| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صباح قدوري

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 20 / 8 / 2013



اردوغان... وسياسته الديماغوجية تجاه الشعب الكردي

د. صباح قدوري

ادلى اردوغان في تصريحه الاخير لوكالات الانباء ، بقوله : ان المفاوضات التي اجريت في اواخر عام 2012 مع عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون الى الابد ، كانت بشرط انسحاب ومغادرة قيادات وانصار حزب االعمال الكردستاني اراضي تركيا كخطوة اولية للمفاوضة على الحل السلمي للقضية الكردية في تركيا . وقال بما انهم لم ينفذوا هذا الشرط ، والذين غادروا تركيا فقط 20% منهم، واغلبهم من النساء والاطفال، لذا استبعد اصدار اي عفو عام عن انصار هذا الحزب . واضافة قائلا ان تعليم اللغة الكردية في المدارس الحكومية والخاصة ليس واردا ايضا. ومن جانبه امهل حزب العمال الكردستاني حكومة انقرة بداية شهر ايلول/سبتمبر الجاري للمضي قدما في اجراء الاصلاحات الديمقراطية والسياسية والاجتماعية في البلاد، والا ستؤدي الحالة الى فشل المفاوضات ورجوع الحزب الى النضال المسلح، من اجل تحقيق مطاليبه القومية العادلة للشعب الكردي في تركيا.

لا يخفى على احد بان تركيا تلعب اليوم وكما كانت في السابق دور الشرطي في المنطقة.وهي تنفذ السياسات الامريكية وحلفائها منذ تاريخ انضمامها الى حلف شمال الاطلسي، وبالتنسيق والتعاون مع حليفها الاستراتيجي اسرائيل ، بهدف فرض هيمنتها وسلطتها على المنطقة، وذلك من خلال محاربة الحركات التحررية الوطنية واليسارية المناهضة للامبريالية والرجعية في المنطقة ، وزعزعة امن واستقرارها وتأخير مسارها في التطور والتقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة .

اردوغان ومفكر عقله وادارته السياسية ، وزير خارجيته احمد داود اوغلو، الذي صدر كتابه حول الاستراتيجية التركية في المنطقة ، وطبع 13 مرة بين فترة 2001- 2004. تطرق فيه الى سياسة تركيا الحديثة نحو اعادة احلامها في اقامة الخلافة العثمانية الثانية بصورة حديثة في القرن الواحد والعشرين؟!!!. وسيطرة النفوذ التركي الاستراتيجي للهيمنة على مفاصل الملاحة وانابيب النفط والغاز عبر مياه المتوسط.

تمارس تركيا اليوم سياسة الغطرسة والتدخل السافر في شؤون بلدان المنطقة، وخاصة اثناء ندلاع الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية (الربيع العربي)، ابتداءاً بتونس والتنسيق مع حزب النهضة، فرع الاخوان المسلمين في تونس. و مع الاخوان المسلمين في مصر عبر الاسم المقترح لحزبهم العدالة والحرية على غرار حزب اردوغان العدالة والتنمية، والان نشاهد البكاء والعويل على مستقبل الاخوان المسلمين في مصر، والوقوف ضد ارادة الشعب المصري في ثورته التصحيحية تجاه ارهابية الاخوان المسلمين واصرارهم على التمسك بالسلطة وما يسمى بالشرعية الانتخابية، باي ثمن كان.

تدخلها واضح للعيان ايضا تجاه المسألة السورية منذ البداية ، وتقديم مساعدات عسكرية ولوجستية وبالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية وبالتنسيق مع الكيان الصهيوني الى "جبهة النصرة" "ودولة العراق والشام الاسلامية" "واخوتهم" في سوريا، من اجل استمرار القتال وسفك الدماء وتحطيم سوريا دولة وشعبا ، بعد ما وصلت الضحايا البشرية فيها الى اكثر من مائة الف قتيل وجريح، وتشريد ملايين من ديارهم واللجوء الى الدول المجاورة ،مع تدمير وتحطيم البنية التحتية والمدن في كل انحاء سوريا.

وشاهدنا في الايام القريبة الماضية ايضا التدخل في شؤون اكراد سوريا وتهديدهم عبر المنظمات الاسلامية الارهابية المدعومة من قبلها، وقاموا بتنفيذ المجزرة والابادة الجماعية بحق ابناء الشعب الكردي موخرا في الاماكن التي تعتبر اكثرية سكانها من الاكراد، بعد قتلهم وتشريدهم والاعتداء على اعراضهم وذبح اطفالهم وشيوخهم وحرق قراهم، ولجوء اكثر من15 الف لاجئ من هذه المنطقة خلال الايام القليلة الماضية الى اقليم كردستان العراق. تحاول تركيا زج ااكراد العراق في هذه اللعبة القذرة، وتحريضهم للوقوف ضد حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) وقوات الحماية الشعبية ( ي ب ك ) ذات النفوذ والجماهيرية الواسعة في سوريا. وهم يدافعون عن المدن والقرى الكردية وبالتنسيق مع كافة الاطراف المتواجدة في المنطقة من الاحزاب والانتماءات القومية والدينية، للدفاع عن المنطقة وادارتها وتأمين سلامة وامن مواطنيها من الاعتداءات والعدوان المتكرر من قبل المنظمات الاسلامية الارهابية المذكورة، التي تحاول السيطرة على المنطقة، وتحقيق اطماعهم في اقامة الامارة الاسلامية في المنطقة!!!.

ان السياسة الديماغوجية التي تمارسها تركيا تجاه القضية الكردية ، وعدم اقرار الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ، واتباع اسلوب المراوغة والتشكيك في نيات حزب العمال الكردستاني ، ومحاولة خلق البلبلة والتفرقة في صفوفه وتمزيق وحدته المتينة، واللجوء الى بعض الحلول التكتيكية بين حين واخر، بهدف تدويل جوهر القضية الكردية ، وخلق نوع من التوتر والخلافات بين فصائل حركة التحرر الكردية في كافة اجزاءها. لا يمكن لحكام تركيا الاستمرار بهذه اللعبة، ولابد من اعترافهم واقرارهم بوجود شعب كردي قوامه 15-20 مليون يعيش داخل اراضيها ، والاعتراف بها كقضية سياسية وانسانية ، يجب حلها بشكل يضمن حق تقرير المصير، وايجاد صيغة عملية للتعبير عن ذلك. والا، لا يمكن حلها عن طريق الاسلوب العسكري الدموي . بل الحل الوحيد هو الحوار الحضاري والمصالحة في معالجة هذه القضية العادلة لشعب فرض عليه ان يعيش في اطار الدول الاخرى.

نأمل ان تساهم نتائج المؤتمر الوطني الكردي في اقليم كردستان العراق في هذا الوقت العصيب الذي يمر به الشعب الكردي في تركيا وسوريا وايران وحتى في العراق، لايجاد حلول جذرية وحاسمة للوضع الكردي في كافة اجزاء كردستان. وبذل جهود جادة وفعلية في سبيل جمع شمل البيت الكردستاني ، وبمشاركة كافة الاطراف المعنية، وذلك لاعطاء زخم اكبر لهذه القضية. والاستفادة العقلانية من التجارب السابقة،التي لم تجلب للشعب الكردي غير الاقتتال والدمار والخراب والويلات والتفرقة، وذلك من خلال توحيد الخطاب السياسي الكردي، وتأسيس مراكز بحوث متخصصة لوضع دراسات وخطط ثقافية واعلامية، ومشاركة الجماهير في الفعاليات واتخاذ القرارات، والتفاعل مع ثقافات العالم. وتأكيد الطابع الانساني والسياسي والبعد الاستراتيجي لقضايا ومصالح الشعوب، وايجاد صيغة عمل مشترك مع المنظمات الدولية في الامم المتحدة والوحدة الاوربية وفي المحاور الاقليمية والدولية، بغية عقد مؤتمر دولي لحل القضية الكردية سلميا وسياسيا في المدى المنظور.

 

free web counter