| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

الأربعاء 16/9/ 2009

 

الذي أرسل الحذاء في الإتجاه المعاكس!

صائب خليل

"أيلول" هذا العام منتفخ بالأحداث والذكريات الدولية. إنه فرصة لتنشيط التواصل بين الكتاب والقراء، لكنه أيضاً فرصة ذهبية لجس نبض الكتاب لأنفسهم، والنظر إلى أين يتجه اهتمامهم، وأي من هذه الأحداث سيكون سعيد الحظ بحصة أكبر من ضوء مصابيحهم. إنها فرصة لنا لنتفحص إن كنا نوزع اهتمامنا على القضايا حسب قيمتها الإنسانية أم نتجه إلى حيث يقول لنا الإعلام "الكبير" أن نتجه؟ هل نحن عادلون في توزيع اهتمامنا ، أم أننا نختار الضحايا "ألمناسبين" حتى في ألمنا الإنساني ؟ "المناسبين لنا، لطائفتنا، لقوميتنا، لطبقتنا، أو...المناسبين لـ "الإعلام الكبير"؟

طبعاً كانت جريمة 11 أيلول في مقدمة الإهتمامات.... ؟ 11 أيلول من أي عام؟ 2001 طبعاً!
لنأخذ مقالتين تحدثتا عن هذه الجريمة، ولنبدأ بمقالة جوزيف شلال: "في ذكرى 11 ايلول الاسود - لنفرض كيف سيكون العالم بدون اميركا؟".(1). سؤال وجيه ومثير للإهتمام فعلاً...يا ترى كيف سيكون هذا العالم؟

ولأن جوزيف يؤمن "بالعلم والفرضيات والاحتمالات والتوقعات والتخطيط السليم المبرمج المدروس الاستراتيجي الواقعي" كما يقول، فإنه يتبنى الرواية الأمريكية للجريمة بعكس من يصفهم بـ "البائسون والمشككون والمتخلفون حضاريا وعلميا وفكريا والمتشددون الحاقدون المتطرفون دينيا" لأن هؤلاء "يروجون ليلا ونهارا لفكرة ونظرية المؤامرة". لتفسير ما يصفه بأنه "من ابشع الجرائم التي عرفتها البشرية منذ نشأتها"!
ولم يخبرنا جوزيف شلال كيف قاس مكانة هذه الجريمة من بقية الجرائم التي عرفتها البشرية منذ نشأتها لنعرف إن كان مقياسه إنساني أم غيره، كما هي رغبتنا التي جاءت في مقدمة المقالة، لكنها أعطانا السبب في رأيه فهو: " ما وصلت وتوصلت اليه تلك الدول من التقدم والحضارة..."
السبب الذي يقدمه جوزيف يذكرني ببساطة بالخطابات الـ "البوشية"، ويذكرني أيضاً بمقال لشاكر النابلسي يفسر فيه حركة التاريخ بواسطة "الحسد" (2)

وحسب علمي أن مفكري العالم، بضمنهم مفكري هذه الحضارة "المحسودة"، توصلوا إلى أسباب أكثر إقناعاً.

يعود جوزيف ليعترف بأن " لأميركا اخطاء وسلبيات كثيره , ولكن لماذا يتشبث البعض بها دائما ومحاولة اللعب عليها؟"...فجوزيف يرى "ان العالم الغربي قد تغير وتبدل واميركا في مقدمة الدول التي انتهجت وتنتهج سياسه جديده في العالم"
وجوزيف لا يقصد بالطبع بالتغيير "سياسة أوباما"، فحماس جوزيف الأكبر طالما اتجه إلى إدارة بوش والليبراليين الجدد، اصحاب نظرية الحرب الإستباقية، وهنا نتفق معه : نعم تغيرت أميركا، فصارت أكثر وحشية وعدوانية من أي وقت مضى، وكرهها البشر أكثر من أي وقت مضى.
أما عن التشبث فمن يحتاج إلى "التشبث" ؟ وكأن اميركا تسمح لأحد أن ينسى جرائمها، عفواً أخطاءها؟؟ هل يمر أسبوع تخلو في الأخبار من تفاصيل اكتشاف "خطأ" أمريكي جديد يهز العالم؟

ويراجع جوزيف التاريخ فيقول أنه "منذ 1400 سنه والى الان وجدنا ان التاريخ الاسلامي مليئ باعمال وافعال يرثى لها العقل والجبين من القتل والاستعمار الذي يسمونه غزوات وفتوحات والاستحواذ على ممتلكات الكفار وسبي نسائهم مع الاغتصاب "، مذكراً بأن الكاتب ليس "ضد المسلمين ولن نكون يوما ما وانما نقف بقوة ضد كل فكر متطرف".
ويؤكد جوزيف أنه "لو عملنا احصائيه بسيطه في كل دوله عربيه وإسلاميه مما تم قتله والتنكيل بهم واعتقالهم على ايادي حكامهم منذ عام 1950 ولا نقول ابعد من ذلك والى عام 2009 لتجاوزت الاعداد والارقام عن ما قتل في الحرب العالميه الاولى والثانيه والحرب الباردة والحروب الاخرى الصغيرة هنا وهناك في العالم".
لا أدري كيف أدخل جوزيف الحربين العالميتين في الفترة بين 1950 و 2009، ولكن لنقل أنه سهو، ومع ذلك لا ندري كيف عمل إحصائيته البسيطة هذه، فالحربين العالميتين، قتلت ما يزيد على 60 مليون إنسان، فكيف قتل ونكل الحكام العرب أكثر من هذا الرقم؟ دع عنك بقية الحروب الباردة والصغيرة واعتبرها تبرعاً ...
وعلى أية حال يا سيدي، ما دمت مهتماً بالإحصاءات والأعداد، فأنا أراهنك من صندوق بيرة، على أن آتيك مقابل كل مذبحة إسلامية بعشرة أمثالها من المسيحية، منذ 1400 عام وحتى الآن، إتفقنا؟

وبعد أن ينهال جوزيف (بحق) على الحكام العرب السيئين، وإدارتهم لبلدانهم، قائلاً: "المشكله تكمن هنا في الحاكم وعصابات نظامه الذي كان السبب في ما حصل لشعبه ." ويتحدث عن "عقول الحكام وشعوبها متحجرة ومتخلفه وهذه الانظمه مهتمه بسرقات الموارد الماليه وشراء الاسلحه والمعدات للدفاع عن وجودها وكيانها وحمايتها ومطاردة من يعارضها من شعوبها"، يشير إلى نفاق هؤلاء الحكام الذين يهاجمون أميركا رغم "ان هؤلاء تربطهم علاقات وثيقه وسريه وشخصيه مع الانظمه والمخابرات الاوربيه والامريكيه"
دون أن يلاحظ أن ذلك يعني تآمراً أمريكياً مع هؤلاء الحكام على تلك الشعوب!!

يقول جوزيف "هذه الدوله الدينيه الممزوجه بالسياسه والسيطره وحب المال والنساء والجواري والحروب والقتال"....لو لم يقل "الجواري" لظننت أن جوزيف يتحدث عن أميركا!
ويضيف: "نحن نؤمن بوجود الله وملتزمون باخلاق الدين اكثر من غيرنا وخاصة من الذين ينبحون ليلا ونهارا بانهم اوصياء الله على الارض ولهم جميع الصلاحيات الالهيه ."
وهنا كدت أتصور أنه يتحدث عن بوش الذي قال أن الله أوصاه بشن الحرب على العراق ومحاربة الإرهاب...

ويقول جوزيف"نحن ندافع عن الحضارة الغربيه واميركا فقط , ولا ندافع عن السلبيات والاخطاء والممارسات غير الانسانيه لا لاميركا ولا لغيرها ."
والحقيقة يا صاحبي إنك لم تدافع إلا على الحثالات في أميركا، وتركت كل من له أية علاقة بالحضارة في هذه القارة، وهم كثر ننحني أمامهم تقديراً، وهؤلاء الذين يمثلون الحضارة الأمريكية التي تقول أنك تدافع عنها، من مارتن لوثر إلى توماس باين إلى نعوم جومسكي، هم أشد الناس احتقاراً لمن تدافع عنهم ويرون فيهم مدمرين لبلادهم.

ويسأل جوزيف "اذن ماذا تسمي حرب اميركا والعالم الغربي لانقاذ واستقلال شعب كوسوفو ؟"
لقد اسماها البعض من الشخصيات العالمية المرموقة بأنها كانت نقطة تحول في تجاهل القانون الدولي من قبل تحالف غربي، واحتلال أرض من بلد ذي سيادة واقتطاعها منه بدون موافقة مجلس الأمن. ما رأيك بالتسمية؟ ....
ويقول جوزيف "الدور الامريكي مطلوب في هذا العصر..... لولا اميركا لشاهدنا العديد من الدول المارقه قد امتلكت الاسلحه النوويه والبايولوجيه والكيمياويه.....لولا اميركا لكانت قد عمت فوضى في العديد من دول العالم للسيطره والاستحواذ على ثروات الدول والشعوب.... . لولا اميركا لرأينا حروبا كثيرة تحدث في اغلب مناطق العالم"!
العجيب أن أي من تلك الدول "المارقة" لم تستعمل يوماً سلاحاً نووياً، بل أن الذي استعمله هو أميركا، وأن من استعمل الأسلحة الكيمياوية إنما اشتراها من أميركا والغرب، ومن غطى على استعماله إياها في حلبجة وسردشت كان العروبي القومي والإسلامي المتطرف.... "كولن باول"!

يرى جوزيف شلال أن اميركا "مركز التوازن العالمي في الاستقرار والثبات وسوف تستمر هكذا حسب كل التقديرات والمعلومات والدراسات العلميه , وبعكس ما يروج له الحاقدون والكارهون والفاشلون والمتخبطون في المياه العكرة" .
ربما لا يعلم جوزيف أن أحد هؤلاء "الحاقدين والكارهين والفاشلين" هو الفيلسوف الأمريكي الليبرالي الجديد، هنتنكتون الذي قال أن "معظم دول العالم ترى في أميركا الخطر الوحيد على سيادتها"... أي أن "معظم دول العالم" اليوم صارت تشارك آية الله خميني في منح هذا البلد لقب "الشيطان الأكبر"، حسب رأي هذا الجهادي هنتكتون!
على ضوء ذلك، لو عدنا إلى سؤال جوزيف في عنوان مقالته عن شكل العالم بدون أميركا، نستنتج منطقياً أن معظم البشرية سيرون أن العالم سيكون أكثر أماناً وراحة... ولجوزيف أن يعتبر معظم البشرية من الإرهابيين إن شاء.

وللسيد "عزيز الحاج" مقالة (3) في الموضوع أقتطع منها بلا تعليق تقريباً فهي لا تحتاج إليه:
"تمر ذكرى الجريمة الإرهابية الكبرى في نيويورك وواشنطن، والتي هزت العالم، وبدلت الاستراتيجيات الدولية.."
وبعد أن يمتدح عزيز الحاج رد جورج بوش الحازم الذي دافع عن "أمن العالم"، يبدي إنزعاجه من "الدعاة المزيفون لحقوق الإنسان" الذين يرون (كالإسلاميين والقوميين) الحرب على أفغانستان والحرب على العراق حربين إمبرياليتين بينما "هما الحربان العادلتان" .
بل وينزعج عزيز الحاج من الرئيس الأمريكي (وهذه نادرة!) ، لأنه "قرر منذ اليوم الأول غلق غوانتينامو، وروج لكل المزاعم عن التعذيب ولا أخلاقية الاستجوابات والمحاكمات" لأن هذا أدى إلى أن الإرهابيين وجدوا لهم محامين، وراحوا يطالبون بمحاكمة عناصر المخابرات الأمريكية، "مما يؤدي لتفكيك وشل سياسة مكافحة الإرهاب"!
ويفند الحاج الأكاذيب والإشاعات التي أثارها المغرضون حول سجن غوانتانامو، وسلط الضوء عليه كمركز رياضي، فنقل عن عسكري أمريكي تأكيده على "حسن معاملة المعتقلين، وما هو مسموح لهم من ملاعب رياضية وكتب وتلفزيونات وأداء الصلاة."! وفضح الحاج أيضاً أن الترويج لممارسات تعذيب في غوانتانامو ماهي إلا مؤامرة من قبل الإرهابيين الإسلاميين لتشويه صورة أميركا التي قدمت لهم ذلك المركز الترفيهي، وأشار إلى اكتشاف وثيقة إرهابية داخلية تنص على ضرورة الكذب وإدعاء التعذيب!
ويبدو لي أن هناك متآمرين مع الإرهابيين داخل قيادات إدارة الرئيس الأمريكي، لأن هؤلاء قاموا بشرعنة بعض أنواع التعذيب. فلماذا يفعلون ذلك ولا حاجة لها، إن لم يكونوا مغرضين يهدفون للإساءة إلى الرئيس بوش "العظيم" كما وصفه الحاج في مقالة أخرى؟

عندما سألت في بداية المقالة: 11 أيلول من أي عام؟ قصدت أن العديد من كتابنا وكتاب العالم يعرفون 11 أيلول الأمريكية، ولم يذكر أحد تقريباً مذبحة أخرى أشد منها حدثت في نفس يوم 11 أيلول في شيلي عام 1973 حيث نسقت وكالة المخابرات الأمريكية إنقلاباً عسكرياً على الديمقراطية في شيلي، واغتالت سلفادور أليندي وأغرقت البلاد بمذابح تذكر بالمؤامرة الأمريكية المشابهة التي دبرت في العراق عام 1963، وفي الحالتين كما في حالات أخرى عديدة مشابهة في العالم، كان الجلادون يقتلون الناس حسب قوائم أغتيال قدمتها لهم السفارة الأمريكية، بشكل ورقة أو بالإذاعة، لتغرق البلاد في الدم والظلام عقوداً طويلة.
إنه "خطأ" من الأخطاء الأمريكية التي مازال البعض "يتشبث" بها للإساءة إليها.

ومع التركيز على الماساة الأمريكية أهملت الصحافة العربية مأساة عربية حدثت في أيلول (82) ، فلم أقرأ إلا إشارة إلى مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي ذبح فيها بوحشية غير معروفة عدد أكبر من ضحايا نيويورك، ( قدر عددهم حتى 3500 قتيل كلهم من الأطفال والنساء والشيوخ) في مذبحة استمرت 36 ساعة، على يد الميليشيا المارونية بترتيب ومحاصرة من قبل الجيش الإسرائيلي. (فلم مريع...) (4)

الإفراج عن منتظر الزيدي كان من أحداث أيلول هذا, والتي لم تحظ بالقدر المتوقع لها من التركيز، لحسن حظ الرجل، فيبدو أن خصومه قرروا أن أفضل سلاح لمواجهته هو الصمت. فبما أنه من الصعب إقناع الناس بسوء عمل منتظر، قرروا أن يتركوه، لعل الناس ينسوه. لكن الصمت لم يكن خيار الجميع.

وفي الوقت الذي كتب سعدي يوسف - مرحباً ، منتظر، اليومَ سأشــربُ كأســي شاياً بالعسلِ ......(5) فقد فضل العديد من الكتاب اتخاذ موقف أنتقادي لما فعله الرجل، متبنين موقفاً أخلاقياً تحدثوا فيه عن ضرورة الأدب ومراعاة مشاعر الضيف وأصول العمل الصحفي. فهذا هو أحمد أبو مطر يرى أنه يسير في اتجاه معاكس لحذاء الزيدي، وليس في ذلك أية غرابة لمن يعرف الدكتور...يقول : " بدأت حديثي بوصفه (عملا همجيا ، عملا حقيرا ، عملا لا أخلاقيا ، لأنه كصحفي سلاحه اللسان والقلم فاستبدلهما بالحذاء ، وهذا لا يليق بنا ككتاب وصحفيين عرب ).
أحمد لا يجد في العالم جريمة قد تكون أبشع من رمية حذاء، لكني من ناحية أخرى أتفق معه بأن عمل منتظر لا يليق بأحمد أبو مطر على الإطلاق، ولا أظن أن الزيدي سينزعج لذلك! (6)
كاتب آخر، استعمل الكلمات التالية في مقالة نشرتها "صوت العراق" لوصف ما حدث، قائلاً: "حيث عرض عدد من الإباء بناتهم هدايا لبطولة منتظر الزيدي ليفض بكارتهن بشرف حذائه... "(7)

هل من تفسير لكل هذا الكم من المشاعر الحادة المعادية؟ لنقرأ بعض الخطاب الذي القاه منتظر، وهو يستحق المشاهدة (8) أو القراءة (9).
الرجل قال أنه لا يعتبر نفسه بطلاً، وأن الذي دفعه هو الظلم الذي وقع على شعبه وإذلال وطنه بوضعه تحت جزمته وسحق فوق رؤس ابناءه، أضافة إلى ومليون شهيد وخمسة ملايين يتيم ومليون أرملة ومئات الألاف من المعاقين وخمسة ملايين مشرد. وقال أن ما دفعه لإرسال حذائه إلى بوش، فضائح ومجازر كانت تجرحه وتبكيه: "فضيحة ابو غريب مجزرة الفلوجة, النجف, حديثة مدينة الصدر, البصرة , ديالى , الموصل , تلعفر" وكيف أن عمله كصحفي جعله يرى مشاهد قاسية أعطته الإحساس بالعار لقلة الحلية.
وقال "لو علم اللائمون كم وطأت الحذاء التى قذفتها منازل مهدمة بفعل الاحتلال وكم مرة اختلط بدماء الابرياء النازفة وكم مرة دخلت بيوتاً انتهكت حرمات حرائرها ولعلها كانت الرد المناسب حين تنتهك جميع المعايير."
ويرد قائلا: "يقول البعض لماذا لم يسأل بوش سؤال يحرجه فيه في المؤتمر وانا هنا اجيبكم انتم يا معشر الصحفيين , كيف لي ان اسأل بوش وقد امرنا قبل بدء المؤتمر بان لا نطرح السؤال عليه , ممنوع اي شخص ان يسأل بوش وكنا نكتفي بالتغطية فقط كخبر".
وفجر الزيدي قنبلة كبيرة عندما فضح كذب المالكي قائلاً: "وفي الوقت الذي خرج به رئيس الوزراء العراقي في الفضائيات ليقول انه لم ينم الا بعد ان اطمئن على و انني قد وجدت فراش وفيراً وغطاء , في تلك اللحظات التى كان يتحدث بها رئيس الوزراء العراقي كنت اعذب بابشع انواع التعذيب صعق بالكهرباء ضرب بالكيبلات ضرب في القضبان الحديدة وفي الباحة الخلفية للمؤتمر الذي كان يجري وما زال يجري وانا اسمع اصوات المؤتمرين وربما كانوا يسمعون صراخ انيني وتركت في الصباح مكبلاً في مكان لا يقيني برد الشتاء القارص بعد ان اغرقوني في الماء منذ الفجر".
ورغم أن منتظر قال أنه يستشعر خطر تصفيته، لكن تصوري أن منتظر لا يتعرض لخطر التصفية الجسدية ، لأن من يدير الإرهاب في العراق لا مصلحة له بتحويل منتظر إلى رمز خالد، بل في قتل الرمز فيه أولاً إن استطاع.
قال منتظر إنه لن يدخل "غبار السياسة", وأقول له، بل ادخلها إن شعرت أنك قادر على ان تدافع عن شعبك فيها، فهذا الشعب بحاجة إلى من يثق به، اكثر بكثير من حاجته إلى مراكز الإيتام، رغم نبل هذا الهدف. إدخلها ولا تجعل قلقك من ادعائهم بأنك تستغل شهرتك من أجل مصلحة سياسية، يثنيك عما يخدم هذا الشعب.

هل في الخطاب من خطأ ؟ هل تفسيرات منتظر لعمله مقبولة, أم أن منتقديه مازالوا لا يصدقون بوجود مثل تلك المشاعر التي تحدث عنها منتظر وكانت وراء عمله؟ لعلهم لم يعرفوا يوماً مثل تلك المشاعر إذن!
ولنعد إلى قسوة الأحكام الموجهة إليه. هل حقاً يمكن أن تثير مخالفة "أصول الضيافة" كل هذه المشاعر في بلاد يسيل فيها الدم انهاراً والسرقات أمطاراً، أم أن وراء ذلك أسباب أخرى؟ وهل يمكن وصف حتى عمل مسيء للأدب، بأنه "عمل همجي ، عمل حقير ، عمل لا أخلاقي"؟ وهل يصدق أحد أن من يصف البنات اللواتي عرض آباءهن على الزيدي الزواج منهن، بأنهن "هدايا لبطولة منتظر الزيدي ليفض بكارتهن بشرف حذائه..." هل يصدق أحد أن الدافع لمن يكتب مثل هذا النص هي الغيرة على الأدب، أو الحرص على "أصول العمل الصحفي"؟

قال عزيز الحاج أن جريمة 11 أيلول " هزت العالم، وبدلت الاستراتيجيات الدولية.." ويتفق نعوم جومسكي معه لكنه يختلف حول السبب في ذلك التبديل. فيرى جومسكي ان السبب في كون الجريمة نقطة تحول ليس بشاعة الجريمة أو أنها كانت بحجم غير معتاد، بل لأن هذه الضربة جاءت لأول مرة في التاريخ في الإتجاه المعاكس لما هو معتاد، حيث كانت الكوارث وجرائم الحرب كلها تديرها أميركا لتقع في بلدان الدول الضعيفة، لكنها هذه المرة جاءت في دار أميركا نفسها، لذا قام العالم ولم يقعد!

في أغنيته الجميلة يوجه لطفي بوشناق أسفه إلى الأميرة ديانا التي قتلت, ويقول لها أننا نحبها ونحب الحياة، لكنه يعود ويتذكر ببعض الغضب: "لكن ألف ديانا تموت... ما بين القدس وبيروت.." ولا تحظى أي منهن بجزء مما حظيت به الأميرة. كانت أغنيته صرخة "لماذا"؟ غاضبة في وجه هذا النفاق.

وإذا كنا تعودنا التمييز ضد العرب من قبل الغرب فما هو الدافع لتمييز العرب أنفسهم ضد أنفسهم؟ لماذا يرون أرواحهم كـ "حزمة ريش لا تؤثر في الميزان" كما تقول بقية أغنية بوشناق؟
إن وراء هذه المواقف المنحرفة القياس كل قصص تثبيت الإحباط التي تمارس على الشعب العربي والشعوب التي تسكن الأوطان معه، والشرق كله...إبتداء من المحاولات المستميته، خاصة في المسلسلات التلفزيونية، لإعادة الإعتبار إلى كل وضيع في تاريخ هذا الشعب، من نوري السعيد وعبد الإله إلى الملك فاروق الذي كان سلامة موسى يصفه بـ "القميء".
ويتبادل الأصدقاء فيما بينهم ببراءة، إيميلات معدة خصيصاً لذلك مثل إيميل من 12 نقطة يبدأ هكذا:
1. هم الغرب ونحن العرب......والفرق بيننا نقطة.
2. هم يتفاهمون بالحوار ونحن بالخوار.....والفرق بيننا نقطة.
...وهكذا لينتهي:
12. هم صاروا شعب الله المختار ونحن لا زلنا شعب الله المحتار........والفرق بيننا نقطة. !!

كتب لي صديقي نديم جابر، ما قد يشرح هذا، قائلاً:
منتظر الزيدي بذئ لأنه فجر غضبه بحذاء.
لو لم يكن بذئ لأستعمل اليورانيوم المنضب ضد اطفال اعداءه ولتمكثت السموم في ارضهم (مليارات) السنين.
بوش مهذب.... لم تمتد يده لحذاء أبدا.... حتى عندما كان يقاتل في فيتنام...
هناك كان يقاتل (على ما اعتقد حماس ... حزب الله.... الهنود الحمر...الشيوعيين الحمر.. او الشيوعيين الصفر...
ابناء الشعب العراقي الذين قالوا لا للأتفاقية المقيته....هؤلاء من بقايا صدام. ......صدام...! كيف....الم يكن صدام عميلا لهم حسب تصوري.....?
حزب الله متخلف لانه حرم السواح السرائيليين من السفر الى بيروت بقيادة شارون ذهابا وإيابا دون منغصات وحرم اطفال صبرا وشاتيلا من علب عنقودية ذات الوان زاهية, خصوصا ونحن على ابواب اعياد رأس السنة

نعم يا صديقي، قالوا عن الرافضين من بقايا صدام، وقالوا أيضاً عن تصرف منتظر أنه "تربية صدامية" لكن صدام لم يعلم الشعب يوماً أن يضرب مسؤوليه بالأحذية، بل علمهم أن يتحملوا أن يضربهم المسؤولون بالأحذية، ويبدو أن الجماعة لا يرون الفرق. صدام علمهم أن إهانة المسوؤل وإزعاجه "عمل همجي ، عمل حقير ، عمل لا أخلاقي" يستحق عليه الويل والثبور...فمن الذي تعلم دروس الأخلاق من صدام، منتظر أم منتقديه؟

منذ سنين طويلة، وكل يوم يضرب في هذا البلد الآلاف بالقنادر وما هو أشد الماً وإهانةً من القنادر، دون أن تثير "قلة الأدب" تلك أي من "البيوريتانيين" الغاضبين من منتظر، ليكتب مقالة، إلا أن حذاء منتظر أثارهم و "تغيرت استراتيجية العالم" لأن الحذاء أطلق هذه المرة بعكس الإتجاه المعتاد للأحذية!

 

16 أيلول 2009
 


(1) http://al-nnas.com/ARTICLE/JShalal/13spt.htm
(2) الأستاذ شاكر النابلسي ونظرية الحسد في تفسير التأريخ
http://www.yanabeealiraq.com/articles/s-kalil180808.htm
(3) http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=47167
(4) http://video.google.com/videoplay?docid=-5386098948190869716#docid=6734741811549671298
(5) http://www.yanabeealiraq.com/articles/sadi_yousif130909.htm
(6) http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?t=34899
(7) http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=47389
(8) http://www.albaghdadia.com/n/muntadar/9138-2009-09-15-10-15-39.html
(9) النص الكامل لكلمة الزميل منتظر الزيدي خلال المؤتمر الصحفي بمقر القناة في بغداد بعد الافراج عنه
http://www.albaghdadia.com/n/muntadar/9140-2009-09-15-18-03-12.html
(10) الإحساس بالدونية وراء الهجوم على منتظر وليس الحرص على التهذيب
http://www.yanabeealiraq.com/articles/s-kalil181208.htm
(11) قصتان قصيرتان، عن الغزالة والجرذان، وعار عشيرة الشجعان
http://www.yanabeealiraq.com/articles/s-kalil281208.htm
 

 

free web counter