| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الثلاثاء 29/1/ 2008


 

 الإتفاقية الأمريكية العراقية:
وزير الخارجية وقضية لاتجد سوى الكذب للدفاع عنها

صائب خليل

أسعدنا وزير خارجيتنا ان القوات الأمريكية لن تبقى الى الأبد، بل عشرة سنين فقط! وأن الإتفاق "ضروري للأمريكيين والعراقيين لإنهاء الغموض حول مستقبل العلاقات بينهم" وقال "لو لم يكن الأمريكيون موجودون في العراق لرأينا تدخلات كثيرة من قبل دول الجوار وكان آخرها الحشود العسكرية التركية على الحدود الشمالية للعراق".

يكرر السادة في الحكومة العراقية، وبرصانة مثيرة للإنتباه، ضرورة الإتفاقية المزمعة مع اميركا للشعب العراقي، واهم من ذلك، توحي ثقتهم بالنفس بان الإتفاقية سائرة في طريقها ولا سبيل لوقفها، ولا خيار دونها ولا غنى عنها. إنهم لا يجدون مشكلة في الحديث عن اهميتها العظيمة لنا، مرفقاً بطمأنتنا انها لن تطول، دون ان يشرحوا لماذا يكره الشعب كره عزرائيل اتفاقية في مصلحته مع هؤلاء الأصدقاء الذين يريدون البقاء لحمايتنا من جيراننا الوحوش؟

يحاولون اقناع الناس ان لها من يمثلها في "المفاوضات" التي ستجري بل يكررون بلا ملل، بمناسبة وبدون مناسبة، انها ستكون "مفاوضات صعبة" و "محاورات جادة" كأنهم يريدون من المواطن ان ينظر بعين العطف والإمتنان الى هؤلاء الذين سيتصببون عرقاً وهم يدرسون المقترحات الأمريكية حرفاً حرفاً ويشككون بكل كلمة ويستبدلونها بما هو في مصلحة الشعب العراقي ويبقون يضغطون ويضغطون حتى يرضخ الجانب الأمريكي للمطالب العراقية. للأسف ان تجارب اخرى مثل قانون النفط المقترح لاتدل على ان لدينا "مفاوضين صعبين" يهتمون بصالح العراق على الإطلاق، وان "جهودهم" هذه اعتبرت تافهة ومرفوضة من الشعب العراقي.

لكن، لنتمنى ان هذا الحال تغير خلال اشهر وان عندنا الآن مفاوضين يحدون اسنانهم لمصلحة العراق ومستعدين لبذل جهد تفاوضي طويل وصعب لإستحصال اية فائدة تفاوضية لوطنهم. في هذه الحالة لدي اقتراح لهذا الفريق لتجربة طاقاته قبل مفاوضة الأمريكان: طالبوا مجلس الأمن برفع العراق من البند السابع باعتبار ان لم يعد له مبرر، كما اكد ذلك المالكي نفسه إضافة الى وزير الخارجية. فإن عانى القرار من صعوبات، وألإحتمال الوحيد لرفض القرار هو بواسطة فيتو امريكي، عندها تكون فرصتكم للذهاب الى الأمريكان والتفاوض معهم على شروطهم للقبول. وهي فرصتكم لإظهار قابلياتكم على "المفاوضات الصعبة" ومن خلال اجندة محددة بعلم الشعب وبموافقته وتفهمه وبعض ثقته. مالذي يمنعكم من المحاولة التي لا تكلف شيئاً؟ طلب الى مجلس الأمن وانظروا ما يقرر.

في انتظار ردكم الذي لن يأت، سأقول لكم سبباً يمنعكم: انكم في الحقيقة تخشون ان يوافق مجلس الأمن على القرار، فتتبخر كل روايتكم ولا يعود هناك مبرر لقواعد امريكية او غيرها، فيطمح العراقيون ان يعيشوا كالبشر في بلادهم بلا احتلال ويصعب اقناعهم بالإتفاقات المشبوهة لدولة خارجية تعطى مسؤولية "الدفاع عن الديمقراطية" في البلاد من الأعداء الخارجيين والداخليين! والحقيقة ان احتمال موافقة مجلس الأمن على القرار وارد جداً جداً، فلا شيء سيكون اكثر احراجاً لحكومة بوش امام شعبها ونوابه من تفسير استعمالها الفيتو لعرقلة سحب قواتها وهي التي ملأت الدنيا ضجيجاً بأنها انما تبقيها لأن الحكومة العراقية تطلب ذلك ولأن الشعب العراقي بحاجة اليها، فإن كشفت رغبتها في البقاء كشف كل زيف ادعاءاتها وهي ليست في وضع يحسد عليه من الثقة. لهذا السبب ايضاً غضب الوزير زيباري وشعر بالإحراج من العربي الذي طالب مجلس الأمن باخراج العراق من البند السابع!

لاشك عندي ان اميركا هددت الحكومة العراقية بألا تطالب برفع البند السابع قبل الإتفاق وإلا فإنها لن تكتفي بالفيتو وانما "ستزعل" ولن توافق عليه بعد ذلك ابداً. ليس هذا خيال بحت من عندي، بل انه التفسير الوحيد لقول المالكي: "وقد ابرمنا اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الاميركية، تعهدت بموجبها اخراج العراق من الفصل السابع عام 2008". لأن ليس للولايات المتحدة صلاحية "إخراج" العراق من البند السابع، لأن اي عضو دائم يمكنه ان يصوت ضد ذلك. انما يمكنها ابقائه فيه بواسطة الفيتو. وقد تم تلطيف الموقف الأمريكي دبلوماسياً من "التهديد بابقاء العراق تحت البند السابع" ان لم توقعوا اتفاقية، ليصبح وعداً بـ "اخراج" العراق من البند ان وقعتموها. وهكذا تحولت اميركا من مبتز الى "صاحب فضل".
لاحظوا انه رغم ان الإبتزاز يمكن ان يأتي من اي عضو في مجلس الأمن، ويفترض التأكد منهم واحداً واحداً، إلا ان المالكي والزيباري مقتنعين كما يبدو ان الإبتزاز الوحيد المحتمل هو من "الصديقة" اميركا، لذا يطمئنان الى تصويت مجلس الأمن ان لم تقف ضده. تصوروا لو ان كل دولة (ثابتة) في مجلس الأمن ارادت ان تعامل العراق بنفس الكرم والصداقة الأمريكية، لكان على العراق ان يدفع ثمن اخراجه من البند السابع لكل واحد من هؤلاء "الأصدقاء"!

لكن امكانية اميركا الفعلية لتنفيذ تهديدها اقل مما تحاول اقناعنا به. فإضافة الى الصعوبة السياسية البالغة لأميركا في استعمال الفيتو في هذه الحالة فأنه سيكون سلاح فاشل. فلا احد من دول العالم سيكون مقتنعاً بأن يعامل العراق على اساسه، وسيستطيع العراق ان يستمر بالضغط لإلغائه وسيجد الملتزمين به المزيد من الصعوبة والإحراج.
عندما تجد اميركا انها لن تحصل على اكثر من العلاقة الطيبة الإعتيادية مع العراق، بشرط موافقتها على القرار، فستوافق على القرار في النهاية فالعراق يبقى مهماً جداً لها ولإبعاده عن احضان خصومها. كذلك فأن آخر ما يأمله بوش والحزب الجمهوري هو نهاية بائسة مثل هذه لموضوع العراق، لذا سيضطر الى الموافقة ومحاولة تصوير الأمر على انه نصر للديمقراطية الأمريكية..الخ، وان لم يفعل بوش ذلك فستفعل الحكومة القادمة بعد بضعة اشهر. ان من يريد السيادة لا يستكثر عليها بضعة اشهر من المعاناة، وليس البند السابع اشد معاناة العراقيين ضراوة!

ليس هناك مبرر كما ترون لهذه الإتفاقية المثيرة للقلق، ولم يقدم اي من دعاتها اي سبب لها سوى اللف والدوران والإستخدام المراوغ للكلمات ولن تجد شيئاً لتقنع نفسك به سوى تعابير مشوشة مثل أن الإتفاق "ضروري للأمريكيين والعراقيين لإنهاء الغموض حول مستقبل العلاقات بينهم" للسيد وزير الخارجية، والتي تصور لنا كل من العراقيين والأمريكان قلقين حول "الغموض" في مستقبل العلاقة بينهما لذا يتوجب ابرام اتفاقية ينظر اليها للشعب بعين الشك!
ولكن اي غموض؟ لم يجب ان تكون هناك علاقة خاصة اصلاً؟ هل هناك "وضوح" في علاقة العراق مع الصين او اوروبا مثلا؟ هل ندعو كل دولة نخشى "غموض" مستقبل العلاقة معها الى استلام مهمة حمايتنا من انفسنا ومن جيراننا؟

من الممتع حقاً ان السيد الوزير لم يجد مثالاً يقنعنا به على الخطر الذي يحيق بنا والذي يفترض بنا ان نشكر اميركا لحمايتنا منه سوى قوله "لو لم يكن الأمريكيون موجودون في العراق لرأينا تدخلات كثيرة من قبل دول الجوار وكان آخرها الحشود العسكرية التركية على الحدود الشمالية للعراق". ويمكنك ان تتصور ان السيد الوزير كان يقصد النكتة، أو انه كان يحاول اقناع جماعة قادمة من المريخ، ليس لها علم بما جرى, ولم تسمع بأن القوات التركية دخلت وضربت وبموافقة الحكومة التي هو وزير خارجيتها وبتواجد القوات الأمريكية التي يرجو حمايتها! ماالذي فعلته اميركا سوى تقديم الخرائط والصور الفضائية اللازمة للجيش التركي لإكمال مهمته؟ ان كنتم ممنونين لهذه "الحماية" فلماذا لم يستقبل مسعود البرزاني كونداليزا بالأحضان شاكراً؟

السنا محقين بعد كل هذه المراوغات ان تزداد شكوكنا بالإتفاقية ويزداد قلقنا من اهدافها الحقيقية؟ السنا محقين بالشك بوجود اي نفع منها للعراق على الإطلاق حين لاتجدون لإقناعنا بها سوى الكذب والأمثلة التي تناقضها؟ السنا محقين ان نقول لكم: نحن لانثق بكم!

29 – 01-2008

 


 

Counters