| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صباح قدوري

 

 

 

الأحد 27/7/ 2008



البرلمان العراقي والكردستاني
اداتان حزبية ضيقة لا تعبران عن ارادة الشعب

د. صباح قدوري

جاء برلمان العراق الحالي عبر الانتخابات التي جرت قبل ثلاثة سنوات. ان هذا البرلمان منذ المباشرة بوظائفه ولحد اليوم لم يثبت جدارته واهليته، وقد اخفق في اداء كثير من واجباته الوطنية ، وذلك بسبب عدم توفر الحدالادنى من الصفات البرلمانية المتعارف عليها في معظم بلدان العالم. كما هو معروف لدى الكل، بان البرلمان مؤسسة تشريعية وفي نفس الوقت رقابية على السلطة التنفيذية. ولها مكانتها وهيبتها لدى الشعب وفي المحافل الدولية، فعليها ان تؤدي وظائفها ومهامها على احسن وجه. ان اعضاء هذه المؤسسة يجب ان يمثلون الشعب الذي انتخبهم ، ولابد ان يتمتعون بصفات مميزه عن الاخرين من حيث النزاهة والصدق والخبرة والكفاءة في مهامهم ، ودرجة من الثقافة والتعلم، والقدرة على الاداء، والجراة في اتخاذ القرارات الصائبة التي تعبر عن مصالح الشعب والوطن . مع شديد الاسف،ان المؤسسة البرلمانية عندنا منذ تاسيس الدولة العراقية والى بعد سقوط الديكتاتورية اي في العراق (الحديث، الجديد) ، فهى اداة من خلالها تجري تقاسم السلطة والنفوذ، وتعزز فيها مبدء المحاصصة والمذهبية والشوفينية تحت اسم ( مبداء التوافق ) ،وعقد الصفقات بين الاحزاب الرئيسية المتمثلة بالائتلاف العراقي والائتلاف الكردستاني وجبهة التوافق المسيطرة على اغلب مقاعد في هذا البرلمان ، و لم تنجح رئاسته ايضا في ادارة هذا البرلمان،وخاصة المتمثل بشخص رئيسها ، الذي ينقصه اللياقة والخبرة والثقافة السياسية في ادارة الجلسات، وذلك لعدم معرفتها بمبادئ واصول النظام الداخلي للبرلمان والدستور العراقي، واعداد وترتيب اوليات المواضيع والتي تضم جدول اعمالها في كل اجتماعاتها، وخلق اجواء ديمقراطية وممارستها الفعلية، وهي الاخرى مسيطر عليها طغيان الحزبية الضيقة، وتطبق مبادئ المحاصصة والعنصرية والمصالح الذاتية في اداء مهامها. وتوجد ايضا نفس بعض هذه الصفات في البرلمان الكردستاني.ان ما جرى عشية اجتماع يوم 22-تموز/يوليو 2008 في قبة مجلس البرلمان، بخصوص اقرار قانون المحافظات والاقضية والنواحي، والالتجاء الى استخدام اسلوب التصويت السري من دون اعداد اجواء ملائمة واصولية له على فقرة اربعة وعشرين المتعلقة بمسالة الانتخابات في مدينة كركوك من مجموع 24 فقرة من مواد القانون التي كانت مطروحة للتصويت ،هذا مع اهمال التاكيد على نسبة 25% التي يجب تخصيصها للنساء من الكوته، مما يعتبر اجحافا واضحا بحقوق المراة في الانتخابات المحلية ، وكذلك الحال بخصوص حصص الاقليات القومية الصغيرة، يجسد طبيعة هذه المؤسسة ، وتحالفات هشة بين اطرافها الرئيسية،وهو لخير مثال على مدى سذاجة وقصر الرؤية السياسية لدى اعضاء ورئاسة هذا البرلمان تجاه المهمات الكبيرة التي تواجه المجتمع العراقي وافاق تطوره المستقبلي في اصدار القرارات المهمة والمصيرية التي تخص مصالح الشعب العراقي بكافة اطيافه ومكوناته. وكل مرة ينتظر الشعب بان يتحرك هذا البرلمان ويلعب دوره الحقيقي في توجيه ورسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية وتوحيد الصف بين القوى المشاركة في العملية السياسية ، الا انه يفاجئ عكس من ذلك، فانه يساهم في تمزيق الصف الوطني ويستخدم المراوغة والديماغوغية في العمليه السياسية ، بدلا من متابعة ومعالجة المشروعات المهمة المقدمة اليه بهدف تصحيح المسار السياسي والنهوض بالعراق من الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية. كثرة الحديث واختلاف وجهات النظر بخصوص عملية التصويت واقرار المواد القانونية، وما حدث من المشاجبات الكلامية بين اعضاء البرلمان ورئاستة ، مما ادت الى انسحابات من الاجتماع كل من كتلة التحالف الكردستاني وبعض اعضاء الاخرين من البرلمان ، منهم احد اعضاء رئاسته، ومقاطعة الاشتراك في التصويت، والاخرون ابدوا تحفضاتهم تجاه هذه المسالة ، وهناك من يشك،بان هناك صفقات مقايضة ومساومة وتاثيرات دولية وخارجية من الدول الجوار على اقرار هذا القانون.كما ظهرت ايضا وبنفس الاتجاه مقالات مختلفة على الصحف وخاصة الالكترونية منها بخصوص الموضوع.
لسنا بصدد مناقشة هذه الحالة، ولا اراء الكتاب، ولا حتى ابداء راي بمسالة كركوك، والذي اتمنى من هذه المسالة، هو معالجة مادة 140 الخاصة بها ، وايجاد حل عادل لها، بحيث تنسجم مع روح العصر، الذي يستند على مبادئ الديمقراطية وممارستها بشكل فعلي من خلال تنوع واحترام هذا الموزاييك الاثني في هذه المدينة، ووفق اسس الحوار الهادء البناء، واحترام ارادة ابناءها، بقدر ما نريد بيان وظيفة هذه المؤسسة ومدى التزامها باهدافها في ادارة البلد وعلاقتها بالديمقراطية وممارستها في الحياة اليومية. من خلال متابعتنا لمسيرة العراق السياسي ودور البرلمان في هذه المسيرة ومدى توفيقه في اداء مهامه الوطنية ، يمكن اجمال تقيمنا وباختصار شديد كالاتي:-
1- ان اغلب اعضاء البرلمان العراقي وكذلك الكردستاني، لأيملكون الأرادة الحقيقية في اتخاذ القرارات،اذ لا حول ولاقوة لهم.ان مصير مهام هؤلاء الاعضاء مرتبطة وبشكل المباشر بما تتخذها الاحزاب من الأجراءات السياسية الفوقية، من دون الرجوع الي ابسط انواع الممارسات الديمقراطية، واحترام ارادة الشعب العراقي في اتخاذ القرارات المصيرية.
2- ان نمط المحاصصات العرقية والطائفية وتقسيم النفوذ ومصالح الحزبية والشخصية الضيقة ، هي صفات بارزة في كل حالة يتم فيها مناقشة واقرار المواد القانونية المطروحة عليه.
3- ان البرلمان بصفاته وسياسته هذه ، يهدف الى تمزيق الوحدة الوطنية، التي ما تزال في بداية طريقها.وتعتبر هزيمة لاسس ومبادئ الديمقراطية، والتفرقة واضحة في الخطاب السياسي الوطني.
4- اخفق البرلمان في حسم القضايا المهمة المطروحة عليه في مسائل كثيرة ومتعدد منها مسالة انجاز واصدار قانون نفط والغاز الضروري على اسس تخدم مصلحة العراق وتصون سيادته . كذلك اجراء التعديلات اللازمة في كثير من بنود الدستور العراقي الذي ينتظر الشعب العراقي بفارغ الصبر من البرلمان لاتخاد الاجراءات الاصولية اللازمة بصددها بما تخدم مصالح الوطن والشعب منها: قانون الاحوال الشخصية بما يحمي حقوق المراة والمواطنة . معالجة مادة 140 وكذلك الخلافات الموجودة بين المركز واقليم كردستان العراق من الجوانب الادارية والمالية وتوزيع الصلاحيات والعمل المشترك بينهما. قانون العمل والضمان الاجتماعي ومعالجة المشاكل الاجتماعية منها مشكلة الارامل والاطفال والضمان الصحي والدراسي ومشكلة الفقر والبطالة. قانون التربية والتعليم العالي . معالجة المشاكل والكوارث البيئية الموجودة في العراق منذ فترة من دون حل.مسالة المهجرين والمهاجرين وكيفية معالجة مشاكلهم المتفاقمة يوما بعد يوم. الرؤية الاستراتيجية والشفافة في قانون التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية من خلال اعادة البنية الهيكلية والادارية والفنية لقطاعات الاقتصاد الوطني وبناء واعادة اعمار العراق. محاربة ظاهرة الفساد الاداري والمالي المتفشى بشكل لا نظير له في تاريخ العراق واقرار قوانين صارمة بحق مرتكبي وممارسه هذه الظاهرة الارهابية والحد منها ، ومن الضروري البدء اولا ببعض اعضاء البرلمان وبعض الوزراء والمسؤولين الحزبيين والادارين. حل مشكلة الميلشيات المسلحة بكافة انواعها واصدار قانون صارم بذلك من قبل البرلمان مع متابعة تنفيذه بكل جدية، وغيرها من المسائل المهمة تنتظر من البرلمان العراقي تقديمها حسب اولويتها ومناقشتها ومعالجتها بروح وطنية صادقة، يتجسد فيها ممارسة الديمقراطية الحقيقية في ايجاد الحلول واصدار القوانين اللازمة بصددها.
5- واخيرا وليس اخرا ، بان البرلمان وقبل مغادرة اعضائه ليتمتعوا بالعطلة البرلمانية الصيفية ، قد ترك انتكاسة للعملية السياسية العراقية ، وغير علاقات وموازين القوى بين اطرافها المتحالفة، ووصلت حد التخوين والتشكيك بالنيات والاهداف والاتفاقيات التكتيكية التي برزت الى الساحة بعد سقوط الصنم، والتهديد باستخدام وسائل اخرى غير الحوار الهادئ في معالجة الاوضاع السياسية، وبذلك قد رجعت حالة العراق السياسية مرة اخرى الى المربع الاول، وشكوك الشعب العراقي بمصداقية الاحزاب المتنقذة والمتسلطة على دفة الحكم من نياتها في معالجة الاوضاع المزرية التي يمر بها العراق شعبا ووطنا ، وهو متشائم من ذلك.وقد نفاجئ من البرلمان عندما يعرض عليه مستقبلا، بان يتبع نفس الاسلوب والنهج المتبع من قبله لحد الان في ادارة الجلسات، في المعالجة واتخاذ القرار بصدد مشروع المعاهدة الاستراتيجية الامنية- العسكرية والتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي طويلة الامد المقترحة بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الامريكية سيئة الصيت.

عيش وشوف!!!

 


 

free web counter