| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الثلاثاء 5/1/ 2010

 

كركوك والفساد السياسي

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

أرضي .. ! أترابي .. !
كنزي المنهوب ..! تاريخي ..
عظام أبي و جدي
حرمت عليَّ ، فكيف أغفر ؟؟
لو أقاموا لي المشانق ..
لست غافر
هذي قرانا الخضر
أضحت كلها دمنا
وآثاراً عواثر
آحادها بقيت،
ومازالت
تحارب بالأظافر
شدّت على أعناقها أنيابهم
تمتص من دمها
كواثر
لا تحك لي .. لا تحك لي !
حتى المقابر بعثرت ..
حتى المقابر ..


من التحديات التي يواجهها الشعب العراقي محاولات عرقلة بنود ومواد مفصلية في الدستور العراقي الدائم الذي صوت عليه في 15 تشرين الاول 2005،بالاخص محاولات انتهاك مضمون المادة(140)التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،وبالتالي تأجيل تطبيع الاوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.ويغذي هذه المحاولات الخبيثة زعيق القوى السياسية التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن،والممثلة لمصالح الطبقات المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها.

ومن الملفت للانتباه تصريحات عبد مطلك الجبوري وعمر الجبوري واسامة النجيفي وأخرون بهذا الخصوص،والتي لا تقلل من شأن المادة(140) فحسب بل تنفيها،وتتجاهل كل التوجهات الشوفينية لانظمة الحكم المركزية والتشكيلات الادارية التي رسمها الدكتاتور صدام حسين،لتؤكد مشروعية سياسات التعريب القسرية سيئة الصيت!ولا غرابة ان يتصدر هؤلاء وآخرون محاولة الاستخفاف بالمادة(140)،والتي لا تعني سوى تراجع الفئات الفاضلة الحاكمة عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!وهذا يعني نسف اسس بناء عراق جديد قائم على الاحترام والتعاون والثقة.

وسبب غياب المجلس الاتحادي المرتقب،والعقبات الجمة التي وضعت امام اللجنة ذات العلاقة لتنفيذ المهام الموكلة لها،وتأجيل الاحصاء السكاني الذي يكشف حقيقة الاستغفال والتزوير والخداع في مجلس النواب،والعمل البرلماني غير المنظم اساسا،والفساد السياسي..سبب كل ذلك ارتقاء صيت التسلط السياسي على اساس التعصب القومي والتطرف الطائفي في الاشهر القليلة الماضية.والفساد السياسي يخنق الديمقراطية ويعرقل عمل لجنة التطبيع العليا الخاصة بكركوك لأنه يستهدف السيطرة على القرار السياسي للدولة واخضاع الافكار الاخلاقية الرأسمالية لمصالحه وتحول المجتمع السياسي العراقي الى سوق تعقد فيه الصفقات السياسية – المالية التي تضرب الديمقراطية بالصميم،اي محاولة فرض ديمقراطية الصفقات!

الشعب العراقي وشعب كردستان على وجه الخصوص لا يقبل التقليل من شأن ومضمون المادة(140)،والتوافق الذي جرى منذ المادة(58)من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.واذ يجهد الشعب العراقي للاسراع في تنفيذ المادة(140)،فانه يدرك ان رص وحدة القوى الوطنية والديمقراطية ومتانة التحالف الكردستاني كفيل بتوفير الاجواء المناسبة للعمل المشترك في الضغط على الحكومة الاتحادية للايفاء بالتزاماتها من اجل تطبيق هذه المادة،وفسح المجال للجنة المكلفة بتطبيق المادة لتنفيذ مهامها دون مضايقات!وبذلك نضمن التمسك بالدستور والقوانين وتعزيز الثقة بين القوى السياسية المعنية بالعملية السياسية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد،وتعزيز الديمقراطية واشراك الجماهير في صنع القرار السياسي.

لا تزال قضية كركوك،مدينة التنوع والتآخي القوميين،واكبر مدينة عراقية ادرجت ضمن المناطق المسماة "المتنازع عليها" قسرا رغم كردستانيتها وفق الحقائق التاريخية والجغرافية،بحاجة الى جهود مثابرة ومكثفة وارادة سياسية صادقة ونوايا حسنة،لحلها بروح التسامح والتآخي والانسانية،وبالتطبيق السليم للمادة(140) من الدستور العراقي،وتفعيل كل الآليات الضرورية لتحقيق ذلك،بما فيها عمل لجنة التطبيع العليا ومنحها الصلاحيات المطلوبة وتخصيص المال الكافي لادائها مهامها وتطبيق قراراتها التي اتخذتها.وتشغل قضية كركوك حيزها الموضوعي في مشروعية حق تقرير المصير للامة الكردية في كردستان وحقها في الوحدة الوطنية،وتعزيز النضال المشترك والأخوة العربية- الكردية بما يمكن من بناء عراق ديمقراطي اتحادي موحد،ومعالجة آثار سياسة التطهير العرقي والتعريب والتهجير القسريين.

يرتبط حل القضية الكردية وقضية كركوك بالقضية الديمقراطية،ومحنة الشعب الكردي جزء من محنة شعوب المنطقة.ويتوقف الحل الديمقراطي للقضية الكردية في العراق على مستقبل تطور مجمل الحركتين الوطنية والديمقراطية في بلادنا ومستقبل مصير العراق – عراق المؤسسات الديمقراطية لتنظيم العلاقات السياسية والدستورية بين الشعبين في ظل نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي فيدرالي،وعراق المصالحة الوطنية والسلم،وعراق الاتحاد الحر والاخوة العربية الكردية والوحدة الوطنية القائمة على اساس الاحترام والمساواة الحقة،وبناء العراق الديمقراطي على ركام الروح الشوفينية والمشاعر القومية الانعزالية الضيقة!وقد ترجمت الذهنية الكردية العصرية افكارها اليوم بافساح المجال للصراع الفكري ان يدلي بدلوه في بناء مجتمع مدني حديث في كردستان العراق،وتأمين المنجزات التاريخية للشعب الكردي وتحقيق جميع حقوقه المشروعة،وتطوير وتنمية تجربة كردستان الديمقراطية وتعزيز الاستقرار والحريات،واعادة المناطق المستعربة الى احضان كردستان،وتوفير المناعة الضرورية ضد محاولات التدجين والاحتواء.

ان الهدف المركزي الذي يوجه الفساد السياسي والفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء وتحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع،والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية وتحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات،وفي سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه،والحذر من الخطاب السياسي الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة.



بغداد
4/1/2010



 



 

 

free web counter