| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

                                                                  الأربعاء  9 / 4 / 2014



حُسن السلوك والسيرة ... شهادة تفتقر لها ملفات الأحزاب الدينية

د. صادق إطيمش 

وحينما نقول الأحزاب الدينية فإنه بالرغم من شمولية هذا الوصف على كل الأحزاب الدينية مهما إختلفت دياناتها، والتاريخ يقدم لنا امثلة كثيرة عن الأديان جميعاً في عهود غابرة وحاضرة من الزمن . إلا اننا، ومن منطلق إكتواءنا المباشر ، نحن العراقيين، ولمدة إحدى عشر سنة متواصلة بنار احزاب الإسلام السياسي وكل ما انتجته من خلال التواصل مع سياسة البعثفاشية المقيتة التي ظننا انها قُبرت إلا انها تتبوأ اليوم من خلال ابشع رموزها القمعية مناصباً في الدولة العراقية التي تمارس أحزابها الدينية الطائفية ومتنفذيها في السلطة سياسة الإبعاد والتهميش وحتى القمع للقوى الوطنية المخلصة لوطننا وأهله. فأحزاب الإسلام السياسي في العراق بشيعتها وسنتها اثبتت بما لا يحتاج إلى كثير من الأدلة والبراهين بأنها أحزاب فقدت مصداقيتها داخل المجتمع العراقي وبالتالي فإنها فقدت كل ما يؤهلها لنيل ثقة الشعب في الإنتخابات القادمة، مثلها في ذلك مثل مَن يفتقد ملف تعيينه في وظيفة ما لشهادة حسن السلوك والسيرة وذلك لكي يطمئن صاحب العمل إلى نزاهة العاملين معه عمالاً كانوا ام موظفين . وبما ان اعضاء مجلس النواب هم في الحقيقة مُعينين من قِبَل الشعب للعمل في البرلمان، فعلى هذا الأساس إذن ينبغي حصول هؤلاء النواب على شهادة حسن السلوك والسيرة من قِبل الشعب كشرط لممارستهم عملهم هذا . إلا ان مفوضية الإنتخابات حتى وإن طلبت هذه الشهادة الرسمية وحصل عليها كل او بعض المتقدمين من الأحزاب الدينية لخوض الإنتخابات المقبلة في نهاية نيسان الجاري، إلا ان كل هؤلاء تقريباً لم يحصلوا على شهادة حسن السلوك والسيرة من رب عملهم الأساسي وهو الشعب العراقي. فعن اية شهادة لحسن السلوك والسيرة يبحث الشعب في ملفات الأحزاب الدينية ، احزاب الإسلام السياسي، ولم يجد اي اثر لذلك ؟ ولتسهيل الخوض في هذا الموضوع لابد لنا من توضيح مضمون هذه الشهادة وما يمكن ان يؤكد عليه الشعب الناخب لممثلي الكيانات الدينية وأحزابها سواءً المتنفذة منها بقوة في السلطة المركزية او تلك التي إنتشرت اخطبوطاتها في مراكز المحافظات والمجالس البلدية والإدارية في الأقضية والنواحي وكافة الإدارات البلدية .

إن اول ما يفتش عنه الشارع العراقي في ملفات أحزاب الإسلام السياسي العراقية ومن خلال التفتيش في ملفات شخوصها وقادتها وممثليها في الدولة العراقية هي شهادة حسن السلوك والسيرة الدينية. والشارع العراقي مُحِق في ذلك إذ انه يسمع ومنذ إحدى عشر عاماً كل ما لذ وطاب من الوعظ الديني الذي ينشره المتأسلمون من خلال قناواتهم الفضائية ومجالسهم التثقيفية ومنشوراتهم الحزبية وجولاتهم السندبادية وكل ما تفتقت عنه افكارهم التي طالما يربطونها بالدين وثوابته المقدسة، داعين إلى ما يسمونه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا ان الناس اثبتت ومن خلال كل ممارسات هؤلاء في مختلف مناصبهم الحكومية وعلى إمتداد مقاعدهم البرلمانية وفي مقرات احزابهم الدينية بأنهم والمعروف على طرفي نقيض وان المنكر اقرب إليهم من حبل الوريد . فأي التعاليم الدينية إلتزمت بها الأحزاب التي تنسب نفسها للدين الإسلامي وبمختلف مسمياتها . هل كان الممسكون منهم بالمناصب الحكومية الكبيرة كالوزارات والمكاتب المهمة الأخرى في هذه الوزارات يعرفون معنى المعروف في تعاملهم مع وظيفتهم هذه فينطلقون من الكفاءة لا من الإنتماء الحزبي والقرابة العائلية والإصطفاف العشائري في إدارة شؤون مؤسساتهم هذه ؟ كل الدلائل التي يعيشها الناس في شمال وجنوب وشرق وغرب العراق منذ سقوط البعثفاشية حتى اليوم تجيب بألف لا ولا على هذا السؤال. فلا غرابة من ذلك إذن إذا ما رأينا هذه المؤسسات وكأنها قد اصبحت مقاطعات عشائرية تُسمى باسم من يقف فيها على قمة الهرم الإداري بحيث يرتبط هذا الإسم ليس بالشخص وحده بل وبحزبه الذي يسميه دينياً وما هو إلا تنظيم سياسي يتسلق على الدين متنكراً لثوابته التي وضعها في ميزان تقلبات السياسة اليومية، فعاث في تعاليم الدين وافسد العملية السياسية برمتها حيث انه لا علم له بآلياتها العلمية ومنطلقاتها التي تتجدد يومياً، لقد جاء به حزبه إلى هذا المنصب رغم انف العلم والعلماء وذوي الكفاءات . لا نريد ان نستطرق كثيراً في مخالفاتهم اليومية لأبسط اسس الدين الذين يدعون الإنتماء إليه، وما هم في الحقيقة إلا متسلقين على هذا الدين مسخرينه لمنافعهم الشخصية من خلال احزابهم الدينية. وما ألأمثلة والأهازيج الشعبية والنكات التي بلورها الشارع العراقي حول هؤلاء إلا بعض ما يعكس طبيعة أحزاب الإسلام السياسي في العراق وكل من إنتمى إليها وعمل في صفوفها لا لخدمة الدين حقاً، بل لخدمة مصالحه الخاصة التي تبلورت من خلال الإثراء الفاحش والعيش الباذخ والحسابات المصرفية داخل وخارج العراق وابتزاز الأموال والإستيلاء على العقارات ، ومع ذلك لا يخجل مثل هؤلاء من التحدث عن الفقر والفقراء وعن العدالة والمساواة . فلا غرابة إذن إذا لم نجد في ملفات هؤلاء اثراً لحسن السلوك والسيرة الدينية.

وإذا ما تجاوزنا هذه الشهادة وفتشنا في ملفات هؤلاء عن شهادة حسن السلوك والسيرة السياسية، فماذا سنجد يا ترى ؟ سنجد ما لا يُعد ولا يُحصى من الكذب والدجل والشعوذة وعلى ابشع الصور. كيف ؟ بمجرد المقارنة البسيطة بين الوعود التي اطلقها السياسيون ، ومعظمهم من المنتمين إلى الأحزاب الدينية، لا يبدأون كلامهم إلا بالبسملة، وبين ما رأته الناس على ارض الواقع ومنذ إحدى عشر سنة فإن ذلك يكفي تماماً لحجب شهادة حسن السلوك والسيرة عن كل هؤلاء. فحسِنُ السلوك يجب ان لا يكذب. فهل من يدلني مشكوراً على كذاب اكبر من السياسيين العراقيين ؟ وحسِنُ السلوك والسيرة لا يراوغ ويبرر سرقة المال العام وانتهاك القوانين التي وضعها هو وزبانيته كمؤشر لعملهم السياسي سواءً داخل البرلمان او في السلطة التنفيذية، وجميع الملتصقين بكرسي السلطة وكرسي البرلمان من منتسبي الأحزاب الدينية وشركاؤهم في سياسة المحاصصات الطائفية والمشاركات اللصوصية هم من هذه الشاكلة التي لا تسمح لهم بالحصول على شهادة حسن السلوك والسيرة من الشعب العراقي.
اما شهادة حسن السلوك والسيرة إجتماعياً فقد فقدتها الأحزاب الدينية ومنتسبوها بسبب الممارسات اللاأخلاقية لهذه الأحزاب وما تمخض عنها من إنحطاط إجتماعي مارسه هؤلاء المتخلفون والذي جعل المجتمع العراقي لا يفكر إلا بالإنتماء الطائفي والتمحور العشائري والإصطفاف المناطقي والتعصب القومي الشوفيني إضافة إلى ما إنتشر داخل المجتمع العراقي من خرافات وسخافات شلت التطور الفكري للمجتمع وحاربت الثقافة الإنسانية وتصدت للفكر الحر الذي يناضل في سبيل نقل المجتمع العراقي إلى مصاف عالم القرن الحادي والعشرين من عمر البشرية . وما أكثر ما ربط هؤلاء اللصوص اعمالهم الإجرامية بحق الشعب العراقي وابتزاز خيراته بفتاوى لمراجعهم الذين لم يبخلوا عليهم بتبريرات العداء للدولة المدنية الحديثة ومؤسساتها التي تضمن حقوق الإنسان، اي انسان، في المجتمع بغض النظر عن اللون والجنس والدين واللغة، والتي تصون المجتمع من الإنزلاق نحو دكتاتورية الدولة الدينية وكل سيئاتها التي برزت في دولة الطالبان والسعودية وايران والسودان وكل ما انتجته هذه الدول من مجتمعات بائسة تنتابها الأزمات وتأكلها المشاحنات حتى بين المنتسبين لهذه الأحزاب الدينية نفسها. فهل يمكن لأحزاب كهذه ومن ينتسبون إليها ان يحصلوا على شهادة حسن السلوك والسيرة؟ لا اعتقد ان عاقلاً سيجيب بنعم على هذا السؤال.

وبما اننا مقبلون على إنتخابات برلمانية جديدة، نرجو لها ان تمر بدون التلاعب بالأصوات او شراءها من خلال عمليات الهدايا التي اصبحت اكثر من مفضوحة، فإن العقل السليم يشير إلى التفتيش عن المرشحين الذين يحملون شهادة حسن السلوك والسيرة فعلاً والذين اثبتوا ذلك بالأمس ويثبتونه اليوم وسيثبتونه غداً. انهم مرشحو قائمة التحالف المدني الدينقراطي في كل محافظات العراق. فإلى إنتخاب هؤلاء ندعوكم ونناشدكم مؤازرة حَمَلَة الفكر الديمقراطي الذين يشكلون البديل الحقيقي لما يجري في وطننا الآن من مآسي وويلات اثقلت كاهلنا بها الأحزاب الدينية المتسلطة وكل شركاءها في العملية السياسية .

 

 

free web counter