| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سمير اسطيفو شبلا

shabasamir@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 3/2/ 2009

 

إنتخاباتكم أذهلت رؤساء الشرق الأوسط

سمير اسطيفو شبلا

كانت تجربة العراق للفترة بين انتخابات 2005 – 2009 من أكثر تجارب العالم إثارة، بحيث هزت كيان وطن ومجتمع و20 مليون مواطن! تفرقوا الى مجموعات طائفية ومذهبية ومصالح حزبية، الإثارة الحقيقية في هذه التجربة الفريدة ليست القتال والحرب ومئات الالاف من الشهداء وملايين المشردين والمهجرين والمهاجرين وحسب، لان هناك حروب وقتلى ومتشردين ومهجرين في مناطق متعددة من العالم! لأسباب متباينة، ولكن عناصر الإثارة في تجربة العراق فريدة من نوعها وتعدت الخط الأحمر! كيف؟

بعد السقوط
بعد سقوط النظام الحديدي في نيسان 2003 كانت هناك حسابات دولية واقليمية ومحلية حتماً، وظهر جلياً ان ما كتب على الورق إختلف عن الواقع العملي التطبيقي، وخاصة من جهة استلام السلطة! وكانت الفترة الماضية من أحلك الفترات التي مر بها العراق خلال تاريخه المعاصر، لأسباب عديدة منها كمثال لا الحصر تعدد مراكز القوى والقرار! وينحصر العدد بعدد المذاهب الدينية التي قفزت لتملأ الفراغ الناتج عن خطأ او أخطاء في الحسابات المشار اليها، وكل طرف لم يستوعب المسافة التي إستغلها، او اعطى لنفسه مساحة أكبر بكثير من حجمه الطبيعي، لذا لبسوا قميصاً واسعاً لا يناسب دورهم فأرادوا الحفاظ عليه بكل السبل المشروعة والغير مشروعة من خلال دغدغة مشاعر الجماهير العطشى الى التنفس والحرية وخاصة المشاعر الدينية والمذهبية وتقديس الأشخاص وكانت محصلة نتائج انتخابات 2005! سيطرة الدين السياسي على السلطة في العراق! وكان الفشل حتماً لسبب مهم جداً الا وهو ان ذلك القميص الواسع أصبح ضيقاً جداً وكشف عورة لابسه، وانفضح امام شعبه الذي انتخبه.

كشف المستور
وربما سائل يسأل : كيف ضاق القميص او قلت المسافة او قصرت المساحة المستولي عليها؟
ضاق القميص وكشف المستورعندما وصل العراق الى حافة الحرب الأهلية! القتل على الهوية! كل بيت لحف بالسواد! توزيع المناصب كحصص طائفية! هذا لك وهذا لي! (الإنسان غير المناسب في المكان غير المناسب ايضا) أي غياب العنصر الكفوء والقانوني والحقوقي! وحضور ناس يسيرون بإتجاه واحد وحيد دون الالتفات ما يحدث حولهم وكأنهم خراف الطاعة العمياء حتى الموت! انها الطائفية المقيتة.

قَلتْ المسافة بين الشعب ومن انتخبوه ليكون سنداً له! فدار ظهره وبنى جداراً بينه وبين ناخبيه! المهم مصلحته الشخصية مع حاشيته، والنتيجة الطبيعية زيادة عدد الفقراء الى عشرات الاضعاف، تشريد الملايين! اطفال شوارع مستغلين جنسياً! تجارة المخدرات، بيع الاطفال وتهيأتهم كقنابل موقوتة، الأعتداء على الناس المسالمين وخاصة من الاقليات وخطفهم والاستيلاء على ممتلكاتهم بإسم الدين، انها المذهبية .

وقصرت المسافة عندما عرف الشعب العراقي نفسه، عندما فتش عن ذاته فوجدها عندما عَلِمَ ان جيرانه ومن ارادوا السوء والشر للعراق والعراقيين كانوا السبب الرئيسي في زيادة عدد الارامل واليتامى، سال دم الأخ والحبيب والصديق والبريئ والزوجة والحبيبة والأخت والام والطفل انهاراً! وفكر العراقيون وقالوا: من المستفيد ولمصلحة من؟ يعطونا الدولارات ويزودوننا بالقنابل لنقتل أحبائنا واشقائنا وهم ينعمون وشعبهم بكافة الخيرات، لا يفكرون بالماء وبالكهرباء وبالأمان وبالعمل والمعيشة،،، ونحن نلبس السواد!! وهكذا كشف القناع عن العنصرية

إذن ضاق القميص بالطائفية وقلت المسافة بالمذهبية وقصرت المساحة بالعنصرية فكشف المستور على الاخر وأصبح عرياناً امام الشعب وكانت انتخابات 2009

الوجه الآخر من الصورة
كانت تلك الوجه الواقعي من الصورة، وهناك ارقام تتكلم لاثبات ذلك، وبشهادة أصحاب القرار! وكل متابع حر وشريف، لكن هناك الوجه الآخر للصورة وجوب انصافها الا وهي جهود الدولة بشكل عام من اجل العبور الى انتخابات 2009 فكانت التضحيات كبيرة، وخاصة كان المفروض عبور بعض الخطوط الحمر ليتمكن العراقي من ان يرى طريقه وما يحدث من حوله! وهكذا كان بالفعل والدليل نتائج انتخابات مجالس المحافظات! التي تُعلن عن بدأ مرحلة جديدة من تاريخ العراق من خلال :

* تصحيح أخطاء الماضي، وخاصة معرفة الخير من الشر، اي فرز القوى التي تكون وتريد خير العراق وثباته واستقراره، القوى العلمانية والديمقراطية والدينية المعتدلة والحقوقية والكفاءات،،،،،عن قوى الشر المتمثلة بفرض الفكر الواحد والمذهب الواحد والدين الواحد والثقافة الواحدة والطريق الوحيد والحزب الواحد والتاريخ الواحد،،،،،

* نتائج الانتخابات تؤكد ان العراقيين استوعبوا الدرس! اي كانوا تواقين الى فرصة للتنفس (الحرية) فكان لهم ما ارادوا! ولكن فتحوا أو فُتِحَ الباب لها (اي الحرية) بدون قياسات، مما اصاب الكثيرين بالزكام والامراض ومات الكثيرين من جراء ذلك، فكانت فكرة ("ان العراقيين شربوا الحرية حتى الثمالة" من قول الزميل شاعرنا الكبير فالح الدراجي / من الجزء الثاني حول مشاهداته الحية للعراق / صوت العراق) هذه حتى الثمالة تعني "سكروا بالحرية" أي جاءت واستقبلوها وعشقوها وحضنوها كلها!! بدون حساب! فكان المفروض استقبالها خطوة خطوة، وليس مثل ما نعطي الرضيع كبة! عليه تكون نتائج الانتخابات خطوة الى الأمام لكبح جماح عاصفة الحرية التي لها قوانينها وظروفها وحساباتها الدقيقة لانها سيف ذو حدين! لذا كان بروز دور العلمانيين والقوى الديمقراطية المحبة للسلام ودولة القانون والمؤسسات من اهم نتائج استيعاب الدرس الماضي.

* الانتخابات أثبتت ان القتل والثأر وإلغاء الآخر وتخوينه والاعتداء عليه والاستيلاء على امواله وممتلكاته لا تجدي نفعاً، ثبت ان نتائجها مصيرها الفشل، في الانتخابات غاب القتل والتفجير، جاء السني بقوة بعد ان اعترف بخطأه بعدم مشاركته في انتخابات 2005، نعم هناك خروقات وتحدث في معظم الانتخابات، ولكن الاهم هو قبول الآخر والاعتراف به مهما كان دينه ومذهبه ولونه وشكله، وهذه هي اهم مبادئ حقوق الإنسان، اذن اختفى السني والشيعي وبقي العراقي.

هذا هو معدن الشعب العراقي، خلال غمضة قصيرة للتاريخ مدتها ستة أعوام فقط لاغير! تمكن تجاوز الكثير التي كانت تعتبر من الخطوط الحمر! بحيث بقي غيره أسير مثل هذه الخطوط مدة 40 و60 سنة او اكثر ولا زالوا! ونقولها بثقة : لا يوجد دولة في الشرق الاوسط وافريقيا تمكنت من تجاوز الخلافات الحمراء وممارسة الديمقراطية بالصورة التي ظهرت فيها الانتخابات في العراق! اذا عندكم دولة آسيوية او افريقية نورونا رجاء! هذا هو سر انبهات وذهول الكثير من رؤساء وملوك قادة الدول في الشرق الاوسط وأفريقيا من تجربة العراق ( الانتخابات الاخيرة!) ولكن الطريق ليس مفروش بالورود! فحذاري من الآتي، إذن حان وقت وضع حسابات دقيقة.

 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس