نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الثلاثاء 8/8/ 2006

 

 

ترجمة من ألألمانية لمحاضرة ألقيتها في جامعة فرايبورغ بتاريخ 08.03.2006 بدعوة من لجنة تنظيم مهرجان إسبوع ألأخوَّة الذي يقام بألمانيا في ألأسبوع ألأول من شهر آذار في كل عام وعنوانها :


العنف والإرهاب بإسم الدين

د. صادق إطيمش

منذ خمسة عشر عامآ تُبذل جهود متواصلة في هذه المدينة ضمن ميدان العمل المشترك بين ألأديان الذي تضطلع به مجاميع ذي إنتماءات دينية مختلفة , تحاول التقريب بين وجهات النظر وبناء قاعدة للعمل المشترك ومواجهة ألتحديات المشتركة . ومن خلال أللقاءات التي تمت في هذا الميدان إستطاعت المجموعات ذات ألإنتماءات الدينية المختلفة أن تتبنى الحقائق التالية التي توصلت إليها عبر نقاشاتها :

 1. بالرغم من ألإختلافات ألأساسية بين ألأديان المختلفة , يمكن التوصل إلى سلوك طريق للعمل المشترك والحوار , إذا توفرت الرغبة الصادقة في ذلك .

 2. إن نجاح وإستمرارية العمل المشترك يعتمد على ألإحترام المتبادل والحفاظ على الخصوصية ونبذ السعي التبشيري .

 3. لقد إقتنع المتحاورون بأن الإستمرارية بالعمل وتكثيفه هو الشرط الضروري للوصول إلى ألطريق المشترك .

 4. كما حصلت القناعة التامة بإمكانية توسيع وتعميق أقل ألإمكانيات المتوفرة للحوار والإستفادة منها لتطوير العمل المشترك مستقبلآ .

ويمكن القول إن الحوار والعمل المشترك على أساس هذه القناعات قد جنى ثمارآ ناضجة خلال السنين الخمس عشرة الماضية . ولتقريب فهم إمكانيات الحوار هذه إلى ألذهن , يمكننا تفحص بعض المبادئ التي جاءت على أساس حِكم دينية في ألأديان المختلفة , دون ذِكر هذه ألأديان , لنرى بأن كل منا سيجد نفسه أمام حكمة دينية قد تكون من دينه . فعندما نسمع أو نقرأ مثلآ : >> ليس لأخ أن يكره أخاه ولا أخت أختها , تكلموا بلغة واحدة , وتوحدوا في نفس الهدف : في ألأخوّة . >> لا تُعامِل الآخرين بما لا تحب أن تُعامَل به . >> كل ما ترغبون أن يعمله الناس لكم , إعملوه للناس . ظاهرة التشابه هذه في الحِكَم والمبادئ الدينية المماثلة التي نجدها في كل دين من ألأديان السماوية الموَحِدة يمكن تفسيرها كما يلي : جميع هذه ألأديان تؤمن بوحدانية المصدر لهذه القيم والمبادئ , وهو ألله . وعلى هذا ألأساس لا يمكن تصور ألإختلاف في المحتوى حتى وإن إختلف التعبير أللغوي أو وقت إعلان هذه المبادئ والقيم .

إنطلاقآ من هذه المقدمة سأحاول التطرق إلى موضوع محاضرة اليوم هذه والمتعلق بموقع الدين ألإسلامي بين هذه ألأديان من خلال محاولة ألإجابة على ألأسئلة التالية :

 1. كيف يمكن تصنيف الدين ألإسلامي بين ألأديان التوحيدية ؟

 2. هل يتضمن الدين ألإسلامي التوحيدي هذه القيم والمبادئ أيضآ ؟

 3. إذا كان ألأمر كذلك , أي أن تعاليم الدين ألإسلامي تتضمن هذه القيم والمبادئ أيضآ , فكيف يمكن تفسير ظواهر العنف والإرهاب المتكررة التي يجري ربطها بهذا الدين مباشرة ؟ جميعنا يسمع ويقرأ الكثير في هذه ألأيام عن العمليات ألإرهابية ضد ألأبرياء من الناس والتي تتبناها منظمات تدعي ألإنتماء إلى الدين ألإسلامي .
في البداية ينبغي التأكيد هنا على مبدأ التوحيد الذي يعتبر القاعدة ألأولى والرئيسية التي يقوم عليها الدين ألإسلامي . إذ بدون ألإيمان المطلق بوحدانية ألله لا يمكن أن تُمارَس العقيدة الدينية المتمثلة بالصوم والصلاة والزكاة والحج كما تنص عليها تعاليم هذا الدين. وحينما يسأل مَن لم يطلع على مفردات هذا الدين المسلمين عن ربهم ...من هو ..؟ وما علاقته برب عيسى وموسى ؟ يجيب المسلمون فورآ بنص ألآية القرآنية (سورة 3 آية 84 ) والذي يقول :

قل آمنا بالله وما أُنزل علينا وما أُنزل على إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون .

هذا يعني إذن بأن ألإسلام يعتبر نفسه حلقة من حلقات سلسلة ألأديان السماوية ويؤكد على أنه الحلقة ألأخيرة في هذه ألسلسلة ألإلاهية . لذلك فإن المسلم المؤمن لا يستطيع أن يخرج في إطار تصوره وفهمه لدينه عن ربط هذا الدين بالأديان السماوية التي سبقته . إن المسلم الذي لا يؤمن برسالة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى لا يحق له أن يعتبر نفسه من المؤمنين برسالة محمد .
فماذا يعني إذن نشر الحقد والكراهية الذي تمارسه بعض الجهات التي تدعي إنتسابها للدين ألإسلامي ضد غير المسلمين , لا بل وضد المسلمين المخالفين لرأي هذه الجهات أيضآ ...؟ وما علاقة ذلك حقآ بتعاليم الدين ألإسلامي....؟ ومن المستفيد من عمليات الإغتيالات والعمليات ألإنتحارية والإختطاف وكافة العمليات ألإرهابية التي تمارس ضد المسلمين وغير المسلمين على حد سواء ....؟ وبأي من تعاليم الدين ألإسلامي يبرر منفذوا هذه العمليات عملياتهم ...؟ وهل يمارسون بذلك تنفيذ واجب ديني حقآ , كما يدّعون.....؟ وهل منتسبوا هذه الجهات من المنظمات الدينية فقط , أم هناك من يقف خلفها من منظمات سياسية لا بل وحكومات أيضآ , أي ما يسمى بتنظيمات ألإسلام ألسياسي... وما معنى ذلك.....؟ وربما سؤال أخير مهم يتعلق بكثافة مثل هذه التجمعات في العالم الإسلامي الذي يضم ألآن أكثر من 3 , 1 مليارد إنسان منتشرون على جميع بقاع ألأرض....؟

قبل محاولة ألإجابة على هذه ألأسئلة يجدر بنا التعرف على المصادر ألأساسية للدين ألإسلامي ودراسة ما تحتويه هذه المصادر ومدى إنسجام هذا المحتوى مع ألأعمال التي تُنفذ بإسم هذا الدين .
يُعتبر القرآن المصدر الرئيسي ألأول لتعاليم الدين ألإسلامي . وهذا يعني أن ألقرآن الموجود ألآن في متناول المسلمين يعتبر المصدر الرئيسي لهم فيما يخص تعاليم دينهم أينما وُجدوا على هذه ألأرض . فإن وُجد أي إختلاف بين المسلمين حول القرآن , فإن هذا الإختلاف لا يتعلق بمنطوق النص القرآني , وإنما بتفسير هذا النص وفهمه وتحليله ومن ثم تطبيقه .
أما المصدر الثانني للتعاليم ألإسلامية فهو ألسُّنة . وبقدر ما موجود من ألإتفاق بين المسلمين على النص القرآني يوجد ألإختلاف على تعريف ونصوص السنة . ويمكن حصر هذا ألخلاف بالنقاط التالية :
1. بعض المسلمين يفسر السنة على أنها السنة النبوية فقط , أي ما تحدث به النبي محمد وما أوصى به وما إتخذه من قرارات طيلة فترة إبلاغ الرسالة وذلك من سنة 610 ميلادية وحتى وفاته سنة 622 ميلادية . بحيث أصبحت هذه الأحاديث والتصرفات والقرارات النبوية المصدر الثاني لفهم وإستيعاب تعاليم الدين ألإسلامي بعد ألقرآن . أما البعض ألآخر من المسلمين فإنه يسحب ذلك على أقوال وقرارات وتصرفات صحابة النبي , خاصة أولئك الذين عايشوه , ويعتبر هذه وتلك ضمن السنة التي يجب أن يؤخذ بها كمصدر ثان بعد القرآن .
2. أما ألإختلاف الثاني بين المسلمين حول السنة فإنه يتعلق بالمصادر التي نقلت أحاديث النبي وتصرفاته وقراراته , حيث يشك بعض المسلمين في ثقة بعض هذه المصادر وبالتالي ينسحب الشك على صدق المنقول عن هذه المصادر .

3. والإختلاف الثالث يتعلق بمدى التطابق أو ألإختلاف بين السنة والنص القرآني من جهة , وبين نص السنة والفترة التاريخية التي جاء بها هذا النص ومدى التفاعل التاريخي بين ألإثنين من جهة أخرى .
هناك طبعآ مصادر أخرى لتعاليم الدين ألإسلامي أو ما يسمى بمصادر الفقه ألإسلامي كالقياس والإجماع والرأي والإجتهاد التي لا نريد التطرق إليها الآن ضمن موضوع محاضرتنا هذه . وبالرغم من الإختلافات بين المسلمين حول تفسير وتقييم وتطبيق نصوص المصدرين الرئيسيين , أي القرآن والسنة , سأحاول التطرق إلى بعض النصوص المتفق عليها من الجميع والمتعلقة بموضوعنا لهذا اليوم .

يعاني كثير من المسلمين من ظاهرة إختلاف بعض مفسري التجمعات الدينية المختلفة لنصوص المصدرين الأساسيين حيث ينعكس هذا الإختلاف على طبيعة فهم النص وبالتالي تطبيق مضمونه على واقع الحياة اليومية . إن التحليل العلمي لهذه الظاهرة يقودنا إلى السبب الذي يكمن , في أكثر هذه الحالات , في ما يسمى بتجمعات ألإسلام السياسي , أو في تلك التوجهات التي تحاول تسييس الدين أو أسلمة السياسة . فماذا يعني ذلك...؟ إن ذلك يعني توظيف الدين لتحقيق أهداف سياسية بالدرجة ألولى وليست دينية صرفة . إن ظاهرة إستغلال الدين هذه لأغراض سياسية ليست مقتصرة على ألدين ألإسلامي , بل تشمل كافة ألأديان ألأخرى .
وحينما يعاني ألإسلام من هذه الظاهرة فأن ذلك يتجلى بظهور أحزاب وتجمعات دينية الشكل سياسية المضمون . وبهذا تم التعامل مع الإسلام ليس كتعاليم دينية فقط , بل وكحزب سياسي أيضآ . والأدهى من ذلك كله ظهور الإختلافات بين هذه التجمعات نفسها والتي وصلت إلى حد إفناء ألآخر في بعض ألأحيان بالرغم من تبجح كل من هذه الأطراف المتحاربة بتمثيله الحقيقي للدين ألإسلامي وتعاليمه . وبهذا فقد تبلور الموقف الذي وضع الدين في خدمة السياسة والساعي إلى الوصول للسلطة السياسية حتى وإن تم ذلك بالقضاء على من ينطق بنفس الشهادة الإسلامية التي يدعي المتحاربون ألإخلاص لها ولمحتواها الديني .

إذا ما حاولنا تفحص هذه الحركات والتجمعات والأحزاب السياسية الدينية , خاصة المتطرفة منها , لوجدنا عاملآ مشتركآ بينها جميعآ ألا وهو إدعاء كل منها بكونها الممثلة الحقيقية للدين ألإسلامي . وقد تذهب الواجهات المتطرفة منها إلى ألتأكيد على إنفرادها بهذا التمثيل الذي يقودها إلى التمتع بالحق الإلاهي للقضاء على كل من يخالفها الرأي أو لا يعمل ضمن ألتوجه الذي تراه . إن عدم إمكانية هذه التجمعات على إستعمال لغة ألإقناع والحوار جعلها تلجأ إلى إستعمال القوة والعنف والقيام بالأعمال الإرهابية ضد بعضها البعض ناهيك عن إستخدام هذه ألأساليب ضد منتسبي ألأديان ألأخرى .
هنالك عدة عوامل ساهمت بخلق ألأجواء المناسبة لظهور مثل هذه التنظيمات والتجمعات . ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى محلية داخلية تتعلق بطبيعة المجتمع ألعربي ألإسلامي وما يعانيه من مشاكل الفقر والجهل وأجواء القهر السياسي والقمع الفكري , وإلى عوامل خارجية تتمثل بأساليب السياسة ألإستعمارية التي مارستها الدول المستعمِرة سابقآ تجاه هذه المجتمعات وبقايا هذه السياسة المتمثلة بحكومات همها البقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة تستطيع فيها نهب البلاد والعباد وسلوك الدول الصناعية لسياسة النعامة تجاه هذه الحكومات طالما لا تؤدي سياستها هذه إلى ألإخلال بمصالح الدول الصناعية في المجتمعات العربية والإسلامية .
لقد أدى كل ذلك إلى أن الإنسان في هذه المجتمعات قد أخذ يفتش عن البدائل التي يستطيع بواسطتها تحقيق ذاته المرتبطة بواقعه وبتراثه والتي توفر له سبل ألحياة ألإنسانية الكريمة الخالية من ألإستغلال والقمع والتشريد . فوجد نوعين من البدائل. النوع الأول المتمثل بالأحزاب والتنظيمات السياسية التي طرحت برامجها السياسية والإقتصادية والثقافية أمام المواطن في محاولة للسير به نحو تحقيق الهوية الجديدة . أما النوع الثاني فقد تمحور حول الدين الذي إعتبره المنقذ الوحيد للخروج من هذه ألأزمة التي جعل سببها الرئيسي ألإبتعاد عن ممارسة الدين الحقيقي . وقد إتخذ هذا ألإتجاه من ممارسة العمل السياسي بإسم الدين طريقآ له لتحقيق الهوية الجديدة .

من الناحية التاريخية يمكن إعتبار التنظيم الذي أسسه حسن البنا ( 1906 – 1949 ) في مصر عام 1928 تحت إسم ألأخوان المسلمون ألإنطلاقة ألأولى لتسييس ألإسلام وأساس التنظيمات السياسية ألإسلامية جميعآ. أما التنظيم الثاني في ألأهمية بعد ألإخوان المسلمين فهو التنظيم الذي أسسه أبو العلاء المودودي ( 1930 – 1978 ) في باكستان تحت إسم ألجماعة ألإسلامية وذلك في أربعينات القرن الماضي . وفي مصر أيضآ تم ألإستمرار في هذا العمل من قبل أشهر ممثلي ألإسلام السياسي على ألإطلاق وهو سيد قطب ( 1906 – 1966 ) , الذي يعتبر العقل المفكر للإسلام السياسي على ألإطلاق .

تعتبر هذه المنظمات الإسلامية السياسية وما تفرع عنها من منظمات أخرى في مناطق متعددة من مناطق المجتمعات العربية ألإسلامية وما تبلور حولها من أفكار, الحاضنة التي توالدت فيها المنظمات ألأصولية السلفية مؤخرآ .أما التطور الذي جرى على المستويات التنظيمية والفكرية لهذه المنظمات والذي وضع قسمآ منها في صفوف منظمات العنف والإرهاب فيمكن تفسيره بالعوامل التالية :
1. ألإدعاء القائل بأن السياسة جزء لا يتجزء من الدين حسب تعاليم الدين ألإسلامي , وإن ممارسة العمل السياسي هو واجب ديني . وإستنادآ إلى هذا المفهوم يجري العمل في هذه المنظمات لتحقيق دولة ألإسلام التي هي دولة ألله على ألأرض.

 2. ألإدعاء القائل بأن العاملين مع هذه المنظمات فقط يمثلون الشريحة ألإسلامية الحقة , أما بقية المسلمين فهم في نظرهم إما مرتدون أو عصاة أو كفرة لا يستحقون الحياة .

 3. عدم إيمان هذه المجموعات بوجود ألرأي ألآخر , وهذا يؤدي إلى تبني وجهة النظر القائلة بتطبيق أفكار هذه المنظمات بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك إستخدام العنف والقوة والإكراه , ويوظفون لذلك مصطلح الجهاد لإحلاله كتعبير عن مصطلح القتال الذي يستخدمونه ضد مخالفيهم أيآ كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

ما مدى صحة هذه الإدعاءات .........؟ جميع هذه المنظمات تنطلق في إستخذامها للعنف من مصطلح الجهاد الذي تفسره حسب إجتهاداتها هي فتعطي لنفسها الحق , إستنادآ إلى هذا التفسير, بإستخدامه كوسيلة من وسائل العنف لتحقيق ما يفكر به قادتها من أهداف يعتبرونها من محض الدين الذي يقدمونه لأتباعهم وكأنه دين ألإكراه والقتل والإنتقام . يعتبر مصطلح الجهاد من المصطلحات المعقدة التفسير التي يجب أن تواجَه بكل حذر وتأنني . فالمصدر أللغوي لهذا المصطلح " جَ هَ دَ : جَهَدَ " يعني أول ما يعنيه بذل الطاقة الفكريه أو الجسمية أو المادية لتحقيق هدف ما دينيآ كان أو غير ديني . فالجهد المبذول لكسب القوت اليومي هو جهاد من يقوم به لضمان حياة عائلته . والجهد المبذول لكبح جماح النفس ألأمارة بالسوء هو جهاد المؤمن في الحفاظ على أصول إيمانه أو لتجاهل العاجز عن عوز مادي او عجز جسمي لما لا يستطيع تحقيقه مما تطلبه نفسه . والمال المبذول على مشروع خيري يستفيد منه العاجز والفقير هو جهاد إنساني يصب في تعاليم أي دين سماوي . والجهد المبذول حتى وإن تطلب ذلك التضحية بالجسد أحيانآ هو جهاد تقتضيه ظروف الدفاع , ونؤكد هنا على كلمة الدفاع , عن الدين أو العقيدة أو النفس او الشرف أو غير ذلك من مقومات الحياة الإنسانية في كل مجتمع من المجتمعات . إلا أن مفاهيم الجهاد هذه قد تطورت بمرور الزمن سواءً في المجتمعات ألإسلامية أو خارجها . ففي خارج المجتمعات ألإسلامية إكتسب مفهوم الجهاد , نتيجة لتقديمه كرديف للعنف والقوة والإكراه من قبل بعض التنظيمات السياسية الدينية , تعريف مساواته بالعنف ضد غير المسلمين , هذا التعريف الذي وجد له صدآ لدى بعض المسلمين أيضآ , مع ألأسف الشديد , حيث ينطلق هؤلاء المسلمون من قناعاتهم التي تبرر لهم إستخدام العنف حتى ضد من يخالفهم الرأي من المسلمين أنفسهم . إن مفهوم الجهاد هذا لدى القلة القليلة من عموم المسلمين تناولته وسائل الإعلام الغربية وكأنه ألرأي السائد في العالم ألإسلامي متجاهلة بذلك قناعات ألأكثرية المطلقة من المسلمين التي لا تصب في هذا ألإتجاه .
إن إستخدام الجهاد كرديف للعنف والإكراه من قبل بعض المنظمات السياسية ألإسلامية لا ينسجم والمفهوم ألإسلامي الذي تنص عليه ألسورة 2 , ألآية 256 والتي تقول : " لا إكراه في الدين " أو ما تنص عبيه السورة 18 , ألآية 29 والتي تقول : " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..."
هناك حالة واحدة فقط يسمح فيها الدين الإسلامي للمسلمين بإستخدام القوة وهي حالة الدفاع . وبغض النظر عما يُكتب ويقال حول إنتشار ألإسلام عن طريق الجهاد وما يرافق ذلك من تشابك المصطلحات والمعلومات , فإن إستخدام القوة في حالة الدفاع حسب المفهوم ألإسلامي يجب أن يخضع للمعطيات التالية :

 1. أن يكون هناك إستخدام للقوة من قبل الجانب ألآخر.

 2. أن يُشكل إستخدام القوة هذا من الجانب ألآخر تهديدآ حقيقيآ للدين ولحياة المسلمين ولممتلكاتهم ومناطق سكنهم وممارسة شعائرهم .
في مثل هده الحالات يسمح ألدين ألإسلامي بإستخدام القوة التي يجب أن لا تحمل أية صفة من صفات ألإعتداء , حيث تنص السورة 2 , ألآية 190 على ما يلي : " وقاتلوا في سبيل ألله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن ألله لا يحب المعتدين "

 3. أما العامل الثالث فيتغلق بالمدة التي تستوجبها حالة الدفاع . إذ يجب على المسلمين التوقف عن إستخدام القوة فورآ في حالة إستعداد الجانب الآخر للسلم . فالسورة 8 , ألآية 61 تنص على : " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على ألله إنه هو السميع العليم "
في حميع حالات الدفاع التي يضطر فيها المسلم إلى إستخدام القوة يجب أن لا يكون هدفه ألأساسي فقدان حياته بأي ثمن , بل بالعكس فإن المقاتل المسلم يجب أن يسعى للحفاظ على حياته وحياة رفاقه في الجهاد وعدم زج نفسه عمدآ في الخطر الذي يمكن تجنبه للإستمرار في الجهاد . إن السقوط في معركة الجهاد يجب أن لا يتحقق من خلال سبق ألإصرار على ذلك عمدآ , حيث أن ذلك سيكون بمثابة ألإنتحار الممنوع منعآ باتآ في ألإسلام . أن السورة 2 , ألآية 195 تنص في هذا المجال على ما يلي : " وانفقوا في سبيل ألله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة واحسنوا إن ألله يحب المحسنين " . أما ما يتعلق بالإنتحار فإن ألسورة 4 , الآية 30 تقول : " ........ ولا تقتلوا أنفسكم إن ألله كان بكم رحيما " .

وكما بيّنا أعلاه فإن الجهاد لا يقتصر على التضحية بالجسد فقط , بل يمكن أن يتحقق بتوظيف الوسائل المادية المتوفرة من المال والممتلكات لتحقيق هدف ديني . فالسورة 9 , الآية 41 تنص على ما يلي : " إنفروا خفافآ وثقالآ وجاهدوا باموالكم وأنفسكم في سبيل ألله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " .

يجري تصنيف الجهاد بالمال والجسد في سبيل الدين على أنه ألجهاد ألأصغر مقارنة بجهاد النفس الذي يوصف بأنه الجهاد ألأكبر . ويعني الجهاد ألأكبر مجاهذة النفس والتغلب على الشهوات والسيطرة على ألأهواء التي تتعارض أو تقود إلى التعارض مع التعاليم الدينية وتحول دون تحقيقها . إن هذا النوع من الجهاد لا يقترن بوقت أو وضع معين . إنه جهاد يومي شأنه شأن كسب القوت اليومي . كما أن تحقيق الجهاد ألأكبر يعتبر المرحلة التي تؤهل صاحبها لخوض الجهاد ألأصغر .
وقبل التطرق إلى المصدر الثاني للإسلام , ينبغي التعرف على بعض خصائص نصوص المصدر الرئيسي ألأول , القرآن , التي قد يجهلها حتى بعض المسلمين ناهيك عن كثير من غير المسلمين .
من الطبيعي أن يجد قارئ النص القرآني نصوصآ تشير إلى إستعمال العنف والقوة في مراحل ومواقف متعددة . تشكل مثل هذه النصوص المصدر الأساسي للحجج التي يأتي بها المتطرفون والإرهابيون لتبرير أعمالهم ألإرهابية ضد المسلمين وغير المسلمين . إن خطل حجج كهذه يكمن في عدم تفريقها , عن عمد أو جهل , بين الآيات المتشابهات والآيات المحكمات في القرآن . إن آيات العنف في النص ألقرآني والتي يعتبر معظمها , إن لم يكن كلها , من الآيات المتشابهات , اي ألآيات التي يمكن تأويلها في التفسير , لها علاقة مباشرة بأسباب النزول التي فرضت إستخدامها تحت ظروف آنية معينة وضد مجموعة معينة من الناس . وحينما يلجأ المتطرفون إلى التلاعب بنصوص هذه الآيات وإعتبارها ثابتة لا تقبل التأويل , فإنهم يخالفون بذلك حقيقة دينية نص عليها القرآن في السورة 3 ألآية 7 والتي تقول : " هو ألذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم ألكتاب وأُخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا ألله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكّر إلا أولوا ألألباب " . إستنادآ إلى ذلك يمكن القول أن القوى ألإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي غطاءً لإرهابها توقع نفسها في تناقض مع تعاليم الدين ألإسلامي التي تعتبر السلام , وهذا ما يتضمنه إسم هذا الدين ألإسلام , هو المبدء الأساسي للدين وليس العنف .
أما ما يتعلق بالمصدر الثاني للدين الإسلامي , ألسُّنة , ومدى علاقته بهذا الموضوع فيمكن مناقشته من خلال مناقشة الدور الأساسي لهذا المصدر ضمن تعاليم الدين ألإسلامي بصورة عامة . إذا ما إنطلقنا من المفهوم العام السائد للسنه والذي يشير إلى الدور الإيضاحي لتعاليم ونصوص المضدر ألأول , القرآن , فإن ذلك يعني أنه لا يجوز وجود أي تناقض بين هذين المصدرين . بكلمة أخرى أن المصدر الثاني لا يمكن أن يتعارض في تعاليمه مع المصدر الرئيسي الأول وهو القرآن . في هذا المصدر الثاني للإسلام يمكن أن نجد , كما في المصدر ألأول نصوصآ تشير إلى العنف واللجوء إلى إستخدام القوة . فإذا أردنا تحليل نصوص كهذه تحليلآ علميآ للتعرف على محتواها تعرفآ علميآ أيضآ , يجب علينا والحالة هذه دراسة الظروف السياسية والإجتماعية والثقافية السائدة على شبه الجزيرة العربية وفي محيطها في نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الميلاديين . ففي شبه الجزيرة العربية نفسها والحياة العشائرية القبلية السئدة آنذاك وكذلك في المناطق المجاورة لها والتي كانت تمثل مقاطعات للدولتين القويتتين آنذاك الرومانية والفارسية , كانت طبيعة الحياة السائدة تتجلى في أغلب مظاهرها بإستخدام القوة والعنف للسيطرة على أكبر ما يمكن من المناطق التي توضع تحت تصرف ألأكثر قوةً والأشد جبروتآ . وهذا يعني أن الصراعات التي كانت دائرة آنذاك لم يستطع محمد إيقافها بالرغم من رسالته السلمية . وتحت هذه الظروف المتسمة بالجنوح إلى القوة لحل إشكاليات الحياة وضع محمد بعض المبادئ التي جعلها ملزمة لأتباعه كجزء من عقيدتهم . كما إستمر ترسيخ هذه المبادئ حتى بعد وفاته سنة 632 ميلادية وحتى نهاية الخلافة الراشدية سنة 661 ميلادية . من الطبيعي لا يمكن القول أن هذه المبادئ جرى تطبيقها بالكامل ومن قبل كل المسلمين في هذه الفترة , إلا أن الثابت تاريخيآ أنها كانت تشكل جانبآ هامآ من القناعة الدينية لدى النبي والخلفاء الربعة من بعده وكثير من الصحابة والتابعين . وعلى الجانب ألآخر يمكن القول , وتأييد ذلك تاريخيآ أن هذه المبادئ , أو معظمها , قد جرى إهماله وإساءة إستعماله بعد عصر الخلفاء الراشدين وحتى أيامنا هذه التي نرى فيها توظيف العنف والإرهاب بإسم الدين . إن أهم هذه المبادئ التي وضعتها السنة لمجابهة الوضع السائد آنذاك والتي إعتبرت أللجوء إليها عند الضرورة الدفاعية مرتبطآ بالإلتزام بها كواجب ديني هي :

>> منع قتال من لم يشترك في القتال , والحرص على حماية عوائل العدو وحماية سكنة المناطق الغير مشتركة في القتال حتى وإن جرى القتال فعلآ على هذه المناطق , عدم التعرض إلى القائمين بأعمال الإنقاذ ونقل الجرحى .

>> تطبيق المبدأ الخاص بالأسرى والقاضي بجواز ألأسر في حالة لجوء الجانب الآخر إلى ألأسر وينعكس ذلك على معاملة ألأسرى أيضآ .

>> منع تخريب الأراضي الزراعية ومنع ألإعتداء على التجهيزات الغذائية للسكان المدنيين .

>> التحلي بالأخلاق الحسنة والتصرفات ألإنسانية في المناطق التي تجري المعركة على أرضها.

>> حماية ألأديان ألأخرى وأتباعها ومؤسساتها .

>> منع إستعمال المواد السامة لتسميم المياه أو الأغذية , هذه الطرق التي كانت شائعة في الحروب آنذاك .
هذه بعض المبادئ التي وضعتها السنة في حالة أللجوء إلى إستعمال القوة إذا ما قررتها حالة ألدفاع . إن مثل هذه المبادئ تعتبر اليوم لغة غريبة تصطدم بآذان صم عندما يسمعها قادة المنظمات ألإرهابية ومن يساندهم بتنفيذ مخططاتهم ألإجرامية. لقد وضعت هذه المنظمات مباذئها وقوانينها الخاصة بها والتي سمحت لنفسها من خلالها الحكم على كل من يخالفها ألرأي بالقتل , مسلمآ كان أو غير مسلم .
وهكذا نرى فإن القرآن والسنة قد وضعآ تعريفآ واضحآ لمبدأ إستخدام القوة وحددا ألأسس والظروف الداعية إلى أللجوء لذلك . وعلى هذا ألأساس يتطلب النداء إلى الجهاد الدقة الكاملة في تفهم الوضع والحالة التي تبرر هذا النداء بحيث لا يكون للعاطفة أو ردود الفعل ألآنية الغير مدروسة أثر في ذلك . وفي حالة ألغوص عميقآ في هذين المصدرين سنجد إيضاحات أكثر تفصيلآ للحالات التي يُسمح فيها أو لا يُسمح بممارسة إستخدام القوة . ففي ألسورة 60 , ألآية 8 نقرأ : " لا ينهاكم ألله عن ألذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن ألله يحب المقسطين " . وهذا يعني عدم جواز أللجوء إلى إستخدام القوة ضد الآخرين الذين لم يتعرضوا للمسلمين بإستخدام القوة ضدهم . وهنا يمكننا إستنتاج الحقيقة الكامنة وراء هذا النص والتي تنطلق من ضمان ممارسة الشعائر الدينية في المناطق التي يسكنها المسلمون كأقلية إجتماعية والعمل على صيانة هذه المناطق وسكنتها , لا بل والقسط إليهم , طالما لم يتعرضوا للمسلمين بسوء . فأين سنضع أحداث الحادي عشر من أيلول والحالة هذه والتي مورست ضد مواطني بلد يعيش فيه عشرة ملايين مسلم يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية وسلام...؟ كما أن النص القرآني في ألسورة 2 , الآية 85 يبين لنا بوضوح عدم جواز إستخدام القوة بين المسلمين أنفسهم . إلا أن الواقع يرينا غير ذلك تمامآ , فيرينا كيف جرى الإستخدام السيئ لمفهوم الجهاد في حرب دامت ثمان سنوات بين بلدين إسلاميين هما العراق وإيران .

فإدا ما قمنا بمقارنة بسيطة بين ما تتضمنه التعاليم ألإسلامية هذه وما يتم فعلآ في هذا المجال , أي إستخدام القوة ضد ألآخرين تحت غطاء الجهاد , بإسم هذه التعاليم لأستطعنا وضع خط فاصل واضح بين ألأعمال ألإرهابية التي تقوم بها بعض المنظمات السياسية الدينية وبين الدين ألإسلامي وتعاليمه . وبعبارة أخرى يمكن القول أننا نستطيع إثبات إستغلال هذه المنظمات للدين وبالتالي لمشاعر الناس أسوأ إستغلال لتحقيق أهدافها الخاصة . فالعمليات ألإنتحارية والإختطاف وإلقاء القنابل وإشعال الحرائق والقتل العشوائي وخلق العداء بين ألأديان والشعوب وكل العمليات ألإرهابية التي يطلق عليها منفذوها مصطلح الجهاد لا علاقة لها بهذا المصطلح من قريب أو بعيد .

من هنا نستطيع القول أن الإسلام السياسي , وخاصة القوى المتطرفة منه , قد نجح نوعآ ما , ومن خلال توظيف مثل هذه الشعارات , بكسب بعض الناس للعمل ضمن صفوفه , خاصة أولئك الذين يعانون من حياة الفقر والجهل والإضطهاد والقمع في المجتمعات العربية الإسلامية والذين لا يأملون بحياة أفضل , فقدم لهم ألإسلام السياسي نفسه كبديل لضمان الحياة ألأخرى على ألأقل , إن لم يكن هناك أي أمل يرجى من الحياة في هذه الدنيا . لقد صورت هذه المنظمات ألإسلام لهؤلاء وكأنه لا يستقيم إلا بالقوة والإرهاب واضعة كافة التعاليم ألإنسانية ألأخرى في هذا الدين على الرف . لقد جرت وتجري عمليات غسل الدماغ لكثير من الشباب بإثارة عواطفهم الدينية والإجتماعية والعائلية وتوجيههم الوجهة التي يرسمها قادة هذه المنظمات وفقهاؤهم الذين يبررون لهم العنف والإرهاب من خلال مختلف وسائل ألإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. فبإسم الدين الإسلامي جرى التخطيط للعمل سياسيآ بوضع الدين على الطريقة التي يفههمونها هم كبرنامج سياسي جعل الذين يختلفون معهم كمخالفين للدين يستحقون العقاب الذي يقررونه هم ومشايخهم من أمراء وزعماء ومرشدين يفسرون لهم النصوص بتأويلهم لها حسب ما يقتضيه الظرف السياسي الآني .

تحت هذه الظروف والملابسات التي تكتنف فهم الدين ألإسلامي وإستغلال تعاليمه ونصوصه لتحقيق أهداف سياسية من جهة وتطبيق تعاليمه كما أرادت له ألرسالة ألإسلامية ذاتها من جهة أخرى , لابد من التفكير بالوسائل التي تستطيع عكس هذه التعاليم , خاصة في المجتمعات غير الإسلامية , وعكس الصورة الحقيقية لها لكي لا يسيطر التصور الخاطئ عن الدين من خلال اعمال الإرهاب والعنف التي يمارسها بعض المسلمين .

إن إحدى هذا الوسائل وربما أكثرها حظآ في النجاح في المجتمعات غير ألإسلامية الهادفة إلى خلق حياة سلام وتعاون وإستقرار بين مواطنيها بالرغم من إنتماءاتهم الدينية المختلفة , هي محاولة التعرف على التعاليم الحقيقية للدين ألإسلامي بغية إتاحة المجال للمقارنة بين المحتوى الحقيقي للدين وتطبيقه في ظروف تاريخية مختلفة وبين ما يجري الآن بإسم هذا الدين . وللوصول إلى هذا الهدف يبرز الحوار كطريق رئيسي لذلك . ألحوار مع الجماعات ألإسلامية التي ترفض العنف وتحارب الإرهاب وتستنكر إستغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية هدفها ألأول والرئيسي الوثوب على السلطة لقمع ألآخرين وإستمرار الإساءة إلى الدين وتعاليمه .

لا يوجد دين من ألأديان , وخاصة ألأديان التوحيدية , لم يجر إستغلاله من قبل بعض منتسبيه لأغراض خارجة عن نطاق تعاليم الدين ذاته . ويخبرنا التاريخ بأن ذلك قد أدى إلى الحروب والإقتتال بين ألأديان التي تعتبر مصدر تعاليمها واحدآ , وإن إختلفت في شيئ فإن هذا ألإختلاف يكمن في أللغة والوقت التي جاءت به وليس في عموم مضمونها. وهنا لابد من إتخاذ إحدى القرارين . فإما أن نسلك سلوك من سبقونا ويصر كل منا على إمتلاكه للحقيقة المطلقة فلا نجني في آخر المطاف سوى العنف والإقتتال وهذا ما يريد أن ينشره ألإرهاب بإسم الدين اليوم . وإما أن نفتش عن قواعد ثابتة مشتركة للحوار , وهي كثيرة جدآ , نصل من خلالها إلى تحقيق مجتمع القرن الحادي والعشرين , المجتمع المتحضر الساعي إلى حياة السلام بين مواطنيه لا يفرقهم إنتماء ديني أو إختلاف عرقي .