| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

السبت 2/10/ 2010

 

معوقات الاصلاح الزراعي في العراق
(3)

سلام  كبة

حركات الاصلاح الزراعي *
تعني فلسفة الإصلاح الزراعي بمعالجة سوء توزيع الثروة في الريف بما في ذلك الأرض الزراعية التي تعتبر من عناصر الإنتاج الرئيسية ومصدر المعيشة والرزق ، ومعالجة بقاء التوترات الاجتماعية والسياسية بسبب الفروقات الطبقية وانتشار الفقر والتخلف..ان جذور حركات الاصلاح الزراعي في العالم قديمة وتمتد الى ماوراء القرون الوسطى بل والى فجر التاريخ . وشهد القرنان الاخيران الكثير من محاولات الاصلاح الزراعي المستمرة والتي اصبحت فيما بعد جزء من برامج هيئة الامم المتحدة UN ... وفي العراق يمكن تقسيم تطور الاصلاح الزراعي الى مرحلتين :
الاولى – الجذور القديمة التي اتبعت مفهوم الاصلاح الزراعي القديم الذي يتضمن اعادة توزيع حقوق التصرف في الاراضي الزراعية .. وتبدأ من العهد الاسلامي الى صدور قانون رقم 30 لسنة 1958 .
الثانية – عمليات الاصلاح الزراعي على اساس مفهوم الاصلاح الزراعي الحديث الذي يتضمن اعادة بناء اقتصاد المجتمع الريفي بكامله لتحسين وضع الفلاحين ورفع مستواهم المعيشي وتغيير العلاقات الانتاجية ..

اختص اول تشريع زراعي صدر في الاسلام بموارد الثروة العامة الاساسية المحتكرة من قبل ذوي النفوذ في الجزيرة العربية كمياه الآبار والعيون والينابيع والمراعي العامة . وجاء هذا التشريع في عهد الرسول محمد (ص) " لا حمى الا حمى الله ورسوله ". .. ثم واجهت الدولة الاسلامية الثورات الراديكالية في مقدمتها ثورة الزنج في البصرة وثورة القرامطة في سواد الكوفة .. والاخيرة كانت متنفسا للفلاحين الذين اخذوا يطالبون بالاصلاحات الزراعية وفرض الضرائب التصاعدية ، وانتهوا بالغاء الملكية الفردية واقامة الاشتراكية المطلقة في الاموال .. وكانت حركتهم اوسع حركة اجتماعية شهدها المجتمع الاسلامي .

ساد الاقطاع العسكري في العراق العهود البويهية والسلجوقية والزنكوية والايوبية والايلخانية .. وتطور الاقطاع العسكري الى اقطاع وراثي للارض ! وفي العهد العثماني توزع التقسيم الاقطاعي الى خاص وزعامت وتيمار الى ان الغته الدولة العثمانية عام 1839 ليحل محله قانون الاراضي العثماني عام 1858 .. الا ان القانون لم يطبق في العراق الا في زمن مدحت باشا ( 1869-1871) ، واشتريت السندات من قبل التجار والموظفين وبعض الشيوخ المتنفذين .. وفي عهد الاحتلال البريطاني استقدمت الحكومة الخبير البريطاني بالارض آرنست داوسن الذي قدم تقريرا عام 1931 اعتبرته السلطة اساس الاصلاحات الزراعية ، وتضمن التقرير تقسيم الاراضي بين افراد العشائر حسب تصرفهم الفعلي فيها وحسب العرف القبلي اي ان يعطى للشيخ الخمس والباقي توزع على افراد العشيرة .. بعدها شرعت الحكومات الملكية جملة قوانين مستندة على تقرير داوسن (1).
جاءت الضربة التي تلقتها العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية في أعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الإقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين وصدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين. لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي !.وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى الرأسمال " النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة .. وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!.. كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى .. لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712 ) ساحبة و( 1056 ) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية .

لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 بداية جيدة لمسيرة الإصلاح الزراعي... إلا ان السنوات التي أعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته، او تجاوزا عليها في كثير من الأحيان مما أعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وإفراغه من محتواه. وأسهمت أجهزة الزراعة والإصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالإقطاع من تحقيق تلك الأغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه أيام العهود السابقة. واصطدم تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1958 بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات . ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا . لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الأرض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته … ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا تنفيذ القانون رقم 30 . اضافة لذلك لم يقدم القانون رقم 30 العلاج لحل مشاكل الفلاح المنتج كالتقاليد البالية والمفاهيم المخطوءة والقيم العشائرية ، ومشاكل السلوك وضعف القدرات والنشاط وسوء التنظيم وتخلف المستوى التكنولوجي .

في عام 1960 اعتبرت عائلتا الجاف والشيخ محمود البرزنجي من العوائل ال(13) الاقطاعية الاكبر في العراق،الى جانب عائلة الملك المزاح وعوائل اخرى منها (آل ياسر ، الفرحان ، الامير ، الجلبي ، القصاب ، الياور، الخضيري ، آل مرجان ، آل جريان ، السهيل )

اللواء العائلة المساحة نسبة المساحة الى المجموع في اللواء
السليمانية الجاف 447910  20.5 %
السليمانية الشيخ محمود 21838 1%

في عام 1961 شرعت القوانين 17 ، 61 أعطيت بموجبها للسراكيل حقوق خاصة وللملتزمين حقوق خاصة أيضا وفي عهد الأخوين عارف اتخذت جملة إجراءات لصالح الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية لكنها لم ترتق بدور الشيوخ وكبار ملاكي الأراضي الزراعية إلى مستوى الفترة التي كان عليها نفوذهم في العهد الملكي. من إجراءات العهد الجمهوري الاول في دعم الاقطاع والعشائرية كانت قوانين .. اتحاد الجمعيات الفلاحية المرقم 139 لسنة 1959 ...الإقرار بحقوق خاصة للسراكيل والملتزمين المرقم 17،61 لسنة 1961 .... تحويل الأراضي الأميرية الى ملك صرف المرقم 199 لسنة 1964 و المرقم 16 لسنة 1965 .

لقد أخذ القانون رقم 30 بحد الألف دونم في الأراضي المروية وألفي دونم في الأراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الأعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين...لكن القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان اقرا مبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار، ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ (الارض لمن يزرعها) وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام. كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة، الشعير، الذرة الصفراء، الشلب، القطن والصوف) وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة.

قنون القانون 117 لسنة 1970 جملة اسس بالغة الاهمية في مقدمتها:
1- خفض الحد الأعلى للملكية الزراعية الذي يتحدد على أساس مواصفات الأرض ونوع الزراعة وطريقة الري وغيرها.
2- إلغاء حق اختيار المالكين السابقين لمواقع المساحات التي تجنب لهم، وان يكون التجنيب بمالا يتعارض مع المصلحة العامة.
3- استثناء مساحات البساتين من أحكام تحديد الملكية.
4- توحيد تسجيل صنف أراضي الإصلاح الزراعي بأميرية صرفة بدلا من التعدد في التسجيل .
5- إلغاء التسوية ، وأناطه مهمة تثبيت الحقوق في الأراضي التي لم تتم تسويتها بعد بلجان الإصلاح الزراعي حيث تقوم بتثبيتها ضمن الحدود التي عينها القانون لحدود الملكية الزراعية بشكل موحد، وكذلك إلغاء قرارات التسوية غير المكتسبة للدرجة النهائية.
6- إلغاء التعويض عن الأراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأعلى للملكية الزراعية.
7- للمغارس والتعاب حصة في الأرض والشجر لاتقل عن النصف، وأجاز إثبات الحق فيها بالبينة الشخصية وبكافة طرق الإثبات القانونية.
8- الأخذ بمبدأ التوزيع الجماعي على الفلاحين بالإضافة إلى التوزيع الفردي حسب ظروف المنطقة.
9- شمول حالات متعددة من أشكال التوزيع (فيما يخص الوحدات الاستثمارية والمستأجرين في مشروع ري أبي غريب والمتصرفين في الأراضي الأميرية في مشروع الحويجة والسراكيل في الناصرية والملتزمين الأوليين والثانويين وأصحاب المحرمات في العمارة).
10- شمول المغارسين وفلاحي البساتين بالعلاقات الزراعية في أن تكون حصتهم من الثمر النصف، وفي المزروعات التي تزرع تحت الأشجار وفق نسب قسمة الناتج للمحاصيل الحقلية... مقابل ذلك اوجب على المغارس الاستمرار في عمله بالعناية بالأرض والشجر بعد انتهاء مدة المغارسة في البستان المشتركة بينه وبين صاحبها السابق وعدم جواز الإفراز في البساتين إذا كانت النتيجة أن تقل المساحة عن 5 دونمات.
11- الأخذ بأسلوب المزارع الجماعية التعاونية، والأخذ بقواعد جديدة في تبسيط إجراءات التنفيذ وتوفير إمكانية الانجاز السليم والسريع.

تمكن النظام الصدامي البائد من إيصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين، وهم الاكثرية، يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان. وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية.واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي ألغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة أو اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية، و ليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة أو أجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين (الأجير والمؤجر). كما اصدر، ما يسمى مجلس قيادة الثورة، تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات على وفق معدلات محددة . وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام .

جهدت دكتاتورية صدام لتسويق بضاعة العشائرية ومشايخها القدامى والجدد وعصابات قطاع الطرق لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة العشائرية والأواصر العرفية وبروح الاثنية المنغلقة،وكبح تطلعات جماهير الريف.... وساعدت الخصخصة (Privatization)على بعث الهويات دون الوطنية الجزئية كي تلعب دور الوسيط للتواصل بين الشعب والسلطة ولكن هذه المرة ليست تكرار لهويات الاربعينات ... وتركزت بأيدي الملاكين الكبار في بلادنا أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء المكائن والمعدات الزراعية.وقد وفرت لهم حكومات البعث في حينها الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم 3 الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص ….

قنونة الخصخصة بالقطاع الزراعي في العهد التكريتي

التسلسل  القانون أو المرسوم أو القرار الرقم السنة
  تنظيم عمل الشركات الزراعية 116 1980
  تأجير سفوح التلال والجبال والوديان في المحافظات الشمالية 395 1983
  تأجير أراضي الدولة لغرض انشاء المشاتل 455 1983
  تنظيم الملكية الخاصة في الزراعة 35 1983
  تأجير الأراضي المملوكة للدولة لأغراض مشاريع إنتاج بيض المائدة 178 1984
  تأجير الأراضي المملوكة للدولة غير الصالحة للزراعة لأغراض إنشاء مزارع تربية الأسماك 995 1985
  تفتيت الملكية الزراعية والبساتين 411 1986
  تنظيم إجراءات بيع وإيجار أموال الدولة 32 1986
  الأراضي المستصلحة 42 1987
  أرباب العمل - إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة 52،71..150 1987
  الغاء المجالس الزراعية 395 1987
  تنظيم العقود الزراعية 364 1990
   الحملة الوطنية للاستزراع 367 1990
  صيانة شبكات الري والبزل وجباية أجور السقي من الفلاحين 12 1990
  نظم إدارة الشركات أو التمويل الذاتي على أسس تجارية 22 1997
  تأسيس صندوق التنمية لتمويل مشاريع القطاعين الخاص والمختلط برأسمال قدره 50 مليار دينار عراقي و50 مليون يورو 105 2000
  إعفاء القطاع الخاص من ضريبة الدخل بنسبة (50- 100)% 106 2000

اعادت الطائفية السياسية مابعد التاسع من نيسان 2003 الخطاب السياسي الذي ينتج السياسات العاجزة والانفاق المظلمة والطرق المسدودة لتنقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضد الاحتلال الاميركي الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية ولتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية . ولتنهض مجددا العلاقات الانتاجية الاستغلالية ولتعود العلاقات شبه الاقطاعية ولتنتعش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح أغنياء الريف الجدد ودور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي، وتنامي دور الفئات الطفيلية ... الامر الذي اجهض مشاريع الاصلاح الزراعي والتعاون الزراعي وشجع سيادة الأستثمارة الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة.... وافتقرت السلطات الحاكمة الطائفية الى السياسات الزراعية السليمة والتعاونية بحكم الموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وتهميش دور المؤسساتية المدنية وسياسات الاضطهاد الشوفيني والتغيرات الجيوسياسية القسرية.

شهد القطاع الزراعي خلال العقود الاخيرة تراجعا كبيرا كان لها الاثر البالغ في تراجع الانتاج الزراعي في البلاد . ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى الانتاج الزراعي صعوبة حصول صغار الفلاحين على القروض ، وشحة ما يحصلون عليه من البذور والاسمدة والمبيدات والادوات الزراعية ، فضلا عن ارتفاع اسعارها ، وارتفاع تكاليف الخدمات الزراعية . ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى الانتاج الزراعي ايضا والتي لا تتهدد مستقبل الزراعة وحسب وإنما مستقبل التطور الاقتصادي – الاجتماعي بأسره في العراق ، فشل مشاريع البزل وشبكاته في وقف زحف الملوحة في التربة ومنع تردي خصوبتها.

الاخطر في الامر تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص، من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة بدءاً من "سلطة التحالف المؤقتة" بقيادة بريمر وانتهاءً بالحكومات التي تلتها. وشهدت الفترة هذه احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي، تحت ذرائع مختلفة، للاستحواذ على اراضيهم بالقوة، وقد نهب بعضها فعلا . وشهدت مناطق عديد نشوء تحالفات ميدانية بين الفلاحين والجمعيات التعاونية والمهندسين الزراعيين وغيرهم، في مسعى يستهدف التصدي لهذه المحاولات.


بغداد
30/9/2010

*
المقالة جزء من دراسة اكبر للكاتب نشرت قبل 4 اعوام تحت عنوان"القضية الفلاحية في العراق المعاصر".

(1)
ثبت اعتراف حكومات الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة بالنظام القبلي .. ثبت العلاقات الاقطاعية العشائرية عبر سلسلة من القوانين الوضعية :
نظام دعاوي العشائر لسنة 1918 وتعديلاته .
قانون تحديد وتسجيل الاراضي رقم 24 لسنة 1920.
قانون الجمعيات رقم 27 لسنة 1922.
قانون تمليك وتحديد الاراضي الاميرية في القرى والقصبات رقم 84 لسنة 1926.
قانون تمليك الاراضي الاميرية المغروسة رقم 15 لسنة 1927 .
قانون اللزمة رقم 51 لسنة 1932.
قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 1932.
قانون حقوق العقر رقم 55 لسنة 1932 .
قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 28 لسنة 1933.
قانون تشييد القرى الحديثة رقم 70 لسنة 1936 .
قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 29 لسنة 1938.
قانون اطفاء ضريبة الارض رقم 20 لسنة 1939.
قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1940 .
قانون تفويض الاراضي الاميرية لسنة 1941.
قانون الجمعيات التعاونية رقم 27 لسنة 1944.
قانون اعمار واستثمار الاراضي الاميرية رقم 43 لسنة 1951.
قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1954 .

 



 

 

free web counter