سلام إبراهيم كبة
الجمعة 21 /4/ 2006
أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية ؟!
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
انطلقت الطائفية من عقالها كباقي المؤسسات التقليدية والولاءات دون الوطنية كالعشائرية والقومية بعد التاسع من نيسان 2003 بسبب الفراغ الامني والسياسي الذي ولده انهيار الدولة العراقية الاولى التي تأسست بعيد الحرب العالمية الاولى ، والشروع باستنهاض قيام الدولة العراقية الثانية برعاية الاحتلال الاميركي . وجاء النشاط والتشظي الطائفي موازيا لضعف مؤسسات المجتمع المدني العراقية ، رغم ماشهده العراق من التطورات السياسية والاجتماعية التي أعقبت سقوط الدكتاتورية ، وعودة الكثير من الأحزاب والقوى السياسية التاريخية لممارسة نشاطها العلني الى جانب منظمات حقوق الانسان والمنظمات النقابية والمهنية وغير الحكومية ، ونهوض مجلس الحكم وتشريع الدستور الدائم والعمل بالانتخابات النيابية !
ساهمت السياسة الاستبدادية لطغمة صدام حسين في تعميق النتائج السلبية للعقوبات الاقتصادية على البنى السياسية والاجتماعية في بلادنا ليتوسع الاستقطاب الطبقي . وعملت الدكتاتورية على أحياء المؤسسات الاجتماعية التقليدية ، كالمؤسسات العشائرية والطائفية، لتكون سندا لها في صراعها ضد الأحزاب والقوى الوطنية المعارضة لنهجها الاستبدادي. يؤشر تنامي العصبية الطائفية اليوم إلى عمق الأزمة الشاملة التي يعيشها المجتمع العراقي بكل مؤسساته نتيجة الدمار الشامل الذي خلفته حروب الدكتاتورية والعقوبات الاقتصادية والاحتلال الاميركي . تعزز الدور الطائفي بسياسة المناورة التي انتهجتها سلطات الاحتلال لاضعاف وحدة القوى الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة وتهميش دورها السياسي ومنح المؤسسة الطائفية الدور الكبير في مؤسسات السلطة التي كونتها بعد سقوط الدكتاتورية. وبعد ان استفادت المؤسسة الطائفية من الامكانيات التي توفرت لها في ظل الدكتاتورية البائدة ونهوض الطائفية الاجتماعية الجديدة " التي تناغمت لا مع النزعة العشائرية التقليدية فحسب بل الاخطر في الامر هو تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لخدمتها " ، فانها تستغل اليوم بقاء حالة الفوضى في مؤسسات الدولة وعدم الاستقرار الامني وتفاقم اعمال الارهاب والقرصنة والجريمة المنظمة ، لتظهر النشاط السياسي حيث استطاعت تنظيم نفسها عبر العديد من التجمعات .... ولتضطر القوى السياسية الجديدة التي لا تملك التاريخ السياسي و القاعدة الاجتماعية الواسعة الى عقد التحالفات السياسية معها ومع أطراف الولاءات اللاوطنية الاخرى كالمؤسسة العشائرية.
العصبية الطائفية، كالعصبية القرابية ، تقوم على منطق ذوبان الفرد في الجماعة التسلطية عبر تقوية المفهوم البعلي للأسرة، دعم الروابط والقيم الابوية ، العائلية والعشائرية، وربط السلطة الداخلية أيضا بوسائل إنتاج الحياة وليس فقط القرابة والمصاهرة والتحالفات. وتعتمد الإيديولوجيات الطائفية باستمرار على ترسيمات وأحكام مسبقة متبادلة المواقع، كل واحد منها يعلن تفوقه الذاتي ودونية الآخر. المنطق الطائفي منطق مغلق منتج لإيديولوجية مغلقة وصانع لسقف محدود ، إلا أنه يعطي طمأنينة خاصة لأصحابه تذكرنا بمواصفات الجماعة التسلطية التي يتحدث عنها طبيب الأمراض النفسية لوسيان إسرائيل بالقول: " في الداخل، يشعر المرء بأنه في بيته، وهذا ما يطمئن في هوية الطباع هذه. إخوة فيما بينهم، يتفهمون بعضهم، يفهمون على بعضهم بالإشارة. يفهمون على بعضهم لدرجة أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الكلام ".
الطائفية - أداة لتفتيت المجتمع والعودة به إلى العصور الغابرة ، والعقل الطائفي السياسي يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي ، في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس ... ولأن النهج الطائفي من شأنه تمزيق الوحدة الاجتماعية ، بل تمزيق الهوية الثقافية للشعب العراقي .. ولا يجوز الإيغال في وهم إعتبار الطائفية شكلا مرحليا للتعبير عن الوطنية العراقية ، واوهام إمكانية الاسـتـفـادة من بـعـض أشكال الوعي الاجتماعي التي فات أوانها والتي تجاوزها تطور البنية الاجتماعية والتقدم الحضاري فإنها وأن ساهمت في النضال المعادي للدكتاتورية، فإنها تحول الصراع في المجتمع إلى صراع فئوي والمزيد من التفتت والويلات.
تعيق الطائفية تأسيس مؤسسات المجتمع المدني ـ الأحزاب السياسية والمنظمات المهنية والاجتماعية ، وتشوه العمل السياسي عبر تطييفه مثلما حاصل في التعشير ، وتعرقل إعادة تكوين الوعي الوطني المستند على مفهوم المواطنة الواحدة من خلال السعي إلى تجزئة الوعي الوطني الى وعي فئوي يعبر عن مصالح ضيقة ، وتميل إلى عقد المساومات مع سلطات الاحتلال الأمر الذي يعرقل مساعي القوى والأحزاب الوطنية الهادفة للتخلص من الاحتلال وعودة السيادة الوطنية بأسرع وقت ممكن. ومثلما يستغل الاحتلال الطائفية يقوم البعض باستغلال الحركات الطائفية من أجل مصالحهم الشخصية وليس من أجل مصالح الحركتين السياسية والاجتماعية ومسيرة العملية الديمقراطية الحقة ليجر تسليم القيادات للقوى الاستغلالية المتخلفة، وليتذابح البسطاء من العاملين ... وبذلك يعجز النظام الإقطاعي/ الطائفي الذي يشكله الاحتلال عن إنتاج الحداثة وفهم الإسلام معا .
كمنت الجذور التاريخية للطائفية السياسية في نظام الملة العثماني الذي قضى بان ينظم جميع الرعايا العثمانيين من غير المسلمين في طوائف مستقلة يرعى شؤونها رجال الدين وتخضع لسلطتهم القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية . في الحقيقة لم تـأت الطائفية السياسية من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي بل من سلوك السلطات الحاكمة ، والقوى السياسية المتنفذة ، ومن طبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقول الحكام.. وهي معادلات تقوم على فكرة التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين … وشجع الاستعمار الولاءات دون الوطنية وحفز حراك المجتمع الاهلي كسياسة ثابتة متعمدة لبناء المؤسسات السياسية التي أقامها وفق مظلة الأفكار الأبوية والطائفية للإبقاء على البنى التقليدية بكل هياكلها الأساسية ! ولم تلق الطائفية الآذان الصاغية في الفـتـرة التي تـلـت ثورة 14 تموز 1958 لأنهماك الشعب بخلق المجـتـمع القـائـم على المؤسسات السياسية والاجتماعية البعيدة عن نفوذ الولاءات الرجعية ، خاصة بعد تشريع قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 عام 1958 وإلغاء قانون دعاوى الـعـشـائـر، و نزوح أعداد كبـيـرة من سكـان الريف إلى بغداد ومراكـز الالوية والمدن الكبيرة لتتغـيـر التركيـبة الاجتماعـيـة لصالح الطـبـقـات المديـنـيـة. لكن الظروف التي رافقت مسيرة الثورة، خاصة الصراعات الاجتماعية والسـيـاسية الحـادة، ساهـمت في انبعاث تحالفات قائـمة على الولاءات دون الوطنية الأمر الذي أدى إلى انتعـاش الطائفية خلال الفـتـرة التي تلت انقلاب شباط 1963. جاهر عبد السلام عارف بعدائه للتشيع بحجة انتساب بعض قيادات الحزب الشيوعي العراقي الى المذهب الشيعي ، وبهدف كسر شوكة المرجعيات الدينية الشيعية وتهميش دور الشيعة في الاحداث السياسية بالعراق واشغالهم المناصب الحكومية العليا في الدولة .. وسار صدام حسين على هدى الطائفية العارفية ، وهي سياسة انتفض الشعب العراقي عليها مرات عديدة . كان غياب أية مشاركة فعلية للشيعة في العملية السياسية عاقبة من عواقب دكتاتورية صدام حسين المطلقة !... والامر الذي فتح الباب على مصراعيه لأنتعاش الحركات السياسية الشيعية اي الطائفية.
الطفيلية – سمة أساسية للولاءات دون الوطنية وليتطفل بعضها على بعض .. تتجسد الطائفية الاجتماعية في محاولة تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لأعمال القمع البوليسية وخلق البلبلة وتجذير التطرف الاصولي ومغازلة الاصوليات الوافدة مثلما استخدمها النظام الدكتاتوري لدق الاسافين في العلائق الاسرية واللاانسانية .العلاقة بين العشائر التقليدية والحرة وبين المرجعيات الدينية قائمة على أساس طاعة تلك العشائر لكل ما يصدر من فتاوى عن المرجعيات تلك . العشائر استخدمت من قبل رجال الدين سيفا ضاربا تشهره كلما اقتضت الضرورة ذلك ، وكانت على الدوام المصدر المالي الذي تعتمد عليه المرجعيات الدينية في الأعم الأغلب ، وذلك عن طريق ما تقدمه تلك العشائر من غلة الأراضي التي تزرعها في الريف ومن الضرائب التي تستحصلها من دافعي الودي والاشتراكات الشهرية عبر مكاتب الدلالية العشائرية داخل المدن لهم!. ومثلما استخدمت المرجعيات الدينية العشائر العراقية كمصدر من مصادرها المالية ، فقد سخرتها كذلك في الدفاع عنها في كل الظروف الحرجة التي كانت تستهدف وجودها ، تلك الظروف التي طالما تسببت في خلقها الحكومات العراقية المتعاقبة . وبعد ان كانت ترتبط العشائر الحرة بمكتب العشائر المركزي في البعث باتت اليوم على اتصال وثيق بالاسلام السياسي الحاكم والمتنفذ ! في عراق اليوم استبدال للشرعية الحزبية والتحالفات المدنية بالتحالفات الطائفية ومجلس الطائفة الحاكمة امتدادا للتحالفات العشائرية . وتنتمي الطائفية الاجتماعية الجديدة في عراقنا الى ما نطلق عليه مجتمع القرابيات حيث اختراقات العقل الايماني المفرمل والتزمت والدوغمائية . وتتربع الطائفية كعقل كابح مفرمل للثقافة العقلانية وسط هذا المجتمع الاهلي . وينشط الإسلام السياسي في العراق لتجنيد المريدين لمشروعه الطائفي ، ليتصدر في فترة وجيزة الواجهة السياسية وليسير بالبلاد نحو هاوية الفتنة الداخلية ، وهو يراهن في نجاح مشروعه الطائفي على رجال الدين واشباههم في الدرجات الأدنى ، الإقطاعيون السابقون وكبار الملاكين والنافذون في المؤسسة العشائرية ، التجار والوسطاء والسماسرة ومافيات التهريب والحائزون على المال العام بالمصادرة أو التدليس أو التزوير ، الفئات الإجتماعية الرثة والهامشية والطفيلية والمتساقطة من الطبقات الإجتماعية .....
يضم الالتحام الطائفي الجديد إضافة إلى حملة راية الجهل السياسي والثقافي .... يضم المحامين، الأطباء، أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعة، ضباط الجيش، ومثقفين ذوي مهن مختلفة ... كل ذلك في سبيل توفير الحماية الشخصية والسمعة ، إلا أنه في الوقت نفسه تبرز فئات معينة تعمل على إخضاع هذه التجمعات لأهداف خاصة ومصالح سياسية في الغالب. والخطورة هي في تسيس الشكل الطائفي الجديد واستخدامه وسيلة لتحقيق السيطرة الاجتماعية . لا تحرك هذه المجموعات دوافع تتعلق بإدراكها ضرورات التقدم الاجتماعي بل تحركها الطموحات الذاتية ! فرخت وتفرخ القوى السياسية العراقية التقليدية قياداتها الطائفية وتعيد إنتاج ديمقراطياتها ذات الأبعاد الطائفية والمناطقية وتتحالف مع بعضها البعض، وتخلط أوراقها مع أوراق بعضها، لتتسيّد الشارع السياسي والقرار السياسي العراقي فيما المواطن العراقي يتفرج بعد أن تم سحب البساط من تحت أقدامه بمهارة عالية. وتساهم في الديمقراطية التحالفات والتكتيكات، الشعارات والقيادات أو من يرث هذه القيادات من أبناء عائلاتها والاعمام والأقارب..
منذ سقوط النظام البعثي ولحد هذا اليوم لازال الوضع الاقتصادي سيء للغاية والمؤسسات الاقتصادية معطلة ! ... ولم نلمس الخطط الجادة لتطويرالمؤسساتية المدنية ، وإطلاق طاقاتها بما يضمن مساهمتها الفاعلة في تطوير المجتمع وزعزعة سيادة ذهنية التحريم والممنوعات وتحجيم دائرة الفساد المستشري في دوائر الدولة وإستخدام الرشاوى(الخاوات) والاكراميات وغيرها من الأساليب للتخلص من التهم وتحويل القضايا للحل طائفيا وعشائريا وبالمحاكم القروسطية .... وتقليص نفوذ الولاء الرجعي . إن سيادة روح التحضر ليست كلاما فحسب وإنما نهوض للمجتمع المدني الحقيقي الخالي من التعصب الطائفي والقومي والعشائري ، الخالي من مظاهر العسكرياتية والميليشياتية والرعب . عندما يشعر الإنسان بانه محمي من قبل الدولة نستطيع القول باننا وضعنا خطواتنا على طريق إعادة الحياة لقوانين الدولة، وأن الطائفية في العراق باتت في خبر كان .
يحاول الفكر الطائفي العراقي ملء الفراغ الذي خلفه انهيار الفكر الشمولي الصدامي وتقدم هوياته العون والعلاج والتعليم او المواساة في اسوء الاحوال .. وهي هويات تقدم نفسها كظاهرة جديدة ذات وظائف اجتماعية مختلفة وليست مجرد استمرار للهويات السابقة . وتتجسد ازمة الفكر الطائفي العراقي في اللغة الطائفية المطلقة والمقنعة ، والمتعالية في عصر العولمة الذي يرفض اعتبارها المرجعية السائدة والوحيدة بل ينفيها وينفي دور الدين في التشريع المدني ، وتحديده بالبعد الشخصاني للانسان فقط ... لا تملك الطائفية الرصيد الكافي في آفاق التطور السياسي والاجتمااقتصادي في بلادنا بحكم التقدم المعلوماتي – التكنولوجي الكبير في المعمورة مما جعل العالم قرية صغيرة بالفعل ! ولمواجهة الكثير من المشاكل الكارثية التي لايستطيع بلد واحد لوحده ولا مجتمع لوحده ولا طائفة لوحدها من مواجهتها فلا غنى عن الجهد الانساني الجماعي لذلك ! ولمواجهة الإرهاب الدولي ! وللنهوض بمستلزمات الاعمار والتنمية بكل أنواعها ! وبحكم العولمة السياسية وإتساع مشاركة المنظمات غير الحكومية في نشاطاتها ! ولإتساع الرغبة في الديمقراطية والحكم الصالح وتحولها الى هدف سام للمنظمات غير الحكومية .
تقوم السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة . وتجسدت الطائفية في قرار الحكومة المرقم 8750 الصادر في 8/8/2005، والذي منحت نفسها بموجبه حق التدخل في شؤون المنظمات غير الحكومية، والسيطرة على نشاطاتها وتجميد ارصدتها وحل البعض منها وبما ينسجم مع توجهاتها الطائفية وتكريس نهج المحاصصات الطائفية ، ورغم اضطرار الحكومة وامام ضغط منظمات المجتمع المدني الى التراجع عن بعض مفردات قرارها غير المدروس، والذي لا يعبر الا عن نية السيطرة على تلك المنظمات .... ترى أي ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها. العراق قادر كما يبدو على إنتاج المواطن الطائفي أكثر من قدرته على إنتاج المواطن الديمقراطي ، ذلك لأن الذي قاد ويقود الحياة السياسية أمس واليوم، هو الأحزاب الطوائفية ، وهي التي تدفع إلى البرلمان بنواب الطوائف، فتعيد دورة الإنتاج الطائفي ، قانونا وتشريعا ونظام حياة . وبعبارة أخرى فإن العراق الجريح يستخدم الديمقراطية لإعادة إنتاج الطائفية، لا لمحوها وإزالتها . لقد خلقت الثقافة الطائفية والحكم الطائفي التوترات في المجتمع العراقي ، وبينه وبين الدولة العراقية .. وتجد الجماهير اللاطائفية نفسها امام الطائفية المسلحة حقوقيا والمنافسة لأجهزة الدولة العراقية في العراق الجديد .
الطائفية تتعارض عكسيا مع الشفافية والمحاسبة ... وهما شرطان مترابطان إذ لا يمكن إجراء المحاسبة دون الشفافية ولا تمارس الشفافية دون المحاسبة . الشفافية والمحاسبة يقوضان اسس الولاءات الرجعية و يعززان من قدرة المجتمع المدني على التفاعل التام مع الحكومة التي تطرح برامجها واوجه صرف الأموال العامة والتوظيف أمام الرأي العام في البلاد من خلال وسائل الإعلام والبرلمان . الشفافية والمحاسبة تقوض الولاء الطائفي لأنه لا يقيم وزنا للمجتمع ومنظماته المدنية ولا لأحزابه السياسية .... لذلك لابد من دولة القانون والمؤسسات و من النظام الديمقراطي التداولي الذي يخضع فيه الكل لمحاسبة الكل وتزدهر فيه منظمات المجتمع المدني وتمارس دورها الذي أقرته المواثيق والشرعيات الدولية ، وحقوقها المنصوص عليها فيها ، وبالاخص الشرعية الدولية لحقوق الانسان !.