| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الخميس 26/8/ 2010

 

خرافة النموذج العراقي في الديمقراطية
 

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

ان من لا يرى اخطاء ومهازل العملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا،العملية السياسية التي دافعت عنها القوى الوطنية والديمقراطية وكل المخلصين من ابناء الشعب العراقي،ويرى كوارث دكتاتورية صدام حسين والحكم الملكي المباد فقط،يصعب عليه التعلم من دروس التاريخ ولا يفيد شعبه،اذ ان للناس عقول وتدرك وتعرف ما يجري!ودليل ذلك الخروقات الكبيرة للملف الأمني في الاونة الاخيرة،وتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية للمواطنين،والسلوك العبثي للكتل السياسية المتنفذة والمتنافسة على النفوذ والسلطة وتناطحها على المناصب والمواقع.
لقد فازت الطائفية السياسية في الانتخابات اكثر من مرة،وحصدت اصوات الشارع بملاحم تخللتها الانتهاكات السافرة،والنتيجة هي اعضاء في القوائم الفائزة لا يفقهون شيئا ووزراء ونواب فاسدون لا يملكون ادنى تحصيل علمي،سرقات مصارف،فضائح ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد،وشر البلية ما يضحك!.مجلس نواب ومجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشون ولصوص باسم الاسلام.نواب يستلمون مراتبهم الخيالية بأثر رجعي،ومجلس نواب لا يعقد جلسة اعتيادية منذ انتخابات آذار 2010 وحتى يومنا هذا،وبلاد لازالت تنتظر معرفة هوية قادتها الجدد،رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب!
الطائفية السياسية ورموز الشراكة الوطنية المحاصصاتية وجرابيعهم يحولوا العراق الى ضيعة لهم ليأكلوا لوحدهم منه ومن خيراته واموال شعبه،بينما المحكمة الاتحادية العليا تعلن في حكم اصدرته مؤخرا عدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب،وهذا يعني ابطال نتائج التوزيع غير الدستوري للمقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة،واعادة توزيعها على المرشحين الذين سلبت منهم،وفقا لعدد اصوات الناخبين التي نالها كل منهم،الا ان حراس الدستور والقيم الدستورية الذين يعملون على احقاق الحق في واد والشعب العراقي في واد آخر!
في ظل هذا التوتر والاجواء الحانقة تندلع المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية منذ اواسط حزيران 2010 في بغداد ومدن الجنوب والفرات الاوسط منددة بالاوضاع الكارثية،وهي تهتف"شكلوا حكومة..استعجلوا بالوطن مو بره..لا بيت عدنة..لا سكن..لا عمل بالمرة""شكلوا حكومة بالعجل..ما ظل صبر عدنة..التاريخ ما يرحم ابد..كل من وكف ضدنا""دم الشعب علكم..لو ثار ما يرحم""لا كهربا..لا عمل..رشوة وفساد وجهل"....اين الكهرباء يا وزير الكهرباء؟اين الخدمات يا مجلس النواب؟!ويا نوري المالكي؟!اين وعودكم الماكرة يا حسين الشهرستاني؟وفي هذه التظاهرات سقط ويسقط الشهداء صرعى نيران الديمقراطية الجديدة المسلحة ورصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.وفي ظل هذا التوتر والاجواء الحانقة وبوقاحة نادرة يحرم الشهرستاني ممارسة النشاط النقابي في وزارة الكهرباء!
السلطات العراقية والقوى السياسية المتنفذة الفائزة تبيح لنفسها وفق مبدأ الفوضى البناءة السلوكيات التبريرية والذرائعية والنفعية البراغماتية،واكبر كمية من التجاوزات واللقاءات والاجتماعات والكلام الكثير الجميل الأنشائي المنمق الخادع،كما تقوم بذات الوقت في ترسيخ الروزخونية عبر تشجيع الولاءات اللاوطنية والطائفية والعشائرية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي.سلطات مسؤولة بالكامل عن غليان التجييش الطائفي والعشائري في العراق الذي يهدد بكوارث جديدة.
اللجوء الى الدين والطائفية السياسية والشراكة المحاصصاتية والولاء دون الوطني ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي،ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا!وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية.لقد تحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة القائمة على الولاءات دون الوطنية في العراق الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة تدخلها الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.
السؤال المخيف الذي تطرحه التظاهرات الشعبية هل تنجح محاولات اشعال قادسيات جديدة في العراق ليرتاح الأمريكيون والايرانيون والاسرائيليون والسوريون..وبذا لا يعد من مبرر لقلق الادارة الاميركية التي سوف تقف بالتأكيد تتفرج على اللهيب المخيف،كما لا يعد مبرر لتخوف الانظمة الاقليمية من النموذج العراقي في الديمقراطية.


 

 
بغداد
23/8/2010

 

 



 

 

free web counter