| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صباح قدوري

 

 

 

الأحد 9/3/ 2008

 

مفاجأت في الحملة الانتخابية الامريكية للرئاسة!

د.صباح قدوري

لاول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية يتضمن المرشحين للانتخابات التمهيدية للرئاسة ،احدهما امرأة عضوة مجلس الشيوخ ، وكانت السيدة الاولى هيلاري كلينتون ، والاخر رجل من اصل اسود براك اوباما، وذلك عن الحزب الديمقراطي .وبعد المناظرات والمناقشات والتصفيات التي جرت بين المرشحين، لا يزال هؤلاء الاثنين يتنافسان فيما بينهما، حتى يتم تسمية احدهما كمرشح نهائي عن الحزب ، وذلك تمهيدا لخوض المعركة الانتخابية الرئاسية ضد مرشح حزب الجمهوري جون مكاين، الذي اصبح المرشح الوحيد، بعد فوزه على منافسه مايك هوكابيي.
السؤال يطرح نفسه ، هل ان هذا الحدث هو شئ اعتيادي وطبيعي بالارتباط مع مفهوم ممارسة الديمقراطية في الولايات المتحدة الامريكية ، ام هو مفاجئة ولعبة في نفس الوقت ، وتقف وراءها اللوبي اليهودي ، الذي له نفوذ وتاتير كبير على السياسة الامريكية ، وقد يصعب الامرعلى مرشح الديمقراطيين في تحقيق الفوز على مرشح الجمهوريين، وبذلك يضمن للجمهوريين فرصة فوز اكبر في هذه الانتخابات، الذي يحضى بالتايد المطلق من هذا اللوبي. اذ في حالة اخفاقهم هذه المرة في هذه الانتخابات، قد تترك تاثيرها على مستقبل هذا الحزب ويبعده عن السلطة لسنوات عديدة ؟!.
كما هو معروف ان الامريكيين رغم قلة نسبة مساهمتهم في مثل هذه الانتخابات ، قد لا تتجاوز في احسن الاحوال على 50% ، الا انهم على العموم ليسوا متعودين لحد الان لانتخاب امرأة او من اصول سوداء لهذا المنصب العالي في الولايات المتحدة الامريكية ، وامام هذه الحالة ، قد يكون لمرشح الجمهوريين حظ اكثر للفوز ، وارجاع السلطة مرة اخرى اليهم واكمال مشاريع وسياسات بوش على الصعيدين الداخلي والخارجي . بعد ان حققت المرشحة هيلاري كلينتون التفوق والفوز في كل من ولايتي تكساس واوهايو ، ارجحت كف ميزانها مرة اخرى لتقف امام منافسة زميلها براك اوباما ، مما تشكل هذه الحالة صعوبات امام الحزب الديمقراطي لتسمية مرشحه النهائي ، في الوقت الذي تم تسمية المرشح الجمهوري جون مكاين، الذي ضمن لنفسه وقت كافي للتركيز والتهيئة في غوض المعركة الانتخابية الرئاسية التي تجري في الخريف القادم. ولكن التساؤل يبقى مفتوح ، من من المرشحين يمكن ان ينقذ الوضع الاقتصادي الصعب قد يصل الى طور الانكماش في الولايات المتحدة الامريكية؟. ان افضل البرامج الاقتصادية التي يقدمها اي من مرشحي الحزب الديمقراطي،هذا بالاضافة الى العوامل الاخرى التي تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية وعلى رأسها حرب العراق، سيساهم في ترجيح كف احدهما على الاخر، وستحسم مسألة تسمية المرشح النهائي للديمقراطيين الذي سيخوض المعركة الانتخابية ضد خصمه من الحزب الجمهوري. ان الجولة القادمة من الانتخابات التمهيدية لمرشحي الحزب الديمقراطي ستكون في ولاية بنسيلفانا في 22 نيسان، والتصويت على المرشحين تستمر الى يوم 7 تموز. تماشيا مع التقليد الحزبي، سيتم تسمية المرشح الاخيرللرئاسة من الحزب الديمقراطي في اب 2008 . من المتوقع ان تصبح هيلاري في نهاية المطاف المرشح النهائي عن الديمقراطيين.وهذه العملية بحد ذاتها هي ايضا مفاجئة اخرى في مرحلة انهاء الترشيحات.ويمكن ان نتفاجأ ايضا اكثر من ذلك في حالة عدم فوزها بالرئاسة على خصمها من الحزب الجمهوري جون مكاين، الذي يحظي بتأييد كبير من حزبه ، ومؤيد لسياسة بوش الخارجية وبالخصوص في مسألة حرب العراق ، ويستمر في تنفيذ السياسات والبرامج الاستراتيجية المخططة لها في المحافل الدولية ، وخاصة ما يتعلق منها بمسألة الخارطة الجديدة للشرق الاوسط،. وهو من المحاربين القدماء، وله خلفية عسكرية ، وحارب في حرب فيتنام لسنوات طويلة ، وله خبرة في مسائل الحروب واستخدام القوة في حل النزاعات الدولية على غرار زميله بوش الذي يمارس هذه السياسة حتى انتهاء ولايته في هذه السنة. ان مسألة الاقتصادية وكذلك الحرب في العراق تشكلان عاملان مهمان في موضوع الانتخابات الرئاسية القادمة. طرحت هيلاري كلنتون في مدينة اوهايو مسألة تحسين الوضع الاقتصادي للطبقة المتوسطة في امريكا ، مما ساعد ذلك على تحقيق الفوز في هذه الولاية . ان مسألة البطالة هي نقطة أكثر ضعفا في السياسة الاقتصادية الامريكية ، وليست فقط حالة الفوضى السائدة وعلى كافة الأصعدة في العراق .أن هذه السياسة قد تسببت الى أختفاء اكثر من 2 مليونين مكان للعمل ونقل الى خارج الولايات المتحدة الامريكية، وتركت أثرها سلبا على التقدم والتطور الأقتصادي ، الذي أزدهر ابان عهد كلينتون . ارتفاع اسعار الوقود والمواد الغذائية ، كذلك الركود في سوق العقارات. يحتاج المجتمع الأمريكي اليوم الى تحسين الظروف المعيشية للفئات الفقيرة من السكان ، رفع كفاءة الخدمات والضمانات الصحية والدراسية والمساعدات الأجتماعية. بناء قطاع حكومي كفوء ، بعيدا عن البيروقراطية . أيجاد أستثمارات عن طريق زيادة حصتها من الاعتمادات التي تخصص لها في الميزانية العامة وتوظيفها في هذا القطاع ، لكي يأخذ على عاتقه تأمين هذه الخدمات للجمهور، وفي نفس الوقت يخلق بعض فرص عمل جديدة في هذا المجال. أذ ان كل دولار الذي يستثمر في هذه المجالات ، لابد ان يرجع ريعا اجتماعيا في الدورة الأقتصادية بشكل أيجابي وحيوي ، وخاصة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة ، بدلا من السياسة الحالية في تسهيل الضريبة لتنتفع منها فقط الفئات الغنية. هناك أمكانيات كبيرة لتنشيط الأقتصاد فيما أذ أستخدمت سياسة عقلانية وبناءة في الأستثمارات والضرائب وحماية العمالة، والتوجه الفعلي في حل المشكلات القائمة وابعادها من مخاطر تحويلها الى الأزمة الفعلية.ومن هذه الأمكانيات ، هي قبل كل شئ على الحكومة القادمة ان تتوجه فعليا نحو المشكلة القائمة ، وأعطاء الأولوية لها في جدول العمل السياسي اليومي . التفهم التام في مسألة كيف تستطيع الحكومة والسوق ان تخلقان الحد الأعلى من فرص عمل جديدة . ان اكثر المبادرين في هذه القضية يجدون ، بأن سياسة التدخل الحكومي الحالي ، لا تنفع لأنقاذ الوضع، ولا تساعد في عملية التنشيط الأقتصادي. ان قوة السوق الداخلي تعمل الأن باقل ماهو مطلوب فعليا ، هناك نقص في المعلومات للمقارنة ومعدلات النمو والتحقق الفعلي الملموس في النشاط الأقتصادي. ان السوق يتحرك بشكل فعلي على أساس قانون العرض والطلب ، ويشمل ذلك ايضا سوق العمل ، وبالتالي أصبحت الحالة أمام أمر الواقع ، يجب الأعتراف بها ، وفحواها ان التدخل الحكومي وميكانيزم حالة السوق يجب ان تعملان بحيث أحدهما تكمل الأخر ، وبهذه الطريقة ممكن عندئذ أيجاد سياسة متوازنة وحكيمة ، والتي تؤثر فعلا على تنشيط الدورة الأقتصادية.واوضحت جريدة واشنطن بوست ، بأن ما يشغل فكر الشباب اليوم في امريكا ، هي الحرب العراقية . وقال الاقتصادي جوزيف ستيجليتز الفائز بجائزة نوبل ان حرب العراق أسهمت في تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وانها تؤخر الانتعاش الاقتصادي.وكتب ستيجليتز وليندا بيلمز في كتابهما "حرب الثلاثة تريليونات دولار" المقرر طرحه في الأسواق في الشهر الجاري، ان الحكومة الأمريكية في نفس الوقت تهون بشدة من تكلفة الحرب. وفي وقت ما كانت الحرب المستمرة منذ حوالي خمس سنوات توصف بأنها تسدد تكلفتها ذاتيا من الناحية الفعلية من خلال زيادة صادرات النفط العراقي لكن الحرب كلفت الخزانة الأمريكية 845 مليار دولار بصورة مباشرة.
وقال ستيجليتز في مقابلة "ساد الاعتقاد بأن الحروب جيدة للاقتصاد. لم يعد الاقتصاديون يعتقدون بذلك فعليا."
ويجادل ستيجليتز وبيلمز بأن التكاليف الحقيقية تبلغ ثلاثة تريليونات دولار على الاقل بموجب ما يقولان انه تقدير متحفظ جدا وانها يمكن ان تتجاوز تكلفة الحرب العالمية الثانية التي قالا انها تبلغ خمسة تريليونات دولار بعد تعديلها على أساس التضخم. هذا ما جاء في نيويورك (رويترز)2اذار/مارس2008. فان استقرار الوضع في العراق والافغانستان، قد يساعد في توظيف المبالغ التي تنفق في الحرب ، في بناء مزيد من البنية التحتية والمدارس، وايجاد وسائل تمويلية اللازمة لوضع خطة اقتصادية متقدمة في البلد. المرشحان يتعهدان باستخدام النظام الضريبي في خدمة تحقيق مزيد من الرخاء الاقتصادي والاجتماعي، وليس في تغطية نفقات الحرب، واجراء اصلاحات في نظام الضمان الصحي ، وتفعيل دور القطاع العام في هذا المجال. وترى هيلاري كلينتون بهذا الخصوص، بانه من الضروري تشريع قانون نظام الضمان الصحي، ويجب ان يشمل به كل الشعب، اما براك اوباما يرى من الضروري ان يشمل هذا النظام كل اطفال امريكا.
اما بخصوص الحرب ، فان هناك اختلاف واضح بين مرشحي الحزب الديمقراطي. ان براك اوباما منذ البداية كان ضد الحرب العراقية الاخيرة . والان يطالب بالانسحاب الكامل من العراق وانهاء الاحتلال، بينما هيلاري كلينتون منذ البداية كانت مع هذه الحرب ووافقت عليها في حينها بصفتها عضوة مجلس الشيوخ،ومنذ فترة حدث بعض التراجعات في موقفها تجاه هذه الحرب . تنادي الان بالانسحاب من العراق وبشكل تدريجي وخلال 16 اشهر ، مع بقاء جزء خاص من القوات في العراق الى اجل غير مسمى. ان الامريكيين لهم أجندتم المعينة في السياسة الخارجية، واليوم اصبحت سياستهم الاستراتيجية اكثر تبلورا ووضوحا للعيان في العالم ومنطقة الشرق الاوسط ، وهي ليست انية ،بل لها بعدها، ولابد من تحقيقها في سيرورتها . بغض النظر عن من سيفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة التي تتوقع فيها مفاجئات كثيرة، جمهوريين كانوا ام ديمقراطيين، فان السياسة الامريكية وخاصة الخارجية منه تبقى ثابتة،ولا تواجه تغيرات كبيرة فيها.



 

Counters