| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الخميس 24/1/ 2008



وثائق سرية
أميركا فكرت باحتلال حقول النفط عام 73
فكيف مع قواعد في العراق؟

صائب خليل

في عام 2004، كشفت وثائق بريطانية اعلنت وفق اللوائح القاضية بكشف الوثائق السرية بعد 30 عاماً عن أن الولايات المتحدة فكرت في الاستيلاء على حقول النفط في الشرق الأوسط أثناء حرب أكتوبر 1973 عندما حظرت الدول العربية صادرات النفط. (1)

وحسب الوثائق كانت الخطة أن تستولي القوات الأمريكية المحمولة جوا على منشآت النفط في السعودية والكويت، وربما كانت واشنطن ستطلب من بريطانيا أن تفعل المثل في أبو ظبي بالإمارات.

وتحدثت الوثائق عن إن الاستيلاء على حقول النفط "كان الاحتمال الأول في وجهة النظر الأمريكية عندما يتحدثون عن استخدام القوة، تم التفكير فيه ونعتقد أنه جزء من خطة الطوارئ الأمريكية."

وكانت الاحتمالات الأخرى مثل الإطاحة بالحكام العرب وتولي حكام "أكثر مرونة" أو إظهار القوة عن طريق "دبلوماسية السفن الحربية" قد استبعدت.
واعتقدت لجنة المخابرات المشتركة البريطانية أن أي عمل عسكري سيكون عن طريق قوات محمولة جوية تستخدم قواعد في اليونان وتركيا وقبرص وإيران التي كانت حليفا أمريكيا في ذلك الوقت أو إسرائيل.
وقالت اللجنة: "نقدر أن القوة المطلوبة للعملية المبدئية ستتكون من فرقتين، واحدة للعملية السعودية والثانية للعملية الكويتية وربما فرقة ثالثة لأبو ظبي."

التقرير حذر من أن الاحتلال قد يستمر لمدة عشر سنوات و سيثير مشاعر الغضب في العالم العربي وتثير مواجهة مع الاتحاد السوفييتي، على الرغم من أن لجنة المخابرات المشتركة لم تعتقد أن موسكو قد تستخدم القوة العسكرية بنفسها.
ويقول التقرير: "أكثر مصادر الخطورة في هذه المواجهة في الخليج سيأتي من الكويت حيث قد يشعر العراقيون، بدعم من الاتحاد السوفييتي، بأن عليهم أن يتدخلوا."
وأوضح التقرير أن الغزو لن يتم إلا إذا تدهور الموقف في المنطقة إلى درجة تؤدي إلى إطالة أمد حظر النفط الأمر الذي قد يهدد الاقتصاديات الغربية. وكان يطلق على هذا التخيل اسم "السيناريو الأسود".
إلا أن الخطط الأمريكية لم تمض قدما حيث انتهى الحظر عقب شهور قليلة، ثم وقعت مصر وإسرائيل اتفاق سلام.

ليس موقف "الأمبراطورية الأمريكية" من نفط المنطقة واستعدادها للدخول في مغامرات وحروب من اجله غريباً او شاذاً عن امثالها، فمن أجل حمايه شركة النفط الانجليزية الفارسية ومصفاة عبادان، أرسلت الامبراطورية البريطانية، في بدايه الحرب العالمية الأولى، بالجيش الهندي إلى المنطقة للاستيلاء على البصرة والعراق في الحملة التي عرفت ب (حملة بلاد ما بين النهرين)، التي دامت أربع سنوات. وطبقا لما أورده المؤلف انطوني كييف براون في كتابه: “النفط... الله... والذهب”، فإن قوات الاستعمار البريطاني فقدت 252 ألف جندي بين قتيل وأسير ومصاب في واحدة من أسوأ الصراعات” وليست شركة بريتش بتروليوم المعروفة اليوم إلا الشركة الانجليزية الفارسية للنفط بعد استيلاء البحرية البريطانية على الجزء الأكبر من ملكيتها حينها وعينت عسكرييها في مجلس ادارتها.

وفي الحرب العالمية الثانية، اقترحت قيادة الأسطول الأمريكي على الرئيس روزفلت الاستيلاء على حقول نفط أرامكو في السعودية، باعتبار أن الحصول على احتياطات نفطية خارج الأراضي الأمريكية أصبح من المصالح الحيوية للولايات المتحدة. وفي 1943 صادق الرئيس الأمريكي على إقامة مؤسسة الاحتياطات البترولية، التي ستتملك كامل امتيازات “ارامكو” في السعودية، وتم تعيين وزير الداخلية على رأس الشركة، ووزراء الحرب والأسطول والخارجية أعضاء في مجلس الإدارة. (2)

في 8 نيسان 2003 أي قبل يوم من الغزو الأمريكي واحتلال العراق، نشرت الواشنطن بوست مقالا مثيرا للكاتب جون مكسالين تحت عنوان “خطة كيسنجر” والتي أسست لأفكار الإستيلاء العسكري على نفط الشرق الأوسط.

كذلك كتب روبرت دريفوس عن الهيمنة العالمية والسيطرة على المنافسين المحتملين: “لا يكفي أن تكون الولايات المتحدة قادرة على نشر قوتها العسكرية في كل مكان وفي أي زمان فحسب، بل إن عليها السيطرة على المصادر الرئيسية، ومنها النفط ونفط الخليج بوجه خاص”.
وينقل دريفوس عن السفير الأمريكي في السعودية في عهد الرئيس بوش الأب، شاز فريمان القول “إن الإدارة الجديدة تعتقد بأن السيطرة على المصادر هو وحده الذي يضمن القدرة على الوصول إليها”.

إنها خطة كيسنجر القديمة كما يرى السفير الأمريكي السابق لدى السعودية جايمس اكينز الذي كتب:“اعتقدت أن الخطة ماتت، إلا أنها أعيدت إلى الحياة كما هو واضح”، ويقول اكينز إنه في أعقاب الصدمات النفطية في السبعينات، تسربت للصحف الأمريكية أنباء عن وجود خطط أمريكية للاستيلاء على حقول النفط العربية، “بعدها أقدمت على خطأ جسيم، فقد قلت في مقابلة تلفزيونية بأن أي أحد يجرؤ على اقتراح مثل هذا الأمر سيكون إما شخصاً مجنوناً أو مجرماً أو عميلاً للاتحاد السوفييتي”، بعدها تبين للسيد اكينز أن الشخص المجنون أو المجرم هذا لم يكن سوى رئيسه الوزير كيسنجر، الذي قيل إنه عرض مقترحه لاحتلال منابع النفط العربية خلال اجتماع رئيسي ضم كبار أركان الإدارة الأمريكية. وبعد تصريحات اكينز المثيرة بوقت قصير، قام كيسنجر بطرد السفير اكينز من الخدمة.

***
في مقابلة له مع "الحياة" امس، قال ديفد ساترفيلد، مستشار الخارجية الأمريكية لشوؤن العراق لـ«الحياة» ان الهدف من الإتفاق الستراتيجي المرتقب من الناحية الأمنية هو:« أن ندعم ونساعد الحكومة العراقية وقواتها المسلحة الأمنية على الاستمرار (...) والسماح له بأن يتولى الدفاع عن نفسه بنفسه مع مرور الوقت. لكن هذا هدف لا يتحقق في خلال شهور ولا في سنة واحدة. إنه هدف طويل المدى (...) إننا نتكلم عن علاقة استراتيجية بعيدة المدى».
وفي رده عن سؤال عن طموح امريكي لقواعد عسكرية في العراق قال «ليس لدينا النية أن نطلب إقامة قواعد عسكرية في العراق. لكننا نعتقد ان العراق يحتاج إلى وجود كبير لقواتنا المسلحة».

برأيي ان هذه الأجابة الأخيرة غير المباشرة لا تدعو الى التفاؤل باحتمال عدم نصب قواعد عسكرية دائمة في العراق بل أن المخطط هو ان الحكومة الأمريكية لن تطلب إقامة تلك القواعد بل سيكون تقديم الطلب من جانب تلحكومة العراقية! وإضافة الى احتمال ان يعني ذلك ان العراق سيتحمل نفقات تلك القواعد او جزء منها، فإن الطلب لو جاء من الحكومة الأمريكية، فلن يكون له مبرر مفهوم، وسيكشف الجانب الإبتزازي لإستغلال قدرتها على منع خروج العراق من البند السابع بواسطة الفيتو.

إذا اخذنا النوايا التأريخية لموضوع احتلال حقول النفط العربية من قبل القوة الطامحة الى السيطرة على العالم، والطموح التسلطي الأمريكي الحالي غير المسبوق، لن يكون هناك مفر من الإستنتاج ان احتلال الحقول النفطية العراقية ستكون احد اهم اهداف القواعد العسكرية الأمريكية المرتقبة في البلاد عند الشعور بالحاجة الى ذلك.

لكن الدوافع لم تعد مقتصرة على تلك التأريخية والإندفاع الأمريكي للسيطرة على العالم، بل اضيف اليها عامل خطير اخر. فمن يتابع الوضع المالي العالمي يعلم ان اميركا تقف على فقاعة مالية قد تنفجر في اية لحظة. عرض التلفزيون الهولندي في اواخر العام الماضي فلماً وثائقياً تصورياً تحت عنوان "اليوم الأول بعد انهيار الدولار" وطلب فيه من خبراء مختلفين تصور سيناريو لما سيحدث عندها. ويبدو ان الموضوع له من الجدية ما يكفي ان يتم تجديد الفلم الوثائقي ليعرض من جديد قبل ايام. ان ما جاء في الفلم قادر على ارسال القشعريرة في ابدان المشاهدين، حيث يتبين ان الدولار لايساوي في قيمته الحقيقية سوى 4 سنت! وان الباقي من قيمته ليس سوى ابتزاز واحتيال تقوم من خلاله دول العالم بدفع اثمان الدولارات التي تطبع من الهواء في الولايات المتحدة واشهر تلك الإبتزازات اسعار النفط المحددة بالدولار. أن ما قام به صدام خلال حربه على ايران وبعدها من امتصاص قيمة النقد الذي يملكه المواطنين من خلال طبع غير محدود للعملة تقوم به اليوم اميركا فتمتص قيم عملات عالمية كثيرة وقيمة معظم النفط المتداول في العالم.
لايحمي الدولار من مصير الدينار العراقي سوى ان اميركا تتسلط على عملات وثروات عالمية بينما تحددت امكانيات صدام بسرقة اموال شعبه حتى نفدت، لكن هذه الإبتزازات العالمية قد تسقط في اية لحظة هي الأخرى.

من ناحية اخرى، ورغم هذا الإبتزاز الهائل، يقترب الدين القومي الأمريكي بسرعة من الرقم الفلكي: عشرة الاف مليار دولار ويتوقع ان يعبره عند نهاية ولاية الرئيس بوش. هذا يعني ان كل فرد امريكي، رجلاً كان او امرأة او طفل، عامل و متقاعد وعاطل عن العمل مدان بمبلغ 30 الف دولار! (3)
فإذا علمنا ان تكاليف حرب العراق وحرب افغانستان وصلت الى 15 مليار دولار شهرياً حسب تقرير للسناتور تيد ستيفنز، وان الدين القومي يتزايد حالياً بمعدل مجنون يقارب مليون دولار في الدقيقة الواحدة اي مليار ونصف في اليوم الواحد، لامفر هناك من السؤال: الى متى سيبقى هذا الدين يتزايد والى متى سيبقى هناك دائنون مستعدون لإقراض دولة بهذا الحال, وماذا ستفعل هذه الدولة عندما يطالبها دائنوها باسترداد اموالهم او عندما ترفع بعض الدول الحماية المالية عن الدولار مثلما يتردد الحديث كثيراً في الخليج العربي، او ان تقوم المزيد من الدول بتسعير نفطها بغير الدولار؟ أن "الغاء الدين" او انكاره او جزء كبير منه ربما كان امر متوقع لكنه لن يحل المشكلة اضافة الى انه سيضع النظام الرأسمالي برمته في ازمة ثقة قد لايتعافى منها، لذا لن يكون لأميركا سوى قوتها العسكرية لتلجأ اليها لحل المشكلة على حساب الدول الأضعف، فحالها تماماً كما كان السيناريو مع صدام قبيل احتلاله للكويت: أزمة اقتصادية لا حل لها وقوة عسكرية هائلة تقف عند منابع ثروات غير محمية. ليس سهلاً مقاومة الإغراء.
 


http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_3360000/3360609.stm   (1
(2)
من مقدمة الترجمة العربية لكتاب "لكي نفهم العراق" ، لوليام بولك كتبها د. م. عبد الحي يحيى زلوم:
http://www.safsaf.org/01-10-2006arttikl1/book_iraqi1.htm  
http://www.usatoday.com/news/washington/2007-12-03-debt_N.htm    (3


24-01-2008

 

Counters