| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الخميس 6/3/ 2008



فكرة لمناسبة عيد المرأة

 جمال يساعد امه

صائب خليل

عندما ارسلت الى الأهل صورة لي وانا اغسل الصحون في المطبخ، بقصد المرح، كانت بعض ردود الفعل من اهلي واصدقائي تحمل علامات الإستفهام! لم يكن ذلك غريباً، فقد تربيت في عائلة مترددة بين الحداثة والكلاسيكية في تعاملها مع اولادها البنين والبنات، وكالعادة وقعت اشغال المنزل كلها على البنات إلا ما ندر وشذ، لذا اعتبروا عملي في المطبخ، رغم انه بسيط، ربما كان علامة "اضطهاد".

أذكر ان والدتي كانت تطلب منا احياناً ان نعمل في البيت، وكانت تشير الى عائلة من اقاربنا كان جميع ابنائها من بنين وبنات يتقاسمون العمل بلا تفرقة ولا تشكي، وتطلب منا ان نقتدي بهم، لكن كانت هناك دائماً فرصة للتهرب لم نكن ندعها تفوتنا.

العرف العراقي كغيره من البلدان المتأخرة الشرقية خاصة، يرى في مشاركة الرجل في اعمال المنزل عيباً ينتقص منه ومن رجولته. لكن اولاد العائلة التي حدثتكم عنها, وكانوا جميعاً على ما اضن، شيوعيون، كانوا خير دليل حي على خطل هذا الرأي، فقد اكمل الجميع دراساتهم بتفوق وتخرجوا بين طبيب ومهندس، وفوق هذا ضرب افراد العائلة امثلة عالية في البطولة والشجاعة في مقارعة قسوة الحكم الظالم في العراق. اشتركوا في معارك البيشمركة وساندوا الفلسطينيين في لبنان فاستشهد منهم من استشهد وعاد سالماً من عاد. لقد تحملوا بلا شك تضحيات ندر ان تحملتها عائلة عراقية.

إذن فموضوع القاء اعباء المنزل على الفتيات دون الفتيان على اساس انه يعرقل تربية رجولة الفتيان، كلام لا اساس له ويبدو العكس اكثر اقناعاً منه، حيث ان تحمل الفتى مسؤوليته العادلة مع من هم حوله، مسألة تربوية هامة وضرورية لتربيته الرجولية، ومسؤولية اعمال المنزل لا تختلف عن غيرها، بل ربما هي اجدى من غيرها. انها إذن فقاعة تربينا عليها دون مبرر. اليس من المناسب ان نفجر هذه الفقاعة بالتربية منذ الصغر، تربية لاتسهم فقط في رفع الظلم عن البنات، والذي يثبت احساسهم بالدونية حتى اخر اعمارهم، بل في تربية رجولة البنين بعيداً عن احساس مزيف بالتفوق وتربية احساسهم بمسؤولية المشاركة في ما يتطلبه المجتمع من نشاطات وجهود، بدأً بالمنزل وانطلاقاً الى الوطن.

من منكم لا يتذكر "الى متى يبقى البعير على التل"؟ و "قدري قاد بقرنا"؟ و "يساعد فاروق اباه"؟ جمل صغيرة قرأناها حين كنا في الصف الأول الإبتدائي، كان القصد الوحيد منها تعلم حروف معينة، وبقيت في اذهاننا، نتذكرها بحب وحنين، رغم ان معظمها فارغ من المعنى تماماً. اتساءل: ان كانت هذه الجمل قد حفرت في ذاكرتنا هكذا فما ضرّ لو اخترنا مكانها جملاً لها معنىً؟ ما رأيكم بـ "جمال يساعد أمه"، مع صورة لفتىً يغسل الصحون في المطبخ؟ لاشك انها ستثير نقاشاً طريفاً ومفيداً في الصف، وربما تحدث الطلاب فيها في الفرصة وبعد المدرسة. هكذا ببساطة وبلا مبالغة ومواعظ، ستعمل هذه الجمل عملها وتمارس تأثيرها ذاتياً وبلا جهد، وتبقى في الذهن كما "بقي البعير طويلاً على التل"! وهكذا وببساطة تتفجر فقاعة كبيرة من فقاعاتنا الكثيرة، ونسير الى الأمام خطوة!

05-03-2008



 


 

Counters