| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

د. صادق البلادي

 

 

 

 

 

الجمعة 16/ 10/ 2009



 حرمان عراقيي الخارج من الانتخاب انتهاك للدستور

صادق البلادي

الإرهاب البعثي الفاشي ، الذي كشر عن أشداقه منذ 8 شباط 63 / ردة 14 رمضان، لمن يحلو له سماع التاريخ الهجري، وليتذكرعظم الجريمة التى أقترفها مجرمو شباط بتنفيذ المؤامرة وإعدام الألاف في الشهر الحرام ، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفيه ليلة القدر، ما توقف لحظة واحدة حتى بعد عودتهم في 17 تموز 1968 في أنقلاب القصر ، الذي زعموه ثورة بيضاء، وما توقف ضد الشيوعيين حتى في زمن " الـجــبـحـة " لا الجبهة ، كما كان الشهيد صباح الدرة يسميها، وهو ممثل عن الحزب الشيوعي في لجنة الجبهة في بغداد. لكن هذا ارهاب أخذ يشتد منذ أواخر 77، حتى اضطر الكثيرون على مغادرة الوطن، حفاظا على حياتهم ، وتهيئة لمواصلة العمل ضد سلطة البعث الفاشي في الخارج. وخرج المئات بل الآلاف الى خارج الوطن. ومع شن الحروب الداخلية ، وحربي إيران والكويت  تزايدت أعداد الهاربين من العراق ، متحملين شتى المخاطر للوصول الى ملاذ آمن ، وتضاعفت اعدادهم بعد فرض الحصار الشامل ، الذي صاغه الأمريكان بشكل جعله يوصف بحق سلاح دمار شامل ، كان المفروض تحريمه كتحريم القنبلة الذرية. ولكن مع الآسف وقفت الى جانبه قوى كثيرة من المعارضة العراقية ، مشاركة في الجريمة. أواخر التسعينات قدرت الجامعة العربية عدد العراقيين في الخارج بأربعة ملايين فرد. وهذا العدد تعترف به المنظمات الدولية اللجوء والهجرة في تقديراتها الحالية.

وفي الانتخابات التي جرت للجمعية الوطنية ولمجلس النواب شارك عراقيو الخارج فيها، لكنهم حرموا من المشاركة في الآستفتاء على الدستور، بحجة أسباب تكنيكية ، لأن الاستفتاء جرى على أساس المحافظة الواحدة. ولنفس السبب لم يشاركوا في التخاب مجالس المحافظات في كانون الثاني هذا العام.

ومع إقتراب إنتخاب مجلس النواب في 16 كانون الثاني 2010 وبدء الاستعدادات صدرت تصريحات من بعض النواب تدعو الى حرمان عراقيي الخارج من حقهم في المشاركة في الانتخاب بحجة الكلفة المالية وإحتمال التزوير، وكأن هذا لن يحصل في الداخل حيث الكل أتقياء بل ملائكة ، منهم وزير التجارة السابق ، الفار الى الخارج رغم القبض عليه ، بل حتى رئيس المفوضية المستقلة للانتخاب ، لم يستطع رئيسها إبعاد تهمة التزوير عن الانتخابات في المحافظات ، ولم يسترد ما نهب من الاأموال المخصصة لإتخابات الخارج السابقة.

فرئيس مفوضية الانتخابات صرح لإذاعة العراق الحر عن سؤال لمراسلة الإذاعة حول مشاركة العراقيين في الخارج" بأن الأمر متروك للسادة النواب، وماسيرونه عند مناقشتهم لقانون الإنتخابات الجديد هذا الأسبوع، فإن وافق النواب على مشاركة العراقيين في الخارج، فإننا سنوافق حتماً، وإن رفضوا فلا حيلة لنا في ذلك".

ولم ينتبه هذا الأخ الى أنه بهذا الجواب قد تخلى عن واجبه كمواطن في التقيد بالدستور، وعدم التقيد بالقوانين المخالفة للدستور ولحقوق الإنسان. فحتى غير العراقي عليه عند حصوله على الجنسية العراقية أن يقسم بالتقيد بأحكام الدستور.

إضافة الى أنه في جوابه هذا قد حنث بالقسم الذي أداه وهو يستلم منصبه بدرجة وكيل وزير، رغم أنه قد يستند في تصريحه الى المادة الثانية من قانون الانتخاب الجديد والتي تتحدث عن إنتخابات في أرجاء العراق ، وهذا مخالف للدستور، للمادة 5 ، لحرمانه المواطنين العراقيين في الخارج من حقهم الانتخابي. والذي يؤكد هذا التوجه هو التعديل لقانون الانتخاب الذي أخذت به اللجنة القانونية بجعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة .
مادة 1 فقرة 2 من التعديل المقدم للمجلس.ومعروف أنه عندما جرى الاستفتاء على الدستور على اساس المحافظة ، وانتخابات المحافظات حرمنا من حقنا هذا.

والفقرة الرابعة من المادة الثالثة من التعديل تحدد المهجر الذي يشارك في التصويت بأنه:
"العراقي الذي تم تهجيره قسراً من مكان اقامته الدائم الى مكان آخر داخل العراق بعد9/4/2003 لاي سبب كان"
ويبدو أن سياسيي ما بعد إنهيار النظام الفاشي مازالوا يتعاملون مع الدستور ، وبالتالي مع الحقوق التي تضمنها الدستور ، وكفلتها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة العراق في عهودها الملكية ، وجمهورية 14 تموز ، وعهود البعث ، يتعاملون معها وكأنها منحة منهم ، كما كانت في عهد صدام الذي خلفوه.

أن التمسك والتقيد بالدستور لا يكفيهما أداء قسم بالله العظيم ، أو بغيره، أو بدونه، إنما ذاك سيرورة تترسخ مع الزمن ، ولكن ليس بتلقائية الوقت ، إنما بالرقابة المتشددة ، رقابة شعبية ،إضافة الى رقابة القانونيين ، خاصة من صار منهم من آباء الدستور، بمشاركتهم في صياغته ، لمعرفتهم بالنوايا والدوافع والإتفاق وكيفية صياغته. والمعروف أن الدستور فيه تناقضات نتيجة توازن القوى في المجلس الوطني بالشكل المعروف.وقد تم الآتفاق على إجراء تعديلات عليه .

فالدستور وإن ثبت أن الاسلام دين الدولة الرسمي ، وأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الآسلام ، بشكل عام دون تحديد الثوابت ، وهي مختلف عليها بين المذاهب المتعددة ،إلا أنه ثبت كذلك عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ، أو يتعارض مع الحقوق والحريات ألأساسية الواردة في الدستور. كما وثبت أن الشعب مصدر السلطات وشرعيتها يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر. وأن السلطة يتم تبادلها سلميا. وثبت تساوي العراقيين جميعا دون تمييز لأي سبب كان.

العراقي حسب قانون الجنسية هو من كل من يتمتع بالجنسية العراقية ، مع جواز تعدد الجنسية للمواطن العراقي. ونصت المادة 20 من الدستورعلى حق المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح.

فحرماننا من المشاركة في الإنتخاب ترشيحا وتصويتا يشكل أنتهاكا للدستور وللمواثيق الدولية.. وقد جعل الدستور من واجبات رئيس الجمهورية ، مجلس الرئاسة الحالي السهر على ضمان الالتزام بالدستور، وفي حالة تمرير هذا التعديل لقانون الانتخاب في مجلس نواب المحاصصة ، نتأمل أن المام جلال رئيس مجلس الرئاسة الذي أقسم على صيانة الدستور أن يرفضه ، خاصة وأنه امتنع ويمتنع عن تصديق قرارات الإعدام بحق المجرمين لمجرد أنه كان قد وقع على نداء يطالب بإلغاء عقوبة الاعدام ، فكيف بالتوقيع على قانون ينتهك الدستور، وهو يعلم أن للمحكة الاتحادية العليا حق إدانة رئيس الجمهورية في حالة:
1ـ الحنث في اليمين الدستورية.
2ـ انتهاك الدستور.

كما أن للمحكمة الآتحادية الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة ، وتفسير الدستور، الذي كفل حق مجلس الوزراء، وذوي الشأن من الأفراد وغيرهم حق تقديم الطعن المباشر لدى المحكمة.

هذه المواد تعطينا الحق باعتبارنا مواطنين في الطعن بعدم دستورية حرمان عراقيي الخارج من المشاركة في الآنتخاب . وإضافة الى وضوح الدستور العراقي في حق العراقي أينما كان بالمشاركة في الإنتخابات، فإن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي إنضم اليه العراق عام 1971، دون أن يعني ذلك التزام صدام بما ورد فيه ، يقرر في مادته الـ 25 حق كل مواطن في " المشاركة في إدارة الشؤون العامة، وأن ينتخب وينتخب" ، وتلزم المادة 2 فقرة 1 كل دولة طرف في العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالتها لجميع الأفراد الموجودين في اقليمها [ العراق ]والداخلين في ولايتها [ مواطنيها في الخارج ] دون أي تمييزولا لأي سبب.

فالمؤمل أن ينتبه مجلس النواب و مجلس الرئاسة الى ضمان حقنا - نحن العراقيين في الخارج - في المشاركة في الانتخاب المضمونة دستوريا ودوليا. وتجري إتصالات لتقديم طعن أمام المحكمة الآتحادية في حالة حرماننا من المشاركة في إنتخابات مجلس النواب القادمة.




 

free web counter