| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

 

الجمعة 24 /8/ 2007

 

 


مراسيم محاربة المسيحية في العراق من صدام الى جيش المهدي


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

    يعاني مسيحيو بلادنا اليوم من المخلفات الدكتاتورية وخزعبلات الطائفية السياسية والارهاب . وكانت السلطات العراقية قد اصدرت قرارات عنصرية – تعسفية جائرة ضد مسيحيي وكلدان العراق ومعادية للدين المسيحي .. باشراف مباشر من صدام حسين ، لازال جميعها ساري المفعول ، وتستند عليها الطائفية السياسية الحاكمة وعصاباتها الميليشياتية المسلحة في الاعمال الارهابية المستمرة ضد المؤسسة الدينية المسيحية السمحاء. وكانت القرارات سابقة الذكر قد استهدفت اذلال وتقليص نشاط الكنائس المسيحية في العراق ودعم سياسة التعريب التعسفي . ومن هذه القرارات :

  1. مرسوم اجبار جميع ادارات وقساوسة الكنائس العراقية الارتباط مباشرة بوزارة الاوقاف . ويشمل المرسوم كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والآثوري ، الكنيسة السريانية بفرعيها الارثوذكسي والكاثوليكي ، والكنيسة الارمنية ، وغيرها من المنابر الكنسية . واستهدف المرسوم القضاء على استقلالية كنيسة المشرق التي تتولى مسؤولية 90% من مسيحيي العراق ، والسيطرة على جميع الاموال والممتلكات التابعة للكنائس . وردت السلطات العراقية على مطالب المطارنة بالغاء المرسوم " خيروا ما بين المصادرة الكاملة للاموال او ان توضع تحت تصرف ورعاية وزارة الاوقاف مباشرة ".
  2. مرسوم وزاري يرفض ان يتم بموجبه تدريس الديانة المسيحية اذا لم يكن المدرس حاصلا على درجة الماجستير فما فوق ، وهذا يشمل المدارس ذات الغالبية المسيحية .... بمعنى آخر اغلاق الدروس بالكامل لأن هناك عدد قليل جدا من المدرسين تتوفر فيهم هذه المؤهلات .
  3. قرار يجبر الابناء على اعتناق الاسلام حال زواج احد الوالدين من الديانة الاسلامية .
  4. قرار رئاسي منع بموجبه الآباء من تسمية اطفالهم الجدد باية اسماء غير عربية او اسلامية .
  5. اغلاق الاذاعة الناطقة بالسريانية في بغداد والتي كانت تبث برامجها مدة 2 ساعة / يوم فقط !.
  6. اجبار البطرياركية الكلدانية وبقية الكنائس على اضافة مقتطفات من اقوال صدام حسين بجانب اقوال المسيح يسوع (ع) في التقاويم الكنسية لعام 2002.
  7. تهجم صحيفة بابل في مقالات خالية من التوقيع على الديانة المسيحية واظهار افضلية الاسلام على المسيحية !.

   ليس غريبا اليوم ان تجد شعارا سياسيا لجيش المهدي ويتوعد بظهور المهدي المنتظر مثلا معلقا على جدران احدى الكنائس ( انظر : الكنائس في كرادة خارج / بغداد ) مثلما تجد صورة جدارية كبيرة لمقتدى الصدر تزين مدخل وزارة الكهرباء العراقية! ... هكذا تعاني المنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والدوائر الحكومية من اللغو الخطاباتي للمسؤولين والتدخلات الحكومية والميليشياتية بكافة أشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الاستبداد الحكومي عليها .

      لماذا يتخوف سياسيو المحاصصة الطائفية من الاثنيات والاقليات القومية والديانات غير الاسلامية ؟! ان الحكومة العراقية تبدو من حيث الشكل والاطار القانوني متسقة مع المعايير الديموقراطية الاساسية لكنها، في جوهرها، تفتقد الى المحتوى الديموقراطي. واعتمدت الحكومة المحاصصة غير السياسية الديموغرافية اساسا لتشكيلها وليس المحاصصة السياسية التي ترتكز الى عدد المقاعد ، كما همشت مشاركة المرأة... كل ذلك عطل ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية التي تقتضي (المحاسبة والمراقبة والمساءلة) وصولا الى سحب الثقة من هذه التشكيلة الوزارية او تلك اذا اقتضى الامر ذلك .ان ترويج الطائفية هي ذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد ... وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق ..

    هكذا يعيش الشعب العراقي ، وتعيش المؤسسة الدينية المسيحية في جحيم حرب طاحنة، بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة، وقتل وخطف الأبرياء واغتيال المثقفين والتهجير القسري، في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو، وبين الانقسامات التي استشرت في أعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته. علت الأصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد الواحد ، منادين ومتوعدين باسم الإسلام والتمذهب الطائفي، محتضنين الموت بدل الحياة، محاولين إعادة عجلة التاريخ إلى العصر البدائي... والضحية هو المواطن العراقي الذي اختلطت عليه الأوراق والمسميات. ان الطائفية والتخلف والجهل هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة " الغاية تبرر الوسيلة" لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب..