| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الأحد 7/2/ 2010



سياسة التهاون مع البعثفاشية ....هذا ما آلت وما ستؤول إليه

د. صادق إطيمش

في أجواء الفوضى القانونية التي تسود الساحة السياسية العراقية اليوم والمتعلقة بتناقض التفسيرات والإجتهادات وقانونية أو عدم قانونية الإجراءات التي أدت إلى إجتثاث ألإجتثاث ، في هذه الأجواء برزت من جديد أنياب الوحش البعثفاشي لتضع أمامنا تلك الأجواء التي كثيراً ما تُذكرنا بالأجواء التي سادت الوضع السياسي العراقي قبل الثامن من شباط الأسود عام 1963 والتي وصفها الجواهري الكبير آنذاك قائلاً :

تحرك اللحد وانشقت مجددة
أكفان قوم ظننا أنهم قُبروا

إضافة إلى الصيحات الأخرى التي أطلقتها القوى الوطنية العراقية التي حذرت من الخطر القادم وأشارت إليه وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي إكتوى أكثر من أية حركة أو تجمع أو حزب سياسي آخر بالحملة السوداء الشعواء التي جاء بها ركاب القطار الأمريكي من البعثيين وأعوانهم والتي أعلنت البيان رقم 13 السيئ الصيت الذي لاحق الفاشست بموجبه الشيوعيين ودعوا إلى قتلهم في الشوارع والمعامل وداخل بيوتهم وثكناتهم ومكاتب عملهم وعلى مزراعهم وفي جامعاتهم ومدارسهم دون أن يكون لهذه الإبادة الجماعية أي مسوغ قانوني والتي لم يتسن لها أن تتحقق لولا سياسة الإهمال والتهاون التي مارسها الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم مع هذه القوى الشريرة إنطلاقاً من وطنيته وحبه للعراق وشعب العراق ، حيث إعتقد أن مثل هذه الحشرات البعثفاشية الضارة قد تتراجع يوماً ما عن غيها وتنسجم مع محيطها ومحيط ثورة الرابع عشر من تموز التي اطاحت بالهيمنة الإستعمارية والتسلط السياسي والإقتصادي وضمنت حقوق الشعب في موارده النفطية وانصفت المرأة العراقية بقانون الأحوال الشخصية ونهضت بالتعليم على مختلف مستوياته وتبنت الهوية العراقية التي حملها كل عراقي فخوراً بها وبكل مَن حملها إلى جانبه مهما إختلف معه في القومية أو الدين أو الإنتماء العشائري أو المناطقي . هذه الثورة ومنجزاتها التي حققتها في الوقت القصير من عمرها لم ترق للبعثفاشية واعوانها من الشركات النفطية العالمية ومن الإقطاع العراقي ومن الرجعية العربية وغير العربية داخل الوطن وخارجه فعملت على إغتيالها بعد ان توفرت لها الظروف التي تمخضت عن سياسة " عفا الله عما سلف " التي مارسها الزعيم الشهيد ، إنطلاقاً من وطنيته الخالصة ، والتي لم يدرك مخاطرها على الثورة ومنجزاتها ، فكانت نتيجة هذه السياسة تلك المآسي والويلات والنكبات التي جاء بها الثامن من شباط ألأسود عام 1963 والتي ظل العراق وشعبه يرسخ تحت كابوسها لأربعين سنة تلت ذلك .

لقد إستبشر العراقيون بمختلف طبقاتهم وقومياتهم وأديانهم بانهيار البعثفاشية وسقوط نظامها الدكتاتوري الذي تمخض عن إنقلاب الثامن من شباط ألأسود ، وجالت بأفكارهم التمنيات الواعدة بتحقيق كل ما فقده الشعب والوطن إبان عهود سيطرة الدكتاتورية المقيتة وتحملوا كل مصائب الإرهاب والبطالة وغياب الخدمات وكل ما جاءت به العصابات المختلفة الدينية واللادينية لإجهاض التجربة الديمقراطية الجديدة بالعراق الجديد ، تحملوا خيبة الأمل التي راودت الكثيرين ممن بدأوا يعانون من تصرفات أحزاب الإسلام السياسي التي إتجهت إلى تحويل الدولة العراقية الجديدة إلى مقاطعات ومناطق للطائفية والعشائرية كبديل عن الهوية العراقية ، تحملوا كل ذلك آملين زوال تلك الأجواء البشعة التي خلفتها الدكتاتورية ونظامها المقيت وأدوات جرائمه من البعثيين الذين لم يتوانوا عن ممارسة الجريمة حتى ضد " رفاقهم " بمجرد أنهم فقدوا رضى الجرذ المقبور بهم . وليس خافياً على أحد تلك الجرائم البشعة التي قتل فيه الدكتاتور الأهوج العشرات من رفاقه في تموز 1979 وبُعيد إبعاده رئيسه الذي كان يلقبه " ألأب " بعد أن غدر بأبيه هذا وجمع كل أعضاء الفرق في حزبه المُريب هذا الذي حوله إلى عصابات تأتمر بأمره فقط ليطلقوا النار من رشاشاتهم على رفاق الأمس المربوطين والمعصوبي العيون أمامهم . لقد كان من المعلوم تماماً أن وصول البعثيين إلى مراكز متقدمة في الحزب ، لا بل وحتى نيل العضوية ، لم يتم إلا " بكسر رگبة ، بالعراقي الفصيح " واحداً من المواطنين أو عائلة بكاملها إما من خلال تقرير ملفق أو إخبارية كاذبة أو المشاركة في عملية إجرامية يدبرها رئيس العصابة أو أي عمل إجرامي آخر . فكيف بنا إذا رأينا اليوم بعثيين كانوا في الصفوف المتقدمة لتنظيمات هذا الجهاز المخابراتي الذي فقد صفته الحزبية وتحول إلى عصابات قتل وإرهاب وسجون وملاحقات وتعذيب وتحقيقات وتقارير ووشايات كان يجب أن يساهم بها كل مَن يريد الحصول على مراكز متقدمة بين صفوف هذه العصابة ، كيف بنا ونحن نرى هؤلاء وقد تصدروا العملية السياسية الجارية في وطننا اليوم ويسعون لعودة نظام حزبهم الفاشي الذي أعلنوا دفاعهم عنه بكل صراحة وخالفوا بذلك المادة السابعة من الدستور العراقي ، كيف نفسر التشكيك بإبعاد هذه الجراثيم التي خبرنا ضررها وفتكها بجسم الوطن العراقي وبأهل هذا الوطن فتكاً ينبي عن شدة هذا الوباء ووجوب مكافحته إن أُريد لهذا الوطن وشعبه العيش بأمان ....؟ إن مثل هذه التصرفات التي لا تعي جرائم البعثفاشية قد تصدر عن أناس لم يكتووا بهذه الجرائم لا من قريب ولا من بعيد ، أو أن السيدات والسادة الذين عملوا على رفض كل ما يؤدي إلى إبعاد هذه الجراثيم البعثفاشية الفتاكة عن جسد الشعب العراقي قد بلغوا من الجُبن والخوف من إتخاذ أو الموافقة على هكذا إجراء قبل الإنتخابات القادمة في السابع من آذار القادم بحيث طالبوا بترحيله إلى ما بعد الإنتخابات ، فإن تحقق ذلك لا سامح الله، فستكون الطامة الكبرى والكارثة التي لا يعرف هؤلاء الجبناء مدى نتائجها الوخيمة على مجمل العملية السياسية الجارية في الوطن الآن .

إن الذي كان ينتظره الشعب العراقي من اللجان القانونية في البرلمان العراقي ان تُجهد نفسها منذ البداية للتفتيش عن الجرائم التي أرتكبها هؤلاء البعثيون الذين شغلوا مراكز قيادية في الحزب المقبور وتقديمهم إلى القضاء العراقي لينالوا العقوبات القانونية التي يستحقونها والتي ستكشف عن عمق المآسي التي جاءوا بها خلال حكمهم الأسود . ولا أعتقد بأن هناك من العراقيين من يراوده الشك بارتكاب كل من هؤلاء لجريمة واحدة على الأقل إستناداً إلى عمل الكيان التنظيمي لعصابة البعث ، خاصة بعد أن إستولى على قيادتها جرذهم المقبور .

المظاهرات التي عبر فيها العراقيون عن رفضهم لقررارات الجبناء المتهاونين مع البعثفاشية تعكس مدى تفهم الناس لمثل هذه السياسة الرعناء التي لا يمكن لشعبنا أن يتجاهلها لاسيما وأنها تتعلق بمصيره وكيانه ومستقبله الذي سيكون حقاً على كف عفريت لو تم الإستمرار على سياسة التهاون هذه مع البعثفاشية المقيتة وأعوانها .

 

 

free web counter