| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الأثنين 14/1/ 2008



اخيراً، همسات انتصارات قادمة لشعب العراق....

صائب خليل

إن سمح لنا نيتشة باستعارة صغيرة..فهي همسات اخبار سعيدة تحملها نسمات لاتطرق إلا الآذان المرهفة...فلنستعد يا اخوتي للإحتفال بالأخبار السعيدة...ليس لهذه الإنتصارات علاقة بـ "المصالحة" او "اقرار قانون النفط" او "الصحوات" او "الميليشيات" ولا حتى ضرب "القاعدة"...فكل هذه "الإنجازات" تثير فيّ شكوكاً بوجودها وان وجدت لا ادري ان كانت انتصارات فعلاً ام لا. قد تكون وقد لاتكون، ليس لدي طريقة لقياسها بشكل اثق به. لكن من بين كل المآسي التي يمر بها العراق وشعبه، هناك علامتين لإنتصارين محتملين كبيرين، ليس هناك اي شك بهما ان تحققا..ألأول في الحصة التموينية والثاني في النفط!
في الأول نسمع همس النصر فيما قاله عضو مجلس النواب عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار والاعمار حيدر العبادي، عن شبه اتفاق بين الحكومة ومجلس النواب على ابقاء البطاقة التموينية على ما هي عليه لمدة ستة أشهر أخرى!!
انه انتصار كبير وان كان غير كامل، على صندوق النقد الدولي. النصر الكامل حين يصدر قرار بالإستمرار بالحصة التموينية (وان امكن زيادتها) حتى يتم تحسين الوضع المعاشي للمستفيدين منها ولا يعود لها من داع. اي حين تستبدل بنظام دعم اجتماعي جيد للعاطلين عن العمل. اي حين ترتب الأولويات كما يريد الشعب وليس كما يريد الصندوق. لقد ربحنا معركة ولم نربح الحرب بعد، لكن ربح معركة يستحق الفرح والإبتهاج فلا تبخلوا بهما.

في حرب النفط التي مازالت بعيدة عن النصر، ربحت معركة هامة ايضاً حيث اثمر الضغط الشعبي الهائل عن نتائج مهمة، فبعد النجاح في فضح قوانين شراكة الإنتاج من قبل ليس فقط عن طريق منع توقيع قانون النفط ذو "عقود مشاركة الإنتاج" سيئة الصيت والمخالفة للدستور والمناسبة للشركات دون الشعب, بل ان وزير النفط العراقي صار يتحدث لأول مرة عن "عقود الخدمة"، بعد ان كان من دعاة قوانين "مشاركة الإنتاج" التي تريدها الشركات، وهو انتصار هام جداً. كذلك لم تتمكن حكومة اقليم كردستان التي تمثل الموقف الأكثر تطرفاً في الطيف السياسي العراقي في قربه من ارادة الشركات، والمتبنية الموقف الأكثره اضراراً بالشعب وخاصة الكردي، لم تتمكن من اقناع الجهات التي كانت تعول عليها في الحكومة الأمريكية بمساندتها لتمرير قوانين الشركات تلك. فقال عمر فتاح حسين بأنه "قابل نائب الرئيس الأميركي ديك جيني ومسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع والبنك الدولي... وأضاف... إن الأميركيين طلبوا منا عدم التسرع في إبرام العقود النفطية، و إنه من المستحسن مراعاة قانون النفط العراقي". تصوروا انه حتى اشد متطرفي الأمريكان واصحاب المصالح النفطية المباشرة مثل ديك جيني كان اكثر تعقلاً وتفهماً للموقف من أعضاء حكومة كردستان وطموحاتهم. بعد ذلك بدأت حكومة الإقليم تتعامل بأسلوب يختلف عن البداية المتميزة بالعنجهية واحتقار اعتراضات الحكومة, فقد حضر رئيس وزراء إقليم كردستان إلى بغداد بصحبة وفد لمناقشة العقود النفطية التي وقعتها حكومة الإقليم مع الشركات الأجنبية، وكما يظهر فإن النتيجة كانت سلبية بما يتعلق بحكومة الإقليم، وهذا ايجابي بحد ذاته.. إذ إن عملية العقود برمتها غير قانونية وتجاوز على القانون والدستور والسلطة الإتحادية، والمفروض ترفض أصلاً، وكما أوضحت الدراسة القيمة للأستاذ فؤاد الأمير (1).
اعتدنا ان نحتفل بمناسبات لا تعنينا، فهل لانفعل حين نحقق انتصاراً يكسر سلسلة الهزائم؟

لكن المعارك لم تنته طبعاً، فهناك معركة مقاومة اعادة الفاشستية الى السلطة (الأمنية خاصة) والتي تبذل فيها الحكومة الأمريكية جهوداً كبيرة، وكذلك هناك مخاوف عظيمة من اتفاقية امريكية عراقية لإبقاء القواعد الأمريكية ومركز قيادة العمليات الذي يسمى "سفارة" في العراق وهناك مشاريع عديدة للقضاء على البقية الباقية من "الديمقراطية" وتشمل كل انواع دعوات "البدء من جديد" وتقاسم السلطة على اسس تتجاهل نتائج الإنتخابات، وهناك ايضاًالمشروع الخطير لإقرار التصويت الألكتروني السري في البرلمان والذي سينهي اي بقية لإحترام دوره واي حديث عن شفافية ان هو اقر، حيث سيمكن تمرير قوانين لا احد يعلم من أيدها, وسيكون المواطن في الإنتخابات القادمة "مثل الأطرش بالزفة" لايدري من صوت على ماذا ومن يصدق.
وهناك مشاريع الخصخصة وهناك استعادة بعض السيادة والكرامة من بلاك ووتر وبقية الشقاوة الدولية وهناك معركة الديون الفاسدة التي لم يتصدى لها اي حزب عراقي للأسف وستبقى وصمة عار لاتستثني احدً, وهناك "الجزية النفطية العراقية للأردن" بكل اسرارها الغريبة التي حاولنا فضحها ولم نلق صداً لحد الآن لما فضحناه. ورغم ان هناك مبادرات اردنية عراقية حول الإعتراف بجوازات سفر معينة وتفاصيل اخرى ربما تذر الرماد في العيون حول العلاقة النفطية المشبوهة بين العراق والحكومة الأردنية ذات التأريخ الأسود مع العراقيين(2)، فاننا نصر على كشف اسرار ومكان ذهاب تلك المساعدات قبل الإستمرار بها وزيادتها على حساب نفط الشعب العراقي كما يخطط الطرفان (3).
هناك ايضاً التحقيق وكشف نتائجه فيما يتعلق بالجنود البريطانيين الذين امسكوا متلبسين بادوات الإرهاب في البصرة وحين امسك بهم متلبسين فقتل البريطانيون بعض من امسكوهم، فكان رد الجعفري على ذلك اقرب الى الإعتذار من القتلة! (4)
وهناك قصة اطفال النعيرية التي تشير الى عملية ارهابية امريكية لقتل اطفال عراقيين من اجل القاء اللوم على المسلمين المتطرفين واقناعنا بأن من المستحيل علينا العيش دون قوات امريكية تحمينا من جنوننا. (5)

هناك وهناك...معارك كثيرة صعبة ومخيفة وغير مؤكدة النتائج ويجب ان تبقى صورتها ماثلة امامنا كجدول من نقاط صراع "عراقية" نقيم جهودنا ومواقف السياسيين العراقيين ومواقف الحكومة على اساسها وليس على اساس ما تضع لها الحكومة الأمريكية من اهداف. لكن هذا الجدول الطويل وتلك الحقائق الصعبة لايجب ان تحجب النقاط حين تضيء بتحقيق نصر او تقدم.
لاتقولوا "الهزائم اكبر" لاتقولوا "انتصارات فارغة"!...لايمكن للأشياء ان تكون مهمة حين نفقدها وغير مهمة حين نحصل عليها! لايمكننا ان نبكي عليها ان خسرناها ولا نحتفل بها ان ربحناها، فإن فعلنا ذلك كنا منافقين بل ومرضى يبحثون عن سبب للبكاء!

كتبت يوماً:" قتل.. ولكن....نهب ولكن..خوف ولكن...جيش من "لواكن" العراق يقف في وجه الإنهيار...
جيش من الجنود المجهولين الذين لا يعلم بهم احد...جيش من امثال "عثمان علي" و "علي سيف"..
ربما يمنعنا احد من ان نراهم, وربما لا يدعنا احد ان نسمع صوتهم, ربما يريد احد ان لا نعرفهم..
لكن تأخر انهيار العراق يشي بوجودهم...وبجهودهم..
لنتذكرهم في كل مرة تمر مأسآة عراقية جديدة امام ناظرينا..والعراق مازال واقفاً..
لنترقب هؤلاء الأبطال من بين سطور اخبار الوطن...ولنرهف السمع لهمسات انفاسهم...
ففي همساتهم بين الضجيج, وفي لمع عيونهم خلال الظلام... اكسير الحياة لنفوسنا المرهقة..
ولنرسل تحية حب وامتنان...لـ "لواكن" العراق المجهولين!
ولنقم لهم نصباً في ضمائرنا..ولنصلّ..ان لا يتعبوا.."

والآن وقد بانت طلائع افراح، لنهنئ انفسنا و"لواكننا" الرائعين الذين سنعرفهم يوماً. لنفرح حين يمكننا، فالفرح ضروري لصمود الإنسان، ولعل هذا يفسر دوافع من يجهد لمنع العراقيين من اي فرح. فلنحتفل ولتكن اقداحنا جاهزة للمزيد!


(1)
http://al-nnas.com/ARTICLE/is/12oil.htm
(2)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=120128
(3)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=120437
(4)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=46809
(5)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=99928




 

Counters