موقع الناس     http://al-nnas.com/

زينب ألآلوسي..... شهيدة تحتفل بعيدها

 

د. صادق إطيمش

الثلاثاء 7 /3/ 2006

كم هم خاسئون أولئك الذين فكروا بكسر شوكة الجبابرةالتي إستعصت على شراذم أقزامهم ولم يحسبوا حساب حياة الشهادة الخالدة التي ظنوا بها نهاية ألأبطال فلم تكن إلا نهاية عفنهم وأبدية ضمور أشباحهم ولعنة التاريخ التي تلاحقهم جثثآ هامدة أو أجسادآ واهية تإن تحت وطأة نار ضحاياهم التي تأخذ ما تبقى من بصرهم وبصيرتهم فتجعل من حياتهم البائسة أكثر بؤسآ ومن نفوسهم العفنة السوداء أكثر عفونة وسوادآ . إن نور الشهادة يهد مضاجع العتاة وينير درب رفيقات ورفاق هذا النهج , نهج الشهادة من أجل حبيب لا بديل عنه وعزيز لا مساومة عليه وقدر لا إنفكاك منه , فليس هناك في الكون إلا هو الوطن الواحد الوحيد الأوحد الذي نحمل هويته بين جوانحنا في الحِل والترحال في اليقضة والمنام في الحياة والممات .
زينب ألآلوسي ورفيقاتها ورفاقها شهداء هذه الهوية , هوية العراق التي لم يريدوا التخلي عنها حينما كان الجلاد يساومهم عليها بكل ما توفر له من المغريات الزائفة والأحابيل الواهية التي ظنها ستكون سبيلآ لخلاصه يوم يقف أمام ضحاياه, فإذا بها تلتف على عنقه لتريه كم هو جبان وخسيس أمام جبروت الشهادة وعظمة الإرادة , أمام زينب ورفيقاتها ورفاقهاز
زينب ألآلوسي ورفيقاتها ورفاقها كانوا يمدون أيديهم لتلقي ضربات ألأوباش وكانوا يرفعون قبضاتهم بوجه من بات الرعب يأكل أحشائهم وهم لا يجدون خلاصآ من وهج عيون زينب وكوكبتها المتألقة نورآ , هذه الكوكبة التي لم تكن تفكر بأن تمد يدها لتعطي ما لا لذة للحياة بدونه وأن تستغني عن سبب الوجود في هذا العالم الذي يستحوذ عليه ألأوغاد الذين يستهدفون سبب الوجود هذا , يستهدفون الهوية العراقية التي حفرت لها الكوكبة الزاهية مخبأ في طيات القلب وبين تلافيف الفكر الذي حولوه إلى نار يحترق بها شذاذ ألآفاق وسيظلون يحترقون لأن فكر زينب ورفيقاتها ورفاقها لا ينضب وعاصفته لا تهدأ وأعاصيره لا تتوقف .
زينب ألآلوسي ورفاق دربها الذين سجلوا ملاحم البطولة المتجسمة بروح ألإباء وشموخ الجباه وعظمة الفكر وقوة الشكيمة صفحات فخر لتلك ألأرض التي أطعمتهم خيراتها فلم تر منهم إلا الوفاء لها , ونعم الوفاء , ومَن غير زينب ورفيقاتها ورفاقها أكثر وفاءً لأرض كأرضنا وتراب كترابنا . لإولئك ألأمهات اللواتي نشرن النور في غياهب ألظلمة التي أراد لها ألأوباش أن تسود أرضنا المعطاء , فأرسلن زينب ورفيقاتها ورفاقها لإكتساح الظلالة بالفكر الثوري الواعي وإزالة العتمة بنور العقيدة وقوة الإيمان بمبادئ الوطن ولزرع الهلع والرعب في نفوس الجلادين الجبناء الذين تخاذلوا أمام قوة العزيمة وشدة التمسك بالوطن , بأرض الوطن وبهوية الوطن .

زينب ألآلوسي وكوكبتها الزاهية إحتفلوا ويحتفلون اليوم وسيظلون يحتفلون بأعيادنا جميعآ , يحتفلون معنا ونحتفل معهم , نبادلهم التهاني بشد ألأيدي إلى بعضها البعض, فالتواصل هو شعارنا في مسيرتنا الطويلة نحو الوطن الحر والشعب السعيد. تواصل الفكر بالفكر وتواصل الهدف بالهدف , التواصل على نفس ذلك الطريق الذي تعاهدنا عليه . زينب ألآلوسي وكوكبتها باقين على العهد ويواصلون المسيرة ...نحن نعلم ذلك علم اليقين , وما علينا إلا أن نفي بما تعاهدنا عليه مع زينب وكوكبتها فنجعل من مواصلتنا نحن يقينآ بَيّنآ لا تردد فيه ولا تخاذل أو توقف في منتصف الطريق .

وها هو عيد المرأة العالمي , العيد الذي تحتفل به اليوم زينب ألآلوسي وكوكبتها كإحتفالهم به كل عام , وهذا العام أيضآ ,
يحل علينا من جديد . كوكبة الشهداء تضيئ لنا درب ألإحتفال وتدعونا لسلوكه . لنحمل راياتنا إلى زينب ورفيقاتها ورفاقها ونسير على هدى النور الذي نشروه بين ربوع وطننا لعلنا سنساهم بذلك , مع كوكبة الشهداء , لتحقيق ما ظلت تهمس به هذه الكوكبة بأسماعنا دومآ : وطن حر وشعب سعيد , ربما لنا وربما لأبناءنا أو حتى لأحفادنا , فتحقيق هذا الهدف السامي النبيل مليء بالعثرات التي ستظل تحلو وتحلو كلما نقلتنا خطوة نحوه , ومن سار على الدرب وصل .

وحينما ينتهي ألإحتفال بهذا العيد ويأتي إحتفال آخر بعيد آخر وينتهي أيضآ وهكذا تمر ألأيام التي لا نريد للقاءنا بزينب وكوكبتها أن يقتصر عليها, فالكوكبة هذه أعظم من أن تلم بها لغة ألأرقام وحساب ألأيام . كواكب كهذه نورها أبدي يشع من وجودها ألأزلي الذي يكبت أنفاس الطغاة ويهد مضاجع الجبابرة أينما كانوا وبأي أرض حلّوا , إنه النور الذي لا تقف دونه الحواجز ولا تعاكسه إجراءات التسلط, إنه النور ألأممي الذي ظل وطننا العراق , قديمه وحديثه , يحتضنه دومآ بحنو وحب ووفاء . وطن حضارات سادت رافقتها أقوام تعددت مذاهبها وتباينت لغاتها وتشابكت تطلعاتها وتناثرت مرابعها واختلفت أصولها , إلا أنها لم تختلف في إنتماءها لهذه ألأرض , هذه ألأرض كانت هويتها التي لم تتنازل عنها مهما إختلفت مسمياتها وتباعدت أزمانها . فلا عجب إذن أن تنجب هذه ألأرض عمالقة من طراز زينب ألآلوسي ورفيقاتها ورفاقها الذين لم يسلكوا غير السلوك الذي أوحت به لهم هذه ألأرض ألأم , كما أوحت به لأجيالها القدامى وكما توحي به إلينا ألآن وكما ستوحي به لمن يواصل السير على طريق زينب ألآلوسي وكوكبتها المنيرة .