| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الثلاثاء 31/7/ 2007

 

 


تَواصُل إنتصارات الوطن بتواصل الوحدة الوطنية


د. صادق إطيمش

ألصحف ووسائل ألإعلام ألألمانية التي تناولت خبر فوز العراق بكأس أمم آسيا لهذا العام طرحت السؤال الذي يمكن أن يكون السؤال الوحيد الذي إجتمعت عليه والذي يقول : كيف إستطاع بلد يعيش على شفا الهاوية , وشعب يقاتل بعضه البعض أن يحقق هذا الفوز وبجدارة فنية لا بالصدفة والحظ والنصيب . جانب السؤال المتعلق بإقتتال الشعب العراقي سبق وأن طرحته جميع وسائل ألإعلام في ألمانيا يسارية كانت أم يمينية دينية أو غير دينية ولا زالت تطرحه لحد الآن كحقيقة واقعة ترافق حياة العراقيين . وحينما كنا ندخل مع بعض وسائل ألإعلام هذه في سجالات ونقاشات تحريرية وشفوية لتصويب خطأهم هذا الذي لا يميزون فيه بين الشعب العراقي والقوى التي تتلاعب بمصير وحياة ووطن هذا الشعب عراقية كانت أم غير عراقية وتخلق كل المبررات الدينية والسياسية والعشائرية والقومية لتحقق أهدافها ألأنانية البحتة من خلال نشر التمزق الطائفي والعداء الشوفيني , حيث لا حياة لمثل هذه القوى في عراق جديد خرج لتوه من حقبة أربعة عقود بعثفاشية مظلمة من تاريخه , وحينما نؤكد لهم دومآ بأن الشعب العراقي لم يكن يعرف هذا النوع من الصراع , حتى وإن مارسته الحكومات التي تسلطت على رقابه , حينما نؤكد كل ذلك بالعوائل والإنتماءات العراقية التي لا تعرف التمحور المذهبي ولا الشوفينية القومية , إذ يندر أن يكون هناك إنتماء خالص نقي إلى جهة دون أخرى لا تتداخل فيه من قريب أو بعيد خيوط قد تشابكت عبر التاريخ فأخرجت هذا النسيج الزاهي البديع الذي ظل وسيظل يحتفظ برونقه في أشد ألأزمات التي عرفها وطن هذا النسيج , وما هذه ألأزمة , رغم شدتها وقسوتها , إلا واحدة من هذه ألأزمات التي سيختفي سوادها تحت بريق ألألوان الزاهية لفسيفساء العراق . حينما كنا ننبه ألإعلام ألألماني إلى كل ذلك , كنا نسمع منهم ذلك ألرد الذي طالما سمعناه حينما كنا نضع أمامهم جرائم البعثفاشية بحق الشعب والوطن , بأننا نغالي في ألأمور وإن ما نذهب إليه لا يربو على ألتخيلات التي لا يدعمها الواقع . أما الآن فقد رأوا الواقع بأنفسهم وظلوا يسألون ويسألون عن هذا السر الذي جعل شعبآ بكامله وبمختلف أديانه وطوائفه وقومياته ينسى ما إقتتل عليه بالأمس ليخرج اليوم جميعآ إلى الشوارع في شمال البلاد وفي جنوبها وفي شرقها وغربها , ليرقص ويغني ويعانق بعضه البعض دون حواجز أو معوقات ودون خوف أو شك أو ريبة . ونعود اليوم لنؤكد لهذا ألإعلام مرة أخرى أن لا سر في ألأمر أبدآ . إن مَن خرج اليوم محتفلآ بفوز المنتخب العراقي هو الشعب العراقي , ومَن حسبتموه على الشعب العراقي من ممارسي ألإرهاب والقتل والإختطاف ما هم إلا عصابات لقتلة ومجرمين جرى توظيفها لهذه المهمات ألإجرامية من قِبلِ من يريد السطو على أجواء إندحار البعثفاشية ليخرب الوطن وليسرق خيراته وكل هذا وذاك لا يمكن أن يتم إلا بتحطيم البنى ألإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية لهذا البلد وأهله .

فيا أيها العراقيون الغيارى الذين خرجتم للإحتفال بنصركم الكروي والسير سوية تحت راية هذا النصر يجمعكم حب الرياضة والإنتصار لها , أخرجوا في كل يوم للإحتفال بهذه الوحدة التي هي وحدة الوطن وحدة ألأرض , وحدة التراب والمصير , واثبتوا للعالم أجمع أن ما يعجب له هذا العالم اليوم الذي إكتشف وحدتكم على حين غرة أنه سيرى العجب العجاب في كل يوم , فوحدة الشعب لا إنفصام لها ومصير الشعب لا يقرره الطائفيون والتكفيريون والرجعيون مهما حاولوا ذلك ومهما بذلوا في سبيل ذلك . أيها العراقيون إجعلوا من هذا النصر قائدكم الجديد وضعوه دومآ نصب أعينكم وليكن دليل مسيرتكم التي يريد لها أعداؤكم أن تسير على الدرب الذي يرسمونه هم , درب العداء والإقتتال والجريمة , لا درب الحب والوفاء لهذا الوطن , دربكم الذي سرتم عليه بعد أن تحقق نصركم الكروي وبعد أن إحتضنكم هذا النصر جميعآ , فاحتضنوه كما إحتضنكم واجعلوه مناركم في هذه الظلمة الحالكة التي سيبددها ولا شك إصراركم على مواصلة هذه المسيرة . ألتاريخ سيضمن لكم الإنتصارات ما دمتم تعاهدوه على وحدتكم من أجل هذا الوطن الذي أثبتم بأنكم تريدون إنتصاره دومآ . فإلى هذه الإنتصارات إذن , والقموا الطائفية والطائفيين والتبجح والمتبجحين بالقومية أو بالدين , ألقموا كل هؤلاء قبضة الشعب العنيدة , قبضة الوحدة الوطنية الصلدة لتسد أفواههم إلى ألأبد ولتعطل تخرصاتهم بحقكم وبحق وطنكم ولتخيب آمالهم بالرهان على قبولكم بهذا التشتت الذي لا يستطيعون العيش بينكم بدونه . لقد أثبتم بالأمس بأنكم قادرون فعلآ على ذلك , وإنكم على مواصلته أيضآ لقادرون .