| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الأحد 30/5/ 2010



مَن وأين هم اللصوص إذن ...؟

د. صادق إطيمش

جاءت بعض الردود على ما كتبته مؤخراً حول نوايا واهداف إلحاح المجلس الإسلامي الأعلى وقادته على ما يسمى " بحكومة الشراكة الوطنية " لتشير إلى بعض الأمور التي لا علاقة لها بالموضوع المطروح نهائياً . فبعضها تطرق إلى المرجعية الدينية وموقفها من السنة ، وبعضها إلى أن كل مَن ينتقد هذا المجلس إما أن يكون بعثياً أو قومجياً أو ديماغوغياً ، وكأن هذا المجلس وقادته الأشاوس فوق كل إنتقاد ومنزهين نزاهة الأنبياء. وكثير من الإنتقادات الأخرى التي لم تعالج ما طرحته في المقال أعلاه ولم تتعرض للأفكار التي وردت فيه من قريب او بعيد . وإنني لا أريد هنا أن أناقش كل الطروحات التي وردت في هذه الردود ، لأنني كما قلت أعلاه بأن معظمها لا يستحق الرد لأنه لم يتطرق إلى صلب الموضوع ، بل حام حوله كمن يحوم داخل باحة موصدة من كل جوانبها ساعياً إلى إكتشاف مخرجاً له منها . إن ما اريد مناقشته هنا هو جانب واحد من الجوانب التي وردت في مقالتي أعلاه ، لا بل من الأفضل القول إعادة صياغة هذا الجانب بشكل يجري التركيز عليه بشكل أكثر من قبل اصحاب الردود . وهذا الجانب يتعلق بما ذكرته حول الإثراء الفاحش الذي حل على معظم العاملين النشطين ضمن تنظيمات هذا المجلس الإسلامي الأعلى وخاصة ضمن قياداته . لقد ذكرت في المقال أعلاه الفرضية القائمة على أساس توجيه سؤال : من أين لك هذا لقيادات المجلس الإسلامي الأعلى التي كانت بالأمس لا تملك شروى نقير فأصبحت اليوم من ذوي الملايين داخل وخارج العراق . وطبعاً هذا السؤال ممكن توجيهه إلى جميع أحزاب " حكومة الشراكة الوطنية " التي لا زالت قائمة حتى اليوم حتى بعد إجراء الإنتخابات الأخيرة في السابع من آذار الماضي . إلا أن حديثنا في هذا المضمار متعلق بالمجلس الإسلامي الأعلى والأسباب الكامنة وراء إلحاحه على تشكيل حكومة " الشراكة الوطنية الجديدية " ليظل قريباً جداً من مصادر الإثراء اللامشروع إلا أنه يتم في وضح النهار وباسم الدين الذي أبتلي بهكذا لصوص . فإذا كان السادة المعلقون والمدافعون عن المجلس الإسلامي الأعلى يستطيعون الإجابة على هذا السؤال بدلاً عن أعضاء المجلس الذين سنواجههم بهذا السؤال ، فإننا والحالة هذه نتوجه إليهم برجاءنا لتوضيح الإجابة التي تستند إلى المعطيات التالية :

أولاً : منذ سقوط البعثفاشية بالعراق في التاسع من نيسان عام 2003 والمجلس الإسلامي الأعلى مساهم فعال في العملية السياسية الدائرة في العراق .

ثانياً : ومنذ ذلك التاريخ والعراق يسير بخطى سريعة وواسعة نحو الفساد المالي والإداري بحيث أصبح يحتل ثالث أسفل محطة في مقياس مؤسسات النزاهة في الأمم المتحدة ، إذ لم يسبقه في الفساد الإداري والمالي غير دولتين أفريقيتين .

ثالثاً : ومنذ ذلك الحين والناس تسمع الوعود بتحقيق الخدمات التي لم يتحقق منها الشيئ الذي يستحق الذكر مقارنة بالوضع المأساوي الذي كانت تعيشه الجماهير في العهد البعثفاشي الأسود .

رابعاً : ومنذ ذلك الحين لم يتحقق لأرامل ويتامى المقابر الجماعية وضحايا الأنفال وانتفاضة آذار وكل مَن شردته البعثفاشية المقيتة وحرمته من أبسط الحقوق في الحياة الإنسانية الكريمة ، لم يتحقق لكل هؤلاء الذين لم ينتموا إلى إحدى الأحزاب السياسية الحاكمة ابسط ما يمكن ان يتلقوه من التعويض عن بعض ما فقدوه تحت إجراءات البعثفاشية المقيتة ، وإلا فهل هناك مِن عاقل يعي ظروف العراق السياسية يستطيع هضم مقولة : أن سجناء نكرة السلمان لا تشملهم إجراءات إنصاف السجناء السياسيين لأنته ليسوا بسياسيين ...؟

من المؤكد ان يبرز كل من يدافع عن الأحزاب الحاكمة في العراق اليوم ، وخاصة أحزاب الإسلام السياسي ومن ضمنها المجلس الإسلامي الأعلى ، بطرح كثير من المعوقات التي رافقت العملية السياسية منذ سقوط البعثفاشية ولحد الآن ، وياتي الإرهاب وعصابات الجريمة على إختلاف مشاربها في مقدمة هذه المعوقات التي حالت دون النقلة النوعية الإجتماعية والإقتصادية والأمنية والخدمية التي إنتظرتها الجماهير الشعبية في وطننا . هذا صحيح جداً ، إلا أن ذلك يجب أن يكون عائقاً أيضاً لبلوغ مرتبة الثراء الفاحش التي نالها منتسبو أحزاب السلطة السياسية الحكومية في العراق . فلماذا لم تحل هذه المعوقات أمام جمعهم للمال وهم " المؤمنون " بالعدالة الدينية التي تتطلب منهم ، كقادة لحزب ديني ، أن يكونوا في مقدمة الملتزمين بالثوابت الدينية التي لا يجب ان تتأثر بتغيرات السياسة اليومية. إذا لم يكونوا هم وغيرهم من " أخوتهم وأخواتهم في الدين " مَن سرقوا أموال الشعب العراقي وأشاعوا الفساد المالي والإداري الذي لم ير مثله العراق في تاريخه الحديث ...إذا لم يكونوا هؤلاء ، فمَن وأين هم اللصوص إذن ....؟

مرةً أخرى إسألوهم انتم ، ايها السادة المعلقون المدافعون عن الأثرياء الجدد ، والناس تنتظر الجواب منكم . وبخلافه فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس .

 

 

free web counter