| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الأحد 3/2/ 2008

 

 حلبجة وغيرها...تحدثوا لنا ولا تتعبوا...
نريد ان نعرف لغتكم..

صائب خليل

مجاميع من اللوريات تقطر بشراً.... اخذت لتدفن بعيداً عن ارضها....
مقابر جماعية...بقايا لرجال ونساء واطفال يرتدون ملابس غريبة عن هنا...
معذرة يا رسول: ايه يا مقبرة كردستان...لم قذفت بأشلاء اولادك الى كل هذا البعد؟

تحدثوا الينا...تحدثوا الينا وبصدق نريد ان نستمع وان نفهم ما مر بكم...
لتقل لنا عيونكم ما لا تستطيع السطور ان توصله الينا... لتحك لنا عن هول الامكم....
لا تسمحوا لأحد ان يشوه انسانية قصة شعبكم...لاتسمحوا لأحد ان يصغر الام اهلكم....لاتسمحوا لمسؤول ان يتهرب من مسؤولية دماء شبابكم، وصراخ امهاتكم واستغاثة اطفالكم...عربياً كان المسؤول ام كردياً ام كان امريكياً...

لسنا نقف معكم فقط في كشف المجازر التي حدثت، بل نطالبكم بهذا الكشف..
ان قصة وقوف الشعب الكردي بوجه الظلم ليست قصة كردية فقط...هي ليست ملكاً لكم وحدكم..
انها قصة عراقية ايضاً، ولكل عراقي الحق بمعرفتها...
وقبل هذا وذاك، هي قصة احد شعوب الإنسانية...وللإنسانية فيها حق تطالبكم به..

الإنسانية تريد ان تعرف تفاصيل ما حدث لأبنائها الأكراد...كيف قتلوا؟ هل تعذبوا؟ هل تركوا وصية؟ قالوا شيئاً قبل ان يقتلوا؟ هل تكاتفوا وصبّر بعضهم بعضاً، ام فضلوا الصمت احتجاجاً؟ هل كانوا يأملون حتى اخر لحظة ان قدراً ما سيأتي لإنقاذهم؟ ...انهم ابناؤها...لايكفي ان تقولوا لها انهم كانوا 180 الفاً...عددوا لها الـ 180 الفاً وانقشوا اسماءهم بعناية...
أخبروها واخبرونا ايضاً عن الجنود القتلة....ألم يك في قلب احدهم بصيص انسانية نساه المدرب الوحشي...
بصيص انسانية يثيره وجه اب حائر في طمأنة اولاده كذباً وهو يعلم ان موتهم على بعد امتار....واي موت!
الم يفقد جندي اعصابه ويطلق النار على رفاقه فيردوه قتيلاً؟ الم يجد احداً في رفقة الضحايا هذه، خيراً من رفقة الوحوش المبرمجة. الم يجد اي منهم....

كنت احسبني فاهماً لما حدث، مكتفياً بمعرفتي اللازمة لتحديد المذنب والبرئ واقناع الآخرين بما اعرف...
شكراً لمن نبهني، دون ان يدري، الى اني لا اعرف شيئاً,
وان ارقامي لاتساوي ظفر معرفة،
شكراً لمن نبهني ان في بعض الأمور، يتوجب تعليم القلب ايضاً وإلا بدا الرأس باهتاً مضحكاً...

أخبرونا بما حدث لكم، وإلا فلن نفهم لغتكم بعدذاك...
نريد ان نعرف معاني الكلمات في قاموسكم...
نريد ان نعرف ما تثير في نفوسكم، وإلا كان كل حديثنا بعد الآن حديث طرشان
أخبرونا...اخبرونا..نريد ان نتعلم لغتكم...تحدثوا لنا ولا تتعبوا...

لا تفشل قصة يكتبها من عايش الألم في كردستان من استدرار دموعي...
رغم ان القصة لن تضيف الي اية معلومة، ولن تغير رأيي بشيء...
لكني احس اني بحاجة ان اغور في عمق القضية...
ان ما اعرف من ارقام لن يسعفني في تصور المشهد المرعب..
رجال يتسلقون الجبل فاغرين عيونهم بلا وعي..
ولن يسعفني في تصور الم اب يشاهد اولاده يختنقون في حلبجة وهم ينادونه لنجدتهم....

تعالوا...ربما تسعفنا طاقة خيالنا قليلاً لنقف مع الذين ذهبوا لوحدهم، في ليال الرعب...
تعالوا نتصور شعور الأم التي دفنت حية مع ابنها الملتصق بها في لحظات النفس الأخير تحت التراب وهي تسمع اخر حشرجاته وندائه لها وهو يختنق قبل ان يسعفهما الموت من عذاب بني جنسهما الوحشي: البشر!

يا الله....هل يبقى بعد ذلك منطق وتفهم وحساب؟؟
هل هناك مجال لمسامحة من كانوا "ينفذون الأوامر فقط!!"
وهل هناك "فقط" في هذا الهول؟
كيف تحسبها؟؟ اليست ذرة مشاركة في هذا تساوي جبلاً من الجرائم؟؟
فلتسقط السماء عندها على الحساب وعلى العدل والظلم....ولتبتلع الأرض الأبرياء قبل المذنبين....

02-02-2008
 


 

Counters