| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سفيان الخزرجي

www.afrodite.se

 

 

 

                                                             الأثنين  16 / 12 / 2013



ماسوشية العقل الجمعي المقدسة

سفيان الخزرجي

الماسوشية هي التلذذ بتعذيب الذات اما جسديا كالضرب او نفسيا كالاغراق في الشعور بالظلم والاضطهاد وقد يتداخل التعذيب الجسدي والنفسي بأشكال متباينة.

والعقل الجمعي هو العادات والتقاليد والثقافة التي تفرضها الجماعة على الفرد الذي ينصاع لها بغض النظر عن مدى صحتها او خطئها في ظاهرة تدعى سلوك القطيع (*)..

وحين يتعرض العقل الجمعي الى اضطهاد على مدى زمن طويل يقوم كإجراء وقائي بالتعايش مع الاضطهاد ويصبح الشعور به جزءا من الهوية التي توحد افراد القطيع، واذا ما ارتبط الشعور بالاضطهاد برمز ديني تعرض للاضطهاد ايضا يصبح الشعور بالاضطهاد مقدسا يفخرون بالانتماء له ويشعرون بالارتياح حين يتماهون معه.

واحيانا لا تكتفي تلك المجاميع بالتعذيب النفسي لتبلغ ذروة لذتها وارتياحها فتلجأ الى التعذيب الجسدي.

ومن التجمعات التي تعرضت للاضطهاد والظلم هم الاثنا عشرية او الشيعة.

فقد نالوا من التهميش والاضطهاد من قبل السلطات المهيمنة لقرون عديدة فصارت مأساة الامام الحسين هوية لمعاناتهم وشعورهم بالظلم، وخلق هذا الشعور عندهم نوعا من الراحة النفسية لانتمائه الى قيمة قدسية.

ولم تقتصر الراحة او اللذة بتعذيب الذات بالشعور بالظلم والاضطهاد وانما تجاوزته الى التعذيب الجسدي بدرجات مختلفة، كاللطم وضرب الزناجيل والتطبير والسير مسافات طويلة او الانبطاح على الارض ليدوس على ظهورهم الذاهبون لزيارة الامام الحسين. وكل هذه الآلام التي تبعث في نفوسهم الرضا والارتياح هي نوع من الماسوشية المقدسة.

ولو قارنا شيعة ايران بشيعة العراق لوجدنا ان مظاهر التعذيب الجسدي في الشعائر الحسينية في ايران اقل بكثير عنها في العراق، ويعود ذلك لان الشيعة هناك قد استلموا الحكم منذ زمن بعيد وهم لا يتعرضون للظلم والاضطهاد كشيعة بقية البلدان وبالتالي فهم لا يعانون من ماسوشية العقل الجمعي بنفس القدر والتأثير اللذين يعاني منهما شيعة العراق مثلا.

وقد يشكك المصاب بالماسوشية بكل من يحاول انقاذه من تعذيب نفسه بأنه مخرب يسيء اليه ويحاول سلب حريته ومصدر راحته وذوبانه الروحي في المقدس. وقد راقبت هذه الظاهرة على مدى سنين وكيف تكون ردود الافعال حادة وشرسة حين يحاول مصلح او حتى عالم ديني من نفس المذهب التعرض لسلوك المجموعة.

يتعرض الشيعة في العراق الى ابادة بشكل منظم من قبل اطراف متشددة في الاسلام وعلى رأسها تنظيم القاعدة، وهناك فتاوى تعج بها المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب تكفر الشيعة وتنادي بقتلهم. وقد استخدمت اطراف سياسية هذه الفتاوى وجندت آلاف البهائم المحشوة بهذا الهراء من الفتاوى لكي يفجروا انفسهم بين الابرياء في الاسواق والمدارس وكل التجمعات في المناطق التي تقطنها اغلبية شيعية.

ولسبب او لآخر افاق مفتي السعودية من سباته او في الحقيقة من مماته واصدر فتوى راديكالية من وجهة نظر مذهبه وهي تحرم قتل الابرياء من الطوائف الاخرى وتعتبر من يفجر نفسه مصيره جهنم.

وجدنا في هذه الفتوى رغم تأخرها فاتحة خير وقلنا: ان تصل متأخرا خير من ان لا تصل ابدا. وانتظرنا ان تنتشر هذه الفتوى بقوة وان تقابل بترحيب من الشيعة الواقع عليهم الارهاب وان تلقى قبولا من الارهابيين لانها من كبيرهم الذي علمهم السحر.

ولكن... كيف قابل شيعتنا في العراق هذه الفتوى؟ لقد قابلوها بالسخرية وبالشتائم للمفتي ونبشوا تاريخه الاسود والاحمر لكي يسفهوا فتواه.

ورغم التبريرات والحجج في كون المفتي شيطانا بثوب ملاك ولكن ردة الفعل تلك تتوافق مع نفس المنطلقات التي تتصدى لاية فتوى تمنعهم من الاذى الجسماني المرتبط بالشعائر الحسينية، وهي في الحقيقة خشية لا واعية من ان يسلبهم الاخرون مصدر راحتهم ولذتهم في الالم والشعور بالاضطهاد، وهذه هي ماسوشية العقل الجمعي المقدسة.



  (*)
(Herd Behavior) سلوك القطيع : مصطلح في علم الاجتماع يطلق على الانقياد لسلوك الجماعة التي ينتمون لها دون كثير من التخطيط او التفكير.
 

 

 

free web counter