| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

الجمعة 28/1/ 2011

 

الإسكندرية تحررت... لسه ما فهمتش يا ريس؟

صائب خليل

شابة جريئة تقول: "حنستمر حتى نسمع كلمة "أنا فهمتكم". ضحكت من أعماقي على ذكاء الطلب وعنصر المهانة الذي يغلفه للرئيس المتعفن في كرسيه، فهي كلمات "زين الهاربين" التي بشرت برحيله، وهي الكلمات التي اخترتها حين رسمت الكاريكتاتير الذي يمثل وضع الرؤساء العرب بعد ثورة تونس العظيمة، والذي تنبأت فيه بأن مبارك سيكون حجر الدومينو الثانية التي ستسقط. مبارك لن يستطيع أن يقول "فهمت" لأنها ستكون علامة نهايته، وهو "يفهم" ذلك بلا شك!

العملاق المصري قام أخيراً! الريس بلا شك "فهم" ذلك بالفعل، حتى إن لم يقل. ما يقوله الإعلام المصري أن القوات تسيطر على الموقف، لكن من ناحية أخرى فقد قطعت السلطة المصرية وسائل الإتصال، ليس الإنترنت والإيميل فقط، بل أيضاً حتى التلفونات الجوالة، وأخيراً حتى التلفونات الأرضية، فأية "سيطرة" هذه! لقد أوقفوا الفيس بوك، لكن الثورة تحولت من "الفيس بوك" إلى "الناس بوك"، كما عبر أحد المعلقين الأذكياء!

أوباما والنفاق الأوروبي يراقبون "بقلق"، ما يراقبه الشعب العربي بفرح عارم! إنهم يرون الوضع "مؤسف"، وتراه شعوب البلدان الثائرة على ذلها أجمل الأوضاع واروعها، ويدعو النفاق الغربي – الإسرائيلي إلى "التهدئة، وضبط النفس"، في الوقت الذي يدفع الشعب دمه من أجل أن لا "يهدأ" حتى يصل إلى إرسال الرؤساء العملاء وانظمتهم العفنة إلى سادتهم في إسرائيل أو إلى الموت والسجون. ما اوسع الفرق بين ما يريده هذا الغرب المنافق الذي القى بكل ثقله خلف إسرائيل والوضيعين منا!

إنها أيام مقدسة ولحظات ستدخل التاريخ بفخر وارتياح، لرؤية الشعوب حية كريمة تدافع عن نفسها وحقها في بلادها ضد القردة المنحطة التي تحكم بلادها. لا تملك نفسك من الضحك السعيد، وأنت ترى قادة الغرب عاجزين عن حماية عملائهم، دائخين فيما يجب أن يقولوه.. أنظمتهم التي أسموها "المعتدلة"، تأخذ إسمها الحقيقي: أنظمة شديدة التطرف والعنف في مواجهة شعوبها! أنظمة إرهابية في مواجهة شعوبها! فرق اغتيال وتعذيب ونهب بالنسبة لشعوبها، هذه "ألأنظمة المعتدلة"..أدوات حصار إسرائيلية وسجانين متوحشين تم اختيارهم من الوضيعين في كل شعب، ليكونوا سياطاً عليه.
من سخريات القدر أنه قبل أيام كان هناك دعوة إسرائيلية للتخلص من حكومة أردوغان، فإذا بالقدر يستجيب لهم بالمقلوب، ويتم التخلص من الحكومات العميلة لهم!الحكومات التي تكمل حصارهم اللاإنساني وتشارك في جرائمهم على شعوبها.

من أجمل ظواهر الطبيعة هذه الأيام، عدم قدرة السادة لنجدة عبيدهم، ولا حتى بالكلام والتصريحات! فقد دفع هؤلاء السادة ثمناً غالياً لتهورهم قبل أيام على يد الشعب التونسي واصدقائه، لذا يأتي خطابهم "حيادياً" خوفاً من أن يكون مصيرهم العار، كعار وزيرة الخارجية الفرنسية! وزارة الخارجية الأمريكية تعبر بحذر عن بعض عدم رضاها، عن الحكومة التي تدعمها لسنين طويلة بمليار ونصف المليار دولار كأجور سنوية لمهمتها في اعتقال شعبها بـ قوانين "طوارئ" عمرها عقود، وقوانين إرهاب جديدة إبتكرتها لهم.
"الريس" المصري الذي كان يشجع إسرائيل على ضرب غزة، ويبني لهم الجدار "الواطي"، كصاحبه، كما وصفه كاريكاتير مصري، صار بحاجة لمن يدعم موقفه الخاسر، وأقرب أصدقائه لا يستطيع ان يقترب منه لئلا يصيبه رذاذ الوسخ المتطاير منه!
هيلاري "تراقب بقلق شديد" كما تقول أمامي في التلفزيون، لكنها لن تلمسك يا ريّس! أنت كالمصاب بالجذام اليوم، فتقبل مصير المصابين بالجذام بحزم، فقد مضى الأمس. تحرك الخطاب الأمريكي بعيدا عنك، كما فعل مع بن علي قبل أسبوع.
مشكلة الامريكان أنهم لم يجدوا "مسكة" يمكن لهم من خلالها مساعدة عملائهم، لا في حالة تونس ولا في حالة مصر. إنهم لا يستطيعون أن يتحججوا بأن التظاهرات يقودها الإرهابيون أو المتطرفون أو تقودها إيران أو الشيوعيون أو اي من العبارات التي تمت شيطنتها من قبل، كما أن الحكومات العميلة لهم كانت دكتاتورية بامتياز، فما هي الحجة للتدخل؟
قريباً سيمتعنا أحد ما بمقالة يقارن بها بين تصريحات الأمريكان والبريطانيون والفرنسيون عن رئيس مصر، قبل وبعد سقوطه!

الوحيدون الذين بقوا مخلصين للريس، هم حكومة إسرائيل التي عبرت بصدق، بأنها قلقة وتتابع ما يجري لتابعهم! ليس ذلك غريباً، فحسني مبارك لإسرائيل أهم من نتانياهو نفسه، أو كما قال بن اليعيار قبل فترة: "إن الرئيس مبارك بمثابة كنز استراتيجى بالنسبة لإسرائيل ووجوده فى السلطة فى مصر ضمان لأمن دولة إسرائيل".
صدق بن اليعازر، لكن ليس لأمن دولة إسرائيل فقط، وإنما لثروتها أيضاً، فمن غيره يمكن أن يبيع الغاز المصري لإسرائيل بما يقل عن كلفة إنتاجه؟ لو أعطينا هذا الغاز لشركة إسرائيلية لباعته لحكومتها بعد أن تحسب أرباحاً ما، فمن غير مبارك يبيع بخسارة؟
ألم يقل مسؤول مصري "كبير" عشية الإنتخابات بأنه إن حكم الأخوان مصر فستتغير العلاقة مع إسرائيل كثيراً؟ إنه أحرص على "العلاقة مع إسرائيل" مما هو على بلده! مثل هذا السياسي طبيعي أن تريده إسرائيل للسلطة على مصر وغيرها. اليس الرئيس المصري هو الرئيس الوحيد الذي يودع السفير عندما يغادر بلاده، السفير الإسرائيلي فقط! اليوم يضع الشعب نهاية لهذه الإهانات المخزية!

أستلم إيميلات أكثر من المعتاد عن "نكات" و "صور" و "أفلام" و "قصص مضحكة" أو ... أي شيء، وبكثافة غريبة، ليس هناك ما يعكس هذه الثورة الرائعة في هذه الإيميلات، لماذا؟ أقول لكم: أتذكرون إسرائيل تبث أغاني أم كلثوم أثناء حرب حزيران، فقط لتزيح اهتمام الإنسان العربي عن المعركة؟ لا تشاركوا في هذا أيها الأخوان، إبحثوا عن أخبار الثائرين وتبادلوها كدعم بسيييييط لهم!

الجيش يدخل القاهرة والشعب يبتهج بقدومه، فالجيش في الوعي الجمعي المصري صديق للشعب ومحترم، ولكن الحذر! فليس هناك ما يمنع أنه ليس كذلك هنا، كما لا شيء يمنع من أن تستخدم أجهزة الأمن عربات وملابس الجيش. أتذكر الدبابات البعثية في العراق والتي وصلت وزارة الدفاع في مؤامرة 63، وهي ترفع صور الزعيم عبد الكريم قاسم، فخدع الناس بها، وما أن وصلت حتى ألتفت حول نفسها وبدأت بمجزرة على الناس التي كانت تتجمع حول الوزارة للدقاع عن الزعيم.

عربة أمن كبيرة تترنح تحت ضغط الجماهير كما تترنح حكومتها.. فتاة من بورسعيد تعطي أرقاماً تبدو مبالغة في عدد المتظاهرين، وحين يعترض مقدم البرنامج، تقول لأن بيوت بورسعيد فرغت من سكانها ونزلت بكليتها إلى الشوارع، وقالت أن التواجد الأمني قليل لأن الأمن في بورسعيد ذهب لدعم جماعتهم في السويس التي تنافس القاهرة في سخونتها..
أما في الإسكندرية فقال المراسل أن شوارعها خالية تماماً من قوات الأمن..يئست قوات الأمن فانسحبت وغادرت المكان. اسكندرية اول مدينة تم تحريرها من الوحوش، فليس التحرر من الأجنبي فقط.

وغير بعيد..تونس مازالت تفور، الأردن بدأت تغلي، اليمن تشتعل من جديد...الوطن العربي يشتعل تحت مقاعد السفلة الذين يجلسون على قلبه منذ عقود، والباقي يتململ.. إنها أيام مباركة..كل شعب يريد قيادات تمثل "كنزاً" بالنسبة له وليس لأمن إسرائيل. لسه ما فهمتش يا ريس؟

 

28 كانون الثاني 2011
 


 

 

 

free web counter