| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صباح قدوري

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 30 / 7 / 2013



على هامش تأجيل الانتخابات في اقليم كردستان العراق

د. صباح قدوري

كما هو معروف لدي الجميع، بان الصيغة الفيدرالية لادارة الاقليم تم اقرارها في اول برلمان كردي منتخب في اقليم كردستان العراق، في 4/10/ 1992. وفي خضون 21 سنة من عمر هذه الفيدرالية ولحد اليوم، اجريت فقط ثلات مرات انتخابات تشريعية.الثانية في 2005 اي بعد مرور 13 سنة على الانتخابات الاولى، والمرة الثالثة في2009 .اما الانتخابات المحلية لمجالس البلديات في الاقليم فلم تجري منذ عام 2005 ولحد الان. والانتخابات الرئاسية مرة واحدة فقط.

والسؤال يطرح نفسه، وهو: هل هذه الظاهرة تتوافق مع مبدأ الديمقراطية، ام انها تعزز الحكم الديكتاتوري للحزبين المهيمنين على السلطة منذ ذلك التاريخ ولحد اليوم؟. الجواب على ذلك ، بلا شك،هو بنعم للشطر الثاني من السؤال.
والسبب يعود الى استمرار الحزبين المتنفذين في اقليم كردستان العراق على احتكار وتقاسم السلطة بالمناصفة بينهما، وابعاد المشاركة الجماهيرية الحقيقية فيها . تهميش مهام ووظائف الاحزاب الاخرى، المتواجدة فعليا في الاقليم بان تلعب دورها الحقيقي في العملية السياسية وممارستها بشكل فعلي. فرض نزعات الهيمنة والتفرد في اتخاذ القرارات المصيرية ، مع ممارسة العنف والاقتتال والارهاب في حل الخلافات والنزاعات. لقد ادت هذه الحالة الى تفريغ الهيئات الادارية لمؤسسات الادارة الفيدرالية من وظائفها ، واضعاف دور البرلمان في اتخاذ القرارات السياسية ، الاقتصادية والادارية ، مع هيمنة الطغيان الحزبي الضيق على كافة المرافق في الاقليم.

ان طلب رئيس اقليم كردستان وحكومته بتحديد يوم 21 ايلول/ سبتمبر من هذه السنة موعدا لاجراء الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية في الاقليم، جاء هذا الاجراء متماشيا مع المدة القانونية للانتخابات، التي جرت للبرلمان والرئاسة في عام 2009، اي بعد مرور اربع سنوات على ذلك. اما اسباب وعوامل تأجيلها الان بعد الاتفاق الذي جرى بين الاعضاء القياديين والبارزين في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني مع الاعضاء المهيمنين على المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني في اربيل، لتمديد فترة رئاسة السيد مسعود بارزاني لمدة سنتين، اعتبارا من تاريخ انتهاء حكمه وفق الموعد المحدد اعلاه، وتمرير قانون تأجيل الانتخابات من خلال برلمان كردستان في 30/6/2013، يمكن تلخيصها، كالاتي:

1- ان الاتحاد الوطني الكردستاني بعد ان ضعف دوره في الاقليم على اثر الانشقاق الذي حصل في صفوفه من قبل حركة التغيير(كوران) بقيادة نوشيروان مصطفى، وانعكست اثاره السلبية على حجمه في الانتخابات 2009 الاخيرة التي جرت في الاقليم. وتراجع كبير في شعبيته وحصته الانتخابية لصالح حركة التغيير. وتم ايضا اهماله من قبل حليفه الاستراتيجي الحزب الديمقراطي الكردستاني حزبيا واداريا، بعد سيطرة الحزب الديمقراطي على السلطة، وانفراده في اتخاذ القرارات المهمة بخصوص سياسة الاقليم داخليا وخارجيا بمعزل عن حليفه.

2- حاول الاتحاد الوطني الكردستاني اعادة العلاقة مجددا مع حركة التغيير، وتقريب وجهة نظرهما بخصوص الوضع السائد والحد من انفراد الحزب الديمقراطي في سلطة الاقليم. وكانت نقطة التقاءهما في ضرورة اعادة النظر في دستور اقليم كردستان، وارجاعه الى البرلمان لمناقشته واغنائه، قبل عرضه على الشعب الكردستاني للاستفتاء الشعبي واقراره، وتغيير النظام السياسي في الاقليم من النظام الرئاسي الى البرلماني.وتم ذلك بموافقة الرئيس السيد جلال طالباني في حينه ، قبل اصابته بالمرض.

3- عشية اعداد الاجراءات اللازمة لتحديد موعد الانتخابات الجديدة، صرح كل من الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بالمشاركة في هذه الانتخابات ، كل على حدة بقائمة مستقلة، وليس ضمن التحالف الكردستاني، كما كان المتعارف عليه بين الحزبين في الانتخابات السابقة. وكان هذا الاجراء بمثابة الخطوة الاولية العلنية لظهور بوادر الازمة في العلاقات والاتفاقية الاستراتجية بين الحزبين، الى العيان بالاضافة الى عوامل اخرى.

4- حاول الاتحاد الوطني الكردستاني بالتوافق مع حركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية وبعض احزاب اخرى في الاقليم، عدم الموافقة على ترشيح رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني نفسه لرئاسة الاقليم هذه المرة في الانتخابات التي تم تحديد موعدها في وقت سابق، لمخالفته للدستور، في حالة رغبته في الترشيح.

5- هدد في حينه الاتحاد الوطني وبالتوافق مع الاطراف المعارضة الاخرى في الاقليم ، في حالة طرح دستور الاقليم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني للاستفتاء الشعبي قبل اجراء الانتخابات الجديدة في الموعد المحدد لها، سيصوت الاتحاد ضد هذا الدستور. والحالة هذه قد اوجدت نوع من خيبة الامل لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني في انجاح عملية الاستفتاء لصالحه، وتأثير ذلك بلاشك على مدى دستورية ترشيح مسعود بارزاني لرئاسة الاقليم، ومن ثم على نتائج الانتخابات على الحزب الديمقراطي.

6- وامام هذه الطروحات والعراقيل وتعقيد الوضع السياسي في الاقليم بغياب الرئيس مام جلال طالباني . وظهور بوادر النزاعات واختلاف الاراء والمواقف بخصوص تحليل الوضع السياسي على صعيد الاقليم والعراق والمنطقة بين العناصر المهمة والمهيمنة على المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، مما اضعف في ايجاد موقف موحد في اتخاذ القرارات داخل الاتحاد الوطني تجاه الوضع الراهن، وانسحاب ذلك على قواعد الاتحاد، وبالتالي ستكون نتائجه بلاشك سلبية ايضا تجاه مستقبل ووحدة الحزب وشعبيته لخوض الانتخابات القادمة، من دون ان يضمن اي طرف حليف له في نتائج هذه الانتخابات.

7- ومنذ اعلان وتحديد موعد الانتخابات الجديدة، ظهرت صراعات واختلافات في الاراء والمواقف تجاه الدستور، والترشيح لرئاسة الاقليم، علما لحد تأجيل موعد الانتخابات لم يقدم كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والمعارضة (حركة التغيير والاحزاب الاسلامية وبعض الاحزاب الاخرى المؤيدة لها في العملية الانتخابية)، والاتحاد الوطني الذي هو اقرب الى المعارضة في هذه العملية، من كونه حليفا للحزب الديمقراطي الكردستاني ، اي مرشح لهذا المنصب، عدا بعض الترشيحات الفردية من العناصر الحزبية والمستقلة.

8- لقد توفرت لدى الحزبين الحاكمين قناعة تامة، بان الظرف الحالي الذي يمر به الاقليم والعراق والمنطقة ، ليس من صالحهما لاجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها. ومن المتوقع ايضا حدوث تغييرات في خارطة التحالفات السياسية للاقليم. لظهور الاصطفافات والتغييرات الجديدة بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية والحكم في الاقليم . وعلى اثر خلافات واضحة ومهمة بين الاطراف السياسية، ولا سيما بين الحزبين الحاكمين، الذين يربطهما اتفاق استراتيجي في تقسيم السلطة والمال والنفوذ بينهما والهيمنة على البرلمان، وتثبيت حكمهما الى اجل غير محدد، والاستمرار في احتكار السلطة تكريسا لتحويلها الى نظام ديكتاتوري في الاقليم مستقبلا. والسير قدما في تعميق ظاهرة الفساد المالي والاداري المستشري في الاقليم.

9- انعدام المسؤولية في الحزبين الحاكمين تجاه الوضع الداخلي، نتيجة لتراكم المشكلات الكبيرة ولفترة طويلة من دون ايجاد حلول صائبة لها. حيث ادت هذه الحالة الى تفاقم ازمة الثقة بين الحكومات السابقة والجماهير الكردية، التي تتطلع اليوم الى ضمان الحرية والعدالة والمساواة وتحقيق مستقبل زاهر ومتقدم في تطوير افاق الفدرالية. وتطالب اليوم باجراء اصلاحات وتغييرات جذرية وضرورية على المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والرؤية الواضحة والشفافة في التنمية الوطنية المستدامة، ومكافحة ظاهرة الفساد المالي والاداري المستشري على كافة المستويات الحزبية والادارية، وذلك خدمة للجماهير الكردستانية، وضمان المكتسبات المتحققة. وتحقيق غد افضل ومشرق للشعب الكردي والاجيال القادمة.

ضرورة توحيد الخطاب السياسي وتوسيع الحوارات في اجواء ديمقراطية حقيقية، يستند على مبدا المساواة في المواطنة والاعتراف بالاخر، وفي تبادل السلطة بالطرق السلمية، واعطاء مجال للشعب الكردي المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي ، خاصة المصيرية منها، وفتح افاق جديدة لتواصل في بناء وتطوير الفيدرالية في الاقليم على كافة الصعد.

 

free web counter