ولادة طفلة عن طريق الحمل خارج الرحم ووضع الجنين في رحم الزوجة
1985 ولادة خنزير يحمل جين آدمي وينتج هرمون نمو آدمي لعلاج الأقزام وقصار القامة
1993 استنساخ أجنة بشرية في جامعة ( جورج واشنطن) الأميركية
1995 اكتشاف أنزيم الصيانة D.N.A.-R.E.
1996 استنساخ جسدي وولادة النعجة (دوللي)
1996 استنساخ جنسي وولادة توأم من قرود الريزوس

يشكل التطور البايوتكنولوجي في مضمار الهندسة الوراثية على المستوى الجزيئي لاسيما الانتاج البكتيري للبروتينات بلسما واعدا للمعالجة الفعالة الرخيصة للأمراض المستعصية كالسرطان والبول السكري ! بالهندسة الوراثية يمكن التنبؤ واكتشاف الأمراض الخبيثة كالسرطان وكذلك التصرفات الذكية والسلوك العدواني ومعالجة الشيخوخة والهرم . وتبقى علوم الخلية والوراثة بمستواها الجزيئي محاطة بألغاز وغموض علميين يستلزم لحلها أعوام أخرى . واساس هذه الألغاز هو خصائص المكونات الخلوية الإنسانية . والصعوبات التقنية لا زالت قائمة لرسم الخريطة الجينية الكروموسومية لتبيان المواقع الجينية رغم التقدم الثوري الحاصل في تحسين صفات الكائنات الحية .
توصل ( باتريك ديكسون ) العالم والباحث الى اول تحليل علمي مثبت لشيفرة الخريطة الجينية (الوراثية) والتي حسمت بالكامل الخلافات حول توقع عدد المورثات في جسم الانسان (26- 30)الف مورثة حيث اعطت وصفا علميا اضافيا لجميع الجينات وسلالاتها... و في عام 1990 وضعت خريطة جينية في العالم احتوت على (4×10**9 ) من قواعد الأحماض الأمينية D.N.A. والتي تحتوي ما يقرب على (10**5 ) جين … ومن المعروف ان العدد المميز للكروموسومات في الخلية الواحدة خاصية نوعية ثابتة عند الأجيال وعبرها . وقد وضعت النظرية الكروموسومية حداً لتفسير الغموض الذي أحاط علوم الخلية والوراثة لتؤكد ان تعاقب الصفات عند الكائنات الحية من جيل لآخر تتم بتعاقب الكروموسومات ذاتها . وساهم المتتبع المجهري لعمليات الانقسام الخيطي والاختزالي في الدراسات الكروموسومية في اكتشاف الشفرات الوراثية والنماذج اللولبية الثنائية للحامض النووي (D.N.A.) .

شكل (2) - جدول نموذجي للعدد الكروموسومي المميز عند بعض الأحياء

التسلسل الكائن الحي الرسم العلمي للجنس والنوع العدد المميز
1 طفيلي الملاريا Plasmodium maloriac 2
2 البعوض Culex Pipieos 6
3 سرطان البحر Paralithodes Comschatica 204
4 الإنسان Homospiens 46
5 سمك الشبوط Cyprinus Carpio 104
6 الثعلب Vulpes Vulpes 38
7 التفاح Malus Silvestris 34و51
8 الفلفل Capsicum Annum 48
9 الموز Mussa Paradisiaca 22 و 44 و 55 و77
10 التبغ Nicotiana Tabacum 24

كانت الهندسة الوراثية وعلم الجينات في روسيا الستالينية من المحرمات باعتبارها بدعة بورجوازية كما قيدت في عهود الركود اللاحقة !.. الامر الذي اسهم في محاولة احتواء الجوهر العلمي للوراثة والعلاقة بينها وبين الفلسفة ،وتشجيع المفاهيم الكاذبة في علم الجينات ،وستر العلاقة بين علم الجينات والجدل وتطوره مراحليا ونقد الانتقائية في تناول عقده ! . من المهم الاشارة الى وحدة المنظومات الجينية وتفاضل وتكامل تركيبها وسلبية الاتجاهات الميتافيزيقية المثالية – القدرية والارادوية البحتة ! من المهم التقييم الموضوعي للارهاصات الاجتماعية والالحادية لعلم الجينات الانساني والمواقف الجديدة حول علم الجينات بالمقارنة مع الدوغمائية القديمة !.نقد العالم الفرنسي ( جاك مونو ) المتخصص في البيولوجيا الجزيئية مثلا الجدل الديالكتيكي في علم الجينات معتبرا الليسنكوية وانصارها الواجهة الديالكتيكية ... يذكر ان الستالينية حولت فلسفة العلم الى ترجمة دوغمائية للظواهر الطبيعية اي الى منظومة كاثوليكية قروسطية بعد ان تدنت الابحاث السوفييتية في فلسفة العلم رغم النهوض اللينيني الملفت للانتباه ! هنا وجب الاشارة الى انتهاء عهد مدرسة ليسنكو ... وانبعاث الحياة الروحية بعد الستالينية وارتقاء دور الفسلجة والسايكولوجيا ..!
(مشروع الجينوم البشري Human Genome Project ) ثورة في عالم الوراثة الحديثة .. وتضمنت مرحلته الاولى اعداد خارطة للنيوكليونيدات التي الفت 23 زوجا من الكروموسومات في الانسان .. واستهدف البرنامج معرفة سياق تتابع 3 مليار قاعدة نيتروجينية و100 الف جين لرسم الخارطة الكروموسومية حتى عام 2003 ... وبالتالي تشخيص جينات الامراض وعزلها ! وذلك في نطاق برنامج مسح وراثي واسع للتحري عن الامراض الوراثية ! .. يذكر ان عدد الجينات الوراثية للبشر قد يفوق رقم (30)الف مورثة فكت رموزها الفرق العلمية مطلع عام 2001 . ويتضمن المخزون الوراثي البشري كل المعلومات اللازمة للحياة والوظائف البايولوجية للجسم البشري !.
تتكون الشفرة الوراثية للانسان من (3000)مليون زوج من المكونات الرئيسية التي تكون الاجزاء الرئيسية منها في كل خلية بشرية !... في نواة الخلية عبر التشكيلات الملتفة المتداخلة المسماة الكروموسومات ! المجموعة الانسانية تتألف من (23) زوجا من الكروموسومات . وتكون الشفرة الوراثية الكروموسوم – 22 – المتألف من حوالي ال(1000)جين وراثي . تقدر اعداد الجينات في الخلايا الانسانية بنحو (100) الف جين . الشفرة الوراثية للانسان هي منجم هائل خيالي من المعلومات ، وتحتوي على حوالي نصف مليون وحدة من المعلومات عن التكوين البشري !
استخدم النظام العراقي البائد كردستان العراق ميدانا لتطبيق أسلحة دماره الشامل .. واستخدم الكرد مادة لتجارب غامضة ومشاريع أطلق عليها في حينه تعبير " المجازر البشرية"… ومادة لتجارب أسلحته المريرة .. تدل على ذلك مؤشرات الاختفاء الجماعي لاعداد ومجاميع غير قليلة من الأكراد نهاية الثمانينيات . ان سياسة التطهير العرقي التي اتبعها النظام العراقي ضد الكرد هي امتداد للشوفينية التي تميزت بها سياسات الحكومات المتعاقبة في بغداد منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة … وتتويجاً للأساليب الفاشية للدكتاتورية في إدارة شؤون الشعب العراقي وكسر شوكة الشعب الكردي وتطلعات الاقليات القومية في العراق .
يزدري شعبنا العراقي استخدام التقنيات العلمية لأغراض التسلح التدميري الشامل ، لكنه ينتقد بحزم أيضا الخطاب التحجري السلفي الذي يقلل من شأن العلوم الثورية . فتقنيات الهندسة الوراثية ثورية بحق لأنها أتاحت وضع الإبهام على بصمات الخلية وبصمة الحياة نحو فهم أوسع لمعضلات الحياة الصحية والصناعية والزراعية ، وبها جري تحديد الشفرة الوراثية من معرفة الأحماض الأمينية والبروتينات الناتجة ويجري تحسين السلالات الزراعية والنباتية الغذائية والحيوانية .
ليس مصادفة ان تطلق قوات الاحتلال الاميركي قبل ايام سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين ، والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل . انها مفارقة العم سام المستمرة في عهد العولمة الرأسمالية المتوحشة !
ان تقديم (صدام حسين) وأعوانه من مرتكبي المجازر البشرية والمقابر الجماعية والجرائم البشعة ضد الإنسانية في العراق الى المحاكم الدولية عبر مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي ومنظمة (آندايت) البريطانية وبقية الهيئات الدولية ذات العلاقة … تبقى مهمة أساسية ومركزية في نضال الشعب العراقي والشعب الكردي .

ملاحظة : راجع –
• صناعة الهندسة الوراثية وجرائم دكتاتورية صدام ضد الانسانية.
• السايكولوجيا والتقنيات الحديثة والوعي السائد.
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570