| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سفيان الخزرجي

www.afrodite.se

 

 

 

الأحد 13/1/ 2008



هواجس
(1)

سفيان الخزرجي

لم استطع النوم هذه الليلة فقد كنت حاقدا جدا على غبائي الذي قد يؤدي بي الى النار. ولا اخفيكم سرا اني سلطت جام غضبي على الشيطان كذلك فهو يلعب دورا رئيسا في محاولة تضليلي.
حاولت ان أهديء من روعي وان ألملم شتات افكاري.
هل اني بهذا الانحطاط العقلي بحيث لا أقوى على ادراك الحقيقة التي ادركها توفيق الغناوي رغم اميته وتخلفه؟
وتوفيق الغناوي هذا هو احد مخلفات الخزرج في قريتنا. كان يزورنا في بعقوبة بين الفينة والاخرى ليس شوقا الينا وانما لمشكلة في تقسيم قطعة ارض يملكها عدد كبير من الوارثين ومنهم والدي (رحمه الله) وقريبنا توفيق.
كان توفيق يأتي فجرا مع بائعي الخضراوات من الفلاحين في الباصات الخشبية (دگ النجف). وفي الساعة السادسة صباحا حين نكون غاطين في غفوة الصباح الجميلة تراه امام الباب الخارجي مطلا برأسه خلف السياج وضاغطا بيده على زر الجرس الكهربائي، وانتم تعرفون نوع الجرس الذي كان سائدا في بيوتنا المتواضعة آنذاك، فصوته يوقظ الاموات.
والمصيبة ان المسافة من الطابق العلوي ـ حيث كنا ننام ـ عبر السلالم ثم الصالون (الهول) ثم الحديقة الامامية الى الباب الخارجي تأخذ وقتا ليس بالقليل رغم اني كنت انزل راكضا كالغزال مختصرا كل ثلاث درجات بقفزة واحدة (يا لحيوية ذلك الزمان!). صحيح ان المسافة ليست بذاك الطول ولكن صوت الجرس الذي يضج به البيت يجعلني اشعر بأنها اطول من 10 كيلومترات.
افتح له الباب عندها يرفع يده من زر الجرس.
ولان زياراته كانت متكررة فقد وجدت طريقة تنقذني وتنقذ اهلي والجيران من صوت الجرس القاتل. كانت ميزانية الكهرباء اقرب الي من الباب الخارجي فكنت اقوم بتعطيل عمل الكهرباء من الزر الرئيس واذهب على مهلي لافتح الباب.

اقول: ان توفيق الغناوي لم يجد صعوبة في ادراك حقيقة الخالق والخليقة رغم عجزه عن ادراك حقيقة اداء الجرس الكهربائي.
فهل ان الله منّ عليه بالهداية: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُون" (
النحل: آية 93) وأبتلاني بالضلالة؟!
أم هل ان ايمان توفيق الغناوي على غرار "هرج مع الناس عيد"؟

في كثير من الاحيان اعتقد ان الايمان لا يرتبط بالعقل والمنطق، والاّ كيف نفسر فشل فلاسفة وعلماء كبار في ادراك الخالق (بصورته في الكتب السماوية) بينما يدركه كل ابناء قريتنا؟! او كيف نفسر عبادة غاندي للبقر؟
فكم هندوسي ابدل عبادة البقر بالدين المسيحي او الاسلامي تماشيا مع المنطق، وكم مسيحي انتقل الى الاسلام طوعا نتيجة الحجج الدامغة؟ او كم مسلم اعتنق الديانة المسيحية؟ قد توجد بعض الاستثناءات ولكنها نسبة ضئيلة لا يمكن وضعها في الحسبان.
فكل قوم بما لديهم فرحون.

ولكن المأساة اني لست فرحا بما لدي ولهذا تجدني في سعي حثيث لتحديد موطن الخلل.

دعوني افترض اني لم ادرك الهداية (لا سامح الله) فمن سيكون المسؤول؟
اقول لكم الحقيقة دون ان تحقدوا علي: اني اعتب على الله سبحانه حين خلقني رغما عني بنفس امّارة بالسوء وتركني لقمة سائغة للشياطين.
وقد يقول احدكم ولكنه اعطاك العقل.
ولكن عقلا غير قادر على التمييز بين الحق والباطل ليس بالعقل الذي أفتخر به.
وبالمناسبة، ما فائدة العقل؟ فهذا آدم بكل عقله وكماله (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) قام بإرتكاب اكبر معصية في تاريخ البشرية ولولاه لكنت أرفل اليوم في الجنة محاطا بالحور العين وغير عابيء بالعقل والعاقلين.



 


 

Counters