| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

السبت 2/10/ 2010



تمديد الثورة الكوردية لوقف إطلاق النار ... محتواه وأبعاده

د. صادق إطيمش

حينما أعلنت الثورة الكوردية في شمال كوردستان أيقاف العمليات العسكرية من جانب واحد إحتراماً لحرمة شهر رمضان لهذا العام ولمشاركة الجماهير بعيد الفطر فإنها لم تقم بذلك كتعبير عن عجز في تبنيها أسلوب الكفاح المسلح أو كدليل عن ضعف جماهيري أو إرتداد عن تحقيق أهداف الشعب الكوردي بأجمعه من خلال هذه الثورة . لا لم يكن الأمر كذلك بل أن وقف إطلاق النار من جانب واحد جاء بسبب قناعة هذه الثورة وقادتها وعلى رأسهم السيد عبد الله أوجالان بضرورة اللجوء إلى الحل السلمي لإنتشال تركيا أولاً والمنطقة برمتها ثانية من مخلفات هذه الحرب التي لازالت مستمرة منذ عشرات السنين والتي راهنت عليها العسكرية التركية كثيراً إلا أنها لم تستطع أن تحقق أي إنتصار لها ، مهما قل شأنه ، على هذه الثورة لا من خلال إيقاف مدها الجماهيري الذي شهد تواصل إنتظام بنات وأبناء الشعب الكوردي إلى صفوف ثورتهم ، ولا من خلال التأثير على قدرات الثورة العسكرية التي واجهت بها جيشاً يعتبر من أقوى جيوش حلف الناتو ، ناهيك عن الفشل الذريع والإنكسار الذي تنوء تحته العسكرية التركية والسياسة العنصرية التي تبنتها حين إطلاقها لتنبؤاتها بالقضاء على هذه الثورة ووضعها سقفاً زمنياً لذلك تصفه في كل مرة بالقريب حتى أصبح ذلك أبعد منالاً في كل يوم يمر على المواجهات العسكرية مع ثورة الشعب الكوردي هذه .

والآن وبعد إنتهاء مدة وقف إطلاق النار من جانب الثورة الكوردية ، سعت هذه الثورة وقيادتها إلى تمديد مدته لشهر آخر ، والذي واجهته الحكومة التركية بحملة إعتقالات واسعة بين صفوف الشعب الكوردي والمناضلين في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية . إلا ان لهذه الخطوة السلمية الأخيرة أبعاداً قد لا تدركها السياسة التركية وعساكرها العنصريون. فهذه الخطوة ما هي إلا محاولة جادة أخرى للتأكيد على السعي للحل السلمي الذي جعلته الثورة الكوردية خيارها المفضل إلى جانب خيار الكفاح المسلح الذي أثبتت الوقائع الميدانية والتاريخية على أنها قادرة على ألإستمرار به. ويعني هذا القرار أيضاً أن المباحثات التي دعى إليها السيد عبد الله أوجالان والتي لا تريد الحكومة التركية ألإعتراف بها، تستند على إجراءات عملية مدروسة وليس على رغبة طارئة أو هدف آني . وتعني أيضاً أن هدف الوصول إلى السلام هو هدف إستراتيجي تسعى إليه الثورة الكوردية ، إذ أن ذلك قد جاء على لسان قائدها أوجالان من خلال طرحه لمشروعه السلمي في ألإدارة الذاتية ، هذا المشروع الذي إكتسب طابعاً أممياً أيضاً وليس كوردياً فقط . وهذا القرار يعني ايضاً التفاعل والتجاوب مع حركة السلام العالمي التي ثمنت ودعمت هذا التوجه السلمي لدى الثورة الكوردية ودعت الحكومة التركية إلى التفاوض معها والإبتعاد عن الرهان العسكري الذي لم يأت بشيئ منذ عشرات السنين .

إلا أن هذا التأكيد على الحل السلمي من جانب الثورة الكوردية يجب أن يقابله إستعداد الحكومة التركية لأخذ التفاوض مع قادة هذه الثورة مأخذ الجد . وعلى الحكومة التركية ألإستفادة من هذه الفرصة التي منحتها إياها الثورة الكوردية ، والإستماع إلى النداءات التي توجهها حركة السلم العالمي والتي كان آخرها رسالة رجل السلام العالمي القس ألأفريقي توتو إلى أوردغان التي طالبه فيها بالإستجابة لنداء السلام الذي أطلقته الثورة الكوردية في كوردستان الشمالية .

أما إذا إستمرت السياسة التركية على غيها من خلال الإعتقالات التي تمارسها ضد الشعب الكوردي وعدم إنصياعها للأمر الواقع الذي لم يجر وسوف لن يجر في مصلحة الشعب التركي من خلال إتخاذ المواقف العنصرية العدائية ضد الكورد وثورتهم وقادتهم وضد الحركة الديمقراطية التي يقودونها في تركيا ، فإن ذلك سوف لن يصب في تطلعات الشعب التركي بالذات ولن يسير في طريق التطور في علاقات تركيا مع العالم وخاصة مع الإتحاد الأوربي الذي تنشد الإنضمام إليه ، كما أن ذلك سوف لن يخدم السلام في المنطقة برمتها .

وهنا ينبغي التاكيد المرة تلو المرة على اهمية مساهمة قوى التحرر العالمي وقوى السلام العالمي والجماهير والأحزاب والمنظمات الثورية والديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط على الخصوص ، بالضغط على الحكومة التركية وعساكرها لتبني المشروع السلمي الذي طرحته الثورة الكوردية . على السياسة العنصرية التركية أن تقتنع بان قعقة السلاح لن تثني عزم شعب ، كالشعب الكوردي ، عازم على أخذ حقوقه المشروعة التي تضمنها له كل القوانين العالمية والمواثيق الدولية التي تنص على حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها والتمتع الكامل بحقوقها في المجالات كافة ضمن التعايش السلمي مع الشعوب الأخرى . على الحكومة التركية أن تفكر بسلوك طريق السلام ، لا طريق الحرب ، وعليها أن تقتنع أيضاً بأن سلوكها هذا الطريق لا يمكن لها تحقيقه بثبات ونجاح دون أن يكون السيد عبد الله أوجالان وقادة الثورة في كوردستان الشمالية هم المرافقون الأساسيون لها على هذا الطريق .


 

free web counter