د. صدام فهد الأسدي

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 25/11/ 2007



عندما يغسل توهج خضر بكاء الشوارع

د. صدام فهد الاسدي

دراسة نقدية في مجموعة الشاعر خضر حسن خلف
كم اجزم واثقا أن أسئلة خضر ليست وسيلة ترفيه أو وسيلة تفاهم سطحية بل تبدو سلاحا فعالا ينفعل أمضى من السيف واقرب من الخنجر ,وهو يعلم بان السيف لا يترك أثرا في المدن الخربة أكثر من الكلمة لهذا أصر على رسم تلك الأسئلة ومضى يغسل بكاء الشوارع وارى الشعر قد ارتقى في هذه المجموعة بعد ولده الفائت الذي كان كالقهوة أما الآن فهو يعود غاضبا متفجرا من خرائب المدن .
إن الشاعر يستهل البداية بنفي مطلق(لم نكن آنذاك - غير عناقيد أحلام) من هنا بدأ تشظي الألم والصراخ القاتل عند خضر ضمن مرجعيات كثيرة منها ثيمات ترتبط بالجانب النفسي القلق وأخرى بالجانب البيئي المكتظ بالخراب ومادام لكل شاعر جروحه الخاصة فلماذا لا نصارح الشاعر عن مدى هذا الجرح ونحن في طريق قصيدة النثر القلقة الان بين الابداع وبين الخفوت فالكل تكتب ولكن ولكن اين الابداع
وقبل الكشف عن تباريح الجسد وانطواء الذاكرة في خضم هذا القيد الشعري الذي يلبس النثر ثوبا ويعلق على أردان القصيدة وساما خزفيا –أن اعلق قليلا بان أهل الشعر ينشغلون بالمسلمات ويبتعدون عن الأجراء وأتساءل مخلصا لماذا لا نقدم المحصلات على التجريب؟ لماذا نصفق للفراغ ونجلس القرفصاء مستمعين للغو زائد
وهل ننسى قول أفلاطون (أستاذي عزيز عندي ولكن الحقيقة اعز) من هنا الشاعر خضر صديق طفولتي قبل اربعين عاما نشأنا معا في فقر وضياع ولابد ان اختم على هذه الايام بوسام المحبة دون مجاملة فالشعر شعر ولامهرب من الموت على مصلب الحرية,
وربما قرأ الشعراء والنقاد هذه المجموعة وقالوا قولتهم معجبين ناقدين فلي قولتي التي اراها تلبس ثوب التوهج اولا ثيمة شعرية ربما تغيب عن مدارك الشاعروربما يتفق معي مبتسما لجني هذا الحصاد:
1- وهج البريق
والمغزى المطلوب منه أن ينثر معادلا موضوعيا للانطفاء الواقعي فلا بريق البتة
انظر قوله:
فترسم أبعادنا حياة على صفحة الماء فليس بريق الطفولة، وهذا توهج نقي للطهارة فكيف تفهمون الماء رمزا
2- وهج التوجس
يبرد نبض الشاعر لا يريد أن يبدو خائفا بل يرحل تحت غسق الروح متوجسا من أشياء فلتت من شبك الصياد القسري
لن أتوجس خيفة في ذكرك سأرسمك كلم اتولن تتلاشى بعد الآن)
هو يدرك جيدا أن التلاشي حادث لامحا ل تلاشي الحلم والأمل والصحوة والحرية
3- وهج الغبار
ينفعل ويستسقي من الأثر الامسي مطر الصيف ثرثرة(خلف باب من الأبنوس لم اعبأ بثرثرة يكتسحها غبار الصيف)يدور وهج الخمرة البيضاء) ماسر الشاعر مع الوهج الأسئلة تكشف نفسها في كل قصيدة
4- وهج الأسئلة
يصرح بحدة عن ذاك الوهج المتأمل في إبعاد المدن الخربة الممزقة بين أيدي الجهلة (كان ذلك منفاي وقد سول للأسئلة أن تطلق توهجها)أما قلت في البدء أن ثيمة خضر التوهج دون ان يشعر ولن النقد ينبش في أعماق الصخر ليقول للقراء القول الفصل
حتى غدا توهج صاحبه مجهولا في قوله(بأي يد ستطبع توهجك)وتتجرد أسئلته من وشاح العشب (خاضت في سر توهجها)وبعيدا عن الأيدي التي(بين الأيدي التي شمرت عن توهجها)اشعر وأنا لم ادخل باب الاتحاد يوما ان الشاعر خضر يسمونه ملك التوهج وأصبح مقهورا بالانطفاء وتأثر جدا بدلالة التوهج لذا بات استهلالي مصيبا عندما أقول(عندما يغسل توهج خضر بكاء الشوارع)
5- وهج الازمنة
كم اعتب على المنظرين للشعر ان تتفيح بساتينهم الشعرية النقدية بالآراء ولم يقربوا من ضفاف الإبداع وهذا القول لخضر فيه الكثي الغائب في مزاحم النسيان ولكنه متوهج ايضا في قوله(وتموز يتوهج في العيون الكليلة)قل ان تموز رمز يعني دموز ولكنه يستعيره للزمن المحترق للغبار البطيء في خيم النسيان هاربا الى (قفص اكواخنا التي شوه احشاءها الدخان)هذه صورة شعرية رائعة ومالي من مغازلة ومديح اطلبهما من الشاعر جزاء لماذا اطلب الجزاء من الشعر الرائع وهل احتاج الشاعر ليحجز لي كرسيا في الاتحاد عندما ازخ أمطارا من تراصفات الزمن المحترق وهو يعلن صارخا(سأبارك لشاعريتي المكابرة بوجه الرماد)فثمة حريق يترك رمادا انه يدرك ان اشعر الآن يضيع سدى لامن يسمع ولامن يقرأ ولامن ينقد فان أبواب الزمن قد اقفلت الطريق امام الشعراء وليس امامهم الا الموت البطيء تحت رحمة الامال والاحلام وقضاء الوقت لسد الفراغ
6- وهج المرأة المثال الغائب في ذاكرة الشاعر
وقد اتمادى بلذيذ الذهول-ولكنك وحدك تظلين ملاذ توهجي)64وكم اع5ني ني اختصار رؤاه الشعرية على المرأة الغائبة واراه قد اكتفى بعذابات النساء بعد عبوره الخمسين فتراه شاعرا سياسيا يرصف خطاه على قارعة الحدث ليقول(ارفع يدي احتجاجا)
والثيمة الاخرى المباشرة هي الشكوى
1- الشكوى من الناس وقرفهم وجهلهم
انظر قوله"واقول حتى في الخيال يناكدني الاقربون) الاقارب عقارب
2- الشكوى من الوطن الخربانظر قوله(تزجي على الاكف اوراما من نثار الجسد الوطن-ولااحتاج الى الافصاح عن القول
3- الشكوى من السلطان والتاج-انظر قوله(نترافع بين الجدران الرطبة عن تاج مشروخ وازهار ذابلة) ولعل الازهار غير ازهار السياب المورقة
4- الشكوى من الخلق والادمية ومعصية ادم منذ الخلق والتي يدفع ثمنها الشاعر انظر قوله(انا اقسم بسريرتي انا بالمقلوب داخل احشاء خربة)كنت ارفض كلمة كاتدرائية فحذفتها من النص وقوله(منذ خطيئة ادم وحتى زوال الجنون))

اضاءات تحتاج الى ضوء اكبر
في بستانه الشعري بقع جافة له الحق ان يركب خيلها وله الحق اكثر ان ينزل من حصانه الجامح ولكن النقد يضع الخط الاحمر تحتها مثل
1- فتجتلين قمرا اوحدا(88) كنت اتمنى ان يقول تتجلين اصوب واكثر شاعرية
2- لااعرف معنى هذا السطر الشعري (واستحال الترصد المعلن الى صريف)6 اذا اراد الصوت فيغير الفعل الى مايناسب الترصد والا لامعنى للقول مع غياب الصورة البسيطة
الالفاظ الحديثة التي قللت من شعرية القصيدة مثل مانشيتات في قوله(وفي مانشيتات الجرائد)12ومثلها تاج مشروخ 14 ومثلها فنتازيا زمن62 ومثلها (داخل احشاء كاتدرائية خربة)9
ولاادري لماذا نشوه النص بمثل هذه الكلمات الايوجد البديل للشاعر المتعب في خلق نصه؟
وفي قوله(لانك تعرف انها تمر مرور السحاب)والادق مر السحاب ولاادري لماذا اخطا الطباع في قوله(لفوظاي)والاصح الفوضى وقوله(عن ترتاتيل الناي العميق)86 والناي الحزين و صوت انين الناي ادق واروع
في مسك الختام
كم اعجبتني صورتابع بها الشاعر مثل(الحمق وحده دليلك لعدن على فرس هوجاء)وان اتعرضت الدلالة الدينية-انه الفن الشعري يريد هكذا,قوله(فينتاب ذاكرة السعادة الصدأ ,لن اكرر اسئلة العيون)86
وقوله(في ارض بور نثرت الكلمات المضيئة من سلة يقظتي)54 وقوله(ماتزال شجرة ضاجة بالخريف تساقط من اغصانها حبات هرمة)21(وقوله الرمزي مخاطبا جلجامش السومري(كيف اختصروا الزمن وجمعوا افكارهم في قدور الفقراء)9 ولو استبدلت القدور لكان اروع وقوله( وما يسرني تحت تلك الامطار الجمة غير وشاح المدينة)68
وتبقى لغة الشاعر مبشرة بعطاء قادم لو تأمل الشاعر ولم يكن عجولا في سباق الزمن فالشاعر الكبير من رسم اسئلة واحدة مثيرة للعيان افضل من كبوات خيل وكلنا نعلم ان الشاعر المعاصر اصبح كالسنور الصياد يصيح يصيح ولايصطاد شئيا لان الديدان تسمع صوته فتهرب( السنور الصياح لايصطاد شيءا) واقف معجبا بعنوانات الشاعر وبعض صوره واقول انه شاعر يمضي ولم يتوقف لانه ترك اسئلة لنجيب عليها ومن حقنا الاجابة الحرة كما نفهم وكما ندرك والكمال المطلق لله وحده .
 


 

Counters