| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

الجمعة 20/11/ 2009

 

إجراء لا يحتمل التأجيل: على الإئتلاف أن يعلن إسم مرشحه لرئاسة الحكومة فوراً!

صائب خليل

1- أية حكومة ستأتي للعراق؟
المتابع للسياسة العراقية يدرك بسهولة أن ما ينتظر العراق ليس سوى كوارث أكبر من الكوارث التي لحقت به حتى الآن. السبب في هذه النظرة المتشائمة هو ما يلي:
إن أخذنا الكتلتين الكبرتين في الإنتخابات القادمة، ثم الحزب الأكبر داخل كل من تلك الكتلتين، نستنتج بأن المرشحين الوحيدين تقريباً لرئاسة العراق هما نوري المالكي و عادل عبد المهدي.

بالنسبة لنوري المالكي، فقد برهن أنه رجل محتال غير مفهوم، مراوغ، ذو طموحات دكتاتورية قوية وكذاب من الدرجة الأولى.
لقد قام نوري المالكي بعدد من الأعمال التي تضع علامات استفهام قوية عليه منذ توليه السلطة. ففي البداية عبر عن ضعف شديد أمام سلطات الإحتلال حين قبل أن تصبح حكومته "تسجل النقاط" لترضي الإحتلال. وكان هجومه على الصدريين في مدينة الصدر والبصرة غير مبرر إطلاقاً من الناحية السياسية، لكنه حصل بفضله على إعجاب الناس التي كانت تريد حلاً بأي ثمن، واعتادت أن تستسهل العنف والحلول الحاسمة، ولم تعرف في تاريخها سوى هذا النوع من الحلول، لكن حماس الناس للحلول العنيفة لا يكفي لتبريرها. فالمالكي لم يقم بأية محاولة ولو رمزية لإقناع الصدريين بتسليم المطلوبين من المجرمين ولصوص النفط، إن كان صادقاً فيما يقوله.

ما يميل المرء إلى تصديقه هو ان الهدف من الحملة كان ضرب أعداء الإحتلال الأكثر عناداً، مما هو تنظيف العراق من لصوص النفط والميليشيات حسب ادعائه، فقد كان هناك على الأقل ميليشيات أخرى ولصوص أخر، لم يتحرش المالكي بهم.
وكان "إعلان التفاهم" السري الذي فاجأ العراقيين أول الإحتيالات المفضوحة! وكان من الواضح أن المالكي كان يتلقن تعاليمه من إدارة بوش في مهارات تجنب ممثلي الشعب في قرارته وحرمانهم صلاحياتهم. وأرسل رئيس الوزراء رسالة إلى مجلس الأمن يطلب تمديد بقاء القوات لسنة واحدة "بشرط أن يكون التمديد الأخير" وهو الشرط الذي لم يفهمه أحد: هل هو تعهد بأن لا يطلب العراق تمديداً آخر، أم هو شرط بأن لا يفرض مجلس الأمن تمديداً آخر؟ كلا الإحتمالين لا معنى له، كما بينت ذلك في مقالة منفصلة في وقتها.
لكن الأمر أصبح واضحاً حين جاءت السنة، وحان موعد إصدار قرار بتوقيع المعاهدة أو رفضها: عندها وجد "الشرط العجيب" دوراً، فقد ساعد على إقناع الناس أن خيار التمديد غير موجود، وبما أنه يجب التفاهم مع القوات من أجل انسحابها، فلا مفر من توقيع معاهدة!

كل هذا منطق فارغ طبعاً، لكن الرسالة لعبت دور ما في إقناع الناس بأنهم في مشكلة، وأنهم إن رفضوا المعاهدة فسيكون هناك فراغ قانوني (مخيف على ما يبدو!) وأنه مستحيل أن تنسحب القوات فوراً. رغم ذلك عاد المالكي ليهدد الناس والبرلمانيين إنهم إن لم يوقعوا المعاهدة فسيطلب من القوات الأمريكية الإنسحاب فوراً! وتكفل وزير دفاعه الذي كان قد تعهد بالقضاء على الإرهاب والشيوعية عند تنصيبه، تكفل بإرهاب الناس بالقراصنة إن لم يقبلوا بالمعاهدة! الأحزاب لا تفتح فها باعتراض، حتى من تعهد الوزير بالقضاء عليهم!

نوري المالكي يمدد قانون الطوارئ مرتين بدون موافقة البرلمان مخالفاً الدستور في أحد أخطر مواده التي طالما استخدمها الدكتاتوريين للقضاء على الديمقراطية، الأحزاب البائسة المخيبة للأمل، لا تعترض، مادام التمديد لا يقصد منه ضربها! نوري المالكي يسير قوات عسكرية ترفع صوره تماماً كما كانت عصابات فدائيي صدام تفعل دون أن يشعر بأي خجل، ويكذب بوقاحة متناهية بالإدعاء بأنه لم ينم حتى تأكد من أن منتظر الزيدي قد حصل على عشاء وفراش، في الوقت الذي كان منتظر فيه يتعرض للتعذيب بالكهرباء والعصي. الأحزاب المخيبة للأمل لا تعترض، مادام الأمر لا يخص أحد منتسبيها.
حكومة المالكي تعلن القبض على عصابة من ثمانية ألاف شخص، متخصصة باغتيال الكفاءات!! بعد ذلك بفترة قصيرة من انتظار الناس أن تسمع التفاصيل عن هذه العصابة العجيبة ومن يقف وراءها، يحصل الناس فجأة على خبر يفيد بالحكم بالإعدام على 600 وتنفيذه بـ 200 وبالسجن المؤبد على 2000!!! الأحزاب المخيبة للأمل لا تسأل متى وكيف ومن ولماذا هذه الأرقام المدورة العجيبة؟!!
حكومة المالكي توقع عقداً مع الأردن "لدعم حكومته" بتخفيض في سعر النفط علماً أن الأردن يطالبها بديون الله يعلم من أين أتت رغم 12 سنة من الإبتزاز النفطي لتلك الحكومة للعراق حين استسلم صدام. هذه "المساعدة" للحكومة الأردنية لا تستعمل لإطفاء الديون التي تطالب الأردن بها، وهي حالة عجيبة ربما لم تعرف السياسة الدولية مثلها! دولة تساعد دولة وهي مدينة لها! الحكومة المالكية العجيبة لا تفسر للناس هذه الحزورة, والأحزاب المخيبة للأمل لا تسأل ولا تعترض!

عادل عبد المهدي معروف كشخص متلون متملق لا لون له ولا طعم ولا رائحة. هو قادر على تغيير لونه كالحرباء وقد فعل ذلك في الماضي حين انتقل برشاقة بهلوانية من البعث إلى الشيوعية إلى المجلس الأعلى. وفوق ذلك فهو شخص على ما يبدو عديم الحياء، أو كما يقال بالعراقي، "بايع ومخلص" فهو صاحب أكثر من فضيحة تؤشر نوع شخصيته. فهو الذي سمح لعصابة بلاك واتر بقتل أحد حراسه دون أن يرفع أصبع احتجاج، ودون أن يخبر أهله بالحقيقة! وهو الذي اعترض على قانون إنتخابات المحافظات بحركة واضحة الإحتيال، وتهدف إلى تدمير اتفاق صعب في البرلمان، ولم يهمه ما سينتج من ذلك من نتائج خطرة. لكنه عاد ليتراجع عن قراره الذي سبق أن بين أنه منسجم مع الدستور وأن القانون الذي يعترض عليه مناقض للدستور، عاد ليتراجع عن ذلك، وبدون تفسير في اليوم التالي لزيارة ديك تشيني، وأجاب النائب محمود عثمان عن السبب قائلاً أن ديك تشيني مهتم جداً بقانون المحافظات! وطبعاً لا ننسى فضيحة الفضائح، عملية السطو والقتل في مصرف الزوية، والذي صار عادل عبد المهدي يلقب على إثرها بـ "عادل زوية" لعلاقته الوطيدة بالجريمة ولأن الناس مقتنعة تماماً بإنه إن لم يكن من المشاركين في التخطيط للعملية، أو الموافقة عليها في أقل تقدير، فإنه قد ساهم بلا شك في تهريب المجرم الرئيسي القاتل، وأعاد المال فقط.
تخيلوا شعباً يضطر أن يعيش تحت حكم مثل هذا الرجل، وفي مثل هذه المرحلة الحاسمة من حياته!

إن كان الإختيار إجبارياً بين محتال ووضيع، فسأختار المحتال، لكن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد. فالمالكي سيكون أضعف وأكثر طواعية للأمريكان في ولايته التالية مما هو في هذه اللحظة، فربما يتوازن الضغط عليه بين حاجة الإنتخابات وبين ضغط الأمريكان الآن، لكن الإنتخابات ستذهب، ويذهب معها كل ماء الوجه. كما أن الأمريكان سيكون لديهم وقت أطول لتليين الرجل. لا ننسى أنه كان قد فضح استعداده لإعادة البعث قبل أن يرتد بسبب رد الفعل الشديد الذي جوبه به تصريحه، فإذا به ينقلب إلى العكس!
لذا أتوقع أن الخيار "الأقل كارثية" المتمثل بالمالكي سيكون أسوأ مما ننتظر منه رغم تواضع ما ننتظره، وأسوأ من فترة حكمه الأولى رغم سوئها. البعثيين سيدخلون من أوسع الأبواب الأمنية، الصحافة ستغلق أفواهها كما توحي به تصرفات هذا الدكتاتور النامي، الشهرستاني سوف يستبدل بوزير نفط لا يثير المشاكل أمام لصوص المال والسياسة (رغم أن سياسة وزير النفط الحالي بعيدة عن الطموح، وبعيدة عن الوضوح، لكن للرجل بعض المواقف المشهود لها، والأعور بين العميان ملك، كما يقولون). سيأتي المالكي بوزير نفط يرضي اللصوص الدوليين ولصوص الشمال واللصوص المحليين، على أمل أن يتركوه يحكم بهدوء نسبي. سيكون المالكي طوع اللصوص والإحتلال، والذي لا يستبعد أن تذهب طموحاته إلى إثارة الإشكالات العسكرية والسياسية مع الجيران، بشكل أكثر جدية مما حدث حتى الآن، وكلما رفض هذا، فجروا له وزارة أو وزارتين، فيفهم الدرس وينفجر بنوبات الفروسية الفارغة والتهديد للجيران الذين جاء دورهم ليواجهوا الغضب الأمريكي من خلال المالكي وزيباري، بغض النظر عن ذنبهم أو براءتهم. إننا لن نفهم شيئاً مما سيجري، ولن يمكننا أن نثق شعرة واحدة بأي شيء تقوله الحكومة، ولن نعرف إن كان لديها أدلة فعلاً أو أنها أوامر أمريكية مموهة! إنه مصير مخيف أن يعيش الشعب في مثل هذه الحال، وهي وصفة لدفعه إلى الجنون الرسمي، إن كانت الشعوب تجن.

هل هناك مرشحين آخرين ذوي فرص حقيقية؟ ربما يرشح عمار الحكيم في اللحظات الأخيرة؟ إنه يجمع احتيال المالكي وطموحه للدكتاتورية ولا مبدئية عادل وأنانيته اللانهائية. بطل مشروع إقليم الجنوب التقسيمي الكريه، والذي لا يفسره سوى أنه لا يتورع عن تقسيم بلاده من أجل أن يحصل على أموال النفط، ليكون العراق بين لصوص الشمال ولصوص الجنوب. صاحب لقب "عدي الحكيم" المكروه من قبل الجميع. أياد علاوي؟ رجل منظمة حنين للإغتيال الحزبي وصاحب الرقم القياسي في الفضائح والمتفرغ لمشروع إعادة "من لم تتلطخ يده بالدماء من رجال الأمن البعثيين" إلى "وضائفهم" (ألأمن والجيش فقط!) وكأنه أمر مفروغ منه أنه من الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين. صاحب فضيحة عصابات اللوبي التي يدفع المبالغ الضخمة لها في واشنطن لتثير الإشاعات وتسيء إلى سمعة منافسيه لرئاسة الحكومة، والتي دفع ثمنها من خلال رشوته التي أعطى مقابلها للصوص الكرد، الذين ينهبون ميزانية شعبهم لعشرين سنة، حصة تساوي مرة ونصف حصتهم العادلة (من اللصوصية!). بطل قصف المدن العشوائي، والذي ضربه الناس في النجف بالأحذية قبل أن يضرب منتظر، سيده بالحذاء. المنافق الذي يملأ الدنيا تحليلاً معارضاً للمعاهدة ثم ليوقع فوراً بلا خجل...علاوي الذي يذهب إلى مجلس الأمن مع كولن باول لإقناعهم بترك العراق تحت رحمة الإحتلال والفصل السابع وإضاعة الفرصة التاريخية حين كان المجلس يريد إصدار قرار يحرر البلد تدريجياً من قبضة الإحتلال! مسكين هو البلد الذي يصل أمثال علاوي إلى مركز قيادته. إنه سيدفع الثمن لأجيال طويلة، إن لم يكن للأبد!

صالح المطلك؟...رمز الوقاحة والنفاق المشع، والذي لا يتورع عن أي شيء.. العاشق المجنون المتفرغ للدفاع عن فرقة "مجرمي خلق" التي دفعها الزمن الصعب لتصبح أداة بيد صدام في تحطيم شعبه وحرمانه فرصة الإنتفاضة على مضطهده لتستمر بعد ذلك في مهمتها الجديدة غير المشرفة، مجبرة أو راضية. المطلك، السمسار صاحب التاريخ الأكثر وضاعة، والباحث عن سيد جديد...أخجل من حتى تخيله رئيساً لحكومة العراق...!
في تصوري، إن كان الأمريكان قد نجحوا بتثبيت أنفسهم في العراق بواسطة سوء حكومة المالكي، فإنهم يطمحون بلا شك إلى إدخال إسرائيل إن تمكنوا من فرض حكومة من بقايا البعث. فهؤلاء تحت تصر الإحتلال، سواء برضاهم أو بالتهديد بما يملك الأمريكان من وثائق ضدهم، لذا فلن يعترضوا على أي شيء على الإطلاق! وأتوقع إطلاق حملة إعادة علاقة مع إسرائيل، فور تشكيل الحكومة الجديدة.

هكذا فالمرشحين كلهم جاهزين لبيع أنفسهم، ولدينا احتلال مستعد للدفع والضرب إن لزم الأمر، من أجل أن يحصل على كل شيء. إحتلال تقف مصلحته تماماً بالعكس من مصلحة البلاد وفي كل شيء! لو لم كان الوضع طبيعياً، لكان بإمكان البلاد تحمل محتال أو وضيع لفترة حكم تكلفها ما تكلفها وتذهب، لكن مع الإحتلال فأن الضرر سيكون ثابتاً ونهائياً وخطيراً! هل من مخرج من هذا الليل البهيم القادم؟ الليل الذي وضعنا فيه من وقع المعاهدة، لا وفقهم الله، واؤلئك الذين تساهلوا ومرروها رغم إدراكهم للخطر، سامحهم الله؟

2- ما العمل؟
في هذا "الليل البهيم"، هناك في رأيي فرصة صغيرة لإنقاذ مصير هذا البلد من خمسة سنوات جديدة من التدمير، وما يتبعها من تدهور لا نهاية له. والفرصة تكمن في رأيي في أن يعلن الإتئلاف الوطني العراقي، مرشحه لرئاسة الحكومة في حالة فوزه بالعدد الأكبر من المقاعد. وأن يقع خياره بعيداً عن مخاوف العراقيين المتمثلة بشكل خاص بـ عادل عبد المهدي وعمار الحكيم. المرشحين المناسبين لهذا الإعلان هو أي شخص مازال يحضى بالحد الأدنى من الثقة بين الناس. وفي تقديري أن إبراهيم الجعفري هو أحد أفضل الخيارات لهذا المنصب!

صحيح أن الجعفري لم يكن موفقاً تماماً في ولايته القصيرة الأولى، وحصل على بعض الخصومات، وارتكب بعض الأخطاء، بعضها مبدئي، لكن أحداً لم يتهمه بالتهم الخطيرة الموجهة الى المالكي أو عادل عبد المهدي أو عمار الحكيم. والإختيار المسبق، المتمثل بوعد من الإئتلاف الوطني العراقي باختيار إبراهيم الجعفري لرئاسة الحكومة يكتسب قوته من عدة نقاط مهمة:
الأولى كما أوضحنا، وهي الأهم، طمأنت الناس انها بالتصويت إلى الإئتلاف، فإنها لا تصوت لوضع عادل أو عمار في رئاسة الحكومة.
والنقطة الثانية هي أن الناس تبحث عن تغيير في وجوه الحكام الذين ارتبط إسمهم وصورتهم بالفشل والإحتيال، ولا يستبعد أن يصوت الكثير للبعث تخلصاً من هؤلاء الذين عذبوا قلبه سنيناً طويلة، وكانوا إضافة إلى ذلك، منبطحين أمام الإحتلال! إبراهيم الجعفري قد يمثل تغييراً مقبولاً لهؤلاء الناس، رغم انه قد لايمثل تغييراً في المؤسسة الدينية الفاشلة بالنسبة للكثيرين.
والنقطة الثالثة للجعفري فضل كونه من رافضي المعاهدة، ومعلوم للجميع أن الشعب العراقي كان رافضاً للمعاهدة بأغلبية ساحقة، حتى أن الساسة كانوا يترددون في الموافقة عليها خوفاً من رد الفعل الإنتخابي القريب. وأيضاً بدلالة اضطرارهم لتسميتها باتفاقية "سحب قوات" بدلاً من إتفاقية صداقة.
والرابعة للجعفري أيضاً شرف الموقف السلمي المحتج على إندفاع المالكي الفروسي في قصف مدينة الصدر والبصرة، ودعوته إلى محاولة حل المشكلة أولاً بواسطة المفاوضات والتفاهم.

والنقطة الخامسة للجعفري أيضاَ أفضلية كونه قد تم إقصاءه من قبل الإحتلال، وكان مرشح ممثلي الشعب العراقي بلا أي شك. ويمكن تذكير الناس في حملة الإنتخابات بالزيارة سيئة الصيت التي قامت بها سيئة الصيت كونداليزا رايس في نيسان 2006، إلى العراق، والتي أثمرت عن إجبار الفصائل العراقية على إلغاء انتخابهم للجعفري وانتخاب شخص آخر، والذي كان نوري المالكي. لذلك يمكن إثارة هذه النقطة، والتركيز على إعطاء أنتخاب الجعفري صفة الإنتصار للإرادة الشعبية على إرادة الإحتلال، خلال الفترة الباقية من الحملة الإنتخابية. يجب عدم الإستهانة بالحماس الذي قد تثيره في الناس فرصة لأختيار رافض للمعاهدة، وما يوحيه ذلك من ثقة في التعامل مع الإحتلال، ليحكم البلاد.

وفي الوقت الذي لا أشك فيه بأن مثل هذه الخطة قد تقابل بالمعارضة من عادل عبد المهدي أو غيره من الطامحين، لكن إقناعه أو إقناع المجلس الأعلى بضرورة الإجراء ليس مستحيلاً. فليس من المعقول أن يكون مصير الحزب رهناً بشخص له سمعة لص متلبس! يجب أن يفهم عادل (وعمار) أنه مرفوض شعبياً لمثل هذا المنصب، وأنه من الأسلم أن يخوض الإئتلاف الإنتخابات وقد طمأن الناس على منصب رئيس الحكومة، من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية.

هكذا فأن على الإئتلاف أن يكون واضحا مع ناخبيه، وليس ذلك ترفاً، بل ضرورة إنتخابية في ظرف حرج.
تبقى هناك نقطة واحدة، وهي أن الأمريكان الذين أزاحوا الجعفري حينها سيكونون أكثر إصراراً على إزاحته هذه المرة. فإن لم ينجحوا بتزوير الإنتخابات بشكل كاف، فإنهم لن يتورعوا عن القتل. هذه المخاطرة يجب أن يكون الجعفري مستعداً لها، ويمكن التخفيف من احتمالها إن تمكن من ترتيب الأمور بحيث يخلفه،إن حدث له مكروه، شخص يكرهه الأمريكان أكثر منه، كأن يكون من التيار الصدري! وهذه هي الطريقة الوحيدة لحمايته من "الإرهاب" في تقديري.

هذا تصوري للحل الممكن ويجب الإسراع بمناقشته وإعلانه لضيق الوقت الشديد الباقي قبل الإنتخابات.

 

20 تشرين الثاني 2009




 

 

free web counter