| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق إطيمش

 

 

 

 

الأحد 7/1/ 2007

 

 

شكرآ لك أيها العقيد ....... 
 

د. صادق إطيمش

نعم وأقولها من كل قلبي حقآ وحقيقة شاكرآ لك موقفك هذا أيها العقيد معمر القذافي قائد الجماهيرية الليبية الشعبية العربية الأفريقية ألإشتراكية الديمقراطية الإسلامية العظمى , وأسمح لنفسي أن أقدم لك الشكر هذا بإسم الشعب العراقي بالرغم من عدم تفويضي من قبل هذا الشعب الجريح لا بأصوات إنتخابية ولا بوكالة حقوقية , إلا أن من يشعر بنزف هذا الشعب ويتحسس آلامه منذ عشرات السنين التي لم تنته , مع ألأسف الشديد , بزوال كابوس صديقك المشنوق بيد الشعب العراقي , الذي قد يروادك موقف شنقه أحيانآ في الصحو أو النوم , فلا يزعجك ذلك فإنه كابوس ليس من الضروري وقوعه فعلآ على أرض كأرضكم , إلا أنه لا يمكن التأكيد على عدم حدوثه , وأنتم خير العارفين يا سيادة العقيد , فهذه الدنيا ملعونه لا أمان فيها . أقول أن من يشعر بنزيف الشعب العراقي لا يستطيع أن يخفي شكره هذا لسيادتكم لإنكم قدمتم بما إتخذتموه من إجراءات الحداد على صديقكم , الذي شنقه الشعب العراقي , خدمة كبيرة إلى هذا الشعب ووفرتم عليه كثيرآ من مواقف الخجل والإحراج الذي كان من الممكن أن يتعرض لها بنات وأبناء الشعب العراقي لو كنتم قد إتخذتم موقفآ آخرآ مغايرآ للموقف الذي إتخذتموه الآن . وقبل أن أحاول تفسير ذلك لسيادتكم , أستميحكم عذرآ من ترديدي عبارة " المشنوق بيد الشعب العراقي " إذ أنني لم أقصد البتة إثارة بعض الخواطر لديك والتي قد تقود إلى تشبيه الشيئ بالشيئ أو إلى التفكير بتكرار ما حدث بالعراق في أي بلد عربي آخر , خاصة عندما تتوفر كل أو بعض الشروط التي توفرت لدى الشعب العراقي كتجاوز مدة الحكم المستمر وبدون إنقطاع لعشرات السنوات أو إنهاء دور ونشاط وحياة أي معارض للحكم أو التصرف بأموال الشعب على مزاج العائلة الحاكمة أو العمل على تنظيم عملية الخلافة على الحكم إذا ما حان وقت الرحيل بدون شنق وإلى آخر هذه المعطيات التي تلوح معالمها هنا وهناك في جمهورية كالجماهيرية العظمى التي تحكمها أللجان الشعبية التي يرعاها سيادتكم كما يرعى راعي الغنم قطيعه وما دوركم فيها إلا النصح والإرشاد وتزويدها بما حباكم ألله به من علوم وفنون وآداب وسياسة ودين وثقافة ولياقة بدنية مدنية وعسكرية , وهذه هي حكمة ألله في خلقه وإرادته في عباده , يهب من يشاء ما يشاء والمثل يقول : ملك الملوك إذا وهب لا تسألن عن السبب .
معذرة أيها العقيد فقد أطلت عليك قبل أن أدخل في صلب الموضوع محاولآ تقريب أسباب شكري لك شخصيآ باسم الشعب العراقي على ما قمتم به من إجراءات الحداد والقرار الذي إتخذتموه بوضع صنم تذكاري لصديقكم المشنوق بيد الشعب العراقي .

في الحقيقة , وقبل التطرق إلى أسباب الشكر , أرغب أن أحيطكم علمآ , وكما ذكرت لسيادتكم أعلاه , بانكم بمواقفكم التضامنية مع صديقكم المشنوق بيد الشعب العراقي وفرّتم على العراقيين كثيرآ من المواقف المخجلة والمحرجة التي كنا سنعاني , نحن العراقيون , منها لو أنكم باركتم شنق صاحبكم مثلآ . وسبب هذا ألإحراج يعود إلى عدم إستطاعتنا الربط بين الحقيقة التي لا ينكرها أي من الجهلاء والأغبياء , ناهيك عن العقلاء والعلماء والتي يتحدث بها من لا يفقه في السياسة شيئآ ما , هذه الحقيقة التي تكشف أمام العالم كله مدى البدائية والهمجية التي تقودون بها بلدكم المغلوب على أمره منذ عشرات السنين , وما يعانيه الشعب الليبي وقواه السياسية المعارضة لحكمكم القمعي من قتل وتشريد وسجون وملاحقات داخل الوطن ألليبي وخارجه , شأنكم في ذلك شأن كل متسلط لا يعرف من السياسة غير سياسة الحديد والنار. فكيف تريدنا أن ننتظر منك ومن أمثالك موقفآ غير هذا الموقف الذي إتخذته تجاه شنق صديق على هذه الشاكلة ومن تلك الزمرة التي أُبتلي بها العرب والمسلمون , كيف سنبرر قبولك إجراءً كهذا لا يفقهه إلا ذوي الفطنة والذكاء والقدرة العقلية على التمييز بين العمق والضحالة , إجراء كهذا يقوم به شعب تجاه حاكم مجرم تحلى بنفس صفاتكم هذه وزاد عليها ما تفتقت عنه طبيعته ألإجرامية من أساليب القتل والتعذيب والدمار للشعب والوطن بالعراق . في الحقيقة لا أدري مَن منكما تعلم مِن مَن... وماذا تعلم أحدكما من الآخر ولكن ألذي أعلمه تمامآ أنك تعلمت هذه الدعارة السياسية وهذا السلوك التسلطي الإستعلائي الدكتاتوري البغيض بالممارسة الفجة الطويلة على الشعب الليبي منذ القضاء على حكم آل السنوسي وحتى ألآن وإلى أن تحين الساعة التي ينتظرها الشعب الليبي , كتلك التي تحققت لدى الشعب العراقي , في حين إكتسب صاحبك المشنوق هذه ألطبيعة الإجرامية من محيطه العائلي وتربيته البيتية , وأظنك قد سمعت باسماء من تربى عليهم وتأثر بهم منذ طفولته وحتى شنقه بيد الشعب العراقي , أعتذر مرة أخرى من تكراري لهذه الجملة المُفزعة , ولكنني مبتلي بقناعتي بالحكمة التي تقول : وذّكِر فإن الذكرى تنفع المؤمنين , هذا إذا جاز إدخالك في عداد المؤمنين . أي أن سبب ألإحراج يجعلنا , نتلكأ أمام محدثينا لإيجاد المبررات التي تدفع رجل يضع نفسه في موضع لا يجاريه فيه أحد غباءً وتخلفآ وعنجهية وهو يؤيد إجراءً كهذا ألإجراء الذي قام به الشعب العراقي ليجعل منه إنذارآ لقوم يعقلون , سيما وإنه أول حدث من نوعه في الوطن العربي الذي تكثر فيه الزعانف التي حان إجتثاثها , وإن الشعوب ستجتثها . فشكرآ لكم , أيها العقيد على مساعدتنا على التخلص من هذه المعاناة ,وزيادة قناعتنا بأننا فعلآ على حق ما دام الأغبياء من القادة وغير القادة العرب ضدنا , وإن ما قمنا به هو عين الصواب لأنه هزَّ مضاجع الجبابرة أمثالكم , ايها السيد العقيد , وعكر عليهم صفو حياتهم التي كانوا يحسبونها لهوآ ولعبآ . واليوم اليوم فقط يعلم الطغاة أمثالك بأن الدوائر ستدورعليهم يومآ ما ويقتص الشعب من قتلته مقلدآ هذه البادرة العراقية الفذة , فأسيادكم العراقيون , ايها السيد العقيد , هم من علموكم كيف تكون الحياة , وإن قدرهم أن يعلموا الشعوب العربية كيف تجتث زعانفها . واعتقد أن إستمراركم على هذا النهج , وربما قريبآ في حالات مشابهة لبعض ألأصدقاء الآخرين أيضآ , وكل منكم ينادي باصحابه : أنتم السابقون ونحن اللاحقون أو نحن السابقون وانتم اللاحقون , لا فرق في ذلك فمآلكم جميعآ قعر مزبلة التاريخ شئتم أم أبيتم , طال ألأمد أو قصُر , أقول أن إستمراركم على هذا النهج سيسهل أكثر, سواءً في ليبيا أو خارجها , أمر فهم هذه الطبيعة الإجرامية القمعية التي تمارسونها منذ عشرات السنين ضد الشعب الليبي وقواه الوطنية والتي تبين للعالم يوميآ ضحالة الفكر والمستوى الذي تتمتعون به وما تصرفاتكم الجنونية الهوجاء المعروفة للقاصي والداني إلا تحقيقآ واقعيآ للمثل القائل : وكل إناء بالذي فيه ينضح .

لنعود إلى مشروعكم الجديد بإضافة صنم إلى أصنامك التي تعج بها ألأرض ألليبية , تمامآ كتلك ألأصنام التي إتنشرت على أرض العراق والتي تعرف بذكائك المعهود , ايها السيد العقيد , ما آلت إليه بعد التاسع من نيسان عام 2003. إلا أن الصنم الذي تريد نصبه اليوم إلى جانب عمر المختار ليس لك هذه المرة , ولكل قاعدة شواذ , ولكن لصاحبك المشنوق بيد الشعب العراقي . لقد سمعنا ,ايها العقيد العتيد , بأن عمر المختار كان يتراءى لك بالمنام يوميآ تقريبآ يطالبك أن تدبر له حصانآ يستعين به على هذا الوقوف ألأزلي الذي لا يستطيع مواصلته . وبعد قرارك بوصع صنم صاحبك المشنوق بجانبه جاءك عمر المختار في المنام أيضآ معاتبآ لا طالبآ هذه المرة وموبخآ لك قائلآ : طلبت منك أن تأتيني بحصان وليس بحمار , والعهدة على الراوي . ظاهرة ألأصنام هذه , ياسيادة العقيد , كنتَ أنت تعتبرها بالأمس القريب ظاهرة جاهلية حرمها ألإسلام . وأنت تدعي دومآ إلتزامك بالتعاليم ألإسلامية , ولا يهم ذلك حتى وإن كان علمك لا يتجاوز القشور, فماذا تغير الآن يا ترى حتى تعود اليوم إلى عبادة ألأصنام .....؟ أتخليت عن النهج الديني , ذلك النهج الذي سلكه صاحبك المشنوق بحملته الإيمانية التي تبين له بعدئذ أنها لا تشفع لجرائمه التي إقترفها بحق الشعب العراقي , فهي أعظم من أن تمحوها حملة إيمان كاذبة وتصرفات منافقة كتلك التي إتصف بها صاحبك المشنوق طيلة حياته . ربما ستقول , أيها السيد العقيد , بأنك غير مسؤول عن إجراء كهذا , إذ أن لجانك الشعبية هي التي قررت ذلك وهي التي ستنفذه . الحق يقال إنك ليس بهذا الغباء الذي نتصوره , فقد تعلمت من صديقك المشنوق حتى صياغة ألأكاذيب بصيغة مشهية عَمِل جاهدآ على إخراجها تتطابق ونص المثل العراقي القائل : الكذب المسفط أحس من الصدق المخربط ( هذا بالعراقي الفصيح ) , حيث أنه سبقكم بتبرير قتله لصهريه ,زوجي إبنتيه , بإن قتلهما جرى من قبل العشيرة وليس من قبل مخابراته , وكانت جريمتهما بالنسبة له هي الخيانة العظمى التي خولت العشيرة التخلص منهما ولا دخل له هو بكل هذا ألأمر. وهكذا قد تُسوِق أنت المبررات للصنم الجديد بالتبرؤ من هذه التهمة يومآ ما وإلصاقها بلجانك البشعة . وبمناسبة إنتشار ألأصنام والملصقات لسيادتكم على كل الجدران والشوارع والأزقة فإن هناك تهامسآ يجري بين ألليبين يتناقلون فيه تشبيهك بالجربوع وذلك بسبب وجودك في كل جحر وفوق كل جدار, هذا ما نقلته المجلة الألمانية ألأسبوعية الواسعة ألإنتشار ( Spiegel ) في عددها المنشور على ألإنترنت ليوم 05.01.2007 , ولا أظنك لم تسمع بذلك, فإن كان ألأمر كذلك فعليك إنزال عقوبات أكثر وأكثر بكل أجهزتك ألأمنية التي لم تكتشف ما يتهامس به الشعب ألليبي حولك .

إن موقفك هذا , أيها العقيد , بالرغم من أنه وفر على الكثير من العراقيين الخجل والإحراج الذي كان سينتابهم لو كنت قد وقفت إلى جانبهم في عيدهم بشنق صديقك , إلا أنه لا يخلو من النفاق والإنتهازية . إن المعروف عن طباعك وتصرفاتك الصبيانية , التي أصبحت موضع النكتة والترويح عن النفس في أوقات ألإستراحة التي تتخلل مؤتمرات القمامة العربية , بأنها طباع تنم عن مستواك الفكري المتدني وسطحية معلوماتك حتى ما يتعلق منها بأبسط المعلومات عن الحياة العامة , ومؤتمراتك وما يتخللها من تعليقاتك الفجة تدل على ذلك بوضوح . أما وانك تبدو اليوم بإتخاذ مثل هذا الموقف الإنتهازي المنافق تجاه صاحبك المشنوق الذي تحاملت عليه لومآ وتقريعآ يومآ ما لأنه أهان الكرامة العربية بالسماح لمفتشي ألأمم المتحدة بتفتيش غرفة نومه , فذلك أمر لا نستطيع فهمه إلا أللهم إذا وضعناه في سياق ألآية القرآنية الكريمة : ألأعراب أشد كفرآ ونفاقآ (سورة التوبة ) , التي تنطبق عليك وعلى رهطك من ألأعراب الذين يفرحون لحزن العراقيين وبؤسهم ويحزنون لفرحتهم وسعادتهم التي تحققت أخيرآ بشنق صاحبك على أيديهم . ولكننا نعود فنقول بأنك مدين لصاحبك هذا بالشكرلأنه ساعدك يومآ ما على أن تفتح عينيك على فضاعة ما يمكن أن تتعرض له أنت وكل أجهزتك المتحكمة برقاب الشعب ألليبي لو كنت قد سلكت نفس السلوك ألأهوج ألذي سلكه صاحبك المشنوق قبل أن يُطاح به . فلقد تعلمت سياسة ألإنبطاح منذ نيسان عام 2003 , وفضلت حياة القصور على الإختباء بالجحور, حيث أصبحت الحديدة حارة , كما يُقال , ولم يعد بمقدورك الإستمرار بسياسة العنتريات والمغامرات الطائشة التي دفعتَها من أموال الشعب الليبي كتعويضات عما قمت به من جرائم بحق ألإنسانية من قتل لركاب البواخر والطائرات وتنفيذ لمؤامرات قتل المعارضين لجبروتك داخل ليبيا وخارجها .
لا نريد أن تسهب بتدوين جرائمك وجرائم نضامك المتعفن فهي أكثر من تُعد وتُحصى تمامآ كجرائم صاحبك المشنوق ونظامه البعثفاشي المقبور, ولا نريد أن نقنعك بالكف عن التلاعب بمقدرات وأموال وأرواح الشعب الليبي وفرض افكارك البالية عليه والإعتباربما جرى لصاحبك المشنوق بيد الشعب العراقي , لأنك لا تتمتع بعقل يستوعب النصيحة مهما صغرت وقل شأنها . بل إن كل ما نريد أن نقوله لك بأن العراقيين سعداء بالفعل بوقوف إنسان مثلك في صفوف أعدائهم وهم يفخرون باليوم الذي إجتثوا فيه صاحبك وينتظرون ألغد الذي سيجتثك فيه الشعب الليبي , وإن غدآ لناظره قريب .