| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الثلاثاء 29/6/ 2010

 

ثورة تموز والاتفاقية الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي!
 

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

عبرت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة عن السفر العظيم والجبار لشعبنا في تثبيت استقلاله السياسي والاقتصادي وما قدمه من تضحيات وشهداء لبناء مجتمع قائم على الرخاء والرفاهية والعدل الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني!وبعد البيان الاول الصادر في 14 تموز 1958،والذي عكس الطبيعة الوطنية والديمقراطية للثورة"ان الحكم يجب أن يعهد الى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه،وهذا لا يتم الا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة"،توالت التشريعات التقدمية"الدستور المؤقت 1958،قانون رقم (80) لسنة 1961 والذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط الاحتكارية،قانون الاصلاح الزراعي لتصفية الاقطاع رقم (30) لسنة 1958،قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959..
كما حررت العملة العراقية من الكتلة الأسترلينية،وتم بناء مئات الأحياء السكنية وجرى توزيعها على الفقراء من أبناء شعبنا في كل محافظات العراق(ومدينة الثورة هي معلم وشاهد على هذا الأنجاز الكبير لثورة 14 تموزالخالدة)،وتهيأت الظروف لأجازة احزاب سياسية ومنظمات اجتماعية ومهنية تمارس النشاط العلني مثل نقابات العمال والاتحادات الفلاحية ورابطة المرأة العراقية وبقية التنظيمات النسائية واتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي ونقابات مهنية للمعلمين والمهندسين والحقوقيين والاطباء ..الخ.وقد تطورت وازدهرت الصناعة الوطنية اثر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية،والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والثقافية الاخرى مع بلدان اوربا الشرقية والصين الشعبية!

• جوهر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية عام 1959
لم تكن طريقة الحساب بالروبل آنذاك المشكلة،ولم تكن التكنولوجيا السوفياتية المتدنية هي الآخرى المشكلة!انما كانت المشكلة هي ظهور قوة متحدية للامبريالية مدت يدها الى الشعوب المسحوقة لنيل الاستقلال السياسي والاقتصادي،ومن اراد نيل الحرية عرف كيفية الاستفادة من هذه الفرصة التأريخية،وقد احسنت ثورة 14 تموز المجيدة ووزير الاقتصاد آنذاك الدكتور ابراهيم كبة فهمها وحاول الامساك بها،ومن اراد ان يبقى ذليلاً تفنن في كيفية بتر هذه اليد التي امتدت لمساعدته.
بالتكنولوجيا السوفياتية تسنى للصين بناء صناعاتها،ولمصر بناء السد العالي.وبالتكنولوجية الحربية السوفياتية هزمت الفيتنام الولايات المتحدة ونالت سيادتها الوطنية.ويكفي النظر الى التدهور الذي وصلت اليه مصر لنفهم الى اين تقود الآيديولوجية المتعفنة التي يتبجح بها الاغبياء المنتقدون لابراهيم كبة المهندس الاقتصادي لثورة 14 تموز.فهؤلاء يجهلون حقيقة تحريم الغرب آنذاك لعمليات نقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والكهربائية الى البلدان النامية!فعملية نقل التكنولوجية كانت هي جوهر المعاهدة السوفياتية التي يحاولون الانتقاص منها،ويحاولون طمس عملية نقل التكنولوجيا بواسطة الاتفاقية المذكورة من خلال تصوير الموضوع بكونه عملية نهب.فبعرقلة عملية نقل التكنولوجية في الصناعات الاستراتيجية اريد عرقلة عملية التنمية الاقتصادية.ولنفس السبب رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي.
الصراع كان يدور حول عملية نقل التكنولوجيا.وعلى الاغبياء مراجعة الاضابير الخاصة بمشروع الحديد والصلب في وزارة التخطيط للوقوف على اساليب العملاء التي اتبعت من اجل عرقلة اقامته.ومن اجل فهم دور الاتحاد السوفياتي في عملية نقل التكنولوجيا من الضروري مراجعة كيفية تطويره للقدرات العراقية على استخراج النفط مما تسنى للعراق التحرر من قبضة الاحتكارات النفطية.هذا هو جوهر الموضوع.
كلفة المشاريع المتضمنة في المعاهدة لم تكن المشكلة،فمجموع تكاليف جميع مشاريع المعاهدة لم يتجاوز تكلفة مشروع واحد من ابسط المشاريع الاساسية لما يسمى بالتنمية الانفجارية،اذ كانت كلفة المشروع الواحد من مشاريع التنمية الانفجارية تضرب بالمعامل 3.فلماذا لا يتكلم هؤلاء الاغبياء عن نهب الشركات الغربية عن طريق هذه التنمية الكاذبة،ولماذا لا يتكلمون عن تكاليف مشروع المفاعل الذري الذي ضرب ايضاً بالمعامل 3،وتم تفجيره بعد قبض المبالغ المخصصة؟وقد اثبت بأن الفرنسيين هم الذين قاموا بالتفجيرات من الداخل اثناء القصف الاسرائيلي،لأن قلب المفعل لم يكن آنذاك قابل للنيل بواسطة القذف الخارجي.ولماذا لا يتكلمون عن عملية نقل التكنولوجيا الغربية في مجال انتاج اسلحة الدمار الشامل التي كلفت بالمليارات،هذه الاسلحة التي استخدمت اولاً في الحرب مع ايران،وفيما بعد كذريعة لتدمير كردستان والعراق؟!
والمؤسف او المؤلم ان الاغبياء يقيمون فوات الفرصة التأريخية التي اتيحت للعراق للخلاص من العبودية بواسطة المعاهدة السوفياتية بشكل مقزز كما فعلت الصحيفة المخابراتية"المشرق"العراقية الصادرة في بغداد والتي يديرها غاندي محمد عبد الكريم الكسنزاني في اكثر من عدد لها!وذلك في ظل الظروف الحالية التي انتهى اليها العراق.فلائق بهم ولامثالهم العيش تحت جزمة الجندي الامريكي الى ابد الآبدين.

• السرطنة الرجعية في العراق
لا يعود نهوض الفكر الرجعي في العراق لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة،بل هو يعود في الأساس إلى دوره القديم – الجديد كسلاح من اهم اسلحة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة،والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة للحكم القاسمي،وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين 1963 وانقلاب تموز 1968،والاحتلال الاميركي،وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي.وذلك لاسباب موضوعية كثيرة اهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز،وقيادة البورجوازية وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة لحركة الردة،وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم(الاقطاع،البورجوازية العقارية الكبيرة،البورجوازية الكومبرادورية،البورجوازية الطفيلية)والوسط الرجعي الجديد(البورجوازية الوسطى او الوطنية)وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والدينية والطائفية.والاخيرة مستترة غالبا بستار الفكر القومي والديني ومتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار السياسي ومنجرة عمليا(بالرغم من حسن نية غالبية قواعدها)الى مواقع الرجعية،اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية.وهذه البورجوازية الصغيرة تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني،بسبب اصرارها على القيادة الانفرادية والتزامها ثقافة القطيع الاقصائية ومعاداتها الهستيرية للديمقراطية وتمشدقها بالتحاصص الطائفي.
ويواجه شعبنا خطر استبداد احزاب الاسلام السياسي من خلال تعاملهم المزدوج والتفافهم على القوانين وتطويعها لخدمة أهدافهم البعيدة المتمثلة بالانقضاض على السلطة بأسم القانون وفرض دكتاتوريتهم بأسم الديمقراطية!نعم،يهيئون المستلزمات القانونية للتفرد بالسلطة وفرض دكتاتوريتهم بأسم القانون والديمقراطية التي شوهوها وهي منهم براء،وهم سبب في كل الأزمات السياسية والأقتصادية والأجتماعية،كماعملوا بكل طاقتهم على تراجع الفن والسينما والمسرح والموسيقى!بعد ان استشرت الازمة في سائر الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية.
وفيما المواطن يئن تحت وطأة سوء الخدمات والانقطاع الطويل للكهرباء والظروف المعيشية الصعبة،تواصل الكتل السياسية الفائزة في انتخابات اذار 2010 تشبثها بمواقفها،دون ان تبدي أي قدر من التنازلات المطلوبة لتحقيق استحقاقات،اصبح عامل الزمن ضاغطاً لانجازها.ومما يزيد من قلق المواطنين ان اجواء التوتر وعدم الثقة والتعنت في المواقف التي تحيط العلاقات بين القوى السياسية المتنفذة،تؤشر الى ترجيح اعادة انتاج نظام المحاصصة الرجعي!وجاء رد الشعب العراقي في انتفاضة الكهرباء والفانوس المعبرة عن عدم الرضا والسخط،والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية اواسط حزيران 2010 حازما وواضحا،باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة!
ثورة تموز 1958،وعلى الدوام،مناسبة لتفعيل النشاطات الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية الديمقراطية والعمل من اجل المواطن والوطن!تموز يقرع الباب فلقن الطغاة الصغار والاغبياء درسا ياشعب العراق!

 

 
بغداد
29/6/2010

 

 



 

 

free web counter