| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

الجمعة 24/2/ 2012                                                                                                    

 

التظاهر الاحتجاجي يسحب البساط من تحت حكومات الترنح الطائفي في بغداد

سلام  كبة  

لا يختلف اثنان على ان الأزمة العامة الشاملة التي تمر بها بلادنا اليوم هي الاكثر عمقاً بين مجموعة الأزمات التي سبقتها.ورغم مرور اعوام على رئاسة نوري المالكي لمجلس الوزراء،لا زالت مفاهيم التوافق والشراكة والبعث والمصالحة والاداء الحكومي والاصلاح السياسي تفتقد لأبسط آليات التنفيذ العلمية الموضوعية المعروفة عند القاصي والداني،بينما يجري تجاهل اتفاق اربيل عن عمد وسبق اصرار!وتمخضت نزعات المالكي الانفرادية وحجزه المتواصل لموقع القائد العام للقوات المسلحة وتخبط لجانه الاستشارية وبقاء وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني شاغرة وخلوها من الوزراء،رغم مضي 720 يوما عن الانتخابات النيابية....عن انهيارات امنية لا محالة،حاول البعض من الموالين وصفها بالاختراقات،وسقوط مئات الشهداء والجرحى والضحايا،وكذلك خسائر مادية كبيرة!
وولدت النزعات الانفرادية لنوري المالكي وتغييبه القوى الوطنية والديمقراطية وسياسته في التهميش والاقصاء والمغامرة بشكل غير مسؤول بمستقبل البلاد،ظاهرة سيطرة تجار الأزمات والحروب والموت على المفاصل الاساسية في الدولة العراقية،وهي قوى تربّت ونشأت في كنف الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية،واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب الى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها اي منافذ سرقة الاموال،مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية،وناهبة المليارات من اثمان الركائز الاقتصادية ومختلف اسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في اصلها اخذت من دماء شعبنا وقوته،وهي تمتلك الأيدي الطولى داخل اعلى المناصب العراقية عبر عمليات الاختراق المنظمة.
في الجانب الآخر لازال نوري المالكي يغص بمعاييره الازدواجية في التعامل مع البعث ليضع كبار ضباطه من المشمولين بالأجتثاث واعوانه في كل المفاصل الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية،وحتى القضائية مع الأسف،وهم الذين يقودون الاعتقالات التعسفية بحق خيرة ابناء شعبنا العراقي ويستخدمون ابشع اساليب نظام صدام حسين في التعامل مع المتظاهرين ورموز النشاط الاحتجاجي عبر تلفيق التهم الباطلة!
مجددا،الا يدرك هذا المالكي،الذي يلف ويدور ويراوح في نفس المكان،انه هو المسؤول التنفيذي لأمور جميع العراقيين،وتنوعهم لا يحتمل فرض لا لون حزب الدعوة واحزاب الطائفية السياسية ولا لون اجهزة امنه السياسي البعثي على قوسهم القزحي؟!من اعطى المالكي بتصرفاته الصبيانية الانفرادية الانعزالية،الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالح الشعب العراقي،ومصالح دعوته الاسلامية؟!وهو الذي اخفق في تلبية ابسط متطلبات الخدمات المعيشية للمواطن الذي بات يتندر بالمظاهر الارتدادية الاجتمااقتصادية،وهذا حق طبيعي لهذا المواطن البسيط المغلوب على امره،ارسته كل اللوائح الدستورية والقانونية الدولية،ولوائح حقوق الانسان،والدستور العراقي الدائم.
وغير خاف على احد اليوم ان ارساء الحريات الديمقراطية وكفالة الحقوق المدنية وحقوق المرأة والاقليات وضمان تفادي انبثاق الفيدراليات الجهوية والطائفية دستوريا في العراق هو ليس من باب التمنيات او منتوجا جاهز الصنع بل مسارا طويلا لا يترسخ الا بتوفر البيئة السياسية الملائمة التي تنحو الى الاستقرار وبتوطيد بناء مؤسسات القانون،وليس مؤسسات دولة قانون نوري المالكي!كل ذلك اشعل التظاهرات الشعبية الاحتجاجية الصاخبة منذ قرابة العام ونصف العام في بغداد وبقية المدن العراقية!كانت باكورتها تظاهرات اواسط عام 2010 ضد نقص الخدمات وانعدام الكهرباء وضد اعتكاف مسؤولي الكهرباء في مكاتبهم الوثيرة وتشكيلهم الاخطبوطات الفاسدة ومفاتيح الارتشاء والعصابات العلاسة والمافيات الضاغطة،بينما جاءت تظاهرة 25 شباط 2011 لتؤسس مولد تاريخ جديد للمعارضة السياسية الوطنية السلمية!
ورغم ان المتظاهرين اثبتوا التزامهم الكامل بسلمية التظاهرات ومشروعية المطالب وممارستهم حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء،الا انه بسبب غلو وعنجهية واسراف اصحاب اتخاذ القرار فقد حاربت السلطة المتظاهرين واتهمتهم بالبعثية تارة،وبالارهاب تارة اخرى!وفاحت الروائح النتنة للاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،ومحاولة حصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب!كل ذلك،علامات لم تبشر بالمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل انذرت بالفردية وعسكرة المجتمع.وهذا ما يجري اليوم من نهج انفرادي تسلطي مغامر لا يحمد عقباه لرئيس الحكومة العراقية!!
ان جوهر الازمة السياسية الراهنة يتمثل بالنزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية وبالانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون،ليتحول القاضي الى بنت هوى للسلطات التنفيذية الحاكمة!الا ان التظاهرات الاحتجاجية الشعبية الحاشدة قد سحبت البساط من تحت حكومة نوري المالكي وحطمت اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد والشعب الواحد،واثبتت ان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب!
ويستلزم ذلك ان تباشر المحكمة الاتحادية فورا وبمسؤولية عالية بدراسة استمرار حالة التأزم والاستعصاء السياسي وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".

 

بغداد
24/2/2012
 

 

free web counter