د. صدام فهد الأسدي

abo_aayan53@yahoo.com

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الثلاثاء 8/9/ 2009

 

الصعود بعيدا عن بريق الشعارات
قراءة نقدية
في مجموعة لا أريد صعودا للشاعر ماجد الحسن

د. صدام فهد الاسدي

(مفرقاً طيلة فترة النبوة بحسب الوقائع والحوادث والمراحل التي كانت تمر بها الدعوة).(بُني الإسلام على خمس: شهادة أن إله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم ". منطقة الجمّيزة أسفرت حرق مطبعته وتصاعدت بملاحقة أنطون سعادة ولجوئه)

على حد قول الدكتور عز الدين المناصرة (النص هو الحكم الأول والأخير,فهو شهادة الشاعر ومرجع الناقد)تبدأ رحلتي مع شعرية خصبة ونتاج متألق حقا يحتاج الى فكر ومهندس نقد ليس مبتديء بمعرفة الاصطلاح والتنظير الفارغ من الجدليات وأؤكد مستهل بحثي بقول للدكتور علي حرب في مؤلفه نقد النص (لا يهم اختلاف النصوص وتباعدها مادامت المسالة تتعلق بالاشتغال على النص بغية العلم به)

أجد الشاعر متنقلا في مساحات متباعدة تحتاج إلى شاعرناقد وليس ناقدا فقط فلا يعرف بالمرض(الشعر)إلا الشاعر نفسه

تلك الانتقالات المتباعدة في الرؤى واجزم انه يتكلم على الحدس ولا اظنه لا يخطط لشعريته ونصه المتفوق

ولعلي انقل شخصنتي اليه وانقل له رؤيا طرحتها عن شعري ناقدة فلسطينية تقول ان شعر الاسدي لا يفهمه إلا من قضى الأربعين عاما وقرا الشعر اختصاصا وهذا القول أجده في شاعري ماجد الحسن

بل جاءت نصوصه ضمن أيدلوجيا خطط لها وتفلسف فيها بعمق وقد قرأت نصا على احد طلبتي في الدكتوراه وقال لا افهم ومدحته لرأيه الصائب لان شعر ماجد الحسن اكبر من مستواه وقس على ذلك,ولكني بتجربتي النقدية المتواضعة ولا اسمي نفسي ناقدا بل متذوقا قل قارئا نهما لمثل هذه القصائد,وقد وجدت نصوصا متناسقة نكاد أن نتصيد في براريها طيرا تائها وفي بحورها العميقة سمكة تحتضر وفي عواصف رياحها نسمة عذبة

ويقينا أن الشاعر لا ينجو من هيمنة السياسة على سائر تفاصيل الحياة وقد وقفت الصعوبة أمامي في نقطة واحدة لا اعرف كم عمره لأنه لم يدون معترفا هذا العمر ولا أجد سببا ليوهمنا سعادته أو يفقد حلاوة الأسى وانسياب الدمع في أفكارنا لست ادري حقا فالشاعر الحسن أرسل مجموعته بيد احد طلبتي في الماجستير هدية وظلت على رفوف النسيان شهرين لانشغالي في بحوثي للأستاذية

وكنت شغوفا بقر ائتها جدا فالشعر الذي كتبه ونزفه ولا أقول نظمه لان الشاعر متمكن بعيد عن النظم الآلي المبتسر

لماذا ذيل الشاعر قصائده بالهوامش وهي ذات توجه أيدلوجي كما أشرت الى هيمنة السياسي وهي ترمز إلى الإيذان بولادة مطر أو ثورة أو تمرد انه يفصح عن نهار قادم وربما ارسم دائرة للشاعر أضعه فيها بين قوسين قد استحالت يوتوبيا ماجد الى أفيون يستنشقه دون أن يحس بأذاه

وفي حمى تلك القصائد تجذر في بستاني النقدي سلال من الاكتشاف والحصاد وقبلها اقول لا أجد ماجدا مائعا في عاطفة تلبس ثوب السواد والذات بل انه صاحب أيدلوجيا وولاء كبيرين

ربما يبتعد عن الامتثالية للنساء لأنه يشعر بنفس برجوازي محتم لا يريد الاقتراب إليه وعنده إرهاصات وطنه بل عذاباته اكبر من كل النساء عدا أمه فيض طفولته وصباه ومرجعيات شبابه وكبره

ولعلي اذكر القاريء بقول (ارون) الشعراء يناسلون بين الأحلام والواقع المرير باحثين عن التناقض

وهذا ما أجده واضحا في شعريته المتمردة على كل شيء قروية وهمجية مجتمعه

البداية ستكون من الأسطورة وهي مسالة طبيعية عند الشاعر وهو يبحث عن مواد عذراء وآلا يعتمد على مادة مطروقة وحسبي أن ماجدا قد عبر هذا اللون في مجموعته السابقتين (أول الفجيعة وخيول مشاكسة-1988-1999

دعني أيها القاريء أتوقف عند الأسطورة وأنا ادرسها لونا لطلبتي فلن يغيب عن الذاكرة (ابسو) اله المياه العذبة في الحضارة السومرية ضمن تجليات معكوسة دالة على الشتيمة:كعادته وبيقين كاذب

قلب وجوهنا شتيمة شتيمة

وقوله الاخر  في القصيدة نفسها:

ولان كل ما في  المرايا مدافن

وهي مثقلة بعناق شتائمنا

أشار الى أكتاف تربت عليها التوابيت,هذا شعر وفن أسطوري افاد منه الشاعر ضمن تنقلات ومرجعيات ساخنة للترميز والإيحاء فماذا نفهم من اله سومري يبدل شتاءه بسماء ظامئة فبات نهاره هذيانا تحوم في خافقيه الجنائز

اخرج من هذا النص الرائع برأيين منزلقين بين الظن واليقين والمعنى في قلب الشاعر كما يقال أن الشاعر ينتمي إلى مدرسة جورج امادو البرازيلي القائل(انني اكتب كي أكون مقروءا واوثر في الناس واسهم في تغيير الواقع في بلدي مبدعا للشعب برؤية أفضل)واظنه لا يتفق مع قول هاينوش(احب الكتابة أنها متعة لي)

والثاني اجده مولعا في قول سيفرت البرازيلي الحائز على جائزة نوبل (اكتب بسبب الرغبة الدفينة لكل شاعر أن يترك وراءه أثرا)

من هنا انتقل الى اللاشعور وعلى حد فهمي القاصر هو نوعان لا شعور شخصي ينطلق من مستودع خبرة الفرد اللاإرادية بوصفها ذكرى مؤلمة تسبب الاظطراب للانا الحسنية ولا شعور جمعي هو مخزن الخبرات الماضية والمتراكمة والسؤال كيف يختزن الإنسان مالا يعرفه ولم يعشه بنفسه وان عاشه الأسلاف كما يرى

( يونج )ان الوراثة هي الوسيلة ولا ادري هل في عائلته شاعر مهمش غيره ورث له تلك الصدمات واللاشعور الجمعي حتما وعلى فهمي القاصر ايضا أرى ان اللاشعور الجمعي سرا جامعا بيين حركة الإنسان المعاصر من تماهيات عقود ماضية مصحوبة بالأسى والحرمان فلماذا يوعز الشاعر بالشتيمة عندما يبلغ السيل الزبى ويطفح الكيل بالعذاب

ولا ينسى رمزه: اورفيوس القادم من هواء ثقيل

ثقيل

كصرر النساء الذاهبات للتبضع

ولعلي أكون جريئا وأتسلل طوق الخوف واكشف عن أقنعة اشار اليها الشاعر ضمن ثيمتين رئيستين هما الانتماء ففي وطني يقل بل يموت هذا الشعور الا ما ندر والثانية القيادة فتفقد الأرض قيادتها ومفكرها وتظل تدور في حلقة مفرغة وقد طوتنا صفحات الألم وصبرنا على جلادين فاقت الأرض بعملها ومنكرها والانتماء عند الشاعر ماجد الحسن له جذوره ورؤاه ودوافعه

اول القدحات الانتمائية الأرض وهل الأرض ام حنون ؟قائلا:

ان ارض لاتسمع تثاؤبها

وهي تقرع نخب اجسادنا

وانت ادرى ايها المتذوق بقرع الأجساد من تلك ألام فان الإشارة واضحة لا تحتاج الى دليل وهو ينفي ويؤكد متعلقات الأرض قائلا"

ليس لي حقول

حتى أراك بهذا الاتساع

سأغمض ذاكرتي على قحط لا يورثه العشب

ويسفر معك إلى دلالات متنوعة فهو بريء من الدم

لا أبريء دمي من مخاوفك ايتها الخيول

وهو بريء من الصحراء بالرغم من متسعها الخارق"

لاابريء الصحراء

وهو لايبريءالعصافير بالرغم من برائتها

لاابريء العصافير من القصبة

وهو بريء من الصبية كلهم متهمون امام عينيه اما قلت لكم ان القضية قضية بحث عن الانتماء لهذا الوطن ثم ينتهي بعدم تبرئة السطوح وهي شواهد وفضاءات عالية

"لاابري السطوح وهي تمضي في التشابك

 ومن تداعيات الانتماء أول قدحة للعمر وهي الطفولة تعال معي الى مسرح العذاب فيها

قبل ثلاثين خطوة من ملامحه

اخطا سقوطه بالطفولة

والشاعر ذكي يحاكي المفكرين لا الساذجين في المجتمع وهم كثر وتأتي الطفولة في قوله

سوى حطب الحروف

خبا احتماله في شرفة الطفولة

انه استخدام مجازي رائع فالطفولة ليست لها شرفة بل فضاء مفتوح يقاس على بعده نمو الانسان وثبات انتمائه ببلده

 والانتماء للام

كانت امي تتلمس خرزاتها بالنبض

نحن لانريد وصف أمه الحقيقية بالعمى ودلالة ذلك التلمس بالنبض قل الأرض هكذا والدليل قوله"

فهي لاتخطيء ليالي الاوحال

التي علقها ابي

بذؤابة الضفيره

من اين يطل الى مدنه وهو القائل"

ولان كل ما في المرايا مدافن

وهي مثقلة بعناق شتائمنا

هذه الفكرة تبوح لك سر التمرد عند الشاعر على مجتمعه المتخلف الذي يحتاج الى تربية وسلوك ولا تنس أن الشاعر يختص في الفلسفة وهذه رؤى فيلسوف يحير بأرضه وأناسها

وقد فهم مستوى أرضه شتائم وهمجية فكم استخدم مراياه عاكسة وغير عاكسة كلها لاتعمل شيئا انه يرى مقلوبات الأمور كما توقعها قائلا"

منذ حرب وأنا أول بحر

يشتعل بارتخاء عينيك

ويخبئ خوار موجه في تجاعيد المرايا

أقف عند هذا المقطع ناظرا إلى رؤاه الدلالية العيون مرخاة والموجة تخور كالحيوان لتكلس البحر وجفافه والمرايا مجعدة ماذا بقي للانتماء بعد خاصة إذا كانت عينه الثاقبة ناعسة المرايا قوله:

وانا امسح من عينيك نعاس المرايا ولي جمرة أخبئها في ثيابك

هذا شعر فوق مستوى الشعر أقولها لست مجاملا أحدا ويؤكد أن الانتماء للأرض هو محنته وقضيته قائلا مرة أخرى:

لا أقوى على سماع بريقي

تلك الأرض ارتطمت بقلبي

فألبستني حدادها

حتى باتت تبعيات الأرض الريح خطرا عليه

هل لان الريح تطلعت الى اعترافنا

انها رمزيات للكثير فتعني العدو الرياح الصفراء الرقباء فكيف لاتسمع تثاؤبنا الارض وحتى بدا شكه يقينا بالحدائق الجميلة وهو ينفي دائما بدء بمستهل المجموعة لا أريد صعودا حتى قوله ليس لي حقول حتى أراك بهذا الاتساع وهو يعنون قصيدته الحدائق لانخدع حليبك ويؤكد النص مهديا الى أمه الأرض وإلام الحقيقية لافرق بين الاثنتين وكم أعجبت بمراياه في صور شعرية سريعة قوله"

لم تشأ الكلمات تتكسر

حتى اتسعت المرايا الىاخر دمي

ولم ينس من مدينته الفقراء الطارقين فرجة الليل بأعمار موحلة ابيضت حدقاتهم

لماذا ابيضت ما لذي قهرهم وذلهم سوى الأوطان حتى ينزل الى شواطيء فلسفته ويقول لنا ان البرق له شكل من حصة الحصاد وهذه تبريرات فلسفة لماذا المطر والبرق والريح انه قدر الحصاد وتبدو صوره كاشفة واضحة أسرار مهنته

فاحترق المساء على سراجي

وارتجف غصن القلب

كنت امسدهما بالمرايا

واشعل في ريشها المطر

ولم تتوقف مراياه بل عاشت في قوله:

صحا عصفور

فانكسر غصن الفجر

هل ضاق الهواء لينتهك المرايا

وقد وضحت صورة الانتماء فليس بيده امر لكشف حقائق بلده وعواصف خسارته فان مراياه معطلة

وحتى جمله المقطوعة تعطي دلالة كقوله في الطفولة لوحة الانتماء الأصيل للأرض

الألم حمام الطفولة

طارت الفصول إلى فضاء يابس

 قد لا يشتهي الزمان جمرة الجسد

اذ أدبرت الينابيع

كل شيء الى الجفاف في هذه الأرض انها تنبؤات الشاعر فقد جف الرافدان والشط وغلا سعر الماء لذلك وصل اليأس في عينيه قائلا:

كل رياح مرت على انسجامي

تعثرت

لااصدق الحمام وهو يخادع المساء

أي براءة أحلى من الحمام والمساء الهاديءوكيف تتعطل ذاكرة النهر

وكيف بمراياه وهي تلوك حلمها في قوله:

تزفر عتمتي

لاشهد ان المرايا

تلوك حلمها في صحوة المطر

فللمطر صحوة منتظرة وللمرايا سر خفي يبحث عنه الشاعر

وكيف توقفت خطاه مخاطبا الشوارع"

توقفي ايتها الشوارع

لم نعد نذهب الى بيوتنا

انه الضياع وقد عنونه صادقا بالضياع

والقرية جزء من احلامه تعيش بشتائم ابنائها"

القريون المجانين

يذرعون شتائم الليل

 فتلمع ضحكاتهم كسياط السماء

وما اقسى الصورة عندما يقول :

المحبون احتالوا على الطفولة

المهيمنة الثانية القيادة المتمثلة بالإنسان المسؤول عن أمور الناس وهو مؤمن بان التوحد في الغبار في الأمور غير البينة في الأسرار الدفينة في الكاميرا الخفية لا يكشف حقيقة الإنسان وهو لايبريء حتى ملا ذاته في مرثية الدخان فالعنكب البشرية تترصد وتراقب قوله"

العناكب تترصد نسيج القلوب

وانت من لهاثك

تغزلين مراياك في الحريق

الخطاب الآن لها لأنها من تغزل في الحريق تلك المرايا وما يخفيه الغزل من حوك وقضية معقدة تبحث عن راس الشليلة كما يقال في رماد محرق

 ليس للفجر عصا يهش بها احلامنا

كما أفاد من تلك عصاي أهش بها على غنمي ثمة مآرب وثمة أمنيات تحترق ليس إلا رمادا محترقا في الظهيرة يتطاير عبثا لا يراه احد وقد يضيع هباء وكم يصعب القول والتنكير للأسماء اعز مايملكه الإنسان وقد تتهم بها الناس وتؤاخذ على مسمياتها مثلا اسماء تحارب الآن بدون جرم وبدون ذنب قائلا:

أكان هذا الغياب

محض حجر

ينوء بحمل أسمائنا

نعم محض حجر بل أكثر من ذلك لان الموازين قد اختلت أين أمه الانسانة التي كانت تعدهم وأخوته من هذا الرصيف المغلق:

كانت تعدنا

فلاتخطيء حساب بنيها الا واحدا

صار من زمن غابا في اليقطين

وانت تعرف صلابة اليقطين وصبره على ضيم الزمن ويعني الشاعر ذاته فهو أكثر تشظيا من أخوته ومن أين له بقيت فصول مباهج فيقول ويتمنى:

ليت لي

ان اوصد العمر

لافتح فثصول مباهجي

على ضفاف صليبك

هذا يرجعه الى السيد المسيح المقتول صلبا من اجل مبادئه والشاعر ينتمي اليه وينطلق من فكره الخصب(اذا ضربك احد بخدك الأيمن فقدم له الأيسر)وحتى الجمرة خرجت من ثقته قائلا:

وياليت لي جمرة تبدل اخطاءها

 لتجيء من لغة

تسبقني كالخسارات

هذه ادلة على الرفض والتمرد والدليل تلك الفوضى من امته ووطنه فليس سوى الرماح وليس سوى القاتل والمقتول:

صدقت ان لي رماحا

تتيه في دمي

وقبائل تغزل مفاتنها من غباري

اما قلت لكم أن الشاعر يخفي سرا وهو الاعتراف بعدم أحقية الجهلاء للأرض

وأجزاء تلك الأرض التي نفى الانتماء اليها فالمراة مثلا يريد أن يسمي كل شراع باسم امرأة تعلقا ولكن من يسمح له انه في غابة

وحتى صفاء أسرته تلقيه المدن من أمامه أنها الفوضى البشرية:

وأقول في العادة

أن المدن

تنسج بهاءها في متاعي

ترمي الاسرة

فما حلمه إلا جنازة محمولة في الغبار وذكريات مسحوقة الأوصال مكسرة بين اجنحة الجليد قوله:

بكم من الذكريات

ارمل دثارك

واعطل حلما لايصلح للنحيب

او يتابط جنازته في الرسائل

كيف يرمل الدثار العزيز بالرمل فسرعان ما يذوب يتلاشى وكيف يعطل الحلم الذي لا يستحق النحيب ويتأبط مثل ذاك الشاعر المتأبط سيفا ليقتل الناس ويرجع فهو يتأبط جنازته في رسائل الحرمان فكيف هو الاعتراف اذن أيظن الشاعر ماجد انه يكتب ونحن لانفهم وحتى خروجه الى مدارك العفويات وسماها الميثولوجيات

اركن عظامه

على جادر مرتعش

خلع نحوله

وغطى انين الظلام

مجازيات رائعة حقا وصور تحرق صورا وهكذا يسحبك ماجد الشاعر المبدع إلى فضاءات كبرى أعجبت بها كثيرا منها

ان الذاهبين الى الحقول

لايغوص الطين في أقدامهم

لو نظر كل منا إلى دلالة القول وتناقضا ته فما معنى لايغوص الطين أنها الراحة الاستقرار الهدوء الأمان الحرية كلها ثيمات يخطط لها الشاعر وهو ليس بناظم شعر يرتب ترتيبا وكم أعجبني استخدامه للأفعال الفصيحة جدا والتي تبتعد عنها الفصحاء قوله:في تنط

والحكمة بثيابها القصيرة

وهي تنط من مراجل العيون

وفي ا لكلمة اسحل في قوله:

وانا اسحل الكون خلف لهاثك

والفعل تلوك في قوله

تلم بقاياها من الورق

وتلوك بريقها على عجل

والفعل يقد في قوله:

 ونعده للذين يقدون ايامهم ويخرجون بلا هشيم

والفعل تلبط في قوله"

وتدق ظلك على مقاعد

لاتلبط تحت ظلها الملوك

والفعل تناوش وهو فصيح صحيح في قوله:

فذا قلبي تناوشيه اذا اينع في بستانك الضجر

وقد ابتعد عن الإشكال البلاغية التي يعرفها الجميع من جناس وطباق وتورية وأشير الى دالات وتقابلات أروع واستخدامات جديدة عند الشاعر مجازا مثل قوله

يدقون عنادهم –وقيظ الحدقات-براعة الرغيف-طاحونة الجوع-كلاب النشيج-نهرا من الاعذار-سعال الخرائط-ترميم الشجون-نعاس المرايا-انين الظلام-الليل يشخر –تتساقط البراعة-تاج الغبار-قامة الريح-عافية القش-زرقة الصمت-سلالة الارصفة-قارورة النعاس-

هذه وغيرها من فضاءات فنية تحتاج إلى دلائل للتفصيل ولكني اكتفيت بالإشارة الى مهيمنتين في مجموعة الشاعر ولعلي كشفت عن الزاوية الخفية التي تقطن في قلب الشاعر وعلى البعد اكتشفت ماجدا شاعرا منتميا إلى وطنه يفكر في عذاباته وأحزانه ولكن ليس بيده إلا الصمت ولعل يقول غدا ما تخبئه نفسه من إرهاصات قادمة

واقف على يقين ومن قراءة واحدة انه شاعر منتمي لأرضه يحمل ايدولوجياه العراقية وحب وطنه وأبيه وأمه وميسان الحبيبة مرفأ طفولته

واقف عاجزا في الثناء لهذا الشاعر الذي تواضع قائلا لا أريد صعودا ولكننا أعطيناه كرسيا ذهبيا بالأدب والفكر وليس المناصب الزائلة

فالفكر هو الذي ينتصر مهما تعددت السياسات والمذاهب ويبقى الشاعر في أول الصفوف معترضا على خياب وطنه ومتمردا عليه وهذا شان الشاعر الستيني كما أتوقعه في مرحلة الانكسارات السياسية والفكرية يقف معاندا السلطة البائسة يحمل جنازتها ليقول للناس اتركوا الكلام بلا تطبيق وازرعوا وردة في هذا الوطن بلا رماح ويقف عنيدا أمام الظروف التي تتراجع عن مسؤوليتها وتخدع نفسها بالسبخ وتخنق المبادرات وهو يقف بصف الرواد الأوائل يبتعد عن ثياب براقة وادعاء زائف وتبقى تجربته الشعرية هذه والقادمات تقول الكثير,وأنا على يقين من أن الدارس شعره بعد سنين يقول نعم أيها الاسدي لقد وضعت يدك على الجرح

وهو مؤمن بان العراق مدينة فاضلة يتطلع اليها البشر مستقبلا وثمة ما ينتظره في سفر الزمن.

 

 

 

 


 

free web counter