نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلام إبراهيم كبة

 

 

 

 

الخميس 13 /4/ 2006

 

 


عيد العمال العالمي في عراق ما بعد التاسع من نيسان



المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

تحتفل دول العالم قاطبة بشعوبها وأممها وحكوماتها بأول ايار (عيد العمال العالمي) مثلما يحتفي به بالدرجة الأولى العمال والكادحون في العالم والشعب العراقي والطبقة العاملة العراقية والشعوب العربية والكردية.ويحتفل بأول ايار كل من آل على نفسه الا يرتضي سوى الحياة الحرة الكريمة وكنف العيش الرغيد ... من أولئك الذين تقام على اكتافهم ركائز عملية التنمية والاعمار والعملية السياسية والانتاجية والاقتصادية والاجتماعية بتضحياتهم الرائعة وجهودهم المميزة ودمائهم الزكية، وتناط بهم وفي أعناقهم دعائم المسؤولية الوطنية الكبرى عبر ترسيخ ولاء انتماءاتهم للمواطنة والوطنية فقط ... ومن خلال تكريس نضالاتهم وحرصهم ووفائهم وتعزيز ابداعاتهم وعطاءاتهم من أجل الأرض والوطن الحر والشعب السعيد ! .
تعكس نضالات الطبقة العاملة وتضحياتها معالم تلك المكتسبات الوطنية والإنجازات العمالية بأروع صورها وارهاصاتها ومعانيها التي تمثلت في الملحمة التاريخية - النضالية لانتفاضة عمال شيكاغو الخالدة 1886 ، ثمرة الانتفاضة العمالية البولونية عام 1863 ونضالات ( الأممية الأولى ) عام 1864.. انتفاضة شيكاغو تجسيد حي لمبادئ قادتها ومناضليها بتضحياتهم في سبيل انتزاع الحرية والدفاع عن الكرامة عند مواجهتهم رأسمالية الدولة الاحتكارية بكارتيلاتها وتروستاتها ورساميلها الكبيرة" القائمة على (الربح) وانتزاع فائض القيمة" الخيالية والمتطفلة أساسا على التفاوت الطبقي الصارخ والاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي المقيت.و ترسخت مكاسب وانجازات نضالات عمال شيكاغو في أرضية واقع المجتمعات الديمقراطية في العالم ، وفي مقدمتها الاستقرار المعيشي والاجتماعي والاقتصادي، وتوفير فرص العمل والضمان الاجتماعي ضمن مبدأ العدالة الاجتماعية، وتحسين مستوى الأجور وظروف العمل وتخفيض ساعات العمل، وترسيخ العمل النقابي والنضال العمالي ..
في عراقتا اليوم ثمة حقوق عمالية ونقابية يظل البعض منها غائبا والبعض الآخر شبه غائب، والبعض منها ناقص لا يتماشى وأهداف ومصالح عمال البلاد ولا ينسجم ومطالب الحركة النقابية العمالية في العراق ! .ان قرار الحكومة المرقم 8750 الصادر في 8/8/2005، والذي منحت نفسها بموجبه حق التدخل في شؤون المنظمات غير الحكومية، والسيطرة على نشاطاتها وتجميد ارصدتها وحل البعض منها ، ورغم اضطرار الحكومة وامام ضغط منظمات المجتمع المدني الى التراجع عن بعض مفردات قرارها غير المدروس، والذي لا يعبر الا عن نية السيطرة على تلك المنظمات .... أصاب جميع الحريصين على مصير الحركة النقابية العمالية في العراق ‬الشعور بالوجل والامتعاض الشديدين.
وبدلاً‮ ‬من دعم ومساندة الحركة النقابية في‮ ‬البلاد وتأكيد قرار مجلس الحكم العراقي في كانون الثاني 2004 بأحقية ومشروعية اتحاد نقابات عمال العراق ال( IFTU )، ودوره السياسي والنقابي الفعال بحكم تاريخه المناهض لحكم البعث.. نضح الاناء بما فيه ولتظهر الامية السياسية والنقابية للمسؤولين في مفاصل الدولة العراقية الثانية ( دولة ما بعد التاسع من نيسان ) على حقيقتها بقرار مجلس الحكم المرقم (27 ) الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وقرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. الامر الذي فسح المجال لأنتعاش انتهازية تشويه الواقع الديمقراطي لحركة الطبقة العاملة النقابية العراقية واحياء نفس الاساليب الشمولية القديمة الجديدة كأسلوب تعيين المهرجين على رأس النقابات واللجان النقابية ... والامر الذي جعل العاملين في‮ ‬القطاعات الاقتصادية ‬يجفلون ويمتنعون عن الانضمام الى النقابات،‮ ‬مما ادى الى الضعف الشديد في‮ ‬الحركة النقابية والعجز‮ ‬عن التمثيل الحق للعمال ‍!. وأسهم هذا التخبط والتعمد والتخريب في ابعاد الحركة النقابية اكثر عن الاوضاع المعيشية للعاملين والشغيلة ومتوارية متوانية عن مطالبهم العادلة .... ‮ ‬انها مصيبة جديدة اذا ما قدر لهذا التخبط ان يجد طريقه الى أوصال مؤسسات المجتمع المدني،‮ ‬انها محنة تستهدف تمزيق هذا المجتمع اكثر مما هو ممزق،‮ ‬وتشويه منظماته الجماهيرية اكثر مما هي‮ ‬مشوهة‮.
ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر مع القرار المرقم 8750 بل هي امتداد لكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! .
لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة ،ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي" اي الثقافة الطائفية السياسية والتوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا بها النخب الطائفية الحاكمة بأئتلافها الموحد ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !. لقد استدعت ثقافة وديمقراطية القطيع الجماهير الواسعة للتحرك خلال الشهور الماضية ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية، وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقته من وعود، والسخط على بعض الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي اقدمت عليها. وتجلى التحرك في المظاهرات الواسعة التي غطت العراق محتجة على قرار رفع اسعار المشتقات النفطية، وفي تظاهرات ذوي المهن الصحية المطالبين بصرف المخصصات التي منحت لنظرائهم العاملين في القطاع الصحي، فضلا عن التظاهرات المطالبة بتوفير فرص العمل للعاطلين وغيرها.
سيحول عمالنا الاشاوس ذكرى الاول من ايار الى مناسبة لمزيد من العمل والعطاء، ورفع وتيرة النضال من اجل قضايا الشعب العادلة، ولاعلاء دور اتحاد نقابات عمال العراق ال( IFTU ) ومكانته في هذا النضال وفي المجتمع وحياته، وتوسيع صلات العمال مع جميع فئات الشعب وتبنيهم مطالبها المشروعة ودفاعهم عنها، ومشاركتهم الفاعلة في العملية السياسية، وتتويجها باقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد، كامل السيادة والاستقلال.
يبقى الأول من أيار مضيئا في عقول ووجدان عمال العراق بقدر ما يكون مبعث فخر الشعب العراقي بقومياته وأقلياته وبجميع فئاته ومشاربه وطبقاته عبر مشاركته الاحتفالات الأممية ذات الدلالات الكبيرة والمغزى العظيم والتي انصهرت في بوتقة الاحتفالات العمالية والنقابية منذ سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان 2003 ونهوض مجلس الحكم وتشريع الدستور الدائم والعمل بالانتخابات النيابية ليبقى العراق شامخ بديمقراطيته وتاريخه وحضاراته طالما وجد مكانته الكبيرة على الخريطة السياسية الدولية ... وخاصة بين الدول الديمقراطية ...