د. صدام فهد الأسدي

abo_aayan53@yahoo.com

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأربعاء 14/10/ 2009

 

تشظيات التوازي في الريشة والطائر للشاعر المبدع فوزي السعد

د. صدام فهد الاسدي

لا يغيب على المتتبع للشعر أن انتشار ظاهرة التكرار بكثافة واستجابة الشاعر في أداء معانيه ليس ولعا بصيغ بل يدل على قدرة عالية للتعبير عن المعاني وأدائها,ولأنه يفجر المعاني بدلالات شعورية وأبعاد نفسية وعن طريقها يوحي الشاعر بمضامينه ليطبع صوره في الذهن ويلفت قراءه للتأويل بتنوع في الجمل والأسماء والذي يهمنا ذكره أن التكرار يمنح القصيدة بعدا شعوريا له قيمته في النقد اللغوي وفضيلته في الجمال الشعري  .

سبقني الناقد البصري الكبير الدكتور فهد محسن الفرحان بإشارة جادة في أطروحة الدكتوراه مشيرا إلى نسق التوازي ويعلم الله أني قد كتبت بحوثا عن شعراء كثر منهم الشاعر علي الإمارة والدكتور قصي الشيخ عسكر وألان فوجئت بمجموعة الشاعر البصري الرائد حقا فوزي السعد الذي علمنا على الحديث الشعري الممتع عن الفراشات الذي أصدره عام 1980 ثم نخلة النخل عام 1987وقد فاتني توأم الفراشة وبدقة أقول ان السعد يشتغل في موضوعة خاصة مميزة به فقد كنت معه مدرسا في المعقل عام 1983 وقصائده ترن في ذاكرتي شاعرا موظفا هذا النسق الرائع من الأفكار وأقولها للضمير أن هذه المجموعة تقول شيئا جديدا وقد خطط لها الشاعر ودفن أسرارا ممتعة في ثنايا المتن سوف ادخل في تلك الرؤى .

وأقولها بحق أكاديمي رائع وهو الدكتور فهد أن أطروحته عن الشعر الحديث واحدة من النماذج الفريدة في الدراسات البصرية حصرا ولا يستغني عنها أي شاعر حديث فلابد من أن ينهل من ضفافها وقد درس نسق التوازي مبدعا في ص175 من الأطروحة وهو يشعب المظهر التركيبي للنص مبتدءا بالبناء البسيط ثم التوازي موضوعة بحثي عن الشاعر السعد وخلاصة القول أن التمايز في هذه المجموعة تمايز ظواهر معينة في جسد النص بل أقول أن ثمة شعراء في البصرة ينفردون بالخصوصية منهم الشاعر الكبير حسين عبد اللطيف و المبدع فوزي السعد .

لقد جاءت إشارة الفرحان إلى نازك وتكرارها ونموذج المفاصل عند الدكتور عبد السلام المسدي مؤكدا الباحث الجليل على نقطة ذات أهمية على البناء قائلا:كما يفعل الموسيقار الذي ينوع على ثيمة واحدة من اجل خلق بناء موسيقي متصاعد)وهذا ما وجدناه رائعا في شعرية السعد وقد جلب أكثر من فكرة في متن النص بنسق ملفت للعين الباصرة ولا نقول أن تلك الظاهرة وليدة للسعد حصرا بل هي من ظواهر الشعر الحديث والبريكان في القمة في ثنايا هذا الإبداع وقد أشرت في دراسة عن الشاعر الكبير مجيد الموسوي عن هذه الظاهرة أيضا .

عواصف الذات المحترقة تقول شعرا
في أربع ثيمات مختصرة يرسم السعد القه المبدع مبتدءا بشاهدة على قبر فراشة وهنا يبدأ كما بدا الشاعر كاظم اللايذ مخاطبا أباه وأمه في نصين قد درسته قبل أيام وأشرت إلى زيته المشتعل ويرحل معنا فوزي إلى ذكريات أم فرات واصفا ساعة الرحيل وقد فقدها جسدا ولم يفقدها روحا قائلا:

يتسرب من ساعة الرمل رمل الحياة
تتسرب أيامك الضائعة
كيف امنع يوما تناقص رملك ارجع أيامك المسرعة

حقا أن هذا المستهل فيه كلام كبير وشعرية قادحة لا يكتبها إلا معترف في الشعر وصاحب خبرة مع علمنا بهشاشة الرمل وذوبان أجزائه في الماء ولكنه يشكل نسقا تكراريا رائدا وهو يعيش لحظته منصرفا إلى جمع أنفاسها الطيبة متى شاع لا احد يمنعه من هواجسه ويشرك معها أمه الراحلة مشيرا إلى قبرها ولكن ثمة إشارة لا تغيب عن الفهم تلك اللمحة الشعرية المفارقة بين الميتة أمه وبين الذات قائلا:

كلانا مضى
هي للقبر اوسع مما عليه إنا
وانأ قد بقيت وحيدا ألوك دخان أساي

ما قولكم بهذه الصرخة فصاحبة القبر أوسع مما هو عليه نعم أيها الشاعر كنت رائعا ويأتي مستهل الثيمة ليقول قولة أخرى:

ولترقدي في القبر ليس مثلما القبور
قبرك من زهر ومن عطر ومن بخور

ينطلق من القول المأثور لا راحة إلا في القبر من هموم الدنيا وسيف جلادها وفي رسالته إلى العالم الآخر لم امتلك أعصابي لتك الصورة الفاجعة في رصف الشعر دون ان أشير إلى إيقاعه الكبير وهو مدرس للعربية خمسين عاما انصرمت فليس غريبا هذا عليه يقول:

دعا الله جبهتك الباردة
وعلى صدرك الغض خفف ثقل التراب
كمم الله أفواه ديدان قبرك حين تدب عليك

إنها رؤى صوفية تنهل من الدين والإيمان باليوم الآخر الحساب فكما ينتهي المرء بجبهة باردة عند موته يصف الشاعر حقيقة أزلية فتبرد فيها الإطراف وخاصة الأكف والجبهة وتسلم الروح إلى خالقها والجديد عند الشاعر ولأول مرة في الأدب العربي تأتي صورة كمم الأفواه ديدان قبرك جميلة أي جمال ثم يأتي عمل فوزي الخاص وبدا بالغصون شغله الثابت ولكن في صورة القبر وهذا الجمع الرائع بين الأسى والجمال لا يصوره إلا شاعر مقتدر ومفكر فالقبر فوق الغصون يقول شيئا مشيرا إلى سقوط ورقة العمر من السدرة وهي إشارة قرآنية واردة الذكر لا تغيب عن احد ولكن من الذي ترجل هو القلب وبصور متوازية قوله :

مثل شرنقة ترقد الآن
بين خيوط الحرير
الشرانق هذي القبور المضيئة فوق الغصون
ذات يوم ستنهض منها الفراشات

هنا إشارتان دالتان على فكرة الشاعر رسم صورة الجنة التي ما فيها غير الطيور والحور والزيتون ثم الإشارة إلى مجموعته الأولى فراشات الحدائق فسوف تحلق عملا يوم يطير قبرها فوق الزهور وهذا توظيف رائع وتورية يحسد عليها وانتهت الإشارة الى زوجه الراحلة ويبدأ مع البريكان خسارة البصرة التي لا تعوض ويطلق عليه تسمية جديدة انكيدو محمود ولن يفلت الضوء من إشارات لامحة إلى الموت المخطط له للبريكان ما جاء عن مرض وعمر طويل بل جاء من صنع الإنسان  .

والموت يسير إليك على قدمي سكين

ويتأسى ويواسي البريكان بعودة مقنعة إلى الضمير المعذب في هذا الكون الغريب فقبله قتلوا لوركا والحلاج وبوشكين والاحلى لم يموتوا تحت حوافر خيل المهزومين بل ماتوا شرفا من اجل مواقفهم والشاعر عبد الخالق محمود حجته الثانية في وصف قبره ومازال السعد راثيا ولكن ليس على نمط تقليدي وبكاء على الإطلال بل جاء بشعر حديث وقد اسمه وريث الضياء وقد بكت الشمس ومدت إليه يديها "شاعر امه الشمس

ماتت فظل وحيدا ومات
بكت الشمس مدت يديها لتحضنه وهي في قبرها

والانتقال من الغصون إلى الريش وقد صنع للريش مقبرة فلا شمس تذيب الثلج ولا ضوء يفك إسار الليل,والمفردات تنزل كالمطر في قوله بحس متناسق

ليس سوى أطيار
تركت في العش بقايا الريش وطارت
هل اجعل من هذا الريش الميت أطيارا
رصف على حقائب السنين

الثيمة الثانية في متن المجموعة تقول جديدا
الذات الحاضرة يتبعثر وحده

الرياح التي أسكرت
الرياح صديقة خطوي
كسرت في ذاك الجناح
أمام وحوش الرزايا بدون سلاح

ثيمة المرض العام والشامل-

تنقض علينا بكتريا الإحزان
البكتريا تنخر فينا نتوارث منها الجينات

ولكن أية بكتريا يريد ةانها داء العصر الخرب والغابة المشتعلة بالدمار والنيران

وكم فوجئت بكهولة فراشه حيث ذاته المعذبة بعد رحيل زوجه وهو يتلاقح مع مرثيات البارودي لزوجه ولكن ثمة فرق بين الرثائين

ولاشي غير وسادته التالفة
إن الأحبة قد رحلوا ولم يملأوا المكان

ويتساءل أين ضمة يديه عليهم صدفة ومشاركتهم العواطف والأمنيات

ولادة الرمز من قصيدة ترنيمة الخشب
حسبي أن المجموعة تنتقل إلى رؤيا جديدة في ولادة هذه القصيدة الفكر وما بعدها يجي ضمن اطر نسق :

لما أصبحنا خشبا تحت فؤوس الإحزان
نكتم أدمعنا ونقول لها لا باس
ومضينا ننتظر اللحظة حين يثور الخشب المظلوم على الفأس

هذه ولادة بودليرية حقا وهذا شعر كبير وهذا موال عذب يغنيه الفن نشيدا
ومثل هذا تحت قبعة الأمطار

أمطار نازلة أمطار تتدحرج فوق سلالم من أمطار

تشبيهات ومجاز رائع يفرض نفسه على المتلقي -وسماء كالمنخل كانت تتسرب منها القطرات أمطار تلبس قبعة من أمطار وهكذا تكرار الإمطار بصور شتى :

أمطار كانت موعد لقيانا

إشارة للذكريات واللقاء و ثم أمطار كانت تجرفنا إشارة الى الهدم كما قص لنا الجاهلي حبه للمطر حين تخصب الأرض وكرهه للمطر حين يزيل الأثر فالشاعر السعد يوازن بين تراثه ومعاصرته بثوب جديد ولكن المضحك المبكي لتلك القدحة كيف ينتهي بأمطاره وهذا لم يذكره الجاهلي حتما سوى الأوحال قد ذكر:

تعلو من أكوام الازبال

هذه حقيقة مرة ولكنها الحق لا يزعل احد منها وكم أعجبت وأعجبت في قوله :

وكما جلبتك إلي الأمطار
مني أخذتك الإمطار
هل أبقى أترقب موسم أمطارك تأتين مع الأمطار

نعم نحن ندرك ان المطر للسياب وهاهو بثوب جديد عند السعد يلونه ضمن خطاب متواز,’وفي ثيمته الثانية عنوانات تريد الفكر وتدهش المتلقي حقا مثل البوصلة الحولاء ولعنة رامبو ,ثم نأتي إلى الريشة مدار العنوان الرئيس وهنا تتحقق توازياته ضمن النسق:

كيف تتركني زهرة للقرنفل
قد ضاع منها اريج القرنفل

وقوله  :

اخوض غمار الليالي وراء الليال

وقوله :

كم ضممت عليك ضلوعي
كما قفص من ضلوع

وهكذا ينسق شعرية ملفتة للنظر حقا ويختم ثيمته الثانية بنص رائع على ظهري تعلو الحقائب ولكن النسق فيه نفسه:

تتهاوى عليك المصائب بعد المصائب

وقوله:

لأم في سبر غور المرايا
الى ماوراء المرايا

وقوله :

 فجأة شب فيك حريق القصائد
هذا الحريق

وقوله :

في عروقك داهمتك الحروب
الحروب التي سحقت نصف عمرك
حروب الطواحين راحت تدور

ولابد من قدحة وهدف قوله:

وليس سواك الضحية كبش الفداء

وهذا التكرار لا ينتهي بل يستمر إلى النهاية:

أثقلته الحمولة تعلو الحقائب فوق الحقائب
هذي الحقائب فارغة من أمانيك لكنه بالهموم ثقال


إشارات في الثيمة الثالثة
في الطريق إلى دير العاقول يرحل بنا إلى توصيفات لا تخلو من النسق:

إهلاكا تبغي فهلاك
أنجاة تبغي فهلاك

وهو يؤكد ليس نبيا وليس بعيسى وأيوب وموسى انه جلجامش الأسطورة وخمبابا وعشب الأبدية وقد تناول الأسطورة برؤيا جديدة قائلا:

من سيعيد التكوين إلى نطف السفاحين
يلقي فيها عقاقير تعدل فيها النسل

كم وقفت منبهرا لهذا الكلام الذي يقوله البسيط في يومنا من أين جاءت هذه الناس الا يغير الله تكوينها ونطفها فهم قتلة لصوص وتنطلق قدحه جديدة ما أروعها :

والشاعر يا دير العاقول
مثل نبي في كل زمان مقتول

ونحن مع النسق نتوقف عند مسك الختام قائلا:

موتي من بدء التاريخ
الى موت التاريخ

وينوع السعد مستهلاته في بصمة ابهام : لا اذكى حاسوب

وبذاكرة تعد الاذكى

وقوله الرائع :

انك تجهل حتى من أين تجيء لعينيك الدمعة
والبسمة من أين تمد يديها البسمة
تفتح ذاك الشباك المغلق في شفتيك

هذا شباك السعد يختلف عن شباك وفيقة عند السياب ذاك الأول كان شباكا حقيقيا لابنة الجابي وهذا اليوم في الشفتين انه الإبداع حقا

والحركات في رحلة ناطور تنجري كالماء الجاري
منذ عملية المد إلى الأسفل من ثقب مفتوح

وهو يصف الرقيب والسجين والمطارد فماذا يفعل للخلاص من القضبان قوله:

يزحف حتى يعلق بين خيوط عناكب في أنسجة حمراء
صوت يصرخ يا ناظور
اخبرنا أين الداء المستور

وفي هذه القصيدة رؤى متنوعة فإشارة الطب واحدة والأخرى مر ذكرها لا ولا يتوقف السعد بل يركز على مجريات علمية بأسلوب جديد في نظرية التوازن مؤكدا على حكمة العصر في قوتين ثم يرجع بنا إلى خطيئة اوديب الملك  :

دائما مثل ناعور ماء
سأدور على وتد ثابت في السكون

أظن والرأي لكم أن خلاصة المجموعة هذا القول:

حكمة العصر في قوتين وليس لديك اختيار
رقدة تحت في القبور الخفيضة
او شهقة بين أحضان نجمتك الصاعدة

وفي قصيدة سيف يسر على المنحى ذاته قائلا:

فكر هذا جسد من آلاف الأجساد

وفي قصيدة باب وهي من جديد فوزي الرائع الذي يصور حال الباب المسكين بين فتح وغلق:

أفنى الباب لأجل الغير شبابه
من يفتح بابا للباب

وكم جميل أن يختمها قائلا:

أو من وسخ الأيدي
قرر أن يغسل أخشابه

هذه التشخيصات الآدمية أعطيت الى الجماد وهذه لعبة الشعر وفنه وليس تسطير خواطر ورصف الفاظ كما يفعل بعضهم وللأسف الشديد ينتمون إلى شجرة الشعر فالشعر فن اتركوه للشعراء وفي قصيدة الطين يناغم التوازي قائلا:

تاريخ الطين
تاريخ الإنسان المخلوق من الطين

وفي مقطعها الثاني يقول :

من بدء سلالات الطين
الى موت الطين

وفي آخرها يقول:

الطين يدب على الطين
ينقض الطين على الطين

وأقولها معترفا أن قصيدة انتحار خشبة أجمل ما قرأت للشاعر في مجموعتهً وكم اطمح ان امتلك وقتا لدراستها بدقة ويعذرني الشاعر فلدي مشروع كبير بدراسة مئات الشعراء الذين أهدوا لي مجموعاتهم ولكن انظر توازيه المستمر:

تتفانى هذي الأخشاب
الأخشاب زوارق مبحرة
الأخشاب شبابيك
الأخشاب قلاع والأخشاب مشانق

رؤيا رائعة في الترتيب الواقعي وكم أدهشني في وليمته للعناكب قد تنظر هذه الأشياء :

نملة قد هوت حبة القمح
من ظهرها
فهوت معها في الفراغ

ولا تفوته الحكمة والهدف في خارطة الأقفاص :

لو طار العصفور ساعات في قفص
لن يتخطى أكثر من شبر
لو غنى العصفور
الصوت الرائق
يجتاز ألوف الأمتار

النص لا يحتاج إلى تعليق والأروع منه قوله:

الماء يسيل الى الأبعد
لكن يبقى في موقعه الناعور

هذه طروحات فوزي السعد الجديدة بعد اختمار تجربته في سنين طوال عاد ليقول جديدا وتنثال صوره في متاعب الرسام ولكن النسق نفسه:

خطط صورة كوخ
حاول ان يدخل قطرة زيت حمراء
سقطت فوق الكوخ
احترق الكوخ

إنها صورة فن شعري متصل وثورة الطبيعة وسوء الطالع يختم نصه في قدحة مفادها:

لما مات قرر أن يرسم ثانية
مما فات لكن حتى الموتى

ما ابتاعوا تلك اللوحات وفي رسام التمثال وفي حبل الغسيل المسارات نفسها والمعكوسات المتوقعة حتى تحول التمثال المرسوم إلى متحرك والرسام إلى صخرة وفي حبل الغسيل :

هل أجفف أثواب غيري فمن سيجفف ثوبي,

وفي الثيمة الرابعة
يتألق السعد في نصه الذاتي قرب بابك القي حقائبي في علامات فارقة وتسميات لائقة جدا ومثلما مر في الثالثة من افكار جاء ليعود ثانيا :

يروي الماء عطاشى الإحياء
ماذا يشرب لو عطش الماء

وينزل إلى الإبرة المسكينة التي تقدم خدماتها للإنسان قائلا :

الإبرة تكسو عري الناس
وتبقى الإبرة عريانه

وينتهي في المثابرة في وصف الحصان التعب وهو يجر الناعور قائلا:

يعيش كالحصان في الناعور
يجري على غير هدى
وليس يدري انه يدور

وفي وصف القلم عندما يصدر حكما معكوسا على الحاكم والوجه يلبس دور المرآة والقضبان تطارد السجان بدلا من السجانين والجسر طريق العبور قد يحتاج إلى جسر هذه تناقضات الدنيا يرسمها فوزي بريشة رائعة حقا ومنها الكرسي الذي تعب من الجلوس فألقى من جلس عليه وقعد فوقه انها أشياء بسيطة ولكنه شعر عال وعند التبحر في قرب بابك نجد التناسق يعود ثانية قوله :

هل إنا أستريح
قرب بابك من تعب أستريح

وقوله :

هل إنا اطرق الباب
قبل يدي الآن قبل يدق على الباب

انه الدهشة والمفاجأة حقا في نقل الحركات وحين يودع قافلته له اقباله وليست إقبال السياب ولا يريد اقبل المرأة بل إقبالها وقدومها قائلا  :

حين اقبلت
شمس نهارات قد أقبلت

وما أجمل تطابقاته في هذا الرصف من الصور قوله:

والليالي التي طالما
وخزتني وسادة أشواكها
قد مضت تفرش الورد تحتي

فالشوك والورد والوسادة دلالة التحت وهكذا أنت تعيش صورا وتلقى رسوما باهرة في توصيفات شعرية كبيرة وكم أدهشني في قوله :

لمرآة وجهي
التي انكسرت تحت رشق الحصى
من أيادي الرزايا

وعاد يرمم وفي لغة الترميم شعر كبير يقول  :

أرمم ما همشته النوائب من خزف القلب
والعاطفة

سوف اسكت بعد وأقول لشعراء البصرة الذين يسمون أنفسهم شعراء ويشتركون في الاحتفالات الإعلامية لغرض الشهرة هاتوا دواوينكم لأرى أين انتم وأين فوزي السعد فقد تعجزون ولا أقصدكم جميعا بل هناك شعراء كبار مثل الحجاج كاظم واللايذ كاظم وعبد العزيز عسير ومجيد الموسوي وقصي الشيخ عسكر ومحمد صالح عبد الرضا وحسين عبد اللطيف وقاسم عبد الهادي السواد وعباس الحساني وجبار الوائلي وآخرين لا يكفي الزمن لذكرهم .

وابقي في شاعرية فوزي السعد احطب في بيادر الليل لعلي أصيب أرنبا فر من الثعالب ولعلي اسمع تغريدة من طير ساقط من عذابات الغربان والسلام .
 


 

free web counter