| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

                                                                                       الجمعة  11 / 7 / 2014


 

هل يستطيع الإنس والجان إحصاء السكان في كردستان؟

صائب خليل  

في إحدى مقالاته التربوية التي يعرج فيها على موضوع الـ 17% و جدل "المتاجرة به" يذكر صديقي أمين يونس وفي ذات العنوان أن: "الفاسدون لا يحبون الإحصاء" وكم هو محق! لقد استخدم ساسة الكرد حججاً متعددة للدفاع عن الـ 17%، مثل تكرار القول بأن ما تحصل عليه كردستان هو 10.5% ، و "أن سكان الإقليم قد تكاثروا ولم يعودوا بنفس العدد القديم للإحصاءات القديمة"، وكلاهما حيلتين من حيل التجار المحتالين الصغار، ويسهل الرد عليها بسرعة : الـ 10.5% حيلة حسابية بعدم احتساب الكلفة السيادية ، وزيادة عدد السكان لا يعني بالضرورة زيادة نسبتهم إلا إذا افترضنا أن الباقين لم يزيدوا!
لكن هناك حجة واحدة أكثر منطقية وقوة، وهي: أمتناع بغداد عن إجراء الإحصاء السكاني!

ذكرتني مقالة أمين الجميلة بنقاش دار على الفيسبوك مع أحد القراء الكرد حول كركوك وما حدث لها، وكانت قضية الإحصاء السكاني هي حجته الأساسية في دفاعه عن احتلال كردستان لكركوك، وهو ذات الرد الذي واجهني به أحد معارفي حينما عاتبته أن حزبه لم يطرح قضية الـ 17%. والحقيقة أنها الحجة الأكثر رواجاً، والتي يبدو أنها تبرر "كل شيء"، فما دمت ترفض الإحصاء، فأنت تهرب من الحقيقة. اليس كذلك؟ ليس بهذه البساطة. رد تلك الحجة ليس صعباً حقاً، إنما يتم الهرب لأسباب أخرى.

إضافة إلى ذلك، ساند هذا “السلاح” في تبرير استيلاء البيشمركة على أراضي عربية من كل المحافظات المجاورة (تماماً مثل إسرائيل!) : فمادمتم ترفضون الإحصاء فهذا إقرار بأن تلك الأرض ذات أغلبية كردية. فتوسعت الأراضي "المتنازع عليها". ويكفي أن "تنازع" على أية قطعة أرض تشتهيها لتصبح تلك الأرض "متنازع عليها"، ثم لتصبح بقرار كردستاني ، أراضي "مسلوخة من كردستان" ثم قرار آخر يجعلها أراضي "كردية خارج حدود الإقليم".. ولا تحتاج بعد ذلك إلا إلى "حدث" ما، يمكن أنتظاره أو الترتيب له، ليتم إدخال تلك الأراضي الكردية، إلى داخل حدود الإقليم، وكان آخر تلك الأحداث هجوم إرهابيي داعش الذي "أسفت القيادة الكردية له" لأنه أعطاهم الفرصة (دون أن يشاركوا به!) لإدخال أراضي كردية واسعة إضافة إلى "قدس الأقداس" كركوك كلها، إلى داخل حدود الإقليم، حيث مكانها “الطبيعي”... في تلك اللحظة يتوجب على الحكومة أن تقوم ببعض الضوضاء لتساعد الناس على عبور الصدمة الساخنة ثم اللجوء إلى النسيان، في انتظار الصدمة التالية.

يجب أن أوضح هنا إنني حينما أتهم الحكومة أو المالكي دون ذكر المعارضة والنجيفيين مثلاً، فليس ذلك لان هؤلاء الأخيرين أفضل، بل العكس تماماً، فهؤلاء قد باعوا أمهم وأبوهم للدولار، وإن كانت الحكومة تصدر بعض الضوضاء في كل نكسة، فإن هؤلاء لا يصدر عن ضميرهم أي صوت إطلاقاً، بل أنهم يرسلون التهاني والتقدير والإعجاب لمن تآمر على محافظاتهم ذاتها واستولى على أراضيها، فهولاء من أخس البشر إطلاقاً. كذلك أوضح أني هنا لا أقول أن كركوك عربية أو أنها ليست كردية، والحقيقة أني لا اعلم إن كانت كذلك أم لا، فالحقيقة ضائعة تماماً، وكان ساسة الأكراد (كلهم!) أكثر حماساً في تكريد كركوك مما كان صدام في تعريبها فضاعت الحقيقة بين الشلاتية من الجهتين.

أدرك أيضاً أن كردستان أخذت ما أرادته بقوة السلاح وليس بالحجج، وبالتالي فأن رد الحجج لن يعيد ما سلب بالقوة، ومع ذلك فإن لتلك الحجة أهمية أدبية، حيث أزالت الكثير من الحرج الأخلاقي عن عمليات الإستيلاء والسرقة التي قام بها المعتدي، فأخرت وعي المعتدى عليه وجعلته أكثر استعداداً للإعتداء التالي، ويبدو لي أن حكومة المالكي تدرك ذلك وموافقة أو مرغمة عليه لذلك فهي لا تجري الإحصاء، ولا ترد على المطالبين به. والرد سهل تماماً، وهو "إستحالة إقامة إحصاء صحيح في الإقليم"، وأن النتائج ستكون مزورة بحجم لا يعلمه إلا الله، وليست البرهنة على ذلك صعبة. صحيح أن الجميع في العراق مزورين، لكن لا أحد يستطيع اللحاق بكردستان في ذلك، فالتزوير كأنه يجري في دمها، وعندما يكون ذلك ضد العرب، سيصمت الجميع، حتى الشرفاء! لقد كشفت صدفة أن المصوتين الكرد في روتردام كانوا يعرفون كيف يمسحون الحبر الأزرق، وقال احدهم بوجود شاهدة عربية من معارفنا كانت تعرف الكردية، ولم يكن يعلم بها أنه قد صوت ثلاث مرات وهناك آخرين صوتوا أربعة مرات! وقد تداولت الأخبار شهادات مماثلة في مدن أوروبية أخرى، وكانوا يسيطرون على المفوضية العليا للإنتخابات برئيسها المحتال ولجانها في الخارج.. لكن دعونا نكتفي بـ "شهودِ من أهلها":

يكتب أمين يونس في مقالة "امينة" بعنوان "مُ...حامِيها .. حَرامِيها" :
"جرتْ يوم الأربعاء 30/10/2013 ، في أربيل إنتخابات نقابة المحامين في أقليم كردستان ، لإختيار (نقيب المحامين) في الأقليم . وكان مجموع المتواجدين الذين يحق لهم التصويت [1453] محاميا وحقوقياً .. وبعد فرز الأصوات وعّدهِا من قِبل اللجنة المُراقِبة وتحت إشراف قاضٍ ... كانتْ المفاجأة ، ان عدد الأوراق الموجودة في الصناديق ، يبلغ [1470] ، أي يفوق عدد الذين يحق لهم التصويت ب (17) ورقة ! . وكان مُرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ، هو الحاصل على عددٍ أكبر من الأصوات
وبإعادتها وفاز مُرشح الحزب الديمقراطي .."سردار هركي" عضو اللجنة القانونية في برلمان أقليم كردستان ، والحقوقي المُنتمي للإتحاد الوطني ، والذي كان حاضراً في الإنتخابات ، قال لمحطة ن.آر.تي ، انهم أي الإتحاد الوطني الكردستاني ، يُشككون في الإنتخابات ونتائجها ، وأنهم لن يُوقعوا على إستمارة التصديق !. الفضيحة التي حدثتْ ، مُخجِلة في الحقيقة .. أنْ يحصل تلاعُبٌ وتزويرٌ صارِخ ، في الإنتخابات الخاصة ، بهذه الشريحة " الواعية والمثقفة"، والتي تعتبر نفسها، من النُخبة .. فان ذلك مَدعاة للإحباط ومدعاة للخجل أيضاً . قال أحدهم : أصبحَ مُحاميها ... حراميها !"
أمين من القلة النادرة الذين يكتبون بالعربية من كردستان، وتشعر بالتأكيد أنه ليس جزءاً من المؤامرة الإسرائيلية على العراق وعربه، ولا على الإنسان.

وقبل فضيحة نقابة المحامين ببضعة أشهر، نشر خبر آخر يقع ضمن نفس الموضوع، عن شكوك بشأن زيادة "غير طبيعية" في نسبة سكان أربيل ودهوك.، مقارنة مع انتخابات 2009، لغرض تزوير الأصوات في الإنتخابات لصالح "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي يسيطر على المدينتين. واتهمت "أشتي عزيز"، النائب عن “التغيير” حكومة كردستان بإضافة 490 الف شخص (قرابة نصف مليون)، وأكدت أن هويات الأحوال المدنية وبطاقات تموينية أصدرت لأكراد سوريون لهذا الغرض!(1)
وقد أضطر وزير التخطيط الكردي في حكومة الإقليم الدكتور علي سندي إلى عقد مؤتمر صحافي إثر الفضيحة، أكد فيه عدم وجود زيادات كبيرة وقال أن «الأرقام المعلنة هي تقديرية، وليست نهائية" وأن هذه الأرقام لا تستخدم لتحديد مقاعد البرلمان (2) وشكل برلمان كردستان لجنة تحقيقة في الأمر(3)

لقد انتبهنا إلى تلك الزيادات المفاجئة، وقمنا في وقتها بحسابات لهذه المهزلة فتبين لنا أننا إن صدقناها فإن "سكان كردستان يتضاعفون كل عام، وسيسبقون الصين خلال ثمان سنوات!" (4)

لكن كل سخرية العالم وكل براهينه وحساباته ووثائقه، لن تستطيع أن تعيد ما سلب بقوة السلاح والإبتزاز وأخلاقية الرشاوي والكذب وفرض الأمر الواقع التي تدرب قادة كردستان عليها على يد كالبريث. وبالعودة إلى موضوع المقالة، نسأل: من يستطيع أن يثق بمثل هؤلاء؟ صحيح أن بغداد لا تتورع عن التزوير والغش، لكن هذا الأمر عبر كل المراحل في كردستان، وصار علماً وفناً ووقاحة لا منازع لها! إذا كان التزوير من أجل كسب الصراع بين الكرد انفسهم يبلغ هذا الحد حتى في نقابة المحامين ذاتها، فكيف يمكن إجراء أي إحصاء في كردستان، ومن سيصدق نتائجه وبمن تثق ليشرف عليه، في زمن صارت فيه حتى الأمم المتحدة من عاهرات أميركا وإسرائيل وذيولهما؟ كيف يكون الأمر عندما يتعلق بالسلطة وبمليارات الدولارات، ويكون الذي في الجانب المقابل هم العرب، حيث يعفى الضمير الكردي من أي صحو، وتكون كل الطرق مشروعة، ويكون النهب (من العرب بالذات) واهانتهم موضوع تفاخر، يكسب به الساسة أصوات ناخبيهم؟ كيف عندما يكون في الجانب المقابل، “العراق”، حيث يعتبر كل مكسب، "شعراية من جلد خنزير" في الثقافة الكردية؟ هذا هو على الأقل انطباعي وانطباع الغالبية الساحقة من العرب في العراق، وهو انطباع جديد خلقته السنوات القليلة الماضية من تصرفات ساسة الكرد وفي كل المواقف بلا استثناء، ولم يأت عن وهم أو جينات قومية شوفينية، ولا اوحى لنا به صدام أبداً!

ليس هذا المقال من أجل العتب، بل لنقول: إذن، لا يمكن عملياً إجراء تعداد للسكان في كردستان أو كركوك - وبالحد الأدنى من المصداقية، تحت سلطة البيشمركه، وإن جرى فلن يثق أحد به، ولن نراه سوى تثبيت لكذبة كبيرة وتوثيق لها، والغاء أي أمل بأن تظهر الحقيقة مستقبلاً إن جاءت إلى العراق حكومة تحترم نفسها وفرضت سلطة توازن سلطة البيشمركة ورفضت الإبتزازات التي لا نهاية لها اليوم.

هذا كله من ناحية، وهناك ناحية أخرى، وهي: ما الذي يمكن أن نأمله من إحصاء السكان هذا؟ ولنفرض أن هذا الإحصاء جرى بأعجوبة وكانت نتيجته أن نسبة سكان الإقليم هي 12% مثلاً (بافتراض زيادة في نسبتهم بمقدار 8% تقريباً عن الماضي، وهي نسبة كبيرة)، فهل سوف يمكن فرض هذه النسبة بدلاً من الـ 17%؟ هل المشكلة في نقص الدلائل على كذب الـ 17%؟

أنظروا معنا مرة ثانية هذا الخبر عن تقرير من برلمان كردستان،(5) الذي يقول "ذكر رئيس اللجنة المالية والشؤون الاقتصادية ببرلمان كردستان، ان ميزانية الاقليم للعام 2012 الحالي تبلغ 10.7% من الموازنة العامة للعراق... وقال آراس حسين في تقرير للجنة المالية النيابية، ان "موازنة العراق لعام 2012 الحالي تبلغ 117 ترليون و123 مليار دينار عراقي، حصة اقليم كردستان من هذا المبلغ للعام ذاته تبلغ 12 ترليونا و604 مليارات، أي بنسبة 10.7% من موازنة العراق".

ولفت الى ان "عدد سكان اقليم كردستان يبلغ 4 ملايين و189 الف شخص، ويشكلون 12.6% من مجموع سكان العراق. وأشار الى ان "حاجة حكومة اقليم كردستان لعام 2012 الحالي، التي طلبتها مؤسسات الاقليم، تصل الى 20 ترليوناً و827 مليار و63 مليون دينار، ولكن ليس بامكان الحكومة توفير سوى 52% من تلك الحاجة".

ما الذي نفهمه من هذا الخبر؟ أولاً إن رئيس اللجنة المالية والشؤون الإقتصادية في برلمان كردستان، لا يأنف من الإحتيال بتكرار نفس المراوغة الحسابية الرخيصة التي رددها عدد كبير من نواب كردستان وساستهم، بحذف الكلفة السيادية من حساباتهم، لكي يظهر أن كردستان تحصل على 10.7% وليس 17%.. ونلاحظ أيضاً أنه يعتني بكلماته بدقة المحتال الذي يعرف تماماً حقيقة ما يقول، فهو لا يقول أن تلك هي حصة كردستان مما يوزع بينها وبين العراق، بل من "موازنة العراق"، لأن "موازنة العراق" تشمل الكلفة السيادية التي تخصم من حسابات كل الجهات، ولا معنى لإضافتها على الحساب. وبالتالي فهو يعطي الإنطباع الكاذب الذي يريده، دون أن يقول الكذب بشكل رسمي. الهدف من هذا طبعاً إثارة الغضب عند الكرد ودفعهم للوقوف وراء هذه الكذبة الملفوفة بالأرقام، والإيحاء لهم بأنهم يستلمون أقل من حصتهم رغم أن كردستان "تحتاج" بقدر هذا مرتين! ويهيء هذا الخطاب الجو للمزيد من الإبتزاز مثلما يفعل قول العديد من ساسة كردستان مثل "مسؤول العلاقات الخارجية فلاح مصطفى (6): "يجب ان يحصل اقليم كوردستان على اكثر من 17% "، موضحا انه "عندما قبلنا بهذه النسبة فاننا ابدينا المرونة في القبول بها لحين اجراء احصاء سكاني في العراق". ويشير مصطفى الى ان "صدام حسين برغم دكتاتوريته وفي اطار برنامج النفط مقابل الغذاء كان يعطي اقليم كوردستان العراق الغذاء بنسبة ما بين 13 الى 15% "، مستدركا أن "سكان العراق كان اقل من الوقت الحالي.

وطبعاً فهي كذبة أخرى، لأن تلك النسبة لم يمنحها صدام وإنما فرضت عليه من الأمم المتحدة المتحيزة طبعاً للكرد وضد صدام، والكذب هو القاعدة عندما نستمع إلى قادة كردستان، ولا مفر من ان يكون "المتحدث" هو الأكثر ممارسة لهذا الفن كما تتطلب مهنته في كل مكان.

وأهم من هذا كله بكثير هو ما جاء في الخبر من الذكر المباشر والصريح بأن نسبة سكان الإقليم هي 12.6% وهو غير صحيح بالتأكيد، لكنه كذب اقل وقاحة من الـ17% التي اهداها المرشو علاوي. ورقم برلمان كردستان أقل ايضاً من الرقم الذي اقترحه الشهرستاني (13%) فقامت عليه القيامة. تخيلوا معي ما وصل إليه الحال في هذه العلاقة المقيتة: برلمان كردستان يقول أنهم 12.6% والشهرستاني يقول لتكن حصتهم 13% ، فيحصل على المسبات والتهديدات ويعتبر عدواً للشعب الكردي! رجل يعطي الكرد أكثر مما يعطيها برلمانها ذاته، ولا ينجو من هجوم حتى أشرف الكتاب الكرد، دع عنك السنة لصوصهم أقلام أبواقهم! ببساطة لأن أحداً منهم، حتى أشرفهم، ليس مستعداً للتخلي عن الغنيمة الدسمة التي تزيد عن 5% من الرقم الكلي ، وهو ما يمثل 30% من موارد كردستان من أجل بعض الصدق! ما دامت حكومة العرب راضية ومشغولة بمشاكلها وبمقاومة الإبتزازات التالية عن "حصص الشركات" و "رواتب البيشمركه" ولا تطالب بحقوق مواطنيها، فمن نحن لنطالب لهم بها ونخسر 30% ؟ من أجل الضمير؟ هل سنصبح ملكيين أكثر من الملك؟
ومن الطبيعي فعندما يكون "الملك" دنيئاً جداً أو أن ظروفه لا تسمح له سوى بالإنحطاط، فيمكن للضمير أن يهبط كثيراً دون أن يهتز في قبول الظلم ليس لـ "الملك" بل لمن يظلمهم "الملك" ايضاً.

طيب ما الذي تنتظروه منا، نحن الناس غير المعنيين بكرسي المالكي ولا بموافقتكم عليه مقابل نهب أموالنا، ولا بقية المأبونين الذين ترجون منهم أن يضاعفوا هذا الإبتزاز إن تم استبداله بهم؟ هذا رقم إحصاء البرلمان الكردستاني وقبلنا به، وكردستان ترفض التعامل به وأنتم سعداء بهذا الحال الذي ينهبنا لصالحكم وتريدون زيادته. ترفضون الإحصاء حين لا يناسبكم رغم أنه صادر عن أهم مؤسسات دولتكم ذاتها، وليس من “الشوفينيين” العرب، فكيف بالله يمكن ان نتخيل أنكم ستقبلون رقم إحصاء وزارة التخطيط العراقية إن جاءت بنفس الرقم مثلاً؟ هل سيبقى عندذاك كردي واحد لا يشكك بالإحصاء ويرفضه؟

إن مجرد الحديث عن هذا يشعر المرء بالإهانة والغثيان، ليس من كردستان حسب بل أكثر منها من المرتشين الذين يمثلون مصالح العراق في مهرجان اللصوصية هذا.. لكن دعونا نبلع أحزاننا ونركز على السؤال الذي جئنا من أجله، فقد برهنّا أولاً: أن الرد على حجة إجراء الإحصاء ، ليس صعباً أبداً، ويستطيع القيام به أي شخص يكلف نفسه أن يحفظ بضعة أحداث وأرقام كررناها مراراً في مقالاتنا، وهي تثبت استحالة إجراء ذلك الإحصاء مع هذا الوضع في كردستان، وثانياً: أن هذا الإحصاء المستحيل لا قيمة له حتى إن تم إنجازه....ولن تحصل منه حكومة بغداد سوى على إحراج إضافي أمام مواطنيها ويكشف انبطاحها أكثر مما هو مكشوف ، ولن يحصل منه مواطنوها إلا على المزيد من الإحساس بالظلم والإهانة والقهر، فلماذا تقوم به حتى إن استطاعت؟

إذن يا صديقي العزيز أمين، صحيح أن الفاسدين لا يحبون الإحصاء، لكن بشرط أن يكون الإحصاء صحيحاً يكشف الحقائق، لكن عندما يمكن ضمان تزوير الإحصاءت، فلن يخشاهما الفاسدون بل سيطالبون بها وثيقة تثبت فسادهم وتشرعنه، مثلما يطالب الإحتلال بالديمقراطية التي تقف ضده، بعد أن يضمن إفسادها. فعندما يفقد الشعب سلطته، تتحول أدواته إلى أيدي أعدائه فتجدهم في مقدمة من يدعو إليها، فهم غالبين بها وبدونها، أي "مدومنين على الصفحتين"، والشعب خاسر في كل الأحوال.

ختاماً أقول:لو جاء الإنس والجان، فلن يستطيعوا أن يجروا إحصاءاً سليماً في كردستان ، ولذلك فأنا ضد هذا الإحصاء الهادف إلى تثبيت الكذب وشرعنة المؤامرة والإبتزاز. وإن حدثت المعجزة وتم الإحصاء السليم، فلن يعن ذلك شيئاً ابداً! فالقول النهائي بين كردستان وبغداد ليس للوثائق ولأرقام الإحصاء، بل لتوازن قوة الرشوة والإبتزاز والتنسيق مع الكبار، مقابل ضعف الشلل والوهم والخنوع الذي يفرضه عشق الكرسي العراقي الذي تتحكم فيه كردستان دون أن يتحكم في كرسيها أحد. هذا التوازن الأعوج في العراق لن يعدّله أي إحصاء في العالم!
 

11 تموز 2014

(1) شكوك بزيادة غير طبيعيّة في عدد سكان إقليم كردستان العراق واتهامات غير مباشرة لحزب بارزاني -
http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2013/06/kurdistan-region-abnormal-population-growth.html
(2) وزير التخطيط الكردي ينفي وجود تلاعب في أرقام الإحصاءات السكانية الرسمية.
http://alakhbaar.org/home/2013/3/144630.html
(3) برلمان كوردستان يشكل لجنة لبحث "زيادة سكانية غير طبيعية" في الاقليم
http://www.shafaaq.com/sh2/index.php/news/kurdistan-news/60590------q---q--.html
(4) صائب خليل - سكان كردستان يتضاعفون كل عام، وسيسبقون الصين خلال ثمان سنوات!
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/373379882749658
وبعد ثلاث سنوات أخرى، سيتجاوز سكان الإقليم عدد البشر على الأرض، بمقدار مرة ونصف!
(5) برلمان كردستان: ميزانية الاقليم ازدادت بنسبة 9% وتشكل 10.7% من موازنة العراق
http://www.hawlergov.org/ar/article.php?id=1339575329
(6) كوردستان: قبلنا بنسبة 17% من الميزانية لحين اجراء الاحصاء السكاني في العراق
http://sotkurdistan.net/index.php?option=com_k2&view=item&id=17415

 

 

free web counter