د. صدام فهد الأسدي

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

 

الجمعة 24 /11/ 2006

 

 

رشدي العامل شراع تمزق حتى اطمأن


بحث للدكتور صدام فهد الاسدي/ البصرة

كم قتلت الخمرة من بشر؟ ورشدي واحد من ضحاياها,انه يشرب اكثر مما يتحدث ؟ فلماذا أدمن عليها ؟ لقد سألت الشاعر زهير احمد القيسي حين درست الشاعر عام 1993م فقال ( من خصائص رشدي العامل النفسية نزعته إلى تدمير الذات,فكان إدمانه على احتساء الخمر بهذا الشغف بديلا عن عملية انتحار سريعة) وسألت الناقد الكبير طراد الكبيسي عن سبب ذلك فقال (حاول رشدي أن يختصر حياته عن طريق الخمر, فقد كان مدمنا والسبب أم علي ( زوجه ) التي نفرت منه فبقي وحيدا مشردا بين الحانات والمقاهي) وأما ابنه محمد فقد أجاب ( أدمن والدي على شرب الخمرة فلا استراحة عنده منها ,إن الشرب يعد حياته المنظمة,فهو سكران في البيت في الشارع من الصبح إلى الليل بدون توقف وعندما ينقطع عنها تنتظم حياته,وهو يؤذي نفسه فقط ولا يؤذي الآخرين أبدا ) بعد هذه الأجوبة الرصينة من شاعر وناقد وابن ننقلها بدقة لماذا قتلت الخمرة شاعرنا الكبير ؟؟؟ انه رحل شراعا تمزق في بحر الشعر وغرقت سفينة عمره وقد اطمأن لرحيله ونحن لا نطمأن أبدا,لأننا خسرناه شاعرا كبيرا ,,,,,,
لقد تشظت حياته إلى محطات منذ طفولته في الانبار ولادة وفي بغداد عاش طفولته وصباه واختار أصحابه (حسين مردان - عبد الامير الحصيري - حارث لطفي وفي - زهير القيسي ونديمه الدائم عبد المجيد الونداوي الذي رثاه وأكثر من شرب الخمرة بعد رحيله,ان الشاعراتخذ الخمرة بديلا عن فشل سياسي وضياع حقه في الحياة التي لاتحترم الشاعر وقد وصف العقيد لطفي حالته ( يتصرف في جلساته بطيئا في الشرب في اول الامر ولكن بعد ان يدب دبيبها يبدأ بالشغب البسيط والصياح واستذكار الماضي وعذابات النساء حتى يسترخي وكانت جلساتنا طويلة وخاصة قبل وفاته بسنين قليلة وقد وجد الخمرة عاملا لنسيان تلك الاحزان وقوله يؤكد ( ولبما معكم لحانات بعيدة / امضي باثقالي فاشرب او اثرثر / حتى ليزهر كل درب ) وارتبطت الخمرة عنده بتلك العلاقات الفاشلة مع النساء قال في قصيدة شوك ( ان دهرا امات في قلبي الحب واهوى على كؤوسي الظوامي
ودعاني الى الركام ركاما ودعا الحب كومة من حطامي)
وحين يتذكر صاحبه الونداوي يقول :
نترع الكاس في اللظى ونغني ونديف الافراح بالاحزان))
واكثر الشاعر من الخمرة وهو يبرر ذلك((لاتلمني اذا ترنح كاسي
بيدي واكفهر وجه الاقاح
انما يركن الشراع الى القاع اذا ما ونت يد الملاح))
وهو يرى الخمرة بسبب هجر النساء فيقول
فدعي الناس مجانين بدنياهم سكارى) وقد ظهرت بوادر الخمرة في ديوانه الاول همسات عشتروت1951موقد سبه شفاه المراة بالخمرة((ياقبلة كالخمر ويح اللمى كالشهد او احلى من الشهد)وهناك ترميز للشاعر دلالة الظمأ والكاس بلا شارب((كاسي الى ثغري مشدودة فارغة ظماى الى الخمروقد اشار لتواجدها وغيابها((كنا اثنين والكاس الفارغ بين يديها))ومازال مبحرا مع الخمرة وحيدا قائلا((اني وليلي تومان اجر معصمه فيغفو/وانا وكاسي مبحران مع الدجى خدن والف))ولم تغب اسماء الخمرة من ذاكرته ((عاذلي في المدام غير نصيحي لاتلمني على شقيقة روحي))بل يسمي الخمرة الها(وفي كفه ما يخبيء كان الاله)وللجلساء عند رشدينصيب كبير في قصائده((وحانة اخرى بلا مساء/ونظرة من اخرين جاء)وقد سقط مع اصحابه من شدة الخمر فوق الاعشاب((سقطنا لم نقل شيئا /ونامت فوقنا الاعشاب)وحين ينتهي الفجر يقول((حتى الكؤوس سفحنا لون شقرتها ولم تزل فضلة منها لخمار)
وقد اعترف بعظمة لسانه ان الخمرة اثرت على شعره((ويلوب الشاعر المخمور/بين الحلم والصحو/ولاتدنو القصائد))ولم ينس رشدي المكان الذي يشرب فيه((يتثاءب السمار والمصباح ناضب/والنادل النعسان يغفو مطبق الاهداب شاحب))وكم شرب مع امراة حيث يصفها مخمورة مثله((في الليل المطفأ وامراة مخمورة /تعبر ديجوره/واحيانا يصف شريكة الجلسة((رافقتني الى عشها وباحت باسرارها ثم قالت اغادرك الان))وغرفته الخاصه كانت محرابه الدائم وفي عش امراة كا سماهوالوقت عند رشدي مستمر في شربه للخمرة(ويطلع الصباح/فالليل خمر والهوى مباح وقوله - (ما اتعب الليل تراويحنا حتى يصيح الديك امينا))حتى غدت الخمرة عنده ساقية لايجف سيلها((والعناقيد تنزف ساقية للنبيذ ونبعا من الارجوان)ومستلزمات الخمرة كانت من حديثه الدائم((هل اورق الليمون ياسعدي))(عبير الدفء والليمون والحلوى))وبقي ان نعرف هل ان الخمرة عنده دعته الى الكفر والالحادوالاجابة لاولا لان ولده محمدا قال((ان والدي مصحوب بالايمان لاموبقات عندهيعرف الله والحق والنور لكنه لايصلي ولايصوم لكن حسناته اكثر من سيئاته وهو مصر على قتل نفسه بالخمرة
اما قلت لكم ان الشراع العاملي قد ركن الى القاع لان يد الملاح قد ونت وتمزق الشراع العاملي الذي عصفت به الريح جسدا ولم يتمزق فكرا خالد .