| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صباح قدوري

 

 

 

                                                                                     الأثنين 14/3/ 2011



الى أين تتجه حكومة المالكي؟!

د. صباح قدوري 

بعد مرور سنة على الانتخابات التشريعية، لا تزال طاقم الحكومة المؤلفة من 42 وزيرا غير مكتملة. ان السبب الرئيسي في ذلك هو اصرار المالكي على وضع الوزارتين الداخلية والامن والدفاع تحت امرته بشكل مطلق، وكأن الحكومة من منظوره الشخصي ، تمثل فقط في هاتين الوزارتين، بالاضافة الى اسباب المحاصصة وتقاسم السلطة بين اطراف المشاركة فيها. تنطلق حجة المالكي في هذه المسالة، بان الواجب الاساسي والاولي لهذه الحكومة،هو تحقيق الامن والاستقرار في العراق والقضاء على الارهاب. ونحن نسمع هذه النغمة منذ سقوط الصنم ولحد اليوم، مع صرف وتبذير وسرق مليارات من الدولارات تحت هذه التسمية، مقابل تحقيق بعض انجازات قليلة في هذا المجال.اما الواجبات الاساسية الاخرى الخدمية والصحية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، هي ليست من اختصاصاته ، وانما من اختصاصات نوابه الثلاث المسئولين على هذه الواجبات!.

لقد سببت هذه الحالة الى تعقيد الوضع السياسي بين الاطراف المشاركة في الحكم. انعكست اثارها سلبا على اداء السلطات القضائية والتشريعية والتنقيذية وكذلك الاعلام.ارباك واضح ايضا في الاداء الحكومي وتعطيل كل اركانها ، وخاصة الاقتصادية والاجتماعية منها ، والحالة هذه قد ادت الى تعميق الازمة الاجتماعية والاقتصادية في عموم البلاد وعلى كافة الاصعدة، ومن ثم الى عجز الحكومة في تحقيق الحد الادنى من المطاليب الاقتصادية والاجتماعية للشعب.

واليوم بدلا من ان تنصرف الحكومة لاكمال هيكليتها، والتوجه لمعالجة الاوضاع المزرية والصعبة التي يعيشها الشعب العراقي، والتي اجبرته للخروج الى الشوارع بالتظاهرات السلمية ، مطالبا بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اصبحت تنشغل وتكرس كل جهودها، في تفرقة هذه التظاهرات واستخدام العنف والتهم الباطلة ضدها.اتهام بعض الاحزاب وعلى راسها الحزب الشيوعي العراقي ، بانه وراء هذه المسالة، وبذلك اقدمت الحكومة وبامر قرقوشي من المالكي، باقتحام مقرات الحزب وجريدته المركزية طريق الشعب والطلب باخلاءهما باسرع وقت ممكن، كاجراء عقابي ضد الحزب ، لانه يؤيد ويدعم ويتضامن مع المطاليب المشروعة للمتظاهرين، ويدافع عنهم حتى تحقيق النصر النهائي.

ان الاستمرار في ممارسة مثل هذه الاجراءات التعسفية ، ليست بجديدة، واصبحت نهج ثابت لحكومة المالكي . سبق وان اقدم وبتنفيذ من عضو حزبه كامل الزيدي، الاعتداء على الحريات العامة والشخصية. المداهمة ولمرتين مقر اتحاد الادباء، وجمعية اشوربانيبال الثقافية في بغداد. الغاء المسارح والموسيقى وغلق المحلات والنوادي الاجتماعية التي تتعاطى مع المشروبات الحكولية. ازالة التماثيل والرسومات في معهد الفنون الجميلة في بغداد. ومنع المهرجانات الغنائية والفعاليات الثقافية الاخرى بحجج باطلة، دينية وغير شرعية.

على المالكي ومن ورائه من الاحزاب الاسلام السياسي، ان يدركوا جيدا ويتعلموا من التاريخ ويكتسبوا خبرة من الحياة ويفهموا، بان ادارة البلاد ليست لعبة الاطفال. انها تحتاج الى اجهزة كفوءة تتصف بالمسئولية العالية، وقادرة على لم شمل الخطاب العراقي على اسس المواطنة والوطنية. ان تكون مؤهلة لقيادة المرحلة نحو بناء العراق الجديد، وفق مبدأ الديمقراطية الحقيقية ، ويسود فيها حكم القانون والقضاء العادل، والامن والاستقرار، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والحرية والعيش برفاهية. الا ان تجربة ثمانية سنوات من الحكم، اثبتت على عكس من ذلك، وبرهنت على عدم جدارتهم وقدرتهم على الاستمرار في سدة الحكم ، وتوجههم نحو اقامة نظام ديكتاتوري متخلف، والانفراد بالسلطة على اسس الشريعة الاسلامية ، وفرض ايدلوجيتهم المذهبية والمحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة على الشعب العراقي، المنتفض ضدهم.ولا رجعة لهذه التظاهرات والاحتجاجات، حتى تتحقق المطاليب المشروعة للجماهير الغاضبة.

ان التظاهرات والاحتجاجات المتصاعدة والتي غطتت مختلف ارجاء البلاد من شماله الى جنوبه، هي ترجمة لغضب الجماهير على الاداء الحكومي الفاشل على مختلف الصعد منذ سقوط الديكتاتورية ولحد اليوم. المشاركة الجماعية من كل اطياف ابناء الشعب العراقي، ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمثقفين، والبارز منها، المشاركة النشطة للشباب والنساء والفقراء ، مما يجسد الدور الواعد للقوى الجماهيرية الحية في عملية التغيير، مطالبين الحرية والديمقراطية والعيش برفاهية .ان هذه التظاهرات والاحتجاجات، هي في الحقيقة ثورة الشباب والتكنلوجيا المعلوماتية الكونية لا حدود لها، وستستمر حتى تحقق النصر الاكيد في ارجاء المعمورة.

مهما اشتدت الاجراءات التعسفية ، واستخدام اساليب الغير القانونية و الغير الشرعية، واللاخلاقية ضد الشيوعيين والديمقراطيين الحقيقيين والوطنين ، لايمكن النيل من نشاطاتهم ونضالاتهم وصمودهم اليومية، ووقفهم الى جانب مطاليب الشعب العراقي المشروعة، والتضامن معه في دعم واستمرارية هذه التظاهرات والاحتجاجات المطلبية والشرعية، حتى تحقيق النصر القادم.

 


 

free web counter